أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - القرد في عين أمه














المزيد.....

القرد في عين أمه


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 2649 - 2009 / 5 / 17 - 05:56
المحور: الادب والفن
    



كانت مصادفة جميلة توافق عرض مسرحية "القرد الكثيف الشعر" مع عيد العمال في مصر، حتى أن أحد الخبثاء همس في أذني ، بعد انتهاء العرض( مش غريبة أن تكون هدية الثقافة الجماهيرية في عيد العمال ..قردا !!)
غير أن هذه الفكرة على غرابتها قد راودت قلمي ؛ فتولد عنها التفكير في المثل الذي سقط من على طرف لسان مخرج هاو مستمسك بلقب المخرج ، فعاتبني لأني لم ألبّ دعوته لمشاهدة عرض من عروضه ..إيّاها !! في حين ضبطني متلبسا بمشاهدة عرض القرد ثلاث مرات أو أكثر، عندما بررت له تعدد مشاهداتي للقرد بأنه عرض فكر وفرجه بحق ، فقال لي:" القرد في عين أمه.. " وأنا لا أعرف من هي أم القرد ، في نظره ؟! هل هي التعبيرية ، أم أنها الواقعية ؟! أم أن لقرد جمال ياقوت أما واقعية ، ولقرد يوجين أونيل أما تعبيرية ؟! تداعت أمامي الجملتان ، عندما سمعت مخرجا آخر – تخرج في قسم المسرح – يصنف القرد تصنيفا مذهبيا فيضع نصف العرض الأول في الواقعية ويضع النصف الثاني من العرض في التعبيرية؛ كما لو كان العرض من فصلين !! والحقيقة أن العرض الذي شاهدناه على مسرح الأنفوشى لفرقة قصر التذوق كان عرضا ممتدا بلا فصول ، أما مسألة تصنيف أحد المخرجين الشبان لأسلوبه على النحو السابق فهي تدعو للابتسام ، لأنه من باب خفة الدم، فيبدو أنه نظر إلى النصف السفلي من الصورة المسرحية بعينه اليسرى فرأها واقعية باعتبار ما يتعلق بالطبقة العمالية في هياج فرد منها أو هياجها من اختصاص اليسار ، و نظر إلى النصف العلوي منها بعينه اليمنى فرأها تعبيرية باعتبار ما يطلق على طبقة كبار الملاك لأهل اليمين. وقد ذكّرني صاحبنا هذا بصديق ، أراد الاقتران بتلميذته .. وبهذه المناسبة تنّدر أحد طلابه على طلب أستاذه الارتباط من تلميذته (....) إذ قال : الأستاذ (فلان) طلب يد (فلانه) زميلتها وافقت !! وسرت النكتة سريان النار في الهشيم وتندر بها الطلاب لسنوات.
ولما كان التصميم المنظرى( للقرد كثيف الشعر ) الذي وضعه ونفّذه الفنان القدير (صبحي السيد) قد بنى معمار الصورة المسرحية في منظر كامل وثابت من طابقين في سفينة صهر الصلب ؛ فخص فضاء المستوى السفلي للعمال أمام الأفران تمكينا للعمال من أداء حركة مستمرة ذات إيقاعات متدفقة ومتناغمة في عنفوانها وحدّتها أو سكونها النسبي ، مع تكوينات جمالية شبه إكروباتية شديدة التعبير والإبهار معا إمتاعا وإقناعا ، وشكّل من باطن الأفران الأربعة المتوهجة باللهب في مواقف الذروة في احتدام الصراع بين العمال في غليانهم وطبقة الرأسمالية في برودة ردود أفعالها ، مما يقطع بوعي توظيف المخرج والسينوغراف معا للإضاءة توظيفا تعبيريا ، وفي فترات الراحة القليلة تخبو نيران الأفران ويبلل العمال رؤوسهم ويرطبون جوفهم بالخمور ،حيث يتناثر رذاذ الخمر في فضاء المستوي السفلي في مشهد تشكل فيه زجاجات الخمر التي تمسك بها إحدى اليدين بينما تقبض اليد الأخرى علي الجاروف ، لوحة تشكيلية تعبيرية ، كما يشكل مشهد حلم اليقظة الذي يتوهم فيه المتهيج ( يانك) الانتقام من ابنة المليونير والثأر منها لكرامته ، بعد أن وصفته بالحيوان القذر أمام زملائه؛ لوحة سرد تشكيلي ترتكز على الأسلوب التعببري ؛ ريما بالغ المخرج في ترسيم حركة ممثلى أدوار الوقادين بحيث تبدو خطوطها حادة وعنيفة مما ابتعد بها عن منهج الأداء التعبيري بما يفترض معه الكثير من النبر والحركة الهادئة المستبطنة لما يعتمل بداخل الذات الفردية ، غير أننا هنا وفق الحدث أمام الذات الجماعية للعمال العاملين أمام أفران الصلب المتوهجة ، والصورة المسرحية هنا باعتبارها لونا من ألوان الإسقاط النفسي المتنوع بين الذاتية الفردية والذاتية الجماعية . ولأن المخرج جمع بين الطبقتين المتناقضتين تناقضا رئيسا في صورة مسرحية واحدة طوال العرض ؛ فلا مناص أمامه من ترسيم تباينات الأداء التمثيلي بين الطبقتين ، لتظهر طبقة الرأسماليين في صورة إطارية مقاربة لمظهر سلوكهم الحياتي ، ولتظهر طبقة العمال في صورة إطارية مقاربة لمظهر سلوكهم الحياتي أمام أفران الصلب – حتى مع ارتفاع النبر الأدائي لدرامية الصوت ولدرامية الحركة والتكوينات الجماعية للعمال المتهيجين بجمالياتها – وهنا نقول ليس هناك ازدواج في أسلوب بناء الصورة المسرحية ، وإنما هناك ثنائية أسلوبية في وحدة الصورة المسرحية ، تكشف عن الرائع في المشّوه ، باعتبار النص نفسه محمولا على بنية الانعكاس الدرامي لصراع الطبقات . ولأن يناء أونيل للحدث ، قام على المشاهد والفصول ، مما لا يلحظ مهع المتلقي للنص تباينا حادا بين واقعية رسمه لإطار مشاهد العمال ، وتعبيرية مشاهد أبناء الطبقة الأرستقراطية ، فقد بدا للمتفرج النابه على عرض القرد بإخراج جمال ياقوت إذ جمعت الصورة المسرحية بين أطراف الصراع الطبقي ( العمال والرأسماليين) في صورة واحدة ذات مستويين في جغرافية الصورة (علي السفينة) طوال العرض ، ومن ثّم أصبح في متناول المتفرج الإمساك بتناقض خطي التعبير الأدائي والسينوغرافي معا فيما بين أسلوب العبيرية وأسلوب الطبيعية أو الواقعية .حيث العمال في ضجيجهم وتدفق حركتهم الجماعية المتقافزة أمام الأفران ، وبأعلى سكون وتكوينات شبه ثابتة للأرستقراطيين ، مع تباين الخلفية المنظرية بأسفل السفينة وبأعلاها . هذا فضلا عن تحول قاع الأفران في خبو نارها إلى أربع لوحات تشكيلية تكعيبية . والعرض في مجمله تعبير درامي للفكرة الماركسية التي تنبذ التهيج البرجوازي حيث يأخذ عامل منفرد العزة بالإثم كرد فعل ذاتي يواجه به طبقة الرأسمالية منفردا ، وهو ما يحبط كفاح طبقته ذودا عن حقوقها المشروعة. لقد كان القرد هو هدية الثقافة الجماهيرية للعمال في عيد العمال. وهكذا وفق المخرج والسينوغراف في التعبير عن معني النص بما يؤكد أن القرد في عين أمه قرد ، إثباتا لأن المتهيج البرجوازي في عين طبقته العمالية قرد وليس غزالا.




#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنتاج المسرحي في عصر العولمة
- القرد .. هدية مصرية للعمال في عيدهم
- دفاعا عن الوطن
- في ذكرى كادح مسرحي مات مغتربا
- تكوين رأي عام بوسيط مسرحي
- كورس وزاري
- نشيد المكسحين
- المونولوج الوزاري
- قمة بعمة وقمة بغمة
- ليلى تخلع قيس ( نميمة مسرحية)
- صوت قرنفلة الشعراء
- عيد يروح وعيد يجيء
- العرض المسرحي بين التسويق والترويج
- المرأة المسلمة بين الحضور والغياب
- الشعر لا يرحل
- لجان المشاهدة والعشا الليلي
- بلاغة الصمت في التعبير المسرحي
- سعدية عبد الحليم وفطنة الكتابة القصصية (2)
- فطنة الكتابة وقطرات المطر
- المسرح وفن صناعة الأعداء


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - القرد في عين أمه