عدنان حسين أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 809 - 2004 / 4 / 19 - 06:19
المحور:
الادب والفن
بعد ثلاث وعشرين سنة عاد الفنان المخرج طارق هاشم إلى وطنه ليرى بغداد أكواماً من الأنقاض، والبنايات المهدّمة، والشوارع المحفورة، والمتاحف المنهوبة، وانسوة الملفعات بالسواد، والأشد مرارة من ذلك أنه رأى اليأس جلياً، واضحاً، يستوطن العيون التي فقدت بريق الأمل، فراح يبحث عن الأصدقاء من الأدباء، والفنانين، والمفكرين، وحَمَلة الأقلام النبيلة مُستفهما عن الأسابيع الثلاثة التي إستحالت فيها بغداد إلى جحيم مُستعر لم يفارق ذاكرة العراقيين الطرية التي لا تدري أتفرح لسقوط الظلم والطغيان، أم تحزن لهذا الإحتلال البغيض الذي إمتد مثل سرطان لعين في جسد العراق من سمت رأسه حتى أخمص قدميه، ويبدو أنه لن يغادر إلإ بعملية إستئصال كبرى لا يعرف نتائجها إلا من خبَر طبيعة المحتلين والغزاة في كل العصور وإن تبدلت الوجوه، وتغيرت الأقنعة. هذا الفيلم الذي حمل عنوان " 16 ساعة في بغداد " هو فعلاً 16 ساعة تصوير في ظروف قاسية، شديدة الحذر أمضاها المخرج، والمصور، والمنتج، وكاتب النص بطريقة بصرية صادمة في أكثر مواقع بغداد إحتداماً، وترّقباً وهي تقارع المحتل الذي يغدق على العراقيين بوعود سرابية لا تشجّع إلا على الشك، ولا تُفضي إلا إلى الريبة. تنقّل هاشم بين أزقة بغداد، وحاراتها، ومقاهيها، ومنتدياتها الثقافية علّه يستقصي بعض الهواجس التي تدور في طوايا المثقفين، ويمسك بالأحلام الهاربة من مخيلاتها المُستفزة. على أضواء الفوانيس كان يحاور الأصدقاء، ويستفهم، ويصوّربكامرته الـ" DVCAM" صحبة لمياء العبادي، وزياد تركي، مقارعاً اليأس، والأحباط، مُمنياً النفس بالآمال العريضة، وبما تخبئه الأيام القادمة من مفاجات.
درس طارق هاشم الإخراج المسرحي والتلفازي والسينمائي في العراق وبلغاريا والدانمارك، وأخرج طوال مشواره الفني العديد من الأفلام التي إشتركت بعضها في مهرجانات عالمية مثّل من خلالها دولاً أوروبية مهمة في هذا المضمار مثل بلغاريا والدانمارك. كما عمل لمصلحة بعض القنوات التلفازية الأوروبية. وفي حقل المسرح شارك طارق هاشم بالعديد من الأعمال المسرحية لفرق سورية وكويتية، وقد حقق من خلالها حضوراً طيباً رسّخ من مكانته الفنية في مجال الفنون غير القولية. وجدير ذكره أن فيلمه الوثئقي الأخير " 16 ساعة في بغداد " قد عُرض في غاليري الأورفلي في عمّان في 23-03-2004، وسيشترك أيضاً في مهرجان الفيلم العربي في روتردام، وفي التظاهرة السينمائية للأفلام العراقية في باريس.
#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟