أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات إسبر - في الوجه المقابل حديقة نائمة على الألم














المزيد.....

في الوجه المقابل حديقة نائمة على الألم


فرات إسبر

الحوار المتمدن-العدد: 812 - 2004 / 4 / 22 - 08:16
المحور: الادب والفن
    


في الوجه المقابل حديقة نائمة على الألم ، يسكنه قطيع من الآمال المجروحة ، في طرقاته وأنت تمشي إلى بقية التقاطيع ترى خرائب الملح
في الأواني المكسورة ،يلملم بقية العمر ، يلصق الزجاج في واحة العيون فينحدر نهر على باب الجرح، يلقي التحية على ندبه ، ويمضي متعرجاً في بقيه الخطوط.
ثمة نهر للحياة لا أحد يستطيع قطعهُ أو وقف جريانه ، إنه يمضي ويمضي وبشفراته يحذ الخدود ويفتح الحدود ، غير أبهاً بالشكوى ولا بالمراهم ، هادرا في تفاصيل الجسد يبني سدوده القوية.
كانت الهندسة أم العمران ،والفنون بيت الخيال ، والشعر بيت الجمال ولكن لم يكن هناك مهندسا أو شاعرا أو فنانا إلا وجرى النهر إليه وبمائه المتدفق حفر طريقه، في تلك البيوت التي ذكرتها .
دخل يهدم بناء المهندس، ويتسرب في شقوق بيت الفنان ،ويحتُ من جمال بيت الشعر .
في الوجه المطل على الحديقة طائر يحوم بلا جناحين ، يطير ،وريشه يتناثر هنا وهناك ، أنني أرى ريشه أمامي يميل بلونه إلى الرماد .
في السنة الماضية كانت تأتي طيور كثيرة إلى الحديقة ، ولكونها متشابهة لا أستطيع أن أميز بينها ،من الصعب أن أكتشف التشابه بين الطيور المنقار والريش يمنعك من الدخول في تفاصيل الجسد وقراءة الوجوه.
الطائر الآن يتمرغ في الأرض ،لكني أرى في منقاره قشة ،كان قد جمع منها الكثير السنه الماضية ، يبدو وهو في طريقه إلى البيت ليكمل عمرانه لم يصل ، سقط في حديقتي ،ربما كان يعرف هذه الحديقة . كنت كل يوم في الصيف والشتاء في الربيع والخريف أطعمها، وكانت تحوم في الحديقة التي يطل عليها الوجه الذي يسكنني ، ولكنها كانت دائما تخاف ، كانت تبدو في حالة اضطراب وعندما تسمع أي حركة من الهواء يلامس أوراق الحديقة كانت تطير .
أفكر أحيانا، بل في أوقات كثيرة ، بل صدقوني في كل الأوقات أفكر من أين تأتي هذه الطيور جميعها ، هي تشبهنا في التنقل والترحال ولكن هل لها بيت غادرته مثلي ، هل لها وطنا ليس لها أ رضاً في مساحته الجغرافيّة المترامية الأطراف ، أم هي الجغرافية لا تعنيها وتضرب عرض الحائط بالأوطان .
مازلت ارقب الطائر مازال بحركة دوران تشبه السكران من الألم ، هو سكر ليس بناتج عن شرب الكحول ، الطائر مثلي لا يشرب غير الماء شئ ما يجمعنا أنا وهو ، هو لا يدري من أنا ، وأنا لا أدري من هو ولكن كلانا نتشابهُ في الألم ،هو ريشه يتناثر، وأنا الملوحة والجفاف .
أنا اسكن البيت الغريب ، البيت الذي يشرف على الحديقة ومن الحديقة يطل وجهي ومنه البحيرات تجري إلى مستقر لي .
في هذه اللحظة ، شئ ما حدث، صمت مطبق، الأزهار لم يعد عطرها يرشح ، ومئات الطيور التي لا اعرفها وقفت على السور المقابل ، في وداع الطائر الذي تناثر ريشه .
وبدمعة سقطت من عيني ومشت في دروب الملح محفورة في وجهي سقطت على جسد الطائر ،لم يتحرك ، لم يشعر بالبرودة ولا بالملوحة وبيد مرتعشة حملته ، وحفرت له حفرة في الحديقة التي يطل عليها وجهي وبقبلة مني ودعته إلى الأبد .
أنا الوحيدة التي اعلم أين مات وكيف؟ ، هي غربة تكشر عن أسنانها وتقتل الطيور .
هي مثلي ليس لها بيت ولا وطن ، هي أيضا الجغرافية لا تحبني سرقت مني الحدود .
تعب الوجه الذي يسكنني وهو يسأل إلى أين نتجه ؟
إلى أي أرض نسير؟
إلى أي بيت ؟؟؟
قلت له :قمْ تعال معي ، لنمشي ونتجه إلى تلك الحديقة التي تطل على الشباك، والتي يطل منها وجهي، هنا، هنا حيث الطائر الذي لا أعرفه مات.



#فرات_إسبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيء ما يشبه البكاء
- طائر الحواس
- رسائل لم يستلمها…. أحد
- الشعر كائن حيًُ ليس له أرض - غربة أخرى- للشاعر محمد جابر الن ...
- المرأة التي تسكنّني في عباءة من غيم أزرق
- العابر
- تشكيل
- رجل…… وامرأة
- امرأة الجهات الأربع
- شرقيات
- الرقص على أنغام عربية
- امرأة متصوفة
- حقائب سفر ..للرياح
- عندما تتعرى الأرض تبكي الحجارةُ بعضُ دمعي
- نساء
- كل الأضواء مطفأةٌ… إلا ضوء قلبي إليك
- البيت الذي اسمه ….. الخوف
- لأجل الغياب ..الذي أنا فيه


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات إسبر - في الوجه المقابل حديقة نائمة على الألم