|
«إسلام كيبيك»
محمد حسين الأطرش
الحوار المتمدن-العدد: 2655 - 2009 / 5 / 23 - 10:32
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
خص راشد الغنوشي موقع الجزيرة الألكتروني بمقال طويل بعنوان « المؤسسة الاسلامية الغربية في عصر العولمة» شارحا بإسهاب الواقع الاسلامي الحالي مستعيدا شعار باراك اوباما عن امكانية التغيير. يشير الغنوشي الى أن الخطاب الإسلامي في الغرب مطلوب منه أن يتطور في اتجاه اسلامي جامع متجاوزا الحدود القطرية والاختلافات باحثا عن الاجماع. داعيا الى ضرورة البحث عن وفاقات وعقد تحالفات مع القوى التحررية في البلد في سياق ثقافة اسلامية غربية سويدية فرنسية، المانية على غرار ما انتج الاسلام من ثقافات قومية مثل الثقافة الاسلامية التركية والثقافة الاسلامية الفارسية والعربية والافريقية. ويختم الغنوشي بمطالبة هذا الاسلام الغربي بأن يتطور باتجاه الاجيال الجديدة وأن يتطور باتجاه أبناء البلد الأصليين حاملا خطابا اسلاميا وطنيا باثواب قيمية انسانية جامعة!! وأقام المركز الاسلامي اللبناني الأسبوع الفائت ندوة تحت عنوان «الجالية المسلمة في كيبيك، حاضر ومستقبل» أُريد لها ربما أو هكذا قدمها سامي عون كبداية للبحث عن مسلم كيبيكي. مقال وندوة. الدعوة للبدء بانتاج إسلام غربي ووضع الأمر موضع النقاش بدفعان الى الامل بمستقبل مختلف. ولكن. ولكن، استدراك يحمل في طياته الكثير الكثير من الخوف. ليس تشكيكا ولكن ادراكا للعقبات. إمكانية التغيير شعار ممتاز لكنه تحقق مع اوباما بفضل إرادة جامعة حُرة وديمقراطية، فأين المؤسسة الاسلامية عموما من كل ذلك وهل يمكن الحديث عن مؤسسة إسلامية غربية نتيجة محاضرة أو ندوة هنا أو هناك؟ تعيير جالية مسلمة في كيبيك لا يصلح أساسا قاعدة للبناء عليها وهو ما حرص على تأكيده خلال الندوة المذكورة باتريس برودير عندما علق أن في كيبيك جاليات إسلامية وليس جالية واحدة، وكان محقا عندما أشار الى التنوع الذي تعرفه كيبيك لمسلمين من بلدان مختلفة وثقافات مختلفة ولعل الغنوشي كان يدرك بأن كل شعب أنتج ثقافته الاسلامية الخاصة. وعليه لا يمكن القول بأن مسلمي كيبيك قد اندمجوا في ثقافة اسلامية واحدة ليتم تأطيرهم تحت مؤسسة اسلامية كيبيكية. للوصول الى مؤسسة إسلامية كيبيكية بحسب الغنوشي مطلوب أن تتطور باتجاه الاجيال الجديدة ولكن على قاعدة أساسية لخصتها لويز غارون، خلال تلك الندوة، بمدى امكانية المسلمين الخضوع لقواعد عامة تَوافق المجتمع الكيبيكي على احترامها وهي القواعد المتمثلة بالمساواة أمام الحقوق والواجبات وحرية ممارستها. وهو ما طالب به الغنوشي في مقاله لكنه لم يوضح كيفية القدرة على التسليم بالقيم الانسانية الجامعة وحقوق الانسان ومكانة الآداب الفنون ومكانة المرأة. إن الوصول إلى إمكانية التغيير يستتبع حكما امتلاك الوسائل التي يتم التغيير من خلالها مع التسليم، كما فعل الغنوشي، بأن الثقافة الاسلامية ثقافات. فالثقافة الاسلامية التركية هي غير الثقافة الاسلامية الفارسية وتبعا لذلك يناقض الغنوشي نفسه عندما يطالب بتطور إسلامي متجاوز لحدود القطرية. إن التمايز الثقافي بين تلك البلدان رغم وحدة الدين يؤكد بشكل رئيسي بأن الهوية الدينية ترتسم ملامحها بحسب ثقافة كل شعب وعاداته وتقاليده وعليه يصبح ما طالبت به ليندا كلارك بالبدء من أجل خلق « اسلام كيبيكي» يلبي تلك النتيجة. طرح يستحق التفكير به لكنه بالتأكيد يبقى بعيد المنال. وذلك لإعتبارات عديدة اهمها ربما ما استخلصه سامي عون في تلك المحاضرة والذي اعتبره المشترك بين الاديان القائمة على الفرق بين القيم الدينية المطلقة والقيم الليبرالية في المجتمع الكيبيكي حيث الولاء للقانون وسيادة فكرة المواطنة. إن الوصول الى ردم تلك الهوة بين ما يمارسه المسلمون اليوم نتيجة تراكمات امتدت لأربعة عشر قرنا وبين مجتمعهم الجديد إنما يقوم على إعادة قراءة كل ما انتجته هذه القرون من قراءات متعددة ومتنوعة أضفت على نفسها في الكثير من الأحيان أو أضفى عليها المسلمون عبر السنوات الطويلة صفة المقدس. بصرف النظر عن التنوع الثقافي للمسلمين في كيبيك، بحيث تشكل كل مجموعة ثقافتها الخاصة والتي يفضل ان تنتمي اليها لأن الاسلام عنصر من عناصر متعددة في تلك الثقافة وليست الثقافة بأكملها وان طبعتها بما لأهمية الدين لديها، فإن الحديث عن إسلام غربي سواء كان كيبيكيا أو فرنسيا أو بريطانيا يصبح عبثا اذا لم تتوافر النية لإعادة قراءة كل الموروث وغير المقدس قراءة جديدة يستحقها عصرنا. من غير المفهوم كيف نرضخ في الآلفية الثالثة لقراءة شخصية لعلماء عاشوا في الآلفية الاولى رافضين أي محاولة للبحث أو النقد مصنفين تلك القراءات في خانة المقدس الذي لا يجوز المساس به. ما زال أمام جاليات المسلمين في كيبيك مشوار داخلي طويل مليئ بالعمل والعقبات التي ينبغي تجاوزها للحديث عن بداية ممكنة لما يمكن أن يسمى « إسلام كيبيك».
#محمد_حسين_الأطرش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرموز الدينية لا تخيفنا لكنها تفضح عنصريتنا
-
الشريعة والعشيرة
-
الأسماء رموز دينية
-
انفلونزا الخنازير
المزيد.....
-
جنسيات الركاب الـ6 بطائرة رجال الأعمال الخاصة التي سقطت وانف
...
-
الدفعة الرابعة في -طوفان الأحرار-.. 183 فلسطينيا مقابل 3 إسر
...
-
-كتائب القسام- تفرج عن أسيرين إسرائيليين وتسلمهما للصليب الأ
...
-
بعد 50 يومًا من التعذيب.. فلسطيني يعود بعكازين إلى بيته المد
...
-
توأم الباندا في حديقة حيوان برلين: التفاعل بين الأم وصغيريهْ
...
-
دراسة تكشف حقيقة الفرق في الثرثرة بين الرجال والنساء
-
هل صورك الخاصة في أمان؟.. ثغرة في -واتس آب- تثير قلق المستخد
...
-
تاكر كارلسون يصف أوكرانيا بـ -مصدر الجنون-
-
لا يوم ولا مئة يوم: ليس لدى ترامب خطة سلام لأوكرانيا
-
الصداقة مع موسكو هي المعيار: انتخابات رئيس أبخازيا
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|