صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 813 - 2004 / 4 / 23 - 08:02
المحور:
الادب والفن
نهاية الجزء الثالث
[نصّ مفتوح]
.... ..... .... ....
أتوقُ إلى خبزِ التنّورِ
يلوحُ لي في الأفق
صورةً موشومة
فوقَ وجنةِ الروحِ
كيفَ كانت تعجنُ أمّي ..
تأتي نسوةُ الحارةِ
يقطعون الشعيرية
كحبّاتٍ صغيرة مثل الإبرة
مهارةٌ فائقة لدى أمّي
سريعة أكثر من كلّ النساءِ
أندهشُ لمهاراتها
تعملُ فتائل العجين طويلةً
بإبهاميها وسبابتيها
تقطّعُ حبيبات الشعيريّة
استهواني
أن اتعلّمَ قَطْع الشعيرية
فتيلةً صغيرة أعطتني أمّي
بدأتُ اقطّعُ بطيئاً للغايةِ
ثخينةٌ حبّاتي
بعدَ أيامٍ
سيطرْتُ على حركةِ القطْعِ
انْضَمِمْتُ إلى الورشةِ
منذ أنْ كنتُ طفلاً
خرجْتُ عن السربِ
فيما كانت أمّي منهمكة
في ترتيب فوضى البيت
كنتُ أنا أجْلِي
أستمتعُ بتنظيفِ الصحونِ
تندهشُ أمّي
إنكَ تنظّفُ الصحونَ
أكثر من نظيرة
لأنّها أصغر منّي
تضحكُ أمّي قائلة
لكنكَ صبيٌ يا ابني
ولو يا أمّي
مشاكسٌ منذُ الطفولةِ
أخالفُ كثيراً من التقاليدِ
هل توارثتُ من أمّي
مهارة الإمساكِ بتلابيب الحرف
الشعيريّة تشكّل حرف الألف والراء
أحياناً الدالِ واللام
إنها تتعانقُ مع حروفِ الهيجاء
أصابعي تشبه تماماً
أصابع أمّي
كنتُ حزيناً في بادئ الأمرِ
كم كنتُ اتمنّى
لو كانت خشنةً وغليظة
مثل أصابع أبي أو عمّي
لكنّي توازنتُ مع أصابعي الرفيعة
معَ مرورِ الزمن
وجدتها أكثر إنسيابية
لعوالمِ القلمِ
ستبقى روحُكِ الشفيفة
معانقة جوانحي حتّى الأزلِ
شكراً لكِ يا أمّي!
.... ... ... يُتْبَعْ!
صبري يوسف: حزيزان 2003
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]
لا يجوز ترجمة هذا النصّ إلى لغاتٍ أخرى إلا بإتّفاق خطّي مع الكاتب.
ــــــــــــــــــــــــــ
نهاية الجزء الثالث، يُتْبَعْ الجزء الرابع من الأنشودة*!
أنشودة الحياة: قصيدة ملحمية طويلة جدّاً، تتألّف من عدّة أجزاء، كل جزء بمثابة ديوان مستقل (مائة صفحة) مرتبط مع الجزء الذي يليه.
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟