جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2664 - 2009 / 6 / 1 - 11:08
المحور:
سيرة ذاتية
يعشقني ويدافع عني كل من شرب من نهر الأردن حتى إرتوى , وكل من أكل من زيتونه , لأن نهر الأردن بعض دم الشهداء أجدادي , وزيتونه هو عرق جبين أجدادي الذين زرعوه بتعبهم .
ولأنني لا أرتشي يشتمني المرتشون , ولأنني لا أسرق يحاربني اللصوص , ويريدون أن يخلقوا حولي قضية أموت فيها منتحراً في السجون .
آخر مرة حاولوا التشهير بي , فلم تنجح محاولتهم , وهم الآن يحاولون أن يثبتوا على شخصي قضية الإساءة للوطن ورجالاته , رغم أنه لا حولة لي ولا قوة إلا بالأردني .
وأظن أن بعض الناس ستنجح في نهاية الأمر إذا بقيت ُ مُصراً على موقفي المدافع عن : الحرية وعن الدمقراطية وحقوق الإنسان ؟ والهوية الأردنية .
سأقاضيكم جميعاً عند قاضي اللصوص والمرتشين , سأذهب ُ بكم عند أكبر مرتشي وفاسد وحرامي في الوطن العربي الكبير وأعرض عليه قضيتكم وقضيتي , فما دمتُ شريفاً يشتمني المتعهرون في المدن الكئيبة .
بعد اليوم , لن أسمح بشتمي لا بالتعليقات ولا بالإيميلات , أنا مواطن عربي شريف أو أحاول أن أكون نزيهاً ومؤمناً , ولكن المتعهرين والمفسدين يسدون طريقي , إنهم يضعون حجراً كبيراً في ممر عرباتي الكبيرة المحملة بالزهور وبالورود .
لأنني لا أتاجر بجماجم الأطفال يحاربني تجار الأعضاء البشرية , ويقولون أنني في إحدى الأعياد الشعبية سرقتُ طفلاً ومصصتُ دمه , وأنا هنا مثلي مثل الشعب اليهودي المسكين الذي كان كل عشرسنوات تقام بحقه مذبحة بحجة أنهم شربوا في عيد الفصح من دم طفل في إحدى عواصم أوروبا الشرقية .
أنا لا أرتشي , ولا أشرب الرشوة في كؤوس من أثير , وأنا لا أظلم الناس ولا أشتم أحداً , لذلك يشتمني القوادون والزعران والبلطجية , ويحملون على ضهري أكياس الإسمنت وأكياس القاذورات العربية .
أنا قامتي طويلة , لذلك يغار مني الأقزام وخصوصاً حين أقف وكأنني جمل عربي بصنمين .
وأنا مواطن حر , أعيش بحرية , لذلك يبتعدُ عن ساحتي العبيد والإماء , والجواري اللازوردية .
أنا أحترم المرأة , لذلك يخاف مني المخاتير وشيوخ العشائر والمزيفون , والمنتهون عند حافة النهر يريدون أن يرموا بقضيتهم للأسماك وللجداول .
أنا أحلم جداً وأعيش على أحلامي , فأنا شخصية فصامية لا تعيش في دنيا الواقع , لذلك يهربُ مني كل من لا يملك مخيلة جميلة .
أنا خيالي واسع أتصور أشياء كثيرة , أتخيل الوطن وقد لبس ثياب العرس وأتخيل معشوقتي وقد لبست ثوبها الأبيض ودخلت الغرفة على شخصي وأنا نائم , فقلبتني وقلبت 5000عام من الحكم الذكوري المتسلط وأعلنت بدخلتها عليّ عودة العصر الأمومي السمح .
يعرفني سادة بلدتنا , كلٌ بإسمه, ويعرفني الباعة المتجولة بالشوارع , ويعرفني تجار القضايا الشعبية , لأنني الوحيد الذي لا يبيع قضيته بكرسي وطاولة وسلة أوراق ومروحة يابانية .
ما أرخص قضايانا العربية , أعظم قضية عربية لا يزيد ثمنها عن سلة أوراق ومزهرية ومروحة يابانية وموكيت أو قطعة موكيت رخيصة الثمن من محل أو من سوق شعبي , وربطة عنق وحذاء رخيص من جلد الفئران , وكأس من الشراب المعتق , وبعض الأشياء التي تسبب للشرفاء عُسر الهظم .
أنا يريدون سجني أو إلقائي بالسجن لأنني أطالب بحياة كريمة , حياة تليق بمستوى كاتب عربي أو كاتب أردني شريف , الكل يكرهني , ولو فكرتُ بالنزول للإنتخابات النيابية سوف أرسب بجدارة , لأن عدد المفسدين أكثر بكثير من عدد المصلحين , وقد جلستُ بيني وبين نفسي وحسبتها كالتالي :
الذين سيصوتون ضدي هم : المرتشون , السماسرة , العرصات , القوادون , تجار القضية , المتلاعبون بالحسابات , السرسرية , العكاريت , المستبدون , العبيد وهم بالملايين , الإماء وهن أيضاً بالملايين لأنهن زوجات للعبيد ,المتسلقون, الطحالب , ماسحي الأحذية وهم أكثر بكثير من عدد الأحذية , ولا ننسى ماسحي الجوخ والغبار عن أحذية الصغار ...إلخ.
كل أولئك أكبر مني , فأنا لا أستطيع لوحدي أن أقاوم هذه الأمة ولا أستطيع العيش في مدينتهم الفاضلة , فهم في مدينة فاضلة وأنا في مدينة مكتئبة , ألم أقل لكم ؟ أنني فانتازي أو مصاب بفصام الشخصية فأنا لا أعيش في الواقع , أنا فقط أعيش في الأوهام والخداع والتضليل , أنا متوهم على نفسي أنا لا أساوي عند المرتشين ولا فلس أحمر , ولا أساوي عند ماسحي الأحذية أي شيء , لذلك ليس لي قيمة , أنا أعيش على الهامش , أنا أعيش على هامش الخسارة وهم يعيشون على هامش الربح , أنا مرفوض لن يقبلني السرسرية لأن يدي قصيرة , فقد مددتها وقاسوها فلم تصل أو لن تصل لخزينة الدولة ولا لقوت الشعب ولا لأكياس السكر والأرز (الرز) والقمح .
أنا تافه جداً ولا أساوي أي شيء , أنا عبارة عن حشرة بسيطة تدوسها الأقدام , لأنني لا أحسن التسلق أو التطحلب , أنا لا أعيش كفقاعات الصابون , أنا لا أسوى لقمة الخبز التي آكلها بمعية الشرفاء من الأمة .
أينما ذهبت تجدني منبوذاً ومحرمٌ على شخصي دخول بعض المجالس ومحرم على إسمي أن ينشر في الصحف والمجلات , لأنني لا أحسن هز الأكتاف والأرجل , ولا أقبل أن أكون مطية للمسؤولين في آخر الليل .
أنا فقط يحترمني الذي على شاكلتي وهم قلة جداً , أستطيع أن أعدهم على أصابع اليد اليمنى وبعض أصابع اليد اليسرى وفقط يصل العد للسبابة والخنصر والبنصر .
أنا لا يحترمني إلا قلة من الكتاب , الذين يعيشون طوال النهار في الشوارع متسكعون مثلي يتأبطون كتبهم هنا وهناك .
أنا مواطن أردني , يحترمني كل أردني , ويعلن ولائي للبلد كل أردني , وتعشقني كل أردنية لأنني أكتبها قصيدة جميلة وعنواناً للحرية , أنا يقربني منه كل أردني ويغار على مصالحي كل أردني , ولا حول ولا قوة لي إلا بالأردني .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟