غازي الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 2649 - 2009 / 5 / 17 - 07:09
المحور:
كتابات ساخرة
شهدت الأوضاع المعيشية للمواطنين العراقيين في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات تحسنا ملحوظا بعد زيادة رواتب الموظفين والعسكريين الدائميين وتوزيع السيارات ومنح وقروض البناء للعسكريين وقروض البناء للموظفين مما أحدث نوع من الرفاهية الجيدة قياسا للماضي و غير الالتزام الديني لبعض الشباب باتجاه أكثر سلبية وبدأنا نرصد بعضهم يتعاطى المشروبات الروحية في دور الاستراحة والبارات بل وحتى في البيوت أحيانا ولم يقتصر الأمر على المدن بل امتد حتى إلى القرى والأرياف ولم أكن اذكر أن المصلين يذهبون إلى المساجد إلا يوم الجمعة وبأعداد قليلة أكثرها من كبار السن .
ولكن ما إن فرض مجلس الأمن الدولي بضغط من الولايات المتحدة الاميركية العقوبات الاقتصادية على العراق وعانى الشعب العراقي ما عانى من الجوع الشديد والحرمان والمرض حتى تغير سلوكه باتجاه الالتزام الديني بشكل واسع ولم يبق إلا القليلين ممن لا يصلون في المساجد الأوقات الخمسة أما في يوم الجمعة وخلال شهر رمضان فان المساجد والجوامع تمتلا بحيث لا تستوعب كل المصلين ومن أعمار صغيرة جدا لا تتجاوز أل ( 5 ) سنوات أحيانا.وفي احد الأيام لاحظ مواطن عراقي طاعن في السن لتشغيل محرك (ماطور باللهجة العامية العراقية) دفع المياه فوجده قد سرق وهو الوسيلة الوحيدة لإيصال الماء إلى بيته فاخذ يصفق بيديه ويردد بألم وغضب"لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"ويدور البيوت المجاورة متسائلا إن كان احد من القريبين من موقع المحرك قد لاحظ أو شاهد أحدا يأخذه أو يقترب منه .
وكان الوقت قريبا من صلاة الظهر فذهب إلى المسجد حيث يجتمع اكبر عدد من أبناء المنطقة ليستفسر منهم فشاهد أن أحذية المصلين تغطي مساحة واسعة من باحة المسجد فدخل إلى المسجد قبل آذان الإقامة مقهورا سيما وان حالته المادية لا تمكنه من شراء محرك آخر وقال قولته المأثورة التي ذهبت مثلا في منطقته-"إذا كانت كل هذه الاحذيه للمصلين فمن سرق ماطوري إذن...........؟"-
لقد عادت بي الذاكرة إلى هذه الحكاية وأنا أتابع تصريحات الكثير من المسئولين العراقيين على مختلف الأصعدة وقد ملأت النشرات الإخبارية للإذاعات والتلفزيونات الفضائية وصفحات الصحف ووكالات الأنباء حول عزمهم إعلان الحرب على الفساد المالي والإداري المستشري في العراق ، والذي زكمت رائحته الأنوف وتكلم عنه القاصي قبل الداني ، متسائلا...إذا كان كل المسئولين في جميع السلطات والهيئات الحكومية يهددون ويتوعدون الفساد والمفسدين والفاسدين ويعدون المواطنين بمحاربتهم بلا هوادة لحين اجتثاثهم من البلاد نهائيا ، فمن يا ترى قام بذلك إذن ومن سيحاربهم.........أفتونا مأجورين؟
#غازي_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟