|
بين تقديم الروح فداءً للوحدة اليمنية وعدمية المعارضة .
بكر أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 2661 - 2009 / 5 / 29 - 09:17
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
الآن الرئيس يتقدم لجنة الحوار التي ستقام على خلفية الأحداث المشتعلة في الجنوب داعيا لها كل الأطراف داخل الوطن للتباحث في أسباب تلك الأحداث وطرح الحلول الممكنة التي قد تساعد على تخفيف التوتر والتوصل إلى حلول وسطية ترضي الجميع وتعيد المياه إلى مجاريها ، وحسب ما هو معلن فأن أحد أركان هذا الحوار هم أعضاء اللقاء المشترك ، هذا اللقاء الذي يعي جيدا بأن التحاور مع السلطة هو نوع من أنواع العبث والهدر الزمني والوقتي لا أكثر ، وهو الذي يعلم بأن الحوار يعني الاستسلام للمماطلة والتلاعب ثم الخروج بلا شيء ، وهم أنفسهم أي اللقاء المشترك الذين خاضوا مارثونية ما يسمى بالحوار مع السلطة الحاكمة ليخرجوا باسوء فضيحة على المستوى السياسي وهو الاتفاق على تأجيل الانتخابات النيابية لمدة عامين أو بمعنى أدق التمديد للمؤتمر الشعبي العام ليمارس ذات المنهجية العشوائية في قيادة البلاد دون أي حق أو رجوع للشعب الذي هو المعني الأول بمثل هذه الأمور والتي كانت بمثابة المفاجأة للجميع مما يضع علامة استفهام حول أين يتم طبخ مثل هذه القرارات والاتفاقات ولمصلحة من ؟
سبق الدعوة إلى هذا اللقاء أو الحوار بين السلطة والمعارضة حملة تحريض واسعة بين الجنوبيين أنفسهم قادها الرئيس بنفسه ، إذ كان يعلن وبكل صراحة أنه لن يقحم الدبابة ( على الأقل مرحليا ) في هذا الخصام وسيترك الأمر للمحسوبين عليه من الجنوبيين بالاقتتال مع الحراك السلمي حتى يخلق حالة ثار مستديمة ويؤسس لحرب أهلية ويؤكد ما توعد به بأنه سيجعلها خرابا لو فكر أحد ولو تفكير بالخروج عن سلطته ، فالأمر واضح هنا ، أما حكم الرئيس الأبدي والغير محدد بأي فترة زمنية أو أنه سيقوم شخصيا بالإشراف على إشعال حرب بين الأخ وأخيه ، وهذا منطق من لا منطق له ومنهجية عرفناها منذ عقود طويلة ، و صار من المؤكد بأن ما يحدث الآن في الجنوب ليس رغبة في إعادة تشطير البلاد بقدر ما هي رغبة أكيدة في الأنعتاق من هكذا عقلية تقود البلاد إلى كوارث مستديمة ، وأن الحراك الجنوبي ورغم ما يرفعه من مطالب راديكالية إلا أنني أجزم بأنه يمكن إعادته إلى القمقم الذي خرج منه لو تم العرض عليه بأن يتم تنحية النظام الحالي عن الحكم وتسليم البلاد إلى جهة محايدة مشهود لها بالنزاهة لتقوم بفترة انتقالية جديدة وتؤسس لانتخابات نظيفة وسليمة ، فلا أحد يمكن له أن يتخيل بأنه هنالك يمني يرغب فعلا بإعادة تشطير بلاده مالم يكن هنالك سبب لا يمكن احتماله أو التعايش معه ، وأنا وغيري كثيرون يتفهمون هذا الشيء ويجدون أنه مبرر مشروع لأي جماعة أو شعب أو أمة لا تسكت على الضيم أبدا .
على قدر الألم يكن الصراخ ، وهذا ما نراه الآن في الإعلام الرسمي للدولة والمسخر كليا لترداد ( عظيم أنت يا أبو أحمد ) ، كما أننا ولأول مرة تقريبا نكتشف بأن نائب الرئيس يستطيع أن يتحدث ويتكلم ويلقي خطابات ويقوم بافتتاح مشاريع ويرافق الرئيس يدا بيد على غير العادة ، وأن هذه المشهد الكوميدي يريد أن يخبرنا بأن الجنوبيين " الجاحدين " عليهم أن يعرفوا جيدا أنهم شركاء في الحكم وأن نائبه جنوبي ورئيس وزرائه ( المسبع المربع ) أيضا جنوبي فهم موجدين بأعلى هرم في السلطة وأن ما يحدث الآن في الجنوب أمر لا يتعلق بالحقوق والمساواة بل بمآرب أخرى شيطانية يجب قمعها بالقوة . هذا ما أستطيع أن أسميه بالهذيان الأعمى وبمحاولة ذر الرماد على العيون وإلا ما هي السلطة الحقيقية التي يمتلكها نائب الرئيس أو رئيس الوزراء ، نعلم أنها لا شيء وأن الرئيس وحده هو من يملك الصلاحيات المطلقة وكل ما حوله يدور في فلكه ويسبح بحمده ، لكن ما يحدث الآن في الجنوب نفض عنه شهر العسل الذي توقع أنه سيدوم لفترة طويلة وأن الأمور استوت لصالحه ، ليكتشف حينها أنه وحيد وفي عزلة مدقعة حتى أو ظهرت لنا جموع جنوبية تدعي رفضها لما يحدث والتي هي في حقيقتها جموع تنتمي إلى المؤتمر الشعبي العام بينما التيار السائد في الجنوب ينحاز إلى فك الارتباط كما أن كل التشكيلات الحزبية والمدنية في اليمن لا تستطيع أن تقف مع الرئيس حتى وأن تحزم بالوحدة ورفعها كقميص عثمان ، لأن الجميع يعرف أن المسألة برمتها شهوة سلطوية لا علاقة لها بالوطن من قريب أو بعيد ، وإلا ما تفسير أن يفشل أروع مشروع يمني والذي تمثل في تحقيق وحدتهم تحت حكمه وما معنى أن يحقق الفقر والأمية والفساد أعلى معدلاتها وأن يبقى النهج القبلي ورفض القانون والسطو على الأراضي حق حصري لمشائخ الشمال على أراضي الجنوب وأن يقوم بتهميش كل القوى الوطنية والحزبية ليبقى وحده على الساحة وأن يجعل من التجربة الديمقراطية صورة هلامية كل وظيفتها أن تعيد انتخابه مرارا وتكرار لحكم اليمن ، وهذه وسواها كلها عوامل تسقط أكثر الدول تماسكا ، فكيف الحال بدولة هشة وفاشلة مثل اليمن ، أن ما يحدث الآن في الجنوب هي مخرجات طبيعية ، من الغبن الوقوف ضدها موقف سلبي أو على الأقل موقف المتردد والمحايد .
أن كان هناك عتب على أحد ، فهو ولا شك عتب على اللقاء المشترك الذي عولنا عليه كثيرا أو ربما _ وهذا ما اكتشفته مؤخرا _ أننا حملناه فوق طاقته ومقدرته ، وهذا أمر لا عيب فيه ،وكل جهة تعمل ولا شك حسب طاقتها ، لكن أن تكون مجرد طاهرة صوتية أو انتهاز الفرص لنيل ما يمكن نيله على حساب مطالب إنسانية مشروعة ، فهذا ما لا يستطيع أحد أن يفهمه ،واللقاء المشترك هنا يبدوا لي وكأنه أستعد وبمجرد حضوره ما يسمى بالتحاور مع السلطة للمساومة بقضية هو لا يملكها وليس له تأثير عليها من قريب أو بعيد بل أن حديث بعض قادته تجاه تصريحات السيد علي سالم البيض لا يمكن لها أن تندرج إلا تحت بند التملق إلى النظام ومحاولة أبراز الذات وانتهاز الفرص على حساب الآخرين ، وأن كان البيض حسب ما أدلى به الأمين العام للتنظيم الناصري استفاق من غيبوبة ، فهذا أفضل ممن مازال يصر على غيبوبته ومن مازال يدير معارضة المكاتب الوثيرة والمهرجانات الصوتية وهم يعلمون أن رصيدهم صفر على مستوى الشارع ولم يعودوا يمثلوا طموحات المواطن اليمني العادي .
أن اللقاء المشترك في موقفه العدمي ليس في هذه الأحداث وحسب بل هو ديدنه في كل حدث يمر على الوطن إنما يؤسس لهامشيته وخلوه من أي مشروع فعلي وعملي ملموس على ارض الواقع بل يؤكد فعلا أن هذا اللقاء لم يعد له مكان على الخارطة السياسية سوى أنه يلبى وبكل أريحية دعوات الاحتفالات والمهرجانات الصاخبة ثم ينزوي كل في مقر حزبه ليمارس اللا مبالاة بما يحدث ، وأحسب أن اللقاء المشترك أخذ حجما أكبر مما هو عليه أو هنالك خلافات تعصف به ولم يعد يستطيع أن يتخذ موقف حاسم وواضح مما جعله عاجز وغير قادر على مجارة ما يحدث . لذا قد نقول أن الوضع هو بين السلطة المتمسكة بالحكم حتى آخر طفل يمني وبين الحراك الجنوبي السلمي ، وبما أن هذا الحراك يصر على سلمية نضاله وعدم لجوئه إلى القوة لتحقيق أهدافه ، يصر من الجهة المقابلة و المتمثلة بالنظام الحاكم استخدام الدبابة والطائرة والتلويح بها ، كما أنه يقوم بتجنيد ميليشيات جنوبية لتضرب بعضها ببعض وهو مستعد أن يذهب إلى كل ما هو محرم حتى يقمع تلك الأصوات التي تؤرق منامه ، لدرجة أنه هنالك من يظهر على شاشات التلفاز من المواطنين ليصرح بأنه مستعد أن يقدم روحه فداءً لهذه الوحدة ، وهذه دلالة على أن التوجه العام للنظام الحاكم هو إشاعة الفوضى والدماء والتطرف وهذا منحى خطر يدل على عقلية متأزمة ليست مستعدة للتنازل عن أي شيء من مصالحها إلا على الجثث والجماجم وهذا هو الشيء الوحيد الذي يستطيع أن يفعله الرئيس دون أن يفشل فيه .
#بكر_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في اليمن اما الكي او بتر العضو الفاسد
-
كيف تكون إنفصاليا حتى النخاع ووحدويا جدا في آن معا ؟
-
ترانيم ليست في محلها
-
نجل الرئيس ...مرتشي
-
نعم لمفاخذة الرضيعة
-
رغم المصالحة إلا أنها اسوء قمة عربية
-
عزل دول الأعتدال العربي أمر في غاية الأهمية .
-
كم تبلغ قيمة حذاء الصحفي منتظر الزيدي
-
شكرا مصر
-
مواقيت مشبوهة
-
ما هي اليمن بالنسبة لإسرائيل ؟
-
في بلاد الديمقراطية ، تضامنا مع اليمنيين الذين غيروا دينهم
-
من الرائع ان تبقى عروبيا
-
اشياء اود أو تعرفيها
-
بعد ثلاثون عاما .....من صفات الديكتاتور ان يزداد يدكتاتورية
-
على اللقاء المشترك أن يحدد موقفه من موجود ميليشيات دينية
-
متى ستسقط العاصمة صنعاء
-
مع الأمريكان وضد الأختلاط
-
الأمر سهل : ليقدم الرئيس اليمني أستقالته فورا
-
أين تكمن قداسة الوحدة اليمنية
المزيد.....
-
سقط من الطابق الخامس في روسيا ومصدر يقول -وفاة طبيعية-.. الع
...
-
مصر.. النيابة العامة تقرر رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرها
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى يستخدمها -حزب الله- لنقل الأ
...
-
كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
-
حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع
...
-
البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان
...
-
أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
-
مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
-
أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|