|
ابو حميد والشتائم والكهرباء
كاظم شناتي
الحوار المتمدن-العدد: 2662 - 2009 / 5 / 30 - 08:34
المحور:
كتابات ساخرة
كان جاري العزيز ابو حميد عراقيا الى حد النخاع ونموذجا مثاليا للشخصية العراقية التي تحمل الطيبة المفرطة وحدّة المزاج الزائدة عن الحد ، وإضافة لذلك فهو (ابن ولاية) أي ابن مدينة بامتياز يزور شارع ألحبوبي كل يوم ، ويتناول الإفطار من مطعم كباب الأعمى ، ويموت عالدولمة ويعشق التشريب ويكره كل شركات الموبايل .. يؤدي عباداته باهتمام بالغ وكاْن القيامة ستقوم غد أو بعد غد . لا أريد الإطناب في تعداد فضائله ومناقبه ، ولكنه باختصار صاحب نخوة ومن اهل الشيمه و(اللي بكلبه على لسانه) كما يقول المثل . حين يعود التيار الكهربائي بعد كل انقطاع فانه يصيح بفرح (اللهم صلي على محمد وال محمد) وحين ينقطع التيار يقول لعنة الله على الظالمين.. ولكنه بدا لي مهموما وليس على طبيعته في هذا الصيف ومنذ ابتدأ موسم انقطاعات الكهرباء المكثف (المعتاد) والمستمر منذ عشرات السنين ( وبنجاح ساحق) . حين سألته أمس ، عندما انقطع التيار الكهربائي ، وتركنا نكمل حديثنا في الظلام ، وكل واحد (يهفي) على نفسه (يستعمل المهفّه الشعبية) طلبا لنسمة هواء .. ما بك يا ابا حميد ؟ أجابني بصبر نافذ وبعصبيته المعهودة (يا أخي والله مشكلة هسّه انقطاع الكهرباء وتعودنا عليه ، لكن وين نفرّغ ضيمنا .. ايام صدام ، كنا نسبّه ونلعن والد والديه كلما انقطعت الكهرباء لاننا نعرف انه هو السبب ، وبعد سقوطه أخذنا نسب بريمر الحاكم الأمريكي ونسمط أجداد أجداده لكن الآن أنا حاير اسب من وافرغ حرﮔتي بيمن اشو المالكي من عمامي وعزيز عندي ووزير الكهرباء من نسابتنا ويجينا بقرابة .. ما بقه بس الطالباني وهذا رجّال خيّر وما بيده شي). وهنا اعتدلت في جلستي وحركت قطعة الكارتون أمام وجهي طلبا لمزيد من الهواء ، واتخذت مقعد الأستاذية ورسمت على وجهي ملامح الحكمة وبدأت ( اتفلسف براسه ) فحكيت له عن وجوب التحلي بالصبر والرويّة ، وبينت له جهود الحكومة في توفير أجود أنواع الكهرباء ومن النوع المعطر خدمة للمواطن العزيز ، كما أخبرته عن الأحمال الزائدة وخطوط ال11000 kv وضعف الشبكات وقدمها ، وقلت له أن لا يهتم ويترك المسالة للزمن فان خمس او ست سنوات شئ تافه في عمر التاريخ والدول ، وهنا استشاط الرجل غيضا وخرج عن طوره ، ولا أريد أن اروي لكم كل ما تفوه به ولكن أطمئنكم انه لم يسبني واحترم ( الجيرة ) التي بيننا واكتفى بطردي من داره العامرة ، وقد ابلغني عند الباب قائلا (اگعد اعوج و احﭼي عدل ). خرجت مسرعا وأنا متأكد أن أبا حميد سياتيني في اليوم التالي ويسلم علي وكان شيئا لم يكن . ولكنني فكرت مع نفسي كيف يمكن إقناع أبو حميد او غيره من العراقيين الطيبين بان موضوع انقطاع الكهرباء هو أمر طبيعي و(ما بيهه شي) و(الله كريم) و(انشا الله تتصلح) ؟؟ كيف ..كيف؟؟ ولكنني تأكدت أن كل أسباب الدنيا لن تقنع أبا حميد بهذه الأفكار السخيفة من حضرتي ، وانه يريد الكهرباء مهما كانت العوائق – وهذا من حقه – وان صبره قد نفذ ، وان السنين التي صبر فيها تكفي لبناء محطات نووية ، وان المبالغ التي في خزينة العراق تكفي لكهربة نصف الكرة الأرضية حتى بعد استقطاع النسبة المقررة للأخوة للفاسدين ، وان كل التبريرات التي قدمتها له هي مجرد (خريط) وكلام لا يقنع حتى الأطفال ، وعرفت انه ليس من المعقول في القرن الحادي والعشرون الذي وصلت فيه التكنولوجيا درجات مرعبة من التقدم والانجازات العلمية ، هذا الزمن الذي أصبحت فيه الكهرباء من البديهيات في حياة الإنسان ، مثل الماء والهواء ، ان نظل نحن تحت رحمة القطع المبرمج وغير المبرمج . تأكدت أننا لا يمكن أن نصبر أكثر ولا يمكن أن نتحمل المزيد من الإذلال والتعذيب ، وان أطفالنا لا يمكن أن يسامحون احدا على هذا الإهمال المتعمد . ولكنني بعد أن رأيت السيد وزير التجارة وقد تيبس بلعومه واخذ يتناول (بطل الماء) كل بضع كلمات ، وهو يقف كالمتهم أمام البرلمان أيقنت أن وقت الحساب قد اقترب ، وان العراقيين سيحاسبون كل مسئول ، عن كل فلس صرفه بغير حق .
#كاظم_شناتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المضحك المبكي في حكاية المراكز التموينية
-
وزارة الاوقاف الامريكية فرع ذي قار
-
حنفية ام شاكر
المزيد.....
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|