دعوة الى قراءة صحيحة للاحداث الكردية في سورية والتفاعل الايجابي مع نتائجها 3-7

صلاح بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 810 - 2004 / 4 / 20 - 07:27
المحور: القضية الكردية
    

هبة شعبيه أدهشت اوساط النظام:
تكاثرت المصطلحات والاوصاف والنعوت التي اطلقت على الاحداث الكردية في سورية اعتبارا من الثاني عشر من آذار الفائت وكانت اغلبيتها غير منصفه وبعيدة عن الدقه ومغاليه، وتوزعت بين طرفين: واحد مثل خطاب السلطة تطوعاً أو تكليفاً معتبراً أن ما حصل هو عباره عن شغب وشجار في القامشلي قامت جهات كردية سورية باستغلاله وتصعيده بدفع من قوى خارجيه كردية وامريكية داعياً الى مواجهة الخونه بواسطه تسليح العشائر العربية وتلقين الكرد درسا لا ينسوه وطرد اكثريتهم القادمة تسللا من تركيا والعراق واستكمال عمليه التعريب باسرع وقت للحفاظ على عروبة الجزيرة والتوجه نحو الحل الاستئصالي لعناصر الشغب المرتبطه بالاجنبي، ونفي وجود مشكله قومية كردية في سورية وان الاكراد اذا وجدوا في البلاد فهم اكراد عرب سورييون يجري التعامل معهم حسب حق المواطنه. وثاني من الجانب الكردي اعتبر الموضوع بمثابة انتفاضه أو ثوره كردية شاملة لطرد المحتلين من الارض الكردية واعلان حكومة كردية في المنفى باسم حكومة كردستان الغربية. وبين هذين الخطابين اللذين اعلنا بصوت عال وبنبرة متشدده وباتجاهين متعاكسين في المظهر ومتكاملين من حيث المضمون والهدف والنتائج وكانت هناك مساحة لخطاب آخر ومواقف مختلفه ومتعدده سنأتي على طرحها لاحقاً.
في حقيقة الامر لم يطرح احد ( احزاب ومنظمات ومجموعات) في البرامج والمناهج والمهام الدعوة لاشعال انتفاضة كردية سلمية أو مسلحة ولم يقم احد بالتحضير لذلك لامن قريب أو بعيد مع فهمنا الكامل على امكانية حدوث انتفاضات في حالات معينة دون التحضير لها عندما تكتمل شروط قيامها من ذاتيه وموضوعية داخلية وخارجية وفي الحالة الكردية التي نحن بصددها لم تتوفر المعطيات الآنفة الذكر وبالتالي لاتسجل في عداد تلك الحالات الاستثنائية في تاريخ نضال الشعوب.
ومن هنا يمكن القول بأن الجماهير الكردية بادرت تلقائياً الى مواجهة الفتنه انطلاقاً من حسها العفوي القومي وواقعها المسيس بحكم تعرضها منذ عقود للضغط العنصري والاضطهاد والقومي والمخزون الوطني الذي تتحلى بها بفضل دور الحركة القومية الكردية في الثقافة الديموقراطية منذ اكثر من نصف قرن، وقد لعب حذر الجماهير الكردية عموماً من الاعيب ومخططات السلطة طوال التاريخ دوراً في التصدي السريع والمقاومة السلمية الشجاعه للفتنة السلطوية ، وهكذا هبت الجماهير الكردية عن بكرة ابيها في حركة اتسمت بالتنظيم والتكاتف والاتحاد رغم ثغرات تمت بفعل اختراقات اجهزة السلطة خدمة لانجاح فتنتها, هذه الجماهير التي كانت من الطبقات الشعبية من عمال وفقراء المدن والطلبه وذوي الدخل المحدود واصحاب المهن الحره التي رفعت شعارات قومية ووطنية خاصة بمطالب الكرد القومية وشاملة من اجل التغيير الديموقراطي ورفع الاحكام العرفية وتحقيق العدل والمساواة واجراء الانتخابات النزيهة والاصلاح السياسي ويجب القول هنا بأن هذه الهبة الجماهيرية الشعبية الملتزمة بشعارات ومطالب واضحة قد اذهلت السلطة من جهة وقيادات الاحزاب الكردية من جهة اخرى بل وفاجأتها. فمن جانب اثبتت تلك الجماهير بانها على قدر من الوعي السياسي بحيث يمكنها التحرك والدفاع عن مصالحها ومبادئها ومواجهة الظلم والفتنه في اية لحظه وفي أي موقع رغم تواجد الاجهزة المتعدده وادوات القمع ، وانها بتحركها المقاوم السلمي وشعاراتها القومية المرفوعة قد تجاوزت قيادات الاحزاب الكردية نضاليا وميدانياً ووعياً وجسارة وهي بجانبيها معادلة جديدة في سياق النضال القومي والوطني الكردي وتجربة ثمينة تضاف الى تراث حركتنا.
ان الهبة الشعبية في شكلها السلمي المقاوم التي انطلقت من القامشلي لتشمل كافة المناطق الكردية اضافة الى مدينتي حلب ودمشق وتحديداً اماكن تواجد الكرد ماهي الا مظهراً سلمياً مباركاً من كفاح الحركة القومية الكردية وطريقة جديدة في التعبير عن اهداف ومطالب الكرد وما اكثر الاساليب والابداعات والوسائل التي تمارسها حركات التحرر في العالم فالحركة الفلسطينية الوطنية مارست وابتكرت اساليب جديده في كفاحها مثل – انتفاضة الحجارة – وكل حركة تحرر وحسب ظروفها واحوالها يمكن أن تبحث عن افضل السبل والوسائل في نضالها السلمي من اجل تحقيق اهدافها وهذا ما حصل في الحالة الكردية السورية في هبة آذار المجيده التي انطلقت شرارتها الاولى من مدينة القامشلي، وهي وبدون ادنى شك. ابتكاراً من صنع الجماهير الشعبية يتسم بالاصالة والشجاعة ويحتاج الى الرعاية والتعميق والتطوير في المستقبل.
لقد تمت المقاومة السلمية الكردية بسلاح الايمان بالقضيتين القومية والوطنية وبصدور واجساد الشجعان التي تحولت الى متاريس امام رصاص رجال السلطة واذنابها، وهي لم تحصل بايعاز من القوات الامريكية المتواجدة في العراق أو باوامر من الادارة الامريكية في واشنطن أو بتخطيط من المخابرات المركزية التي تحظى بافضل علاقات التعاون والتنسيق مع نظام بلادنا، وهي مقاومة سلمية من جانب جموع الفقراء والمضطهدين الباحثين عن الحرية من اصحاب النخوة الاوفياء لقضايا شعبهم والمقاومة السلمية هذه التي جسدت شكلا من اشكال النضال السياسي لم تتم لتنفيذ شروط الاتحاد الاوروبي ومتطلبات الشراكة الاوروبية السورية بل جاءت رداً سلمياً على هجوم مسلح وهبة في وجه الفتنه والطغيان، أوليس قرار حل فرع حزب البعث الحاكم في محافظة الحسكة من تداعيات الاحداث الكردية رغم انكار النظام ووسائل اعلامه. وهل يكفي التضحية بعناصر معدودة بعد كل تلك الجرائم مع اننا لانعلم حتى الآن هل ان قرار الحل بسبب تقاعس الفرع في تنفيذ الفتنة أم بسبب التورط في جرائم معينة وفي كلتا الحالتين فان بعثيي الجزيرة عبارة عن بيادق تحركها اجهزة الامن واغلبهم متورطون في عمليات الفساد والسرقات والنهب والاعتداء على حرمات المواطنين عبر الاستقواء بمواقع السلطة.

#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات