أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الحيدر - ليلة القبض على حمورابي














المزيد.....


ليلة القبض على حمورابي


حيدر الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 2645 - 2009 / 5 / 13 - 09:25
المحور: الادب والفن
    


.......
لكي لا يظلم القوي الضعيف
ولكي تراعى عدالة الييتيم والأرمل
كتبت كلماتي (.... ) على مسلتي
وثبتها أمام تمثالي لكي أمنح العدالة للمظلوم
وبإرادة الإله شمش قاضي السماء والارض العظيم
عسى أن تسود عدالتي البلاد . ( حمورابي )
ـــــــــــــــــــــــــ

رنَّ جرس الهاتف وكان الوقت يسير متثائباً بخطواتٍ متثاقلةٍ في صحارى ليلٍ داكن .
نهض حمورابي .. إنتزع جلده وعظامه من مسلته العتيقة .
نزل متعثراً وهو ينفض الغبار عن ثوبه البابلي .رفع سماعة الهاتف :
ــ ألو .... من المتحدث ؟
جاءه الجواب بترددات غريبة ٍ :
ــ سكرتير مكتب الإله نركال ... !
انه يأمرك بالحضور فوراً .
ــ عجباً ... وما علاقتي به ليستدعيني في هذه الساعة من الليل ؟
ــ لقد توقف الزمن عند هذه الساعة وعليك أن تنفذ أمره .
ــ وبمَ أُجيب الإله شمش ؟
قطعت ْ كلامه قهقهة المتحدث وهو يسمعه عبارة ً لا تليق بمقامه ،
وإرتخت سماعة الهاتف من كفه ، وسرعان ما إضطرب الليل ،
وبدا الفضاء هائجاً برياحٍ عاتيةٍ ونعيب غربانٍ وحشية المخالب .
وخلال ثوانٍ كان صاحب المسلة قد إخترق أسوار العالم السفلي ومثل صاغراً
في حضرة الإله نركال بوجهٍ يلفه حزنٌ دفين ،
وهو يكاد أن يكون في حيرةٍ من أمره .
أسند نركال رأسه على جمجمةٍ إتخذتْ من أعلى مؤخرة كرسيه مستقراً لها .
تنحنح نركال بتعالٍ وهو يُقرِّبُ السيكار من فمه ...
رمق حمورابي بنظرةٍ غاب عنها الحياء ُ ، ونفث الدخان في وجهه .
فإستسلم صاحب الشريعة وهو أخيذٌ أسيرٌ غير قادر ٍ على تحريك شفتيه .
أشار نركال بإيماءةٍ لأحد شياطينه ، فأذعن لأمره وسلَّم حمورابي كتاباً بغلافٍ أسود ،
وأمره بالعودة الى أرض بابل في الحال .
* * *
عند حافة المسلة المحاطة بأسلاك من ظلامٍ قسري دامس ،
أشعل حمورابي عود ثقابٍ وفتح الكتاب ليقرأ:ـ
( نحن الإله نركال ـ إله العالم السفلي وعالم الظلام ... أمرنا بحجب إله الشمس وشرائعه ...
ونشر صورتنا وتعاليمنا في مسلتكم ...وقررنا .... ! )
إنطفأ عود الثقاب مختنقاً بين أصابع حمورابي ،
وأخذتْ عيناه تجوبان السماء بدمعتين ساخنتين ، وإنتظر طويلاً ،
وهو يتنفس الهموم حتى مضى الليل ينتزع أنفاسه الأخيرة .
ومع مخاض الضوء أخذت النسائم الندية تحرك أكمام ثوب شمش ،
وحين إنفلق الفجر تماماً ،
كان حمورابي ينتصب أمامه بإجلالٍ وهو يتسلم منه الشرائع .
نظر حمورابي لإمتداد أشجار النخيل الباسقات على ضفتي نهر الفرات ،
وهي تهز سعفها منشرحة ًلإنسياب المياه العذبة في السواقي الممتدة بكل إتجاه ،
فلمعت في عينيه فرحة ٌ أضحت تعانق خيوط الشمس المتدفقة بعنفوانٍ صوب بابل ،
مطهرةً أرضها من الأوراق السوداء لكتاب ( نركال ) الّذي ظلَّ هاجعاً
في عالمه السفلي يحلم بإغتيال الشمس ، وعودة الأزمنة الحالكة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيدر الحيدر ـــــــ بغداد 20 / 11 / 2004
من مجموعتي القصصية ( أصداء تدوي في فضاءات أحلامي )



#حيدر_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا... انها ليست كفي !
- ما قيل عن فراسة المارشال
- الزائر الغريب ما عاد غريباَ
- العجوز لمْ تمت بعد /قصة قصيرة
- ما زلت بيننا يا عادل كوركيس
- قصص قصيرة جداً
- البحث عن الحقيبة الضائعة
- اسم الوليد القادم ابوذر
- الغراب وبيض العصافير
- رحلة الصعود / قصة قصيرة
- نابو / مسرحية
- الوردة البيضاء تغني / قصة قصيرة
- ماء يتدفق من بئر بترول
- النبع العظيم في الارض الطيبة / مسرحية للأطفال
- هذيان عند أطراف السماء
- الضباب في امريكا / مسرحية
- العجوز الشمطاءعند خط الشروع / قصة قصيرة
- نهاية الثعلب الماكر / مسرحية للاطفال
- أنا.. وأنا
- الصنم الذي هوى وتهشم / قصة قصيرة


المزيد.....




- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الحيدر - ليلة القبض على حمورابي