أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - سنه حلوه يا جميل















المزيد.....

سنه حلوه يا جميل


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2645 - 2009 / 5 / 13 - 09:24
المحور: كتابات ساخرة
    


إستيقظتُ من نومي مثل (القرد) وسمعت أمي صوت خطواتي الجريئة والتقدمية واليسارية نحو التواليت , ونهضت زوجتي خائفةَ فزعةً تترقب ُ (أنى النهر يضل لمجراه أمينا) فقلتُ لهم : ما لكوا مش عارفين إنه اليوم عيد ميلادي , وقد جاءتني ليلة الأمس برقيات التهنئة والتبريك من الحوار المتمدن , من كافة الأقلام العملاقة التي تكتبُ به وتقرأ , أنا اليوم عيد ميلادي ما بدي أعمل أي شيء , بعدين شو هذا ؟ سألت طبعاً عن أولادي عن علي وبرديس أين هم , فقالت زوجتي سلامة عقلك شو مالك إليوم على شان عيد ميلادك ضيعت عقلك أولادك يا حبيبي في المدرسة هسع مشيتهم , علي راح مشي وبرديس أخذها الباص ؤ, وبدي أحكيلك إنه الباص طلب أجرة شهرين متأخرين .
فقلت: يلعن ..د..الباص إنتٍ بيش وأنا بيش ؟ يا مره بقلك اليوم عيد ميلادي من المفترض إنه الأولاد ما راحوش على المدرسة , اليوم عطل رسمي في منزلنا لكل المؤسسات والدوائر الحكومية العامة والخاص , ويجب أن تتوقف الصحف عن الإنتشار ويجب أن توزع في منزلنا صبيحة الغد , اليوم أنا وإنت وأمي والأولاد مش فاضيين , شو هاي فوضه ..ويجب إعادة ترتيب بيتنا من الداخل وتلوينه من الخارج حتى ولو كان تلوينه شكلياً , اليوم عيد ميلادي , جوليا روبرتس بعثتلي تهنئة من القلب والجزائري وكنعان أرميا وكل المناضلين , هذا يومٌ عظيم كانت به أمي عظيمة َ حين مزطتني (ولدتني) وكان أبي على آخر مزاج بس ...بديش أحكي , اليوم يا جماعه تحققت بعض أحلامكم , في هذا اليوم ...فقالت أمي : والله هاظا الزلمه خلص عليه العوض, وقالتها وهي تسخر وتضحك , فقلت لها : يا يمه ْ لويش الحيره إذا وطني ما بدهوش يكرمني في يوم ميلادي أو ما بدهوش يجعلني أشعر بقيمتي وأنا أتنفس قبل أن أموت , بصرحه ما بديش هيك وطن , وبدي أشوف دولة ثانية خلاف الأردن وأصير فيها لا جىء سياسي أو نازح أو هارب , إلمهم أجد كرامتي , فإحتضنتني أمي والدمعة تسقط منها وهي تقول : وطنك هو أمك , وطنك هو إنت , وطنك إذا أكلك بسنانه صدقني مش راح يبلعك , فقلت لأمي : أي صدقيني إنك إتعلمتي الكذب من الوطن أي وطني أكلني بسنانه وبلعني من زمان شو مالك , ما معايه في عيد ميلادي ثمن كعكة عيد أو أشتري مرجوحة عيد , أي والله نفسي أشوف مرجوحة العيد , هاي البلد كل يوم بموت فيها حبي وبنتحر فيها إبني ..

وخرجت من منزلي غضبان أسفى (ـأسفاً) على ما فات وعلى إهمال زوجتي بالعيد الرسمي لمنزلنا , فدخلت السوبر ماركت الملاصقة لمنزلنا فوجدت صاحبها كالعادة يبيع الدخان والممنوعات كعادته , ولم يتأثر بعيد ميلادي , فحزنت وقلت : أنا أصلاً أصحابي بس الحوار المتمدن (الحوار المتمدن وبس والباقي كله خس) فإشتريت السكر والأرز , وذهبت للفران (المخبز) فكان كعادته يبيع الخبز للناس ويشتم إبنه لأنه مزعج بالنسبة له , فهو أيضاً كعادته ترك الخبز للهواء حتى نشف ونزل وزنه , ولاحظت بعد ذلك أن عيد ميلادي ليس مهماً حتى للفران , ولا حتى لزوجتي ولا لأولادي , فكلهم تجاهلوا هذا اليوم العظيم .
ورجعت إلى الدار وأنا أجر أذيال الخيبة , حتى أن الجامعات الخاصة والحكومية مارست ساعات التدريس بشكل عادي وكأن الموضوع ليس مهماً لأصحاب الرسالات العلمية الهادفة : ما بالهم اليوم مولد شاعر وكاتب في الحوار المتندر عظيم , قسمٌ لو تعلمون عظيزم , مهجة عيني لم تنتبه ليوم ميلادي , أمي التي أحبها قامت فزعة لمجرد أنني قمت للإستعداد لهذا اليوم والحدث الجلل , مصيبة كبرى أن يتجاهل وطني مولد مواطن أردني غالي الثمن من أغلى ما يملك الوطن , أنا أغلى شيء في الوطن لأنني مواطن أردني عنيف أحب وطني لدرجة أنني أقسو عليه أحياناً في نقدي له , وكذلك وطني يحبني لدرجة أنه يعرف أنني من الأغلبية الصامتة الغير قادرة على التكلم , بل وتفضل الصمت .
39 تسعة وثلاثون عاماً , على عيد ميلادي وكأن شيئاً مهماً لم يحدث , نظرت في المرآة فوجدت كل شيء عادي فتحت ُ إيميلي على الياهو والجوجل ومكتوب , فوجدته عابقاً بالرسالات المعطرة , وهذا الشيء الوحيد الذي أفرحني واسعدني ولولاه لمت حسرة في يوم عيد ميلاد شعير عظيم في الحوار المتمدن وصغير في الأردن .
صرختُ في وجه زوجتي وهذه لأول مرة أفعلها : شيف (كيف)؟ بتبعثي أولادي على المدرسه يدرسوا , شو صار العلم عندك وعند أولادك مهم لهدرجه هاي ؟ شو هاظا والله إشي بجنن فعلاً , ليش ما حسبتي هذا اليوم يوم ممطر وجميل , مش في أيام البرد وزارة التربية بتعطل الأولاد ؟ طيب إحسبيه اليوم منخفض جوي عميق قادم من الدنمارك , وبالمناسبة هذا أول منخفض جوي بيجي من الدنمارك دائمن المنخفضات من قبرص, شو هاظ؟أف أف أف أف ..
دخلت غرفة المكتب وانسبت على الكرسي الفاف كما ينساب الماء , كبست على زر بور التلفاز , قلبتُ كل المحطات الفضائية , فلم أسمه بطاقة تهنئة من أي محطة , حتى الفضائيات الوطنية الأردنية لم تدرج خبر عيد ميلادي : فإستغربت فعلاً كيف بوطني وبالناس يحتفلون في أعياد الأموات ولا يحتفلون في أعياد الأحياء فهذا حورص ما زال بعض المصريين يحتفلون به , وكذلك أدونيس في جبيل وكنعان , وكذلك دموزي في العراق وكذلك ....بديش أحكي بكره بقاطعوني أكثر من هيك وبطلع عميل ثقافي وسياسي , بس أنا يا جماعة الخير بستاهل كل الخير من وطني ومن الدول المجاورة ليش ما حدى إحتفى بي أو بعيد ميلادي البيولوجي والثقافي شو هو كاين عيد النيروز أحسن مني؟ في إيش أحسن مني .
بدي أفهم في إيش أحسن مني : أنا في الأردن باكل أحسن أكل , وبشرب أنقى ماء , وبجلس في أحسن منتزه وبدخل أعظم سينما , وباكل ثلاث وجبات دسمات جداً وزهقان الأمسيات الثقافية وحفلات التكريم , وآخر كتاب قمت بتأليفه كافئتني الحكومة الأردنية عليه مكافئة لا أضمأ بعدها أبدا , بدي أفهم في إيش أحسن مني (مزدك ) وبوذا , حتى يحتفلوا في ميلاده .
أنا أستغرب جداً حتى الشحاذ الذي أعطيه كل يوم كما أعطي أولادي تجاهلني فهذا اليوم ورفض أن يسلم على شخصي , فقلت بيني وبين نفسي أكيذ إنه في عيد ثاني بده يحتفل فيه أحسن من عيد ميلادي , بس مش مشكله : بكره بس أصير كاتب مشهور بعد خمسين سنه رايح يندم .
بكره بندموا وبتمنوا يمسكوا طرف قميصي الكاكي , هذا القميص أحببته لأن زوجتي لم تنسني بل أحضرت لي هذا القميص مع بيجاما حلوه بتجنن على شان أنام فيها واحلم أحلام سعيدة بالوطن الجميل وبالعام الجديد وبالحب القديم الذي ما زلت أعيش على أحلامه وأكتافه .

هذا اليوم جميسل جدا برغم كل ما لاقيت وبرغم تجاهل الدولة لي , فرحت كثيراً وتعبت به أكثر من الأيام العادية , حيث كان من المفترض أن أرتاح هذا اليوم من كل الأشياء المتعبة جداً , نظرتُ في وجهي فوجدتني أشبه كثيراً من المخلوقات , وختمتُ يومي بالسلام على إمرأة صديقة قديمة مسيحية صادفتني في السوق والصليب يلمع بين نهديها , و(رأيت الصليب يلمع بين نهديها فقلت يا ربي أوقعني تحت قدميها , ورأيت الصليب على صدرها الفسيح فصحت من آلام الهوى وقلت يا ليتني كنت المسيح _قول مأثور وقديم ليس لي).




#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة ألعربية لغة فقيرة
- غداً 12-5-1971م عيد ميلادي
- الأدباء الذين لا يتبعهم الغاوون
- الميكانيكا الأمنية : تحديد مفاهيم
- أين ضاع الطفل الأردني (ورد)؟تحديات أمنية مستقبلية
- أنا متورط
- ضاع العمر
- على شان شفة فودكا
- مشاجرة بين مسلم ومسيحي
- الخوري يستحم
- رسالة إلى بابا روما بمناسبة زيارته الأردن2009م
- أخطاء إملائية أم رسوم قرآنية ؟
- كلب إفرنجي أفضل من وزير عربي
- الوضع في الدول العربية طبيعي جداً
- نظراتي كلها جنسيه مش نظرة واحد عموه
- كاتب الشعر وكاتب الرواية
- شيخ الإعلان المُضلِل
- تطوير الإستبداد العربي
- بدي سيجارة
- مكان تحت الشمس


المزيد.....




- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - سنه حلوه يا جميل