|
العلاقة الجنسية بين الجنسين وفق الهيمنة الذكورية
عياد أبلال
الحوار المتمدن-العدد: 2657 - 2009 / 5 / 25 - 08:05
المحور:
مقابلات و حوارات
ما هي خلفيات ومرجعيات العلاقة الغير متكافئة ، والبرود الجنسي ً بين الجنسين ؟
تعتبر قضايا الجنسانية بالمغرب من القضايا التي تشكل الطابو الممنوع الخوض فيه، فالجنس، المرأة، والجسد عناوين هذا الطابو الذي يشكل الخطاب الديني أساسه المرجعي ،لذلك نجد أن الخطاب السياسي المغربي والعربي بشكل عام يتغذى من هذا الطابو ،بل ويغذيه، والهدف استدامة الهيمنة والحجر البترياركي الذكوري، لأن قضايا الجنس والحنسانية ليست أشياء تافهة كما يحاول الخطاب السياسي المرتكن على المرجعية الدينية المغلقة وفق تصور أوتوقراطي، أن يكرسها، بل هي عصب الاجتماع البشري، كما يؤكد ذلك رايش، لذلك فإن الجنس، الدين والسياسة تشكل في كل البلاد العربية ذلك الثالوث المحرم، طبيعي إذن والأمر كذلك أن تبقى قضايا الجنس تلك المنطقة التي تتحكم فيها أطر أيديولوجية هدفها تصريف هذه الطاقة البيو ثقافية في الأساس تصريفاً سياسيا وأيديولوجيا دينيا في أفق التحكم فيها وترشيدها بما يخدم مصالح هذه الأطر الأيديولوجية لإنتاج وتعديل السلطة الأوتوقراطية،هكذا كلما انطلقنا من هامش القضايا إلى المركز كلما اشتد الحضر والمنع، وهذا ما ينطبق على مسألة البرود الجنسي، فإذا كان مقبولا من المرأة وفق المتعارف عليه والمسكوك الثقافي الجنساني، هو امتلاكها الرغبة واللذة والشهوة الجنسية التي لا تنطفئ، والتي يجد الرجل فيها المكان المخملي لتلبية رغباته، ما دام الفكر الذكوري يتغذى على فنطزمات المرأة الشبق،فإن ظهور المرأة بمظهر البرود الجنسي يقصيها بالضرورة من الفضاء الذكوري، وبلغة بورديو يقصيها من السوق الرمزية بعدما ينخفض،بل ويضمر رأسمالها الرمزي، لأن المخيال الذكوري، يثمن هذا الرأسمال ليس بالنظر إلى التكوين العلمي والثقافي والفكري للمرأة ،بل انطلاقا من شبقيتها ودفئها الجنسي، لذلك فالنساء اللواتي يعانين من برود جنسي ، كيفما كانت أسبابه: سواء بيولوجية نتيجة خلل في الأداء الهرموني المتحكم في الرغبة والممارسة الجنسية،أو بيولوجي خلقي نتيجة عدم اكتمال المكونات الغضروفية الداخلية للمهبل (البدر)عند الولادة، أو نتيجة عوامل اجتماعية نفسية، كضمور العلاقة العاطفية والوجدانية بين الشريكين، وخاصة الزوجين، لأن العلاقة الجنسية بين الخليلين والعاشقين تتوفر في غالب الأحيان فيها الشروط الوجدانية....فإن المرأة بشكل عام تحاول أن تخفي برودها الجنسي حتى أمام باقي النساء،إن المجتمع الخاضع للهيمنة الذكورية وللفكر الفحولي الذي تساهم النساء أنفسهن في تكريسه، يقزم المرأة في بعد أحادي، أداتي هو البعد الشبقي الجنسي، لذلك يتحول هذا البعد إلى طابو مسكوت عنه،يجد تصريفاته في النكت والأمثال الشعبية و اللا مقول اليومي. لكن بشكل عام وبالدخول في صلب القضية، نجد أن البرود الجنسي إما بيولوجي المنشأ نتيجة الأسباب السالفة الذكر، أو نتيجة عوامل اجتماعية نفسية،ثقافية، ترتكن في غالب الحالات إلى المرجعية السوسيو اقتصادية،فالمرأة في الأوساط المعدومة اقتصاديا، تتحول منذ البداية إلى آلة للتفريخ والولادة، فهي محرومة ، بل وممنوعة من الرعشة الكبرى، ومن اللذة الجنسية، لأن الهدف من الجنس في المقام الأول والأخير هو الولادة، والمرأة العاقر لا حظ لها أساسا في الزواج، وإن اكتشفت فبما بعد الزواج فمصيرها الطلاق، كما ان ثقافة الرجل الجنسية الذكورية تجعله أسير رغبته الشبقية الأنانية المنزع، لذلك لا يكترث الجل هل المرأة حققت رغبتها ولداتها، أم لها، بالإضافة إلى كون طبيعة المحيط الاجتماعي والسكن وظروف العيش تجعل المرأة غير مهيأة في غالب الحيان لممارسة الجنس وفق ايروسية تبتغي تحقيق الرغبة واللذة للطرفين،فهي أسيرة المشاكل اليومية،فكيف مثلا يطلب من المرأة أن تكون شبقية ودافئة جنسياً وهي تعيش مع أسرة في مسكن ضيق، حيث يسمح صوتها من لدن الباقي،فالجنس كيفما كان الحال، وبغض النظر عن كونه حاجة بيوثقافية أساسية، يبقى طابوها وعيباً، بل حتى أهات المرأة وصوتها الأنثوي الشبقي أثناء الممارسة يفسر من طرف الزوج في أوساط اجتماعية معينة كرمز على غنجها المفرط، بل والدلال غير المقبول من الزوجة، لكن لماذا المحدد السوسيو اقتصادي محدد أساسي، لأنه في قضايا الجنس والجنسانية، يحدد العامل السوسيو اقتصادي إلى حد كبير طبيعة الثقافة الجنسية،بل يمكن القول انه كلما اتجهنا نزولا من الطبقات الميسورة سوسيو اقتصاديا إلى الطبقات المهمشة كلما كثرت الطابوهات الجنسية، وكتم صوت المرأة الجنسي، وأصبحت كلها طابو، وكلها عورة بالتعبير التيولوجي الإسلامي، لكن للإشارة فالخطاب الديني المتزن والحداثي منذ القرون الأولى للهجرة خطاب جاء من أجل متعة الزوجين،ومن أجل ممارسات ايروسية في إطار الشرعية بطبيعة الحال. عموماً هناك علاقة بين البرود الجنسي، حتى البيولوجي المنشأ وطبيعة النظام الاجتماعي والنسق الثقافي بالمغرب، لأنه إذا كان نظامنا القيمي لا يعاني من خلل ، ولا يعتبر الجنس وقضايا الجنسانية من الطابوهات، فإنه ببساطة يمكن للمرأة التخلص من هذا البرود الجنسي باللجوء إلى خدمات الطب والصيدلة، كما يمكن للمرأة اللجوء إلى خدمات الطبل النفسي والخبرة الاجتماعية التي للأسف لا وجود لها بالمغرب،وبحضور الزوج، لكن لما كان الجنس طابو، والمرأة عورة، فإن القضايا الجنسية التي تعتبر عادية في الدول المتقدمة، تصبح حجة من الحجج التي يلجأ إليها الرجل للتخلص من زوجته، أو اللجوء إلى خدمات العاملات الجنسيات حتى لا أسميهم العاهرات، وهذا قدح في حقهم، وهنا أريد أن أشير إلى أن النظام السياسي والاجتماعي يستفيد كلما كثرت الطابوهات، والإنسان الذي يعاني من كبت جنسي وعقد جنسية لا يمكنه أن يكون حراً ومنتجاً، بل الأكثر من ذلك يتحول الجنس المتحكم فيه من طرف السياسي إلى أداة في يده يطوع بها المواطن كيفما أراد، والمرأة التي تعاني من برود جنسي، حيث في غالب الأحيان يكون نتيجة عوامل نفسية اجتماعية واقتصادية تغذي ثقافة الحجر والكبث، هي نتيجة نظام وثقافة مجتمع، بل ومؤشر على أحوال المجتمع، وإذا قمنا بدراسة ميدانية موسعة في المغرب حول قضايا الجنس والجنسانية الثنائية، سوف نكتشف أن الزوجة والمرأة بالمغرب بشكل عام، لأنه ليس الزواج إلا إضفاء طابع الشرعية على الجنس، حيث أن هناك أشكال أخرى غير الزواج للممارسة والعلاقات الثنائية، تعاني حرماناً كبيرا من حقها في الحياة، لكن للأسف فحتى الدراسات في هذتا الاتجاه هي طابو . كخلاصة يمكن القول في العديد من حالات البرود الجنسي المسجلة وفق دراسات أقيمت في عدد من الدول، هو نتاج طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة، وفي المغرب يمكن القول أن طبيعة ثقافة الرجل الجنسية تحدد إلى حد كبير طبيعة العلاقة الجنسية بينه وبين المرأة، ففي الحياة الزوجية، حيث تكثر حالات البرود، تكون نتيجة ظروف نفسية اجتماعية هي بالنهاية تحصيل حاصل للشرط الاقتصادي، كما يمكن أن يكون البرود نتيجة لا تكافؤ ثقافي جنسي بين الشريكين، هذا في الحالات العادية، كما يمكن أن يكون نتيجة لا تكافؤ في الرغبة والقوة الجنسية، لأن الجنس طاقة، وهناك فرق في الكميات، فأحيانا ينعت رجل امرأة بأنها باردة جنسية، في حين أن الصواب أنها عادية جنسياً، في حين أنه هو يتوفر على طاقة وجهد جنسي إضافي وزائد، لهذا يبقى البرود الجنسي هو انتفاء الرغبة في الجنس وفي الممارسة، وعدم الإحساس باللذة وعدم الوصول إلى الرعشة الكبرى، سواء عند الرجل أو المرأة، واعتبار الممارسة كعدمها، وفي البرود درجات، فهناك حالات بالرغم من تثمين الممارسة الجنسية فهن زاهدات بعض الشيء، ويكتفين بممارسات معدودة على امتداد الشهر مثلاً . إشارة أخيرة ، تبقى المرأة في المغرب وباقي الدول المتخلفة، في المتخيل واللاشعور الجمعي ناشطة فقط جنسياً قبل الأربعين، وقبل الولادة والحمل، وبمجرد الوصول إلى انقطاع العادة الشهرية، التي تنعت بسن اليأس، تتحول إلى كائن بارد، جنسياً، وهذا دليل على طبيعة النسق الثقافي العربي، وعلى تحكم الهينة الذكورية إلى حد كبير في المرأة جسداً ورغبة .
#عياد_أبلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العنف بين الزوجين من منظور سوسيولوجي
-
العلاقات بين الجنسين من منظور الفحولة المتخيلة
-
وظيفة المسرح الثقافية والاجتماعية ،قراءة في كتاب المسرح و ال
...
-
أسس ومرجعيات البحث السوسيولوجي عند الأكاديمي أحمد شراك
-
زراعة وتجارة المخدرات بين الممارسة والقانون والسياسة بالمغرب
-
فلسفة القوة عند نيتشه
-
أسس ومرجعيات البحث السوسيولوجي عند الباحث المغربي - محمد مهد
...
-
كرة القدم بالملاعب بين التشجيع و الشغب كتعبير عن خلل وظيفي ف
...
-
ظاهرة التسول بالمغرب بين الديني والسياسي والاجتماعي
-
الإرهاب في الوطن العربي مقاربة سوسيولوجية: أحداث 16 ماي بالد
...
-
زواج المتطرفين الأصولين بين زواج المتعة والزواج العرفي، نحو
...
-
الزواج المبكر طلب سوسيو ثقافي جنساني وشكل من أشكال إضفاء طاب
...
-
الإعلام، التنمية والجريمة في المغرب
-
صورة المرأة العربية وتفكيك الفحولة المتخيلة في الخطاب السردي
...
-
المجال والتحولات الاجتماعية
-
السحر والشعوذة, التمثلات الاجتماعية, التطبيقات والتجليات في
...
-
المرجعيات الثقافية والاجتماعية للزواج المختلط بالوطن العربي
...
المزيد.....
-
بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط
...
-
بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا
...
-
مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا
...
-
كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف
...
-
ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن
...
-
معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان
...
-
المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان..
...
-
إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه
...
-
في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو
...
-
السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|