|
هل تنفذ امريكا في العراق ما طبقته في اليابان
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2655 - 2009 / 5 / 23 - 10:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لو اعدنا الى اذهاننا ما فعلته امريكا عام1945 في اليابان ، اننا يمكن ان نتذكره كسابقة و نستخلص منه من عدة نواحي هامة و ما فعلته بعد ذلك في العديد من مناطق العالم ، و هل ما فعلت من الصدف حقا ام انها استراتيجيات مخطوطة و مبرمجة مسبقا و تعاد صياغتها استنادا على المستجدات و ما موجود على الارض و ما تلاقيه من العوائق و ما لم تخطط له من قبل و من اجل تطبيقها، و ان كانت مختلفة في مناطق اخرى و باساليب و اليات مختلفة متوافقة مع الواقع و العصر و المتغيرات . فالمعلن في حينه انه لن يكون احتلالا امريكيا منفردا في الحالتين و سرعان ما بان غير ذلك و اصبحت اليابان تحت النفوذ الامريكي و لم تخرج من نطاق و اطار المحددات و المخططات و الحدود لها لحد اليوم تقريبا . و من جانب اخر نجحت امريكا في تحقيق اهدافها الايديولوجية و الفكرية العامة بحيث بداتها بجهد كبير و غير اعتيادي لمنع تاثير الاشتراكيين و شتت قدراتهم و اخرجتهم من اطار تاثيراتهم على ارض الواقع و لم تسمح لهم في بناء كيانهم و تحايلت عليهم و لم تتح لهم الفرصة لبناء قواعدهم السياسية و التنظيمية ,و لم ينهضوا من كبوتهم لحد اليوم . و فرضت النظام الراسمالي عليهم سوى كان بارادتهم و رضاهم او من غير ذلك ، ومن خلال فرض عمل الشركات الكبرى و استغلال االوضع الاقتصادي متوازيا مع تشدد قبضتها على النقابات ، و لم تتمكن من جانبها النقابات من حماية حقوق العمال كما هي المطلوب منها ، و منعت من ذلك باشكال متعددة مباشرة كانت او غير مباشرة و من خلال استغلال المصالح الفردية و تشجيع الطموحات الشخصية و الخصخصة و اماتة روح التعاون الجماعي و ربطهم بالمعتقدات و الروحانيات و العادات و التقاليد الاجاتماعية اكثر من ضروريات الحياة من العدالة و المساواة ، و في نفس الوقت تعاملت امريكا مع الشعب الياباني باستعلاء، حيث اعلنت انها تعلمهم الحياة المدنية و احترام المفاهيم التقدمية العامة الاساسية كاحترام الدولة و السلطة و بناء المؤسسات دون ذكر اي شيء عن الديموقراطية هناك و لفترة طويلة و على عكس ما فعلته و ادعته في العراق ،و قامت باقرار الدستور كخطوات بدائية لاقرار القوانين المرتبطة الهامة بهم و انشات نظام قضائي مستقل كما ادعت و قلصت دور الامبراطور و جعلته رمزيا الى حد كبير ، و طبقت ما يهمها قبل اليابانيين ،و هم مطيعون لها لحد اليوم كما نرى ، اضافة الى اصلاحات في جوانب اخرى من حياة اليابانيين . اما في العراق و منذ سقوط الدكتاتور فان بانت ملامح تطبيق الانماط السياسية التي يجب ان تتوافق مع اهداف و مصالح امريكا و التي تفرضها و ان بذلت جهودا خارقا و كل ما في وسعها ، و تريد تطبيقه عاجلا ام اجلا مع فارق بسيط مع ما قامت به في اليابان و هو ادعاء تطبيق الديموقراطية و توفير الارضية المناسبة لها منذ الوهلة الاولى لمجيئهم و جعل العراق نموذجا للمنطقة ليحتذى به ، و لكن حصل التراجع في الفكر و الاجندة و التنفيذ و طريقة التطبيق، و التغيرات حصلت بشكل سريع و متتالي ، اما ما عملت بها فهي تواصلت في جهودها في منع توسيع قاعدة اليسار و بشكل علمي دقيق و تعامل مع الواقع بافساح المجال لليمين و ان اعلنت محاربة المتشددين و هي تحاول كما تدعي تطبيق النظام الليبرالي الملائم و هو ما تقنع به الجميع على انه ينقذ العراق من شرور اليسار و اليمين المتطرف كما تدعي، و هي تدعي ايضا انها تحاول بكل ما لديها من منع تاثير المنافس المناويء القوي الواقعي لها على الساحة العراقية و هم الاسلاميين بكافة انواعهم و نواياهم، و تحاول ربط الوضع السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي العراقي بجوهر فكرها و ثقافتها و اهدافها الاستراتيجية ، و تحاول التاثير على كافة الكيانات من اجل تشكيلها وفق مطالب الهيئات التابعة لها من منظمة التجارة العالمية و ضمان وصول راس المال الخاص الى كافة انحاء العالم و تحاول اضعاف استثمارات القطاع العام في حالات كثيرة ، و تكون كلها متوافقة مع مصالح راس المال الامريكي و الراسمالية العالمية . و هذه كلها تخص امريكا و مهاماتها في العراق و تتعارض مع نتائج ما طلبته على الاقل نظريا في البداية من الديموقراطية العراقية و الشعارات التي رفعتها كحقوق الانسان و الرفاه الاجتماعي للشعب العراقي و المنطقة . و تحاول لحد اليوم اعادةهيكلة الدولة العراقية كقاعدة تحت سيطرتها للرصد و السيطرة البعيدة المدى على ثروات المنطقة و لتنفيذ استراتيجياتها السياسية الفكرية الثقافية معها . و هنا امثلة كثيرة اخرى لما فعلته امريكا في العالم و ما يمكن مقارنتها مع العراق بعد السقوط ، و كوريا الجنوبية ليست ببعيد و لا توجد اختلافات تذكر فيما فعلتها امريكا هناك مما جرت في اليابان و ما تنويه في العراق . و ان كانت هذه نوايا امريكا و حققت الكثير منها ، فهنا السؤال الاهم ، بعد التعثر و الفشل النسبي في الكثير من الامور و التراجع الملاحظ في الاخرى و التريث من جهة اخرى نتيجة الصعاب و العوائق غير المحسوبة و السدود غير المتوقعة ، فهل تتمكن من تطبيق مرادها و تنجح بشكل مطلق كما فعلت في الاماكن الاخرى ام ستعيد حساباتها و تتوقف و تؤجل لحين اتاحة الفرصة السانحة دون استسلام ، و لحد اليوم نرى انها مستمرة في عملها من كافة الجوانب و ان كانت بشكل اهدا و ابطا ، غير انها مصرة كما تبدو على الركائز العامة لبناء ما تريد و ان تطلب ذلك الوقت لتكملة البناء .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ستكون الانتخابات البرلمانية انعطافة هامة في اقليم كوردستان
-
الديموقراطية و المعارضة في الشرق الاوسط
-
وصول المراة الى البرلمان من دون( الكوتا )!
-
ما بين النظام الرئاسي و البرلماني الملائم للعراق
-
التيارات المحافظة بين الفكر و الواقع
-
المواطن و المشاركة في القرارات السياسية
-
من يُجري التغيير و الاصلاح في اية سلطة سياسية
-
هل توجد صحافة مستقلة في الشرق الاوسط
-
ما بين الانتقاد و العمل على ارض الواقع
-
دور المراة الهام في ترسيخ الديموقراطية
-
الاصلاح بحاجة الى الوعي و العقلانية في العمل
-
هل اصبح التغيير شعار العصر في العالم
-
بقاء مقولة المؤامرة كحجة حاضرة دوما لمنع الاصلاح المطلوب
-
المعارضة بين الهدم و البناء
-
العمال و الكادحون اكبر المتضررين منذ تاسيس دولة العراق
-
هل تنسحب امريكا من العراق كما وعدت ؟
-
كيف يحل الاحترام محل الخوف من السلطة في العراق ؟
-
هل ترسخت الديموقراطية كمبدا اساسي للعملية السياسية في العراق
...
-
االاصلاح ضرورة موضوعية يتطلبها الواقع الراهن في العراق
-
الازمة المالية العالمية صعقت الراسمالية و اوقعتها عن برج غرو
...
المزيد.....
-
بعد تحرره من السجون الإسرائيلية زكريا الزبيدي يوجه رسالة إلى
...
-
أحمد الشرع رئيساً انتقاليا لسوريا...ما التغييرات الجذرية الت
...
-
المغرب: أمواج عاتية تضرب السواحل الأطلسية وتتسبب في خسائر ما
...
-
الشرع يتعهد بتشكيل حكومة انتقالية شاملة تعبر عن تنوع سوريا
-
ترامب: الاتصالات مع قادة روسيا والصين تسير بشكل جيد
-
رئيس بنما: لن نتفاوض مع واشنطن حول ملكية القناة
-
ظاهرة طبيعية مريبة.. نهر يغلي في قلب الأمازون -يسلق ضحاياه أ
...
-
لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول
...
-
الشرع للسوريين: نصبت رئيسا بعد مشاورات قانونية مكثفة
-
مشاهد لاغتيال نائب قائد هيئة أركان -القسام- مروان عيسى
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|