|
ستة عقود في محراب الحرف- حوار مع الفنان كريم الخطاط
وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2656 - 2009 / 5 / 24 - 05:56
المحور:
مقابلات و حوارات
وديع العبيدي حوارات.. للرابع عشر من تموز 1958.. ذكرى خاصة في نفوس العراقيين عامة.. أما في ذاكرة ونفس الفنان والأديب عبد الكريم حسين الخطاط فلها طعم ومذاق آخر!.. ففي ذلك اليوم صدر العدد الأول من جريدة الجمهورية.. وهي تحمل بصماته وخطوطه.. وتذييلاً صغيراً تحت كلمة الجمهورية بإسم ( كريم).. لكن تلك المناسبة.. على أهميتها الاستثنائية.. لم تخرج الفنان من صومعته.. ولم تنقله من مكتبه في عمارة الشيخلي/ ساحة الرصافي التي بقيت مركز عمله للفترة من 1950 حتى 2000. الأستاذ عبد الكريم الخطاط أصابع ذكية مرهفة وذاكرة متقدة.. شخصية اجتماعية وثقافية متعددة الوجوه والجوانب والامكانيات، خطاط ورسام وشاعر.. عاش ذروة الحياة الثقافية الأدبية والفنية العراقية في عهدها الذهبي بين الأربعينات والسبعينات.. عرف خلالها معظم وجوه الثقافة والساسة العراقيين.. وارتبط مع بعضهم بعلاقات خاصة مميزة.. كثير من تلك الأسماء اخذته الأضواء بعيداً وتجاوز حدود الجغرافيا الى رحاب أوسع.. أما كريم الخطاط الذي عمل في معظم الصحف والمجلات العراقية خطاطاً ومشرفاً فنياً طيلة عقود.. والمعتمد الأول لتصميم الإعلانات وأغلفة الكتب لدى المطابع ودور النشر البغدادية.. في عهودها الزاهرة(!).. فلم تفارقه ابتسامته المحبّبة ولا روحه المرحة ولا أريحيته البغدادية وهو يستذكر تأريخاً غابراً كما لو أنه البارحة.. ويحدثك عن رموز الفن والأدب كما لو كانوا أمامك. تلك الرموز التي حلّقت بعيداً.. بعيداً.. وآثاره وبصماته في الكتب والمطبوعات العراقية الجمّة.. لم تستأثر باهتمام أحد.. ولم ينبرِ.. الأمر الذي يتكرر قوله دائماً دون تغيير واقع الحال.. لم ينبرِ أحد ما من كثرة الأدباء والفنانين والصحافيين والمؤرخين العراقيين.. من أصدقائه وغير أصدقائه.. ليسجّل كلمة في سجل حياة هذا الانسان المبدع.. وكأننا منشغلون الى هذا الحدّ [بأنفسنا] بحيث لا نرى بعضنا.. أم أنّ الموت والغياب هما الوحيدان القادران على فتح عيوننا وإثارة انتباهنا لما (ومَن) فاتنا على طريق الحياة.. ولو بعد فوات الأوان.. هذه وقفة أمام صمت الفنان الذي لم يعرف الادعاء ولم يسرق الاهتمام أو المناسبة ليجذب الأضواء.. نقلّب من خلالها صفحات من سجل حياة الفنان والشاعر عبد الكريم الخطاط الملئ بالمآثر والعلامات الفارقة.. الصفحة الأولى من هذا السّجلّ والمقشبة بخط مفعم بالرقة والإحساس والتواضع تقول: [[]] ولدت في صباح الإثنين المصادف 15/9/1929م، في محلّة " الإمام قمر الدين" الملاصقة لمحلّة الفضل، من عائلة متوسطة الحال. وكنت الرابع من تسلسل الأبناء.. سبعة ذكور وخمسة بنات. وكان جامع السور ملاصقاً لزقاق مسكننا.. وكان (الملا عبد الحميد الحنفي) فيه.. فدخلت بمعية تلاميذه وأنا في الرابعة من العمر.. وتلهّفت لحفظ وتلاوة القرآن الكريم فأتممت ختمه بعد سنة من التعلّم. وقد أقيمت لي حفلة بعد ختمي القرآن من دون إخوتي.. في سنة 1935 تمّ تسجيلي في مدرسة البارودية للبنين وكانت في منطقة الباب المعظم في محلة الصابونجية.. في الصفّ الأول.. وكان (الممثل الحاج ناجي الراوي) في الصفّ السادس وهو المراقب العام للمدرسة. أما مدير المدرسة فكان الأستاذ (اسماعيل حقي راجي) ومرشد الصف الأول الأستاذ عمر أفندي. وفي السنة التالية انتقلت للصف الثاني فكان مرشد الصفّ أستاذ رسام وخطاط فنان معروف إسمه (ناصر عوني).. وبه تأثرت وأنا صغير.. وبدأت أقلّد أعماله.. ورسومه.. حتى عشقت الخطّ والرسم بصورة ملفتة للنظر. وبعد الإبتدائية انتقلت الى "المدرسة المتوسطة الغربية" وكان مديرها (الأستاذ عبد الغني الجرجفجي) ومدرس الرياضة (- الأستاذ - الحاج ناجي الراوي.. الممثل المعروف) ومدرس الرسم (الفنان حافظ الدروبي) و(الفنان جواد سليم).. فتأثرت بحافظ الدروبي.. ورافقته بعد أن رأى أعمالي المميزة في رسم الجداريات الخارجية - كملهى سليكت، والمقهى البرازيلية، وسويس بوفيه وملهى الفارابي وليالي الصفا- أشاركه في التلوين والتخطيط، وقد اعتمد عليَّ كثيراً.. بعد المتوسطة توظفت (بتأريخ 19/1/1948) في وزارة الداخلية- مديرية البلديات العامة- شعبة التخطيط والتصميم.. بعنوان خطاط ورسام خرائط. وصادفت الفرصة قبل تعييني في الدائرة.. عودة المهندس الدكتور محمد صالح مكيّة من لندن، وأصبح مهندساً لشعبتنا. وقد أفادني وجوده معنا كثيراً وشجّعني لإتمام دراستي المسائية في الاعدادية المركزية.. ثم انقطعت عن العمل لإتمام دراستي في " كلية الآداب والفنون".. هكذا كان إسمها في منطقة الباب المعظم، ومقابلها كلية الملكة عالية- كان إسمها معهد الملكة عالية-، وكنت أدرس في فرع الإجتماع، وأستاذنا الدكتور علي الوردي، وقبل تخرجي من الكلية صمّمت له غلاف كتابه الأول (شخصية الفرد العراقي) عام 1952. وفي أثناء دراستي في الكلية الصباحية، سجّلت في (معهد الفنون الجميلة/ قسم الفنون التشكيلية- الرسم)، وكان أيضاً الحاج ناجي الراوي خريجاً من فرع التمثيل ويدرس المكياج. وكان أستاذ الفرع للألوان - الأستاذ فائق حسن- والأستاذ حافظ الدروبي. وكنت ألتقي دائماً في فرع النحت مع الأستاذ جواد سليم.. وهو صديق قديم لعائلتنا، ومسكنهم في منطقة الصابونجية، وأدخل أنا وعائلتي كلها عندهم.. وكان والدهم الحاج محمد سليم فناناً رساماً، وله أولاد أكبرهم (رشاد)- مهندس وسعاد سليم وجواد سليم ونزار سليم ونزيهة سليم كلهم فنانون.. في هذه الفترة رافقت الأستاذ حافظ الدروبي في أعماله الجدارية.. وعدت الى وظيفتي في شعبة التخطيط والتصميم، وانخرط في دائرتنا مهندسون أفذاذ، رفعت الجادرجي وقحطان المدفعي واحسان شيرزاد.. أصبح بعدها وزيراً لوزارة البلديات " وزارتنا"، وكذلك المهندس عبدالله إحسان كامل " مصمم الجندي المجهول السابق.. في زمن عبد الكريم قاسم. والى جانب عملي الوظيفي في الدائرة، عملت في الصحف المحليّة، مثل: البلاد لروفائيل بطي.. والزمان لتوفيق السمعاني.. والأخبار لجبران ملكون.. وأخيراً في جريدة الشعب ليحيى قاسم.. حتى سنة 1958. وبعد ثورة 14 تموز 1958وسيطرة الجمهورية وكنت يوم الثورة في ليلتها في جريدة الشعب. وفي 17/7/ 1958 صعد للجريدة، الدكتور سعدون حمادي وعلي صالح السعدي وطارق عزيز وفؤاد الركابي ومحمد جميل شلش، وأصبحت جريدة الشعب بإسم الجمهورية وأول عنوان لها في 17/7/1958 مانشيت كتبته ( جثة الخائن القذر في شوارع بغداد). وأصبح الدكتور سعدون حمادي رئيساً لتحريرها. وكان معي سابقاً ولاحقاً صديقي الشاعر بدر شاكر السياب والمصور حازم باك ؛ كما كان معي حافظ القباني في جريدة الشعب قبل الجمهورية.. وكنت أقوم بتصميم الجريدة وكتابة عناوينها. ونسيت أن أقول، كنت قبل جريدة الجمهورية أقوم بتصميم ملحق جريدة الشعب " الأسبوع". وأرسم لوحة العدد وجميع الصور والخطوط. وكان لي مكتبي هذا، منذ سنة 1950 في عمارة الشيخلي/ ساحة الرصافي، وكان إسمها آنذاك ساحة الأمين. * على يد من تتلمذت الخطّ؟ [[]] نسيت أن أقول أنني.. إلتقيت بالخطاط الرئيس محمد صبري الهلالي - وكان برتبة رئيس في الجيش، حالياً تسمى نقيب- منذ سنة 1946، وكان له مكتب في شارع حسان بن ثابت المؤدي الى مركز شرطة السراي، رغم أنه كان ضابطاً.. درست الخط على يديه وتنقلت بينه وبين هاشم الخطاط..لأن هاشم كان يسكن قرب منطقتنا- خان لاوند- القريبة من الفضل. وأدخل الى بيته.. وكان أخوه نوري حمودي القيسي (الدكتور نوري حمودي القيسي) - أخو هاشم من أمه وزميلي في الدراسة في مدرسة الغربية المتوسطة. واستمرت علاقتي به بعد ان فتح هاشم مكتباً في سنة 1952 في شارع الرشيد/ باب الأغا - عمارة سعيد قاسم، وكان من رواده ( قاسم محمد الرجب)/ صاحب مكتبة المثنى.. * مَن منهما صاحب الأثر الأكبر في حياتك؟ [[]] كان أستاذي الأول في الخط المرحوم صبري مهدي الهلالي.. ثم أستاذي وزميلي وصديقي هاشم محمد البغدادي (أبو راقم).. * طغى عليك لقب الخطاط رغم أنك تستخدم الرسم الى جانب الخطّ كثيراً في تصاميمك، وقد درست التشكيل في معهد الفنون الجميلة وزاملت الكثير من كبار الفنانين.. ماذا عن كريم الرسام؟ [[]] الخطّ هو الذي طغى عليَّ منذ البداية، وبه ارتبط عملي الوظيفي والمهني. وقد درست التشكيل، لأن الرسم كان مكملاً أو جزء من التصميم أو الإعلان الناجح كما ذكرت. اجتذبني الخطّ أكثر من الرسم، ومنه ارتبطت بالشعر والخواطر. وكانت زحمة العمل بين المكتب والصحف العديدة تأخذ كل وقتي وإهتمامي فلم تترك لي فرصة التفرغ أو توجيه الإهتمام لإقامة معارض ومشاركات في الداخل والخارج. * ولكنك زاملت وعملت مع كثير من الفنانين الذين كانوا أو أصبحوا بعد ذلك من وجوه الحركة الفنية؟ [[]] لم أحاول الاستفادة أو توظيف تلك العلاقات لأغراض شخصية، وبقيت في حدود الأعمال المشتركة في الصحافة أو الاعلان. * عملت مع فنانين بارزين مثل حافظ الدروبي ومهندسين في مجالات التصاميم والجداريات ولكنك لم تقدم أعمال فنية خاصة بك؟ [[]] الحياة الأدبية والفنية في الأربعينات والخمسينات كانت مفعمة، حركة ونشاط وصحافة متنوعة، بالنسبة لي كان العمل جزء من الحياة اليومية، وأستطيع أن أقول لم تكن لي طموحات كبيرة أو مشاريع شخصية. لي أعمال كثيرة في إطار أمانة العاصمة وتصاميم المحلات والشركات والكتب والطوابع، ربما أكثر من غيري، ولكنني لم أفكر في جمع تلك الأعمال وتقديمها في معارض شخصية، كما أنني لم أسهم في المعارض المشتركة للفنانين أو الرواد الذين عملت معهم. أما الجانب الآخر فهو عملي في المكتب وزحمة العمل التي لم تترك لي فسحة من الوقت لأنشطة فنية أخرى. لاحظ أنني الوحيد الذي استمر في عمله ومكتبه طيلة نصف قرن بشكل متواظب، بينما المكاتب الأخرى تستمر مدة ثم تتوقف، وأقول ربما كان نجاحي في العمل وكثرة زبائني وطريقتي في العمل هي سرّ النجاح والاستمرار. وكان ذلك مدعاة لرغبة البعض في إقامة مكاتب مشتركة دون أن أترك مكتبي الخاص.. هنا يخطر لي أن أذكر من زملائي في معهد الفنون الجميلة خالد الرحال.. إذ فتحنا سوية مكتباً في منطقة الفضل لعمل الأعمال المدرسية ووسائل الايضاح. ومن أصدقائي في المعهد الفنان محمد غني حكمت، واسماعيل فتاح الترك.. قبل المعهد كان يعمل معي لملء الشعارات على القماش للأعمال البسيطة. وكنت دائماً بعد الساعة الثامنة مساء، أذهب الى مكتب هاشم مقابل سوق الصفاوين. وبعد عودته من ألمانيا للاشراف على طبع القرآن الكريم، انتقل الى عمارة محمود بنية مقابل الشورجة من جهة شارع الخلفاء الى يوم وفاته 30/5/1973. وكان أستاذاً في معهد الفنون الجميلة منذ سنة 1960 لغاية وفاته. * زاملت عدداً كبيراً من الفنانين وبقوا يترددون عليك في هذا المكتب .. لابدّ دار حديث من نوع آخر.. يتعلق بالإتجاهات الفنية.. [[]] لا أكتمك.. نعم.. دار مثل هذا الشيء.. كانت العروض والمقترحات تتعلق بالسفر والتفرغ.. وكنت موظفاً حتى 1984 ولم أكن مستعداً للمجازفة بترك الوظيفة أو إغلاق المكتب. كنت مقتنعاً بحياتي وعملي، ولم تكن حياة الأصدقاء مغرية كثيراً.. * حتى وهم فنانون كبار تحفل بهم الصحافة وتؤرخ لهم الحركة الفنية؟ يتشاغل برزم أقلام الخطّ وكلايش التصاميم على المنضدة ثم يقول بعد تأمل: [[]] بالنسبة لي بقيت علاقتي معهم كزملاء دراسة وفن، لنا بدايات مشتركة وذكريات طريفة، والجميع يكنون لي عميق الاحترام لأنني كنت أقدم لهم المساعدة التي أتمكن عليها.. وعندما يعودون من الخارج يزورونني في المكتب ونستعرض ذكريات أيام زمان ونضحك.. أحدهم أحضر معه مرة زوجته الأجنبية وراح يحدثها عنا قبل أن يسافر وعن مساعدتي له.. لقد ذهب كل منا في سبيله.. ولكل إتجاهه في الحياة والفن..! * هل أقمت أو شاركت في معارض فنية داخل أو خارج البلاد؟ [[]] لم أشترك في معارض خارجية، عدا معرض واحد في الكويت (1965)، وفي معارض معهد الفنون الجميلة، ومركز صدام للفنون. واشتركت في تصاميم طوابع الجمهورية منذ سنة 1973 وحزت الجائزة الاولى، وكذلك الجائزة الاولى لتصميم شعار غرفة تجارة بغداد وشعار مصلحة نقل الركاب الحالي - وكنت في هذا التصميم موظفاً في وزارة البلديات-. وكتبت خطوط جامع أم الطبول - وأنا موظف مع مصمِّمه المصري " المهندس عبد السلام أحمد نظيف" وهو مصمم جامع صلاح الدين في القاهرة- وجاء به (عبد السلام عارف) من مصر للعمل والتصميم والاشراف. * هل إسمك مثبت على التصاميم والطوابع التي أنجزتها خلال حياتك الفنية والمتوزعة في إطار المؤسسات المتعددة أو هناك أيما إشارة لذلك؟ [[]] ( يضحك..) أهم شئ الستر والعافية.. * ما هي الصحف التي عملت فيها؟ [[]] كان عملي في الصحف العراقية: البلاد، الزمان، الأخبار، الشعب، الحصون.. تصميم ورسم وخط العناوين. وكنت أكتب المانشيتات على " البلاستك" بدلاً من الزنك. * وماذا عن عملك في مجال فـنّ الإعلان الذي كان شائعـاً يومذاك وعاد هذه الايام (التسعينيات)؟ [[]] أما مكاتب الإعلان.. فكان عملهم كلهم معي تقريباً.. لأنه لا يجيد الرسم والتصميم غيري عدا رسام الكاريكاتير غازي عبدالله.. وكان صديقي يجيد الرسم الكاريكاتوري فقط. وكان المكتب الاعلاني المشهور هو ( ثنيان والجنابي) ليحيى ثنيان ويحيى الجنابي. ثم ترك يحيى الجنابي العمل ليكون ضابطاً في دولة الكويت. فانضم الى يحيى ثنيان (رمزي) وكان زميلي في المتوسطة وإسمه الأصلي (ناظم) ووالده موظف معي اسمه محمد رمزي. واختار ناظم إسم (ثنيان ورمزي) وهو كردي الأصل. ثم مكتب يحيى النجار وكان نشيطاً في العمل.. وكنت أصول في الخط والرسم والتصميم وجميع المكاتب تعمل معي عدا ( ثنيان ورمزي) لأن رمزي نفسه خطاط ورسام ومصمم جيد وممتاز. ثم مكتب صغير إسمه مكتب منى ثم دار التعاون.. أصبح دار التعارف لجعفر الخليلي. وأنا أول من فكّر في الإعلان السنمائي، وصمّمت سلايد مع الصحفي (عبد الرضا النجم) وهو الآن موظف في السماوة (المثنى). ونجحت في الإعلان الناطق السنمائي وسجلته على شريط (سيم) كان في ذلك الوقت. * وما رأيك بالإعلان هذه الأيام؟ [[]] أما الإعلان في هذه الأيام فهو محاطّ بأدوات وفنون كثيرة، ومن الذين يمارسونه بدون ذوق ولا دراسة لأجل (الفلوس)/ الربح الفاحش. ولا يجيدون العمل رغم توفر الامكانات المادية والأدوات. ولا يعرفون من اسلوب الاعلان سوى بنات يرقصن (كاوليه).. هذا ليس إعلان.. ولكن بهذلة وضحك على العملاء المساكين. وقد زرت مرة، (مكتب إعلان الشروق) وناقشتهم فاذا هم " عربنجيه" حتى من لغة الإعلان.. وحتى النحو وقواعد اللغة. * هل لك أن تحدثنا عن إهتماماتك الأدبية؟ [[]] أما إهتماماتي الأدبية، فهي تسلية وترويح للنفس، بما أحمله من الآلام والمتاعب والفرح والسرور. تأثرت في الكتابة أولاً: بذنون أيوب(رسل الثقافة) ثم المنفلوطي ومصطفى الرافعي وجبران خليل جبران.. وفي عام 1946 كنت أكتب شعراً ونثراً في جريدة الحصون لهاشم نوري، في زاوية " من أدب العشاق" متأثراً بالكاتب المنفلوطي بعد قراءتي لكتبه - ماجدولين- العبرات- النظرات، وكذلك كتب جبران وغيرهم. فتعشقت الخط والرسم والأدب وكتابة الشعر. ومنذ سنة 1946وأنا أكتب خواطر وشعر في جريدة الحصون (هاشم نوري) ومجلة المعرفة، ومجلة الإخاء التركمانية " قارداشلق" - رئيس تحريرها يومذاك حبيب الهرمزي - ، ثم في جريدة الشعب.. وجريدة العدل (السيد ابراهيم الفاضلي) ومجلة المعلم الجديد، وفي جرائد البلاد والزمان والأخبار وأنا خطاطها اضافة الى جرائد أخرى كثيرة.. * عملت مع السياب فترة طويلة وكانت لك علاقة مميزة معه.. [[]] أما علاقتي بالسياب.. فقد كان دائماً موجوداً في مكتبي.. وزميلي في جريدة الشعب لصاحبها يحيى قاسم منذ سنة 1956 حتى ثورة 14 تموز 1958 وبقينا نعمل سوية في الجريدة ومجلة الاسبوع.. التي تصدرها جريدة الشعب إسبوعياً.. وفي يوم 17/7/1958 أنقذته من قتل محقق.. هو وصديقي الوفي زهير أحمد القيسي.. ولديّ صور بهذا اللقاء صورت من قبل المصور حازم باك. * َمنْ غير السياب .. ِمن الأدباء الذين ربطتك بهم علاقة مميزة؟ [[]] من أصدقائي المقربين.. حسين مردان وبلند الحيدري، وعبد القادر رشيد الناصري والدكتور باقر سماكة (وقد صمّمت وكتبت ديوانه - هل تذكرين- كاملاً).. ومن أصدقائي كذلك.. عبد الرحمن مجيد الربيعي، وحازم مراد، وعبد الستار ناصر - لأن والده ناصر جدوع كان فراشاً في دائرتنا (مديرية البلديات العامة)، وكذلك صديقي شاكر علي التكريتي، وعلي الشوبكي، وسالم الآلوسي - صديق دائم عندي-.. وكان يحضر دائماً الى مكتبي الدكتور مصطفى جواد، وحافظ جميل.. وقد كتبت عناوين ديوان (نبضات) أضافة الى أدباء شذت ذاكرتي عنهم.. يرحمهم الله جميعاً أحياء وأمواتاً.. * ولكن أصدقاءك من الفنانين هم أكثر بالتأكيد؟ [[]] أما الفنانون.. فمنذ 1947 الى غاية 1953 يوم وفاته شيخ الفنانين عبد القادر رسام. ومن أصدقائي كذلك الفنانون رضا علي، يحيى حمدي (يحيى عبد القادر)، ومحمد محسن ويوسف محمد، محمود عبد الحميد، خزعل مهدي، هلال عاصم، فاروق هلال، ناجي الراوي وفخري الزبيدي وحقي الشبلي، ومحمد القيسي، وربيع عبد القادر، وحامد الأطرقجي، وسمير القاضي.. وكان معي في الغربية المتوسطة.. وفي معهد الفنون الجميلة.. ومن الفنانين المقربين لي: كان ناظم الغزالي في مكتبي دائماً، ويحيى حمدي ورضا علي وخليل محتار الملحن ومحمد عبد حسن.. ومحمد كريم ومحمود عبد الحميد وعباس جميل. ومن الممثلين: طه سالم، خليل شوقي، سامي عبد الحميد، بدري حسون فريد، قاسم محمد، عبد الوهاب الدايني، خليل الرفاعي - زميل في المتوسطة معي-، وكامل القيسي، ناجي الراوي، فخري الزبيدي، محمد القيسي - زميل معي في الغربية المتوسطة.. * هل فكّرت في الكتابة عن أصدقائك من الأدباء والفنانين والأساتذة، أو تسجيل سيرتك وذكرياتك الغنية والمهمة في إطار تأرخة الحركة الثقافية في العراق؟ [[]] إلى الان.. لم أكتب مذكراتي.. لأن ما حلّ بي من مصائب تبعدني أن أفكر في المذكرات!.. ولديَّ ديوان شعر: من وحي الحرمان.. * الأستاذ كريم الخطاط.. بعد ستة عقود من النشاط والابداع.. ماذا تقول..؟ [[]] عملت كثيراً..أعمالي وخطوطي وتصاميمي في كل مكان.. ولكن لم أتلقَ تكريماً سوى قطعة حديد مع قطعة قماش تهدى " للرواد فقط".. وهي الآن عندي مهملة!! * بطاقة شخصية: الإسم: عبد الكريم حسين ابراهيم أحمد خضر شفيق عارف محيي الدين العزاوي الولادة: بغداد- محلة قمر الدين (ملاصقة لمحلة الفضل)- 15/9/1929. الدرجة الأكادمية: دبلوم معهد الفنون الجميلة/ فنون تشكيلية " رسم " 1951/1952 (مسائي) خمس سنوات. بكالوريوس كلية الآداب والعلوم/ قسم الاجتماع عام 1951/1952(صباحي). وهذا إسمها السابق والآن إسمها كلية الآداب فقط. حالياً: موظف متقاعد (وزارة التخطيط) عام 1982. منذ سنة 1946 يكتب الشعر والخاطرة في الصحف والمجلات العراقية. مارس فن الخط والرسم والتصميم والإعلان عن حب ودراسة منذ الأربعينات في عديد الصحف العراقية. وكان له مكتبه الشهير أكثر من نصق قرن في ساحة الرصافي في بغداد. * نماذج من شعره وأدبه: لماذا لــماذا تبرح الأفــراح عنا ولا تستأثرنْ بقلوب جيلِ فــإني لــست أعلم كنه هذا كـليلٍ مظلمٍ مرخِ السدول ولكن الطبـيعة مهـما قالت نطعـها دون عـلم أو دلـيلِ ولا أدري لماذا الشوك يحيى وأزهارٌ تموت مدى الفصولِ * لا تقولي.. لا تقــولي تذكّر الأمس سلوى فالتناسي يا حلوة العين سلوى لم تدعْ لي السنون بقيا شباب وأرتني من غدرها كل بلـوى وانــبرت تزرع الشــقاء بقـلبٍ ذنـبــه أنــه يـحــبّ ويـهــوى نشرت في جريدة الزمان 1951 * سهاد ( وعصرت الوحدة روحي.. ونهش الحرمان قلبي.. ولكن.. صورة عيونها بقت في فؤادي.. لا يمحوها زمان ولا حرمان) إعــطـني كـأسـي ودعـني ليس لي غــير المـدام إن حـمـلت الحب في قلبي فــقــلـبــي لا يـــــلام أيــن مــنهــا ذكــريــاتــي أين هــاتيك الوعـود؟ أيــن ذاك الـشــوق دفــقــاً طيباً يرعـى العهـود؟ إنــهـــا الآمـــال تـبــقــــى في الهوى رمزالخلود فامنحيها يا سهاد إن ذكــرت الـنــــاي يشدو بــاعــثـاً فـيـنـا الحياه إن ذكــرت قــبـــلـة ذابـت عـــلـى حـمـر الشفـاه فــانـحنــيــنـــا نـعـبـــد الأشـــواق فـــي أحـــلــى صـلاه إرجعي لي يا سهاد هـــــاك روحـي أنظــريها كـيف أضناها الحنين وربــيـــع العـمـــر يـذوي حـائــراً عــبرالسنـين وأنـــــا الــفـــنـــان أبــقـى فــي شــقـــاء وأنــين إرحميني يا سهاد مجلة الإخاء التركمانية (قرداشلق)/ 1960 * أغنيتي الى التائهة التي قذفتها أمها الى جحيم العذاب هذه الإنشودة إنشودتي!.. سوف ترسل أنغامها حزينة كئيبة تحوطك أيتها الحبيبة الضالّة هذه الإنشودة إنشودتي!.. سوف تمسّ شفتيك الذابلتين كأنها قبلات من شفتي فعندما تكونين وحيدة شاردة الفكر والخيال.. ستكون أنيسك تهمس في رقة وحنان في أذنيك.. ان إنشودتي ستكون جناحين رقيقين لأحلامك الحائرة.. انها ستحمل فؤادك الصغير الى دنيا أحلامك الضائعة.. سوف تكون لك كبدر ساطع عندما تضلّين طريقك في ظلمة الليل.. وعندما يخفت صوتي ويتلاشى الى الأبد.. لن تموت أغنيتي معي يا حبيبتي لأنها ستبقى في قلبك الحزين!.. بغداد- جريدة الشعب/ 1954 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ • تم اجراء هذا الحوار بين 1998-1999 لصالح مجلة ضفاف التي كنت أصدرها في النمسا وقد نشر في العدد الثامن من المجلة أثناء حياة الاستاذ كريم الخطاط، ولمزيد من الاطلاع، واحتفاء برمز نقي من رموز الثقافة العراقية ولندرة الحوار والمادة عن الاستاذ الخطاط ، أعيد نشره هنا ضمن جملة حوارات سبق أجريتها مستميحا القارئ وممتنا من إدارة مجلة الحوار المتمدن.
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- أريد الطحين لأخبز معه أحزاننا-
-
مقدمة عامة في تجربة مظفر النواب الشعرية
-
حسن الخرساني و سقوط مردوخ
-
مفيد عزيز البلداوي وقصيدة الحلزون
-
سعد جاسم وقصيدة الحداد لا يليق بكريم جثير
-
دراسة في مجموعة ” نون ” لأديب كمال الدين
-
حمّالة الحطب.. عن المرأة والغزو!..
-
(عَنترَهْ..)
-
(فراغ..)
-
(إلى صلاح نيازي..!)
-
جدلية الزمان والمكان في رسالتين إلى حسن مطلك - قراءة تحليلية
-
(شيخوخة..)
-
الدكتور يوسف عزالدين في حوار شامل
-
(حزن..)
-
الانسان.. ذلك الكائن الأثيري
-
(مساء..)
-
عن المكان الوجودي..
-
المرأة والمكان.
-
(شوسع الدنيه وما لمّتني..)
-
مظفر النواب.. من الرومانتيكية الثورية إلى الاحباط القومي
المزيد.....
-
-لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر
...
-
نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
-
لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا
...
-
أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض
...
-
عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا
...
-
إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
-
حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
-
من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
-
بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
-
اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|