أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعد محمد رحيم - حس الواقع














المزيد.....


حس الواقع


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 2660 - 2009 / 5 / 28 - 09:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أن نقول شيئاً ونفعل شيئاً آخر، أو أن نقول شيئاً ليس بمستطاعنا جعله واقعاً منجزاً ملموساً، ذلك هو مرض فقدان حس الواقع. مرض خداع النفس والضحك عليها وعلى ذقون الآخرين والاستهزاء بالواقع. الواقع الذي يمتلك في النهاية الكلمة الأخيرة. والذي بمقدوره الاستهزاء من الأوهام والانتقام ممن سخروا منه ولم يأخذوا معطياته ونُذره على محمل الجد.
لا يعني حس الواقع الاستسلام للواقع، والانقياد الأعمى لمظاهره وأهواء المتحكمين به، بأي حال. بل قراءته بعمق والتعرف على عناصره وقواه وعلاقاته وتناقضاته وصراعاته واتجاهاته، الخ. قبل العمل للتأثير فيه وتحويله بما يحقق للناس الحق والخير والجمال. ولمدة طويلة انكمش هذا الحس عند كثر من منظرينا السياسيين والإيديولوجيين حتى ما عادوا يرون ما حولهم، وأحياناً ضاعت منهم حتى مواضع أقدامهم. وهكذا غرقنا في أبحر من الكلام المنمق الإنشائي والمحلّق في فضاء الخيال. كلمات كبيرة راحت تزدحم بها البيانات والخطابات والمقالات والكتب ونشرات الأخبار وبرامج السجال التي باتت تنهال علينا كالمطر عبر قنوات الإعلام والاتصال الجماهيري. ناهيك عن ثرثرات الاجتماعات والندوات المبهرجة والصاخبة.
من علوم الاقتصاد نعرف أن أولى خصائص الخطة الاقتصادية هي الواقعية، أي أن تكون الخطة ممكنة التنفيذ. وان تكون مرنة كذلك، أي أن تكون قابلة للتغير مع مفاجآت الواقع والأحداث الطارئة. والبرنامج السياسي لا يختلف من هذه الناحية عن الخطط الاقتصادية. لكن ما يحصل هو غياب لا حس الواقع عن البرنامج السياسي فقط، وإنما غياب البرنامج السياسي نفسه حيث تغدو الخطب والتصريحات والتنظيرات بديلة عن البرنامج وعن العمل الجاد أيضاً. وهذه واحدة من أمراضنا السياسية والاجتماعية. وكان الراحل علي الوردي قد نبه في معرض حديثه عن ازدواجية الشخصية العراقية إلى ذلك الانفصال بين ما نقوله وندعو له من مثاليات وبين تعاملنا الواقعي وأحياناً البراغماتي في السلوك العملي. وتقصى الوردي علمياً عن أسبابها وجذورها التاريخية والاجتماعية. وخرج بنتائج مثيرة عنها ليس هنا مجال الخوض في تفاصيلها.
وخلال عقود طغت مظاهر المتاجرة بالمبادئ والمزاودات السياسية على المشهد السياسي العراقي والعربي كجزء من متطلبات وقواعد لعبة الاستحواذ على السلطة أو الاحتفاظ بها. وظل الصدع قائماً بين ما يُقال وبين ما هو واقع. وكان الواقع بأبعاده بشراً وموارد وممكنات هو الضحية دائماً. ولذا علينا ألاّ نستغرب من حالات تلاحق الهزائم وفشل مشاريع التنمية في مسار تاريخ الأنظمة والمؤسسات السياسية العربية. وتراجع كل شيء في حياتنا بدءاً من وضع التعليم والصحة ومستويات الإنتاج الاقتصادي وانتهاءً بتدهور البيئة وزحف التصحر وخراب العمران.
إن القراءة الخاطئة للواقع أفضت في النتيجة إلى ضياع فرص عديدة كان يمكن استثمارها لنيل جزء مهم من حقوقنا المهدورة أو تحقيق شيء من الرقي العلمي والمعرفي والاقتصادي الذي يضيق الهوّة المخيفة بيننا وبين الغرب المتقدم.
يفرض حس الواقع علينا، ليس فقط فهم الواقع، وإنما اتخاذ القرارات المناسبة في أثناء التعامل معه، واختيار التوقيت المناسب لكل قرار. ذلك أن تأخير التوقيت والتردد في اتخاذ القرارات الذي كان سمة من سمات السلوك السياسي للأنظمة، وحتى لبعض الأحزاب عندنا هو الذي أوصلنا إلى هذه الحال!.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الولع بالقراءة: مع آلبرتو مانغويل في -تاريخ القراءة-
- في استهلاك المصطلحات السياسية
- القارئ مترجماً
- شذرتا الحداثة ومأزق تحديث الدولة العربية
- حداثة المثقف.. تحديث الدولة
- سيرك الإعلام ومهرِّجوه
- ذلك الانهيار في عالم الأمس لستيفان تسفايج
- المثقف وشبكة علاقات السلطة؛ 3 موقع المثقف ووظيفته
- المثقف وشبكة علاقات السلطة:2 آليات الإقصاء والإدماج
- المثقف وشبكة علاقات السلطة: 1 آليات صناعة الممنوع
- الدولة والإنتاج الثقافي
- تلك الأسطورة المتجددة: قراءة في كتاب -أسرار أسمهان؛ المرأة، ...
- -متشرداً بين باريس ولندن-: هوامش المدن المتروبولية في أوروبا ...
- إيزابيل الليندي تكشف أسرار أسرتها في -حصيلة الأيام-
- قراءة في كتاب: ( لعنة النفط.. الاقتصاد السياسي للاستبداد )
- النخب؛ البيئة الثقافية، والمشروع السياسي
- في وداع عام آخر
- تواصل النخب والشباب
- سؤال الثقافة.. سؤال السياسة
- لمّا سقط المطر


المزيد.....




- السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات ...
- علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
- ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
- مصادر مثالية للبروتين النباتي
- هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل ...
- الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
- سوريا وغاز قطر
- الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع ...
- مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو ...
- مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعد محمد رحيم - حس الواقع