أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - انتصار السعداوي - يوميات زوجة عاملة














المزيد.....

يوميات زوجة عاملة


انتصار السعداوي

الحوار المتمدن-العدد: 2647 - 2009 / 5 / 15 - 07:14
المحور: الادب والفن
    


يوميات زوجة عاملة(1)
حبال التراجع
منذ الخامسة صباحا وعلى رنين منبه الساعة تستيقظ الزوجة لتبدأ يوما شاقا في قضاء ساعة كاملة في المطبخ ليكون لدى زوجها وقتا كافيا ليتمرغ بغفوة الصباح اللذيذة.. ويستدرك دقائقها الأخيرة قبل خروجها الى العمل ليتناول فطوره بشهية وبطء وهي تعطي إرشاداتها وتوصياتها اليومية الأخيرة قبل أن تبدأ يوم العمل مسرعة .
وفي الحافلة بين بيتها ومدرستها تتذكر ( أم حسام ) ضيفتنا لهذه الحلقة حين دخلت للمدرسة لأول يوم عمل في حياتها وقد أنهت بقرار أنثوي مسيرتها في الحياة ومهماتها ولم يبق إلا أن تتزوج .
وعندما تقدم لها أبو حسام ، رجل مطلق وله طفلة من زوجته الأولى كان رجلا هادئا وقورا لا يختلط كثيرا بالنساء ولا يبحث عنهن ، خدوم ، ودود ، كريم ملتزم أخلاقيا ودينيا ماذا تريد المرأة أكثر من هذا فاتحتها زميلة بموضوع الخطبة ولم تكن تعلم بقصة انفصاله عن زوجته الأولى وطفلته وبعد التعارف بين الاثنين وبين العائلتين وإكمال مراسيم الخطبة والنيشان وإشهار الموضوع للزميلات في المدرسة اكتشفت موضوع الزواج السابق وتأثرت قليلا وانزعجت من الكذب اكثر من انزعاجها من الموضوع وتقول : بعد فترة تجاوزت الأمر وتمت مراسيم الخطوبة واتفقنا على موعد عقد القران وفي المحكمة اكتشفت انه لم ينفصل رسميا عن زوجته بورقة محكمة وكان طلاقه فقط على يد العاقد الشرعي ، تراجعت حبال المودة والثقة بيننا أن الغي فكرة الزواج نهائيا .. وفعلا تركته وتحت ضغوط اخرى من عائلته ومن عائلتي ومن المجتمع وهو يتردد على مدرستي كل يوم وقد حمل معه ورقة طلاق من المحكمة من زوجته الاولى ووعد بالتزامات كثيرة واشترطت عليه عائلتي السكن في بيت منفصل عن أهله ، وبعد الإيفاء بكل الوعود والالتزامات .. تم الزواج ، ولم أكن بنفس الحماس والرغبة يوم خطبني في المرة الاولى، ولم يمض الا شهر واحد على زواجنا حتى طرق الباب رجل طالب بثمن الثلاجة والتلفزيون إذ وعده زوجي بالسداد بعد شهر فاضطررت لخلع خاتمي وأقراطي لتسديد جزء من ديونه . ومع كل مبلغ أدفعه من راتبي ومدخراتي لتسديد ديونه ينقطع حبل آخر من حبال المودة والثقة بيننا . ولكن كما يقول المثل الشعبي ( وقع الفاس بالرأس ) ولآت حين مندم .
كان زوجي موظفا في دائرة حكومية ويمتلك سيارة أجرة ( تكسي ) يعمل بها بعد أوقات العمل الرسمي ولم يكن من اللائق او المعقول أن اطلب وثائق ملكية السيارة وبعد عام من الزواج اكتشفت إن السيارة ليست ملكه ولم يكن سوى سائق يعمل بها بربع الوارد . وعندما كان زوجي كسولا يقضي كثيرا بنوم الصباح ويعشق نوم القيلولة فلم يكن مبلغ الإيراد يكفي ويقنع مالك السيارة رغم انه كان يعطي كل الإيراد للمالك ليبقى السيارة عنده ولكي لا ينكشف أمره وهكذا تتالت أكاذيبه الواحدة تلو الأخرى وكلما انكشفت كذبه ينقطع حبل آخر للمودة وينشا حبلا للتراجع .
لم يكن زوجي سيئا او عنيفا او غليظ اللسان او خائن او بخيل جاحد كان محبا لي ولأولاده ولبيته ولكنه تربى في عائلة متكونة من خمسة بنات وهو سادسهم وكانت أخواته تتكفل بكل صغيرة وكبيرة بحياته سيرا على نهج الأم لتدليل وحيدها بما في ذلك زواجه الأول والثاني وكل مايهم هذا الزوج المحب الوفي لزوجته ، أن يأكل وينام ويطعم صغاره وهو يرى إن راتبه يكفي لذلك ، لم يفكر يوما بان أولاده سيكبرون وتزداد احتياجاتهم سنحتاج يوما الى سكن مستقر للمستقبل إلى مبلغ للطوارئ ولم يعد يهتم لغضبي ولومي ولم يسمع محاضراتي اليومية عن الطموح والنجاح والمستقبل هكذا أصبحت حياته بين وظيفته والمقاهي وأصدقاء السوء .
عندما مرت بنا ايام الحصار الاقتصادي والأزمات المالية كان يهرب من البيت الى أهله ويتركني امتحن بصغاري ابحث لهم عن الخير والأمان ولم يفاجأ حين قلت له إني اشتريت قطعة سكنية مما ادخره من راتبي وعملي في الخياطة وكان يعلم اني ادفع نصف راتبي لسلفه العقاري ولم يقلق كثيرا كان دائما يقول لا أحد يموت من الجوع ولا أحد ينام في الشارع وهكذا تدريجيا تبادلنا الأدوار فكنت اذهب صباحا للعمل وفي المساء أكمل دراستي المسائية في كلية التربية جامعة بغداد واسرق من الزمن الضائع وقتا للخياطة مضافا الى ذلك حصلت على بكالوريوس تربية لغة عربية وتحولت من التعليم الى التدريس وتحسن راتبي ولم يعد للخياطة زبائن تلك السنوات وقد ملئت الأسواق بالألبسة الجاهزة الرخيصة فكرست وقتي لتحضير الماجستير في حين أحيل زوجي على التقاعد براتب لا يكفي لمصرف يده ..
ولم يعد يخجل مني وأنا اشتري له ملابسه وما يحتاج له من مصاريف وقد تخرج ابنه من كلية العلوم وعمل في مكتب كمبيوتر وانترنيت ولازال أولادي الثلاثة يدرسون في الكليات وقد تنازل زوجي عن امتيازات وصلاحيات الأب الكثيرة في إدارة البيت وتحمل المسؤولية واتخاذ قرار الصرف ، تنازل عن أشياء كثيرة لي ولابنه طواعية لكنه لم يتنازل عن مكان بارد جدا يتمتع فيه بالقيلولة قرب مكيف الهواء وعلى شاشة تلفزيون وأحيانا يستمتع بمشاهدة ( توم وجيري ) مع اصغر أولاده وإذا كان للمودة حبال توصل فليس للتراجع سوى حافة الهاوية .




#انتصار_السعداوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...
- بعد عبور خط كارمان.. كاتي بيري تصنع التاريخ بأول رحلة فضائية ...
- -أناشيد النصر-.. قصائد غاضبة تستنسخ شخصية البطل في غزة
- فنانون روس يتصدرون قائمة الأكثر رواجا في أوكرانيا (فيديو)
- بلاغ ضد الفنان محمد رمضان بدعوى -الإساءة البالغة للدولة المص ...
- ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة الاستسلام
- جامعة الموصل تحتفل بعيد تأسيسها الـ58 والفرقة الوطنية للفنون ...
- لقطات توثق لحظة وصول الفنان دريد لحام إلى مطار دمشق وسط جدل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - انتصار السعداوي - يوميات زوجة عاملة