أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نقولا الزهر - لمحة عما بين الفصحى والعامية في بلاد الشام














المزيد.....

لمحة عما بين الفصحى والعامية في بلاد الشام


نقولا الزهر

الحوار المتمدن-العدد: 2645 - 2009 / 5 / 13 - 09:24
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في اعتقادي أن كل لغة من اللغات لا بد وأن يكون بعض الفروق بين لغتها المحكية بين الناس في الحياة اليومية، واللغة الفصحى المستعملة في الأدب والمدرسة والجامعة والدوائر الرسمية. ولكن هذه الفروق ليست بهذا الحجم الكبير الموجود حالياً بين اللغة العربية الفصحى واللغة العامية المتداولة. بتجربتي اللغوية المتواضعة لم أجد مثل هذه الفروق في اللغة الروسية، حينما أسمع الأطفال وهم يتكلمون مع ذويهم، فهم يتكلمون معهم اللغة ذاتها التي درستها في المركز الثقافي السوفييتي في دمشق، وكذلك الحال لمست في باريز أن هنالك فروق بين اللغة العامية ولغة الأدب، ولكن هذه الفروق لا يمكن أن تقاس على الإطلاق، بالفروق الموجودة لدينا بين العربية الفصحى والعامية. وفي الفترة الأخيرة اطلعت على (موسوعة العامية السورية/أربعة أجزاء) التي أصدرها الباحث اللغوي السوري ياسين عبد الرحيم، فوجدت أن 90-95% من مفردات هذه الموسوعة الكبيرة هي مستعملة يومياً من الشعب السوري إلى الآن، طبعاً مع وجود فروق بين عاميات المناطق السورية المختلفة، في الجنوب والشمال والوسط والساحل السوري والمنطقة الشرقية. وأحياناً نرى عاميات مختلفة في داخل المدينة الواحدة. وكذلك رأيت أن جزءً كبيراً جداً من الكلمات العامية المحكية هي مفردات سريانية تماماً مع بعض التعديل في اللفظ.
ويبدو أيضاً أن هنالك ميل عميق لا شعوري لدى الناس في بلادنا إلى تسكين الحرف الأول في الأفعال والأسماء فيقال على سبيل المثال:
عْملتْ، شْربْتْ، فْعَلْتْ، وفي الفعل الذي يبتدئ بالألف يحذفون الألف ويقولون: كًلْتْ، كلْتي، كلْتم...
وكذلك نرى هذا التسكين في الكثير من صيغ اسم المفعول من وزن: مْفَعَّلْ مثل مْرَتَّبْ، مْكَسَّرْ، مْكًسََّمْ، مْيسَّرْ ..إلخ.... الناس في بلاد الشام يحبون التسكين، ففي الكثير من القرى لا يقولون: أبو أسعد أو أبو أحمد أو أبو علي إنما ينادونه في كثير من المناطق كما في الساحل والقلمون: بو أسعد، بو أحمد، ولدينا مثل مشهور في بلادنا مستعمل لدى كل االسوريين: (الليْ بدو يعملْ بو علي بدو يْعلّي بابْ داره). وكيف ننسى بهذه المناسبة الباحث السوري في علم الاجتماع: بو علي ياسين صاحب كتاب الثالوث المحرم...
وفي اللغة العامية كذلك هنالك فروق نحوية كبيرة بينها وبين الفصحى. فعلى سبيل المثال أقول في الفصحى: أكلتُ لقمةّ أو لقيمات. شربتُ قليلاً من الماء، درستُ بضع ساعات، نمتُ قليلاً. بينما في العامية يقولون حتى الآن: أكلتلي كم لقمة، شربْتلي شويةْ ميْ، درسْتلي كمْ ساعة، نمْتلي شوي بعد الظهر. هذا الضمير الانعكاسي(لي) الموجود في نهاية الفعل الذي دلالته هنا على شيء قليل من الفعل؟.وهذا لايوجد فقط في المتكلم بل في الغائب المونث والمذكر وفي المخاطب أيضاً.وهنا في الجملة يوجد مفعولان للفعل: مفعول يقع عليه الفعل مباشرة ومفعول غير مباشر الذي هو الضمير.
والعامية في سورية تختلف من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى قرية. فعامية أهل مدينة النبك في القلمون تختلف عن عامية أهل يبرود التي تبعد 3 كيلومترات. وعامية أهل صيدنايا تختلف لفظياً تماماً عن عامية معرة صيدنايا التي اتصلت بها الان بعد زيادة التوسع العمراني بين البلدتين. وعلى سبيل المثال حينما أهل النبك يعدون أرقام بعد العشرة يقولون:11=حْدو، 12=ثْنو، 13=تلاطو،14= أربع طو،15=خمس عطو،16= سطعشو... وإذا أراد نبكي أن يسأل شخصاً آخر من بلده عن موعد الصلاة يقول له: وَذَّنْ ولا لو؟ = هل أذن المؤذن أم لا؟
وكذلك أسماء الإشارة في اللغة المحكية تختلف تماماً عن مثيلاتها في الفصحى ففي مدينة دمشق للشخص القريب أو الشيء: ليكو للمفرد المذكر، ليكا للمفرد المؤنث، ليكنْ للجمع المذكر أو المؤنث. وبدلاً من (هنا)الفصيحة يقال (هونْ). وبدلاً من (هناك) يقال: هونيك. أما في مدينة حلب فأسماء الإشارة الحلبية تقترب كثيراً من اللغة السريانية فيقال: كوهني، كوهنا، كوهنن.. وللبعيد كوهناك.. وفي مدينة اللاذقية نرى مفارقة لغوية جميلة فهم يستعملون في عاميتهم كلمة في منتهى الفصاحة، فحين يطلب اللاذقاني ابن المدينة من شخص آخر لكي يشاهد شيئاً ما فلا يقول: شوفْ أو طسْ كما هو الحال في باقي المناطق السورية بل يقول له: عيِّنْ.. عيِّن ولو...
وفي منطقة حوران في الجنوب حتى الان يلفظون الكاف: تش فيقولون على الكعك:تشعتش وعلى الكشك:تشتش ..وفي منطقة دير الزور أيضا يستبدلون الكاف بالشين فيقولون على السكين :سشين.. وفي الشمال في منطقة الحسكة يستبدلون، مثل السودانيين، حرف الغين بالقاف فيقولون بدلاً من يغني: يقني، وبدلاً من غني:قني. وفي حالة معاكسة يستبدلون القاف بالغين، فيقولون عن وقفَ:وغف وبدلا من مو قادر: مو غادر. ولذلك نرى في سورية كنيتان ولكنهما كنية واحدة: آل القادري وآل الغادري.وسألت مرة أحدهم من سكان الجزيرة السورية عن كنيته فقال أنه من : بيت الغادري. فقلت له من أين جاءت هذه الكنية فقال لي: شو انت ما تعرف؟ نحنا ننتمي لسيدنا الشيخ عبد الغادر الجيلاني... قصة العامية طويلة جداً وهي لا تزال غابة عذراء ينبغي استكشافها...
السؤال الذي أطرحه هنا بعد هذا التقديم، هو، لماذا لا يدرس علماء اللغة العربية هذه الفروق بين العامية والفصحى بجدية وموضوعية على كل المستويات النفسية والفيزيولوجية والوراثية والتاريخية والنحوية؟ سألت مرة صديقي المخرج السينمائي سمير ذكرى عن هذا الموضوع فقال: مرة قال لي عميد كلية الآداب في جامعة الكسليك في لبنان "نحن في بلاد الشام ما زلنا نتكلم في حياتنا اليومية اللغة العربية بمنطق اللغة السريانية والنحو السرياني. وكذلك في الأناشيد الدينية والصلوات نطوِّع اللغة لتنسجم مع موسيقى هذه الأذكار الموروثة التي هي سريانية وبيزنطية. في اعتقادي أن هذا البحث يجب أن يؤخذ بجدية من قبل علماء اللغة في بلادنا ويحتاج إلى ورشة واسعة جداً، والهدف هو ليس إلغاء الفصحى أوالعامية ، إنما لتطوير كلا اللغتين لجسر الهوة العميقة جداً بينهما.....
دمشق في11/5/2009





#نقولا_الزهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استطرادات لغوية وفكرية
- حكاية الأعداد والأيام والكواكب والآلهة
- معرفتي حول النيروز وأعياد الربيع
- النيروز وأعياد الربيع
- في العراق تراجع الهويات المذهبية أمام الهوية الوطنية
- حول الخصوصية والحامل الاجتماعي في الديموقراطية
- ليس انتصاراً!! لكنه احتجاج فردي مكثف بتعبيراته ورمزيته؟؟
- مبروكة للحوار المتمدن سبعه الملاح
- مشهد عولمي من قبل الميلاد
- مقاربة فكرية حول الأزمة الاقتصادية العالمية
- روسيا بين أن تدافع عن وجودها....وألا تنزلق إلى حرب باردة
- بقايا صور من الحياة اليومية/المكان
- العلمانية والديموقراطية والمجتمع المدني بين فكي التسلط والتط ...
- مشاهد متقطعة من الطفولة المبكرة
- فيروز والرحبانيون
- طيور سورية جديدة تحفر أعشاشها في جدار الخوف
- ما كل ما قبل الثورة جاهلية
- تلميذ يعيد الاعتبار لأستاذه
- هل يأتي المخرج من الشعب الفلسطيني
- الحوار اللبناني يمشي على الحبال الدولية والإقليمية


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نقولا الزهر - لمحة عما بين الفصحى والعامية في بلاد الشام