أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مايا جاموس - حين تتحول غرفُنا إلى مسارح..














المزيد.....


حين تتحول غرفُنا إلى مسارح..


مايا جاموس

الحوار المتمدن-العدد: 2651 - 2009 / 5 / 19 - 10:54
المحور: الادب والفن
    


"ميلودراما" : مسرحيّة في غرفة محمد وأحمد ملص
قدم الممثلان محمد وأحمد ملص عرضاً مسرحياً في منزلهما في العدوي، لجمهور وصل عدده إلى (15 متفرج). في غرفتهما التي امتلأت بصور العديد من المسرحيين السوريين والفنانين والكثير من البروشورات المسرحية، قاما بإقحامنا في عالمهما: إنهما ممثلان من الكومبارس، الشاب "نجم" يحلم بأن يؤدي دور هاملت على خشبة المسرح وأن يكون نجماً تلفزيونياً، أما المسنّ "أبو هاملت" فلا يزال يحلم باعتلاء خشبة المسرح ليقوم بتجسيد دور مهم من المسرح العالمي، وبشكل خاص الملك لير. ثم يبدأان بتعريفنا على معاناتهما كمواطنَين في مجتمعنا، ويقدمان لنا صورةً بانورامية سريعة مكثفة عن المشاكل العامة التي يعاني منها المواطن في هذا المجتمع: الفقر والبطالة والتهميش والعزلة والعيش في الأحلام، أثمان الحرية، تصادم الطموح بالواقع، الاضطرار إلى التنازل عن الحلم والرضا بالقليل من أجل المعيشة.... كل ذلك يقدمانه بشكل كوميدي مبالغ فيه، يحمل تناقضاً بين مأساوية الحالة وشكل تقديمها القائم على التنكيت والضحك، ومن هنا جاء اسم العرض "ميلودراما". ثم نتعرّف على أحلام هذين الممثلين، وكذباتهما بشأن التمثيل والحب، لنكتشف أنهما يعملان بتمثيل الإعلانات للمواد الاستهلاكية وتحديداً "العلكة"، أو بمشاهد قصيرة من التمثيل المسرحي أو الدوبلاج، وأن أياً منهما لم تنجح قصصه في الحب، بل انتهت بشكل مهين. ليبدوَا محاصرَين في هذه الحياة دون أفق ودون أمل بصعود خشبة المسرح بدور رئيسي، ولتتحول غرفتهما إلى مسرحهما الخاص الذي يمكّنهما من تقديم ما يحبان من أدوار، لكن ليكونا أسيري هذه الغرفة التي تحولت إلى سجن لهما ولنا نحن الجمهور… وليقوما بنوع من الربط الدلالي الرمزي بين مسرح صغير للفن وآخر كبير هو الحياة وكأنهما يريدان القول إن المسألة ليست محصورةً بأدوار في المسرح، بل بأدوار في الحياة، والبحث عن موقع فيها.

"الخشبة" أو فضاء حركة الممثلين كانت عبارة عن متر مربع بين الجمهور، لكنّ فضاء الغرفة بكل مكوناته من أثاث وأغراض وجمهور، كان فضاءً درامياً للعرض. هذه الحميمية والقرب من الممثلين أقحمنا في المسرحية، لتظهر أقرب ما يكون إلى هذيان أو بوح أمام مجموعة من الناس المقرّبين أو المؤتمَنين أو ربما الشركاء في المعاناة والحلم، ضمن جو من الحرية البعيد - على الأقل شكلاً- عن عين الرقيب وعن الرسميات،.

حمل العرض الأجواء العبثية، فلا الزمن ولا المكان محددان، وهما لا يعرفان في أي يوم أو أي فصل هما، يكرران ما قاما به قبل يوم دون علم بذلك، يتداخل الماضي بالحاضر والمستقبل وتغيب الأحداث، وتصبح التفاصيل دون معنى أو قيمة، كل شيء متشابه، ولا جوهري في الأمر سوى الحالة التي هما فيها. بل حتى يشيران إلى عبثية حالتهما بشكل مباشر: "نحن ننتظر غودو".. وهذا ينسجم مع الوضع الذي آلا إليه ويبدو كأنه أزلي أبدي لا مناص منه ولا جدوى من أي شيء لتغييره.
هاتان الشخصيتان رغم فرق السن بينهما لا يظهر تمايز بينهما، فهما تتشابهان في كل شيء، إلا إذا استثنينا بعض الاهتمامات مثل الاهتمام بالأغاني والشكل، يأتي حوارهما أيضاً متشابهاً وكأنه لشخصية واحدة، وهو أقرب ما يكون إلى الثرثرة الحياتية، لكنها تضمنت في بعض أجزائها حوارات مكثفة عن وصف حالتهما دون التطرق إلى تحليل أسباب الوصول إليها.

لفت النظر في هذا العرض توظيف الإضاءة العادية للغرفة، بين اللونين الأصفر والأبيض أو اللا إضاءة تم الإيحاء بتغيير الوقت أو الحالة الدرامية للممثلين، أيضاً استخدام المؤثرات السمعية وقد انبعثت من جهاز خلوي.
وفي النهاية أحضرَنا الممثلان ملص إلى غرفتهما ليقدما مسرح الحياة ، ليقولا إن المسرح موجود بيننا في بيوتنا وغرفنا الصغيرة، حياتنا هي مسرحية كبيرة. وفي الوقت نفسه ينبهنا العرض ويحرض أحلامنا وأمنياتنا تجاه المسرح في ظل أزمته وصعوبات تأمين خشبات للعرض: كم يوجد لدينا أماكن يمكن أن تكون مسارح، ويأتي إليها الجمهور. البارحة مسرحية "المهاجران" في ملجأ القزازين، واليوم مسرحية "ميلودراما" في غرفة محمد وأحمد ملص، فهل يصبح "المسرح في كل مكان" ظاهرةً معممة؟! نأمل ذلك.
مايا جاموس – مجلة شبابلك



#مايا_جاموس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب والقمع والمرأة في مهرجان المونودراما الخامس في اللاذقي ...
- مسرحية (البدلة) للمخرجة السورية نائلة الأطرش: عندما يتحول ال ...
- مسرحية الدون كيشوت للمخرج السوري مانويل جيجي: الدونكيشوتية ط ...
- -طقوس الإشارات والتحولات- لسعد الله ونوس: للمرة الأولى على ا ...
- علي فرزات والسلطة... وصراع لا ينتهي
- الكاتبة والروائية سمر يزبك: (الكتابة علاج للخوف)
- تظاهرة (أيام سينما الواقع) DOX BOX 09: السينما التسجيلية وثي ...
- -تيامو-.. مسرحية تجمعُ الفنون، وتكسر نمطيّة التلقي
- مسرحية -الشوكة-/ الحلم ملاذ المهمشين
- «وعكة عابرة» لفايز قزق: عن السلطة والبيروقراطية وانهيار المؤ ...
- إكسترا سياحة – هنا اللاذقية
- وسائل وآليات العمل السياسي المعارض في ظل غياب حريات الرأي وا ...
- العولمة ودور الشباب العربي... الغائب: في ندوات مهرجان دمشق ا ...
- هل نهرول وراء التمويل الأجنبي ؟ أم نجلس ونتفرج؟
- علاقة الشباب السوري بالقراءة: أزمة أم مؤشر أزمة ؟
- تجربة مع سجن مدني
- عندما يحضر الأحباء الغائبون عبر تفاصيل الحياة
- في الذكرى السادسة لخروجه من المعتقل فاتح جاموس _الأب : في ال ...


المزيد.....




- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مايا جاموس - حين تتحول غرفُنا إلى مسارح..