جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2650 - 2009 / 5 / 18 - 08:43
المحور:
كتابات ساخرة
طول عُمري وأنا أشعر أنني بحاجة لعشر صحف يومية وعشر مجلات إسبوعية لتفريغ طاقتي الكتابية بهن جميعن , ولأول مرة أشعر أنني لا أجيد لا القراءة ولا الكتابة , أنا اليو ممل جداً , وسيستفيد خصومي من شعوري بالملل والإكتئاب , لأنهم طوال عمرهم يبحثون عن أشياء تجعلني مملاً أو مكروهاً أو مذموماً بين الناس .
ومنذ يومين تقريباً دخلت حياتي سيدة إعلامية فحققت لأعدائي طموحاتهم ,وقلبت حياتي كما ينقلب فصل الصيف على فصل الشتاء وكما ينقلب فصل الشتاء على فصل الصيف ,
ودلعها الحار جداً جعلني أحمل الكونغرس الأمريكي مسؤلية ما جرى لي , بس ما ضبطتش معايه , الكونغرس بريء من حالة الملل التي أعيشها براءة الذئب من دم يوسف.
لأن حالة الملل التي أعيشها منذ يوم الجمعة أعتقدُ إعتقاداً جازماً أنها هي المسؤولة الرئيسة عنها .
وبالرغم من إيماني بهذا الإعتفاد السخيف جداً غير أنني لم أتأكذ بعد من تلك النوبة أو الحالة المهم أن نوبة الملل تلك إنتابتني منذ صبيحة يوم الجمعة الماضي .
وحاولتُ أن أكسر حاجز الملل ولكنني وقفتُ أمام باب الدار وقلتُ في نفسي ليش أكسر حاجز الملل الملل مفيد جداً للصحة يجعلني بعيداً عن حياة الناس, لا أتدخل في أحد ولا أحد يتدخل بي , فدخلت غرفة نومي وخلعتُ ملابسي على الآخر ,ربي كما خلقتني بريئاً من دنس الثقافة , وتلحفتُ غطائي ودملت رأسي كما تدمل النعامة رأسها في التراب , ولكنني لم أتخلص من حالة الملل , فنهضت من جديد ولبست الثقافة وما يتبعها من مخلفات , وعدتُ أجلس لوحدي في غرفة المكتب, فتناولت ديوان شعر أحمد شوقي قرأت فيه قليلاً ثم عادت لي حالة الملل من جديد, فإستبدلت ديوان شوقي بحافظ إبراهيم ولكن النتيجة كانت واحدة , قلبتُ نصف المكتبة والنتيجة أنني ما زلتُ أشعر بالملل.
شعرتُ أنني بحاجة لكتف إمرأة أبكي عليه , فقلت بيني وبين نفسي : صح 100% وجدتها , كانت تايهه ولقيتها , كانت ضائعة ووجدتها , أنا بحاجة لكتف إمرأة تحبني وأحبها كفيس وليلى , وكجميل بثينة , ولكنني صحوت من من فكرتي وكأنني في سكرة وحلم كبير , أين هي المرأة , لا توجد إمرأة عربية تجيد العشق كما تجيد الشكوى من عالم الرجال , فعدتُ من جديد أشعر بالملل.
اليوم كله ملل وأنشدتُ قول الأصمعي:
صوت صفير البلبلِ
هيج قلب الثملِ
الماءُ والزهرُ معاً
مع لحظ زهوي المُقلِ
وغرد القِمِّري
مَللا ً في مللِ.
وأنشدتُ القصيدة كاملة غير أنني لم أتخلص من ساعات الملل.
وكثر التفكير جعلني لأول مرة أشعر أنني عاجز عن الكتابة , دائماً الكتابة تلاحقني وأهرب ُ منها وأبتعدُ عنها ولأول مرة أشعر أنها هي التي تهرب ُ مني .
اليوم جلستُ أمام الكيبورد وأنا لاأستطيع أن أحرك أصابع يدي وكأن شيئاً يمسك بي وبمخيلتي , فدائماً مخيلتي تسبح أمامي وتمشي وكأنها جدولٌ مائي واليوم منذ أن جلستُ على طاولتي خلف الكيبورد لأقوده كما أقود السيارة شعرتُ وكأن الماء الذي يتدفق مني أصبح جامداً أو جليداً , إذاً أنا ألآن أقف على الجليد.
فقررتُ أن أعيش هذا اليوم دون أن أفعل أي شيء , حتى ولا للتنزه , قررتُ أن أجلس في البيت وحدي , فجلست وحدي أشعلت التلفاز أكثر من عشرين مرة وأطفأته , فتحتُ باب الثلاجة أكثر من مائة (مئة) مرة ثم أغلقته , أحسستُ بالجوع أكثر من ثلاث (3) مرات وفي كل مرة أضع الطعام أمامي أشعر بدموعي وكانها تريد أن تملأ طبق الطعام الذي آكل منه .
من المسؤول ؟
حاولت ُ أن أحمل الحكومة الأردنية مسؤولية ما جرى لي وما يجري منذ يومين ولكنني فشلت جداً فأنا في هذه الأيام راضياً عن الحكومة وعن اليسار وعن اليمين , والحكومة راضية مني ,
حاولت أن أحمل جامعة الدول العربية مسؤولية ما جرى لي ولكنني شعرت بالخيبة لأن الجامعة منذ أكثر من نصف قرن لم يتخرج فيها(منها) أي مسؤول سياسي .
فكرتُ في الموضوع كثيراً ما هو السر الكبير خلف شعوري بالملل , فأنا يقولون عني أنني (أُزهق بلد بحالها) فما لي اليوم زهقان من حالي ؟؟؟؟؟.
أنا اليوم إنسان ممل جداً , حتى أنني منذ ثلاث أيام لم أحلق ذقني , زهقان جداً مللت ُ من منظر ماكينة الحلاقة ولولى العيب كنت بدي أستعمل (إبراون ) أو (فلبس) بثلاثة رؤوس , بس برضه مش ضابطه معي , هي ما فيهاش عيب بس عند الناس كلشي عيب.
أنا مليت جداً أنا اليوم في حالة ملل وأريد أن أعيش هذا اليوم لوحدي , فأغلقت سماعة الموبايل ولكنني إستجبت لجميع المكالمات , أوقفت ُ كل المكالمات الواردة ولكنني إتصلت بالجميع , ما هذا الملل , أنا أحجب جميع المكالمات الواردة وبنفس الوقت أتصل بالناس , ما هذه السخرية , فعدتُ وألغيت موضوع حجب المكالمات الواردة .
وقفتُ أمام المرآة أكثر من عشر مرات (10) وغيرت ملابسي وإستبدلتُ بدلتي البنية بالكحلية وخلعت الكحلية ولبست الجنز ثم إستبدلت الجينز بملابس أخرى ثم قررتُ أن أخرج للشارع من غير لباس.
ألآن عرفت سر شوارع العراة , آه لو عندنا شوارع للعراة كان هسع أنا ماشي ولابس من غير لباس كما يقول أحمد صبحي الممثل الكوميدي المصري , بس يا هالترى رايح شارع العراة يطير زهقي ؟
فكرتُ كثيراً لا بد أنها هي تلك السيدة الإعلامية التي دخلت حياتي منذ يومين بشكل مثير للدهشة لا أدري كيف , وقررتُ أن أقطع علاقتي بها ففتحتُ إيميلي وبحثتُ عن إيميلها فوجدته وأردتُ أن أعمل له دليت ولكنني وجدتُ نفسي أرسلُ إليها رسالة حب من آخر نظره .
مملُ جداً هذا اليوم وطويل أطول من سفينة نوح وأطول من سفينة التايتنك وأطول من نهر النيل وأعمق من (خدود مريانا) ومجهول أجهله كما أجهلُ مثلث برمودا .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟