حافظ خليل الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2651 - 2009 / 5 / 19 - 09:02
المحور:
الادب والفن
مفارقة
قصة قصيرة
الواحدة بعد منتصف الليل ... أتدثر بأغطية وثيرة لاتقي هـــــذا البرد الغير مألوف , إلــى جانبي فوق منضدة صغيرة قلم ودفتر ملاحظات يلفنا سوية داخــــل الغرفة ظلام دامس ... لـــــــم يعد المجهول يقلقني حيث لم يعد هناك مـــا هو اشد بؤسا مما أنا فيه ... وقد أخذ اليأس مني كــل مأخذ ... لم تعد لي أماني حتى وان كانت أساسية , لقد آلفت الحرمان بل أدمنت عليه .
أحاول النوم لكي اهرب ولـو لبضع سويعات من هذا الواقع المر , فجـأة ومضت برأسي فكرة ... مددت يدي أتلمس القلم والدفتر , محاولا اقتناصها وجعلها نواتـــا لموضوع جديد قبل أن تهرب هي الأخرى وتلحق بمقبرة أمانيَي , دونتها وأنا لا أرى ما أكتب لعــــدم وجود أي مصدر للنور ... أتقــلب محاولا النوم فيطرق جمجمتي طيف يمامه ... تلك الطفلة الحلـــــوة بعينيها الواسعتين وهي تجلس علــــى عتبة بيتها حالمة بادراك أسباب تفوقها على زميلاتها هذا العام وقد بدأ الموسم الدراسي قبل يوم واحد . يمامه تحلـم أن تصبح طبيبة تداوي جدتها التـــــي تعاون عليــها الزمن والمرض وجعلاها طريحة الفراش ... وهـــــــي العزيزة علــى قلبها الطري ... باغتتني فكرة أخرى جديرة بالتدوين فــي ذلك الدفتر الذي يشاركني هو والقلم والغـرفة العوم فــوق بحيرة نفط لا أملك منها ما يبعث الحياة فـــــــي مدفأتي , وعلى طريقة برايل كبلتها وأودعتها دفتري البائس .
أفقت وأنــا لا أدري متى أدركني ســلطان النوم شـأنه شـأن بقية الســلاطين القــواهر ... الشـمس قد رســمت نافذة علــى الجدار المقابل حيث الســاعة معلقة ... لازال هناك متسع من الوقت ... أدرت بصري إلــــــــــى الجهة الأخرى ... لوحة زيتية أهدانيها صديق طفولتي خليل ... رجــل يعدو باتجاه أفق معتم يحمل قلما كبيرا وقـــد كســرت ريشته , وهــــــــــو ينزف مدادا احمرا ... أغير وجهة استلقائي باتجـــاه الدفتر العتيد ... اجتذبته , تمليته , دهشـــت وأنا اكتشف إنـــي كنت أدون العبارات فــــوق بعضها البعض متوهما بانـي كنت أباعد بين الأسطر فـــــــي تلك العتمة المقيتة ... تشكيل عجيب يجمع بين السريالية والتنقيطية ... انــه بورتريت أبدعه الظلام ... وجه انشتاين يدلق لسانه لي !!! .
#حافظ_خليل_الهيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟