|
إحزروا الإيدز... والسياسي أخطره
محمد حسين الأطرش
الحوار المتمدن-العدد: 2659 - 2009 / 5 / 27 - 04:12
المحور:
كتابات ساخرة
الإيدز بتعريفه العلمي هو مرض نقص أو فقدان المناعة المكتسبة بحيث يعجز جهاز المناعة عن مقاومة أو ردع أي مرض. وبحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية فقد قدر عدد المتعايشين مع المرض في نهاية عام 2007 بـ 33,2 مليون شخص في العالم، حيث سجل العام المذكور وحده وقوع 2,7 مليون إصابة وسجل وفاة 2,1 مليون فرد بسبب الإيدز. والإيدز وأشكال انتقاله تعتبر مشكلة عالمية النطاق بحيث أن العمل الجماعي بين الدول هو وحده الكفيل بالحد منه بما يهيأ فرص السيطرة على العدوى طبعا دون أن ننسى أن تكاليف العناية بمرضى الإيدز للشخص الواحد تتراوح بين 50 ألف و150 ألف دولار. قد تبدو المقدمة طويلة ولا تدخل أساسا في صلب الموضوع ولكننا عرضناها للتعريف بهذا المرض المُدّمِر، هذا من جهة، ومن جهة أخرى إذا ما أخذنا تعريف مرض الايدز والنتائج المُدمرة صحيا واجتماعيا وحتى ماليا أمكننا القياس عليه للتعريف بأنواع أخرى من الإيدز لا تقل خطورة عن المرض من الناحية البيولوجية. الإيدز القَبَلي وهو من أشد أنواع الإيدز فتكا رغما بدائيته وينتشر بكثرة في العديد من المجتمعات التي بقيت فيها القبيلة أو العشيرة هي العامل الذي يحدد أسباب الصراع أو السلم. وهو بطبيعته مدمر يصيب جماعة بأكملها فتنتفي معه القدرة على مقاومة العصبية والجهل وينتصر فيها أفراد القبيلة بعضهم للبعض الآخر عن صواب أو خطأ لا فرق. ونتائجه التدميرية طالت وتطول دوما كافة النواحي الإجتماعية والمالية وغالبا ما كان الإيدز القَبَلي أحد مسببات العنف ضد المرأة وانتهاكا لحقوق الإنسان وعليه يصبح القضاء على هذا النوع من الإيدز شرطا لنجاح الإعلان العالمي لحقوق الانسان واليوم العالمي لإيقاف العنف ضد المرأة. الإيدز الطائفي وهو أشد خطرا من الأول وأبعد تأثيرا وهو يتميز بفقدان القدرة على اعتبار أن الطوائف الاخرى لها الحق بما تعتقد ويصاب صاحبه بعقدة التَمُيز واحتكار الطريق الصحيح وينظر للآخرين كونهم أضِلاء غير مهتدين ويبيح بالتالي لنفسه الحق في تقويهم وردعهم عن الضلال المبين ويقيم حربه على قاعدة طاعة ولي الامر وأسياد الدين ويستبيح باسم كل ذلك حقوق الإنسان، الرجال والنساء على حد سواء، ولا يعود مع هذا النوع من الإيدز أي معنى لإعلان حقوق الإنسان أو ليوم العمل لإيقاف العنف ضد النساء. الإيدز السياسي وكما يقال هو "ثالثة الأثافي" فهو ليس مرضا بحد ذاته لكنه غلاف متين يخفي داخله الإيدز القبلي والإيدز الطائفي ويلون نفسه من الخارج بلون سياسي معين يمارس من خلاله البغاء والعربدة ويسمح لنفسه داخل هذا الغلاف من خداع الجسم وتصوير الفيروس بصورة ليست حقيقية. بمعنى آخر يخدع الجسم بأنواع معينة من السكريات التي تحلي الدم فلا يستطيع التعرف عليهم بسهولة مما يسمح له بأن ينخر هذا الجسد المريض. والخطير في هذا النوع من الإيدز أنه قادر على خداع حتى أعضاء الجسد النخبة أو يقبلون الإنخداع به لكونه يعطيهم فرصة الاستفادة من التحكم بمن هم دونهم وعلى جهل بالحقيقية دون أن ينتبه هؤلاء الأعضاء إلى أن مرض الإيدز سوف يطالهم كبقية الاعضاء. لذلك يمكن القول بأن الإيدز بأنواعه الثلاثة المشار اليها يشكل خطرا حقيقيا يطال أي مجتمع يصاب به ويخطئ من يظن بأن مجتمعا ما يستطيع أن يتعايش بعافية في ظل انتشار أي نوع من هذه الأنواع وهو بذلك أكثر خطورة من الإيدز كمرض بيولوجي الذي، وبفضل التقدم العلمي أمكن اليوم، اذا ما توافرت الامكانات اللازمة السيطرة عليه بشكل كبير وإطالة أمد حياة المصاب به. ويبقى السؤال: كيف يمكن إذا وقف الإيدز بشكله القبلي أو الطائفي وحتى السياسي؟ يبدو أن الأمل الوحيد الذي يمكن معه إعادة القدرة على الشفاء ومحاربة إيدز القبلية والعشائرية والطائفية لا يختلف كثيرا عن ما هو مستخدم في مجال الطب البشري والذي ينصح به الأفراد ألا وهو الوقاية. صحيح أن الوقاية تكون قبل الإصابة بالمرض لكن يمكن الاعتماد عليها لشفاء المجتمع لأن الوقاية تعيد للجسد المريض القدرة على بداية التحرك للقضاء على المرض بأكمله. والعلاج يكون اذن باستعمال الواقي. والواقي هنا في هذه الحالة لا يباع في الصيدليات وإلا لهان الأمر. الواقي هنا إحساس بمسؤولية معينة اسمها "المواطنة". "المواطنة" تتيح لمن يستعملها أن يتجاوز عشائريته وقبليته وتخلفه الهمجي ويتجاوز معه تعصبه الديني بما يتيح له بناء هوية مشتركة تقوم على أساس مفهوم "المواطنة" بما يعيد للممارسة السياسية مفهومها الأصلي المبني أساسا على هذه فكرة. إذا ما أتيح لأي مواطن استخدام "المواطنة" كواق ٍ أبدي لأمكن معه القول بإمكانية الاحتفال بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان واليوم العالمي لوقف العنف ضد المرأة. وعليه يصبح من الضروري أن نعمل منذ الآن لتخصيص يوم عالمي لمكافحة مرض الإيدز القبلي والطائفي بما يقطع الطريق على نشوء مرض الإيدز السياسي. عافاكم الله.
#محمد_حسين_الأطرش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
«إسلام كيبيك»
-
الرموز الدينية لا تخيفنا لكنها تفضح عنصريتنا
-
الشريعة والعشيرة
-
الأسماء رموز دينية
-
انفلونزا الخنازير
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|