أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - منفضة سجائر














المزيد.....

منفضة سجائر


البتول المحجوب

الحوار المتمدن-العدد: 2656 - 2009 / 5 / 24 - 02:42
المحور: الادب والفن
    


غرفة دافئة تفوح منها رائحة سيجاره الكوبي،ورائحة عطره الأخاذ.الغرفة ذاتها..منفضة السجائر ذاتها،وكتاب مفتوح على صفحة ما..صحف مرمية هنا وهناك.
أمرر يدي على أثارك.أمسك الكتاب أقربه من أنفي..
أأشم رائحة مرور الزمن على الورق أم أبحث عن رائحة مرورك من هنا…؟
علبة السجائر تنقصها سجائر دخنتها بالأمس الجميل..رائحة عطرك الأخاذ تفوح من المكان..أشياء تأسرني دوما بحضورك وغيابك..
أجلس على الأريكة التي جلست عليها بالأمس غير بعيد عني..أطرق في صمت.أسرح بعيدافي ذكرى ذاك المساء البارد جدا.
برودة بددها دفء حضورك،دفء كفيك،عمق عينيك..عينان طالما حلمت أن أنام وأصحو على دفئهما..أبعد نظراتي خوف الاكتشاف وخوف البوح.
الليلة الباردة ذاتها،الغرفة الباردة الجدران أيضا ضمتنا مع رفاق الأمس واليوم قرب المدفأة.
ليلتها أمعنت النظر طويلا في عينيك،يدهشني حديثك أيها الرجل الغامض جدا بل يأسرني..رغم عذابات الأيام المعتمة،رغم الغياهب المظلمة ورغم جبابرة الليل وزوار الفجر لم تنكسر ولم تنهزم،بقيت واقفا كالأشجار..وتركت السنابل وحدها تنحني..قساوة الايام المعتمة،كنت أيوب زمانها.
في خضم دهشتي انصت بحب وشغف لحكاياتك،حتى ساعات الفجر الجميل،حكيك بلسم لجرح نازف…وحضن دافئ لمن لاحضن له.
حكيت ليلتها عن تجارب،وتجارب..وابتعدت لتغرق في صمت الليل الحزين بعيدا عن تجربتك رغم إلحاحي بالسؤال.دوما تبقى الأسئلة معلقة بيننا.
ألح في الطلب،وأحيانا يكون الرجاء علك تستجيب.
-أرجوك أكتب..اكتب من أجلنا نحن،من أجلك أنت وأنا
من اجل من لفظ أنفاسه الطاهرة على إسفلت بارد، بعيدا عن الأحبة،من اجل ضحايا ابتلعتهم حلكة الغياب..من اجل كلمة حرة دفعت ربيع العمر الجميل ثمنا لها..
أمام حرقة السؤال وحرقة الدمع،لاتملك غير الصمت..تمسك بيدي المرتعشة الانامل بين دفء كفيك..تربت على رأسي كطفلة صغيرة..أسند رأسي -المثقل بهم الغياب وبعشق يختفي بين السطور- على كتفك وأشعر بالأمان المفتقد من زمان بعيد وأهدأ قليلا.
ابتسامة شاردة تطفو على تقاسيم وجهك الحزين.
تأخذ نفسا عميقا من سيجارتك وترد بهدوئك المعهود:
- ………………………
-موجع ردك صديقي،موجع عشقك،وموجع صمتك
تبتسم ساخرا
-لم يحن الوقت بعد..
أصمت دون اقتناع..ويبقى السؤال يضج بالذاكرة.
كلما نظرت في دفء عينيه،أغرق في صمتي عبر طيات الذاكرة بحثا عن عشقنا معا،لوجه مدينة لفحتها شمس الأصيل،لملامح منسية على مشارف المحيط،لرائحة الثرى المبتل،لحيطان بيوتنا الدامعة،لتقاسيم المساء الجميل بين الدروب،ولرائحة الشاي المعتق المنبعث من دفء بيوت، خشبية أبوابها…ولرائحة الأمهات الطيبات الملتحفات سوادا.
يتحدث طويلا دون انقطاع،وأنا العاشقة لحكيه حد الثمالة اغرق في الصمت أمام إيقاع كلماته.كلمات تدهشني،تأسرني ..أمامه طفلة أنا تتعلم حروف الابجدية الأولى..لا قبله ولا بعده تعلمت حرفا.
أشعر أن الزمن الجميل توقف عنده…أرددكلمةالشاعر:
“قف أيها الزمن ما أجملك..!”.
لكن الزمن الجميل ابى التوقف هنا وضاع صدى الصوت الشجي..رحل الزمن الجميل بعيدا وبقيت أجتر حروف وحدتي،وأيام عمري الهاربة..عبر دخان سيجارة أتعبها الاشتعال..فانطفأت وتركتني أتدثر بعباءة كربلائية ذاك المساء.
بعيدا عنك،عن دخان سيجارك،وعن رائحة عطرك الأخاذ،بعيدا عن وجع الانتظار…
طويت صفحة الكتاب..متأثرة بما قرأت عن انتظار غائب لايعود..

البتول المحجوب لمديميغ/طنطان



#البتول_المحجوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رائحة ضفائر أمي
- جزء من حكاية الوجع
- ايام معتمة
- رائحة الوطن
- صمت المدن
- سر الحكاية
- الكوخو
- السبحة
- ذكرى
- حكاية امراة
- اوتار
- برودة المنافي
- الجمعة الحزين
- علبة بريد
- مساء احد منسي
- الحلم الجميل
- الثامن عشر من ايار
- محطة القطار
- الطيور المهاجرة
- المسافات


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - منفضة سجائر