|
كيف ترتفع معدلات الضغط والسكر في دمك / ( 1 )
محمد ابوبكر المعداني
الحوار المتمدن-العدد: 2648 - 2009 / 5 / 16 - 05:47
المحور:
كتابات ساخرة
تخرج من باب بيتك سعيدا مبتسما متطلعا إلى قضاء يوم سعيد ... يأبى محرك سيارتك الكورية الصنع عن الدوران وتفشل كل محاولاتك الجادة في معرفة السبب الذي أدى إلى هذا العطل هل هو (الموتيرينو أم البونتيني) أو إن عمرها الافتراضي قد مضى ويتوجب عليك صيانتها يوميا ... توجه اللوم إلى نفسك لأنك لم تتعلم مهنة الميكانيكا وكهرباء السيارات ولم تستطيع جمع المبلغ الذي يخول لك شراء سيارة جديدة ... تحتار في اتخاذ القرار المناسب ، الانتظار ريثما تعثر على أولاد حلال (إيدفوا) معك أو ترك تلك المركبة والذهاب إلى المكان الذي تود الذهاب إليه بالحافلة ، تختار القرار الصعب خشية أن يمضي الوقت وأنت تنتظر ... تقف على قارعة الطريق الرئيسي في انتظار مرور حافلة ملائمة لنقل بني البشر ، تشعر بأنك صيد ثمين في عيون سائقي السيارات الخاصة من خلال الأضواء التي يسلطونها عليك بوضح النهار مؤكدين استعداهم لنقلك نظير مبلغا وقدره دينار ونصف ، إلحاحهم الشديد على الفوز بك يؤكد احتياجهم لهذا المبلغ ، تتعجب لهذا الكم الهائل من المواطنين الذين يزاولون هذه المهنة وتتساءل في قرارة نفسك عن السبب الذي دفعهم إلى التسول بهذه الطريقة المهينة ... هل هؤلاء جميعا هم خارج الكادر الوظيفي وضاقت بهم سبل العيش الكريم ولم يجدوا وسيله للارتزاق إلا بهذه الكيفية أم إن الوظيفة العامة لا تعني لهم إلا التوقيع في سجل الحضور والانصراف والمرتبات التي يتقاضونها من خزينة المجتمع لا تفي متطلباتهم ولا تسد رمقهم ، قد تشفق عليهم ولكن السيارات الحديثة الفارهة التي يمتلكها البعض منهم ويستخدمونها كسيارة أجره تؤكد لك إن وضعهم الاقتصادي أفضل منك بكثير ... تقرر الصمود أمام إصرارهم وإغرائهم بنقلك معززا مكرما إلى حيثما تريد ، تقنع نفسك بضخامة المبلغ الذي سيتقاضونه منك ومدى تأثيره على ميزانيتك إذا ما فرطت فيه . تستقل إحدى حافلات الربع ، تكتشف إن الشاب الذي يقودها طائش منحرف متعاطي كميه لابأس بها من العقاقير المخدرة ... تبتهل إلى الله عز وجل أن تصل بالسلامة إلى حيثما تريد وأن لا تكون نهاية هذا المشوار في مقبرة الهواري بعد أن تنزلق الحافلة (التي يزوي فيها كل شي إلا مزمارها) من فوق احد الكباري أو الجسور التي أنشئت من اجل تخفيف حدة السير والازدحام ولتضفي على مدينتنا لمسه جماليه فأصبحت مسرحا للحوادث الدامية بسبب افتقارها إلى العلامات المرورية الإرشادية وعلامات التوجيه وتحديد السرعة ، وان لا تكون في مستشفى الجلاء بعد مشاجرة عنيفة مع هذا السائق العصبي المزاج المفتول العضلات الذي تعاطى قبل قيادته الحافلة بلحظات (حبتين روج وثلاثة حبوب ارتان) تسفر عنها طعنك عدة طعنات (بالموس بوخوصه) الذي يتدلى من سلسلة مفاتيح الحافلة أو تقطيع أوصالك (بالطباق المسلول) المخبئ تحت مقعده ، تتغاضى عن الكلمات المبتذلة والألفاظ البذيئة التي يتفوه بها مع زملاء مهنته وتغض الطرف عن صوت المسجل الذي يطلق من خلاله (العكشي) العنان لحنجرته لتصيح (الرعشة الرعشة) ويتفاعل معه السائق بالرقص والركاب بصم أذانهم حرصا على سلامة طبالهم الرنانه ، ولا تبدي أي امتعاض من سرعته الجنونية التي نال لمثلها سائق السباق (شوماخر) أمولا طائلة ، ولا تفتح فاهك لدى اختراقه لإشارة المرور الحمراء من اجل أن يلتقط الراكب الواقف على قارعة الطريق قبل أن تلتقطه حافلة أخرى ... تشعر بحجم معاناتك مع المركبة التي تمتلكها وضيق يدك وقلة حيلتك في الحصول على سيارة لم يسجل عداد سرعتها أي كيلومترات ، تكتئب وتندب حضك العاثر الذي لم يمكنك من أن تكون من أصحاب الحظوه الذين توهب لهم السيارات سنويا ، يغلي الدم في عروقك ولا تجد مفرا من الاعتراض بكل ما أوتيت من منطق على تلك الممارسات الشاذة والتصرفات اللاأخلاقيه التي يتخذها ذلك الشاب الطائش الذي اختار نقل الركاب مهنته وتذكيره بواجبه في المحافظة على أرواح الأبرياء الذين اختاروا مرافقته لعدم قدرتهم على دفع دينار ونصف فيشحذ همته ويستجيب للنقاش معك بإشهار السلاح الأبيض الذي يتخذه وسيلته المثلي في التفاهم مع الركاب ... تشعر بالارتباك والتوتر ، ينشف ريقك وتزداد خفقات قلبك وسرعة أنفاسك ، تحس بالتعب وعدم وضوح الرؤية وتعلم إن السكر والضغط ارتفعا في دمك إلى أعلى معدلاتهما .
#محمد_ابوبكر_المعداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بنغازي في الشتاء
-
جمعية مكافحة البوشبوات ..........!!!!
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|