|
سينور ثاباتيرو: هل تعلم ماذا يعني قراركم بسحب القوات الاسبانية من العراق؟!
شاكر النابلسي
الحوار المتمدن-العدد: 811 - 2004 / 4 / 21 - 06:31
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أعلن رئيس وزراء إسبانيا الجديد خوزيه ثاباتيرو أن اسبانيا ستسحب قواتها من العراق في أقرب وقت ممكن. وقال ثاباتيرو إنه أصدر أوامره إلى وزير الدفاع بأن يتخذ كل ما هو ضروري لعودة القوات الاسبانية الموجودة في العراق في أسرع وقت. فما هي قيمة هذه القوات الاسبانية (1300 جندي) عسكرياً، ومعها باقي قوات الحلفاء الآخرين من الاوروبيين. وهي قوات رمزية لا أكثر (4700 جندي من دول بلغاريا وأوكرانيا والدانمارك وإيطاليا وألبانيا والتشيك وغيرها )، كما أنها قوات لتزيين التحالف وتزويقة بألوان الطيف السياسي والعسكري الدولي؟
فماذا يعني هذا القرار في القاموس العربي والقاموس الغربي؟
انه يعني في القاموس العربي ما يلي:
1- أن تنظيم القاعدة قد انتصر في اسبانيا وارغمها من خلال جريمة الحادي عشر من مارس 2004 ؛أي أنه استطاع اسقاط حكومة المحافظين بقيادة أثنار والاتيان بحكومة الاشتراكيين بقيادة ثاباتيرو. وأنه ممكن أن يفعل ذات الفعل في كل دول التحالف المتمثلة في العراق. وهذا نصر كبير للقاعديين في العالم العربي والإٌسلامي – في القاموس العربي - الذين استطاعوا بالارهاب والعنف والدم أن يغيروا حكومات، ويسقطوا حكومات، ويأتوا بحكومات إلى السلطة.
2- إن تنظيم القاعدة والقاعديين أصبحوا بين يوم وليلة وعشية وضحاها وفي غمضة عين من الذين يتحكمون بمصير العالم، ليس بالحق وانما بالباطل. ليس بالسلام وانما بالارهاب. ليس بالحكمة وانما بالجنون. الم نقرأ أن مجلة "تايم" نشرت في عددها الصادر 19/4/2004 لائحة بمائة شخصية من قطاعات مختلفة تعتبرها تؤثر في مصير العالم. وتتضمن اللائحة هذه السنة اسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوي اللذان يقفان في اللائحة جنباً إلى جنب مع الرئيس بوش والبابا يوحنا بولس الثاني والرئيس الصيني هو جينتاو ومؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس والجنرال جون أبي زيد قائد القيادة المركزية الأميركية والمرجع الشيعي آية الله علي السيستاني.
2- إن القاعدة والقاعديين أصبحوا أنداداً لاوربا وللزعماء الأوربيين بعد كارثة الحادي عشر من مارس 2004 الاسبانية. وهذا ما دفع ابن لادن في شريطه الأخير إلى الظهور على الناس وإذاعة مبادرته المضحكة على أوروبا باعلان الهدنة لمدة ثلاث شهور، والتفاوض، وانهاء حالة الارهاب المسلطة على الدول والشعوب الأوروبية حيث أصبحت القاعدة، وأصبح ابن لادن يتكلم مع اوروبا الند للند والخصم للخصم والرأس للرأس بعد النجاح الذي حققه في اسبانيا من خلال كارثة الحادي عشر من مارس 2004 . ويخاطبها من أعالى جبال باكستان وأفغانستان، ويطرح عليها المبادرات السياسية الحمقاء، وكأنه أصبح يمثل دولة ذات قوة عظمى، تضع رأسها برأس الاتحاد الأوروبي مجتمعاً.
3- أن تنظيم القاعدة قد أصبح يهدد كل حلفاء أمريكا في العراق بعد كارثة الحادي عشر من مارس 2004 الاسبانية. وهو عندما اعتدى على الاسبان على هذا النحو فرسالته بالدرجة الأولى كانت موجهة إلى الأمريكان قبل الاسبان. ومن هنا فقد أضحت معظم الدول التي لديها جنود في العراق (ماعدا بريطانيا وايطاليا) تفكر في سحب جنودها من العراق (القوات الأوكرانية والبلغارية والبولندية وغيرها).
4- من المنتظر أن تقوم القاعدة بتفجيرات وأعمال ارهابية في الفترة القادمة في ايطاليا وبولندا واستراليا وهي الدول التي لها قوات رمزية في العراق، لكي تقوم بما قامت به اسبانيا بعد كارثة الحادي عشر من مارس 2004 الاسبانية من سحب لهذه القوات.
5- من المنتظر أن تتم تفجيرات وأعمال ارهابية فيما بعد في أوكرانيا وبلغاريا وباقي الدول التي لها قوات في العراق لكي تفعل ما فعلته اسبانيا وتنسحب من العراق. فقد شجعت كارثة الحادي عشر من مارس 2004 الاسبانية تنظيم القاعدة على هذا الأسلوب من الضغط، والنجاح الذي لا يحتاج إلى جيوش جرارة وأموال طائلة واسلحة فتاكة. فكل ما يتكلفه مثل هذا النجاح الارهابي الساحق وعد في الجنة، وصك ديني بالزواج من الحور العين، وضمان مالي لأسر الانتحاريين، وكان الله بالسر عليم.
6- أثبتت القاعدة والقاعديون بأنهم اليد الطولى في أوروبا بفضل انتشار المسلمين والعرب في كل أنحاء أوروبا (حوالي 25 مليون مسلم وعربي) وبين هؤلاء من هو حاقد حقداً مالياً وايديولوجياً وحضارياً وأخلاقياً.. الخ على أوروبا والحضارة الأوروبية، وينتظر اشارة من القاعدة لكي يفجر هذا الحقد بافظع ما يكون.
7- وبذا تكون القاعدة والقاعديون قد ارسلوا رسالة واضحة لدول الاتحاد الأوروبي بأن عليهم أن يمتنعوا عن ارسال اية قوات للعراق لكي لا يصبغوا الوجود الامريكي – البريطاني بالصبغة الدولية وبالأطياف السياسية الدولية، ولكي تبقى الحرب على العراق حرب الحليفين الرئيسيين، وعلى هذين الحليفين أن ينزعا شوك أيديهما بأنفسهما دون تغطية دولية.
أما قرار الحكومة الاسبانية الجديد بسحب قواتها من العراق فيعني في القاموس الغربي ما يلي:
1- أن الحرب على العراق هي حرب أمريكية – بريطانية، ولا تتحمل باقي دول الاتحاد الأوروبي تبعات هذه الحرب رغم هذا التزويق الدولي العسكري والسياسي الذي تحاول كل من أمريكا وبريطانيا أن تصبغه على قوات التحالف، بحيث تصبح قوات التحالف قوتا التحالف وليست قوات التحالف.
2- ان قرار الحكومة الاسبانية الجديد بسحب قواتها من العراق يعني نجاح محور فرنسا – المانيا - روسيا الذي يتزعم في أوروبا حملة ضد الحرب على العراق وضياع ديونه في العراق واعتبار هذه الديون مستحقة على صدام حسين نفسه وليست على العراق كما صرح بعض المسؤولين في مجلس الحكم العراقي.
3- من المعروف أن الدول التي شاركت في قوات التحالف هي التي التي لها النصيب الأكبر من الاستمثارات في العراق . وفي حال سحب هذه القوات فإن هذه الدول سوف تحرم من كثير من الاستثمارات في العراق. وسوف تمنح فرص الاستثمار التي خسرتها على طبق من ذهب للمستثمرين من الدولتين الرئيسيتين (امريكا وبريطانيا).
4- سوف يقوم في الدول الأروبية التي ستسحب قواتها من العراق خلاف حاد بين رجال السياسة ورجال الاقتصاد في تلك البلدان الذين وضعوا استثماراتهم في العراق ولم يجنوا منها ارباحهم المتوقعة وعلى رأس هؤلاء اسبانيا الاشتراكية الآن. فرغم كره الاقتصاديين الاسبان للاشتراكين إلا أن هذه الكراهية سوف تزداد أكثر فأكثر نتيجة لسحب 1300 جندي اسباني وضياع فرص استثمارية كثيرة على الاقتصاد الاسباني تقدر بمليارات الدولارات في ظل النظام الاقتصادي العراقي الجديد الذي قرر منح الاستثمارت الأجنبية ملكية المشاريع مائة بالمائة في كافة المجالات، وخفض التعرفة الجمركية على الصادرات إلى خمسة بالمائة، وتحرير النظام المصرفي، ورفع كافة القيود الاقتصادية التي كبّلت الاقتصاد العراقي طيلة أكثر من أربعين عاماً في ظل الدولة الشمولية، مما جعل قانون الاستثمارت الاجنبية في العراق الآن من أكثر القوانين العربية انفتاحاً وجلباً لهذه الاستثمارات. وهذا سيؤهل العراق ليشهد انفجار استثماري هائل ربما يكون أكثر من طاقته الاستيعابية. مما يعني القضاء المبرم على البطالة العراقية الحالية كما يتوقع جيوفري كمب مدير البرامج الاستراتيجية الإقليمية في مركز نيكسون.
4- الكل يعلم ان الحزب الاشتراكي الاسباني هو من اكثر القوي السياسية الاسبانية تعاطفاً مع المحور الفرنسي - الالماني اعتقادا منه ان توطيد الروابط مع باريس وبرلين وحلفائهما ضمن الاتحاد الاوروبي سيحفظ مصالح اسبانيا علي الصعيدين الاوروبي والدولي. اما اثنار رئيس الوزراء السابق فأكد مراراً ان التقرب الي واشنطن والانضواء في سياسة بوش ومفهومه الشخصي للحرب علي الارهاب سيرتقي باسبانيا الي المكانة التي تستحقها. ومن هنا نرى أن سياسة الحزب الاشتراكي ليست جديدة تجاه العراق، وليست نتيجة مباشرة لكارثة الحادي عشر من مارس 2004، وانما نتيجة لارتباطات سياسية سابقة بين الحزب الاشتراكي وبين الدول التي شقت عصا الطاعة على امريكا في حربها على العراق. والدليل على ذلك ما كشفته مصادر في الحزب الاشتراكي الاسباني من أن رئيس الوزراء ثاباتيرو يفكر في زيادة عدد القوات الاسبانية المشاركة بعمليات حفظ السلام الهش في افغانستان وذلك من اجل الحد من الانتقادات الموجهة لقراره بسحب القوات الاسبانية في العراق. ونقلت صحف اوروبية كبرى عن مصدر رفيع المستوى من الحزب الاشتراكي الاسباني تلميحه الى أن رئيس الوزراء يريد أن يوجه مؤشراً على استمرار التزام اسبانيا بمكافحة الارهاب والاظهار لأميركا بأن اسبانيا ما زالت حليفاً وفياً، وذلك حماية للاستثمارات الاسبانية الهائلة في السوق الأمريكية. فهل سحب القوات الاسبانية من العراق لا يغضب امريكا، وابقائها في افغانستان يرضي امريكا؟
*كاتب اردني.
#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
درس عظيم في الديمقراطية العراقية
-
لماذا نُصرُّ على الديمقراطية لا الشورى، وما الفرق بين الشورى
...
-
هل استبدل العراق بساطير الديكتاتورية بعمائم المؤسسات الدينية
...
-
فتوى القرضاوي لنُصرة فرعون!
-
نِعمَةُ الأُميّة في العالم العربي!
المزيد.....
-
بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
-
بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف
-
-وسط حصار خانق-.. مدير مستشفى -كمال عدوان- يطلق نداء استغاثة
...
-
رسائل روسية.. أوروبا في مرمى صاروخ - أوريشنيك-
-
الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 80 صاورخا على المناطق الشم
...
-
مروحية تنقذ رجلا عالقا على حافة جرف في سان فرانسيسكو
-
أردوغان: أزمة أوكرانيا كشفت أهمية الطاقة
-
تظاهرة مليونية بصنعاء دعما لغزة ولبنان
-
-بينها اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية -..-حزب ال
...
-
بريطانيا.. تحذير من دخول مواجهة مع روسيا
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|