|
الشرنقة : قصة قصيرة
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 2644 - 2009 / 5 / 12 - 06:35
المحور:
الادب والفن
الحاضرات ثلاث ، أنت واثنتان أخريان ، امرأة وفتاة ، الوجوم يغلف الوجوه ، يعلو العبوس محياكن ، وتختفي الابتسامات ، جلبوكن ، رغما عنكن للإدلاء بمعلومات قيمة ،لاستجلاء بعض الغموض ،الذي يحيط بالحادث. يلفك إبهام شديد ، تنقبين عن بصيص ضوء في هذه المتاهة الخانقة.... الصمت يسيطر على القاعة الكبيرة ، ولا تسمعين إلا أصوات التنفس التي تنطلق ببعض الصعوبة ، لا تدري الواحدة منكن ، لم أجبرت على المجيء إلى هنا ، ؟ وهل هناك تهمة يمكن أن توجه ضدها ؟، وماهو نوعها ؟ وأنت ماذا جرى لك ، ولم تظهر قدرتك ؟كيف عجزت عن شم تلك الرائحة المنبعثة من الحريق؟ ، عرفت بقوة حاسة الشم ، وكثيرا ما كنت موضع إعجاب جميع من يعرفك ، كنت قادرة، على تمييز المخلوق الواقف خلف الباب ، من رائحته المنبعثة خلف الأبواب المغلقة ، تتبارين مع أخواتك وأشقائك ،من يستدل على الواقف ؟طالبا فتح الباب المسدود ، دائما تكسبين الرهان ، فكيف اندلع الحريق الكبير ؟، وفي منزلك ، و أنت آخر من يعلم به ، وكيف يحدث أن يشتعل حريق هائل ؟ ، ولم يكن شيء على آلة الطبخ ، و الوقت عصر ، ولا حاجة لإشعال نار ، أغلقت مفتاح الغاز بيدك ، بعد أن هيأت الشاي كعادة كل يوم ، وتناولت مع الوالدة ،أقداحا من الشراب المهيّل المنعش. تفكرين ، في إيجاد حل لهذا اللغز ، زميلتاك يلتفتان ، تنظرين إلى جهة الباب، يدخل رجل سمين ، يرتسم توتر الأعصاب عليه بوضوح ، ، لم يسبق لك أن شاهدته قبل هذه اللحظة ، تنقبض نفسك لمراه.. قال كلمة واحدة ، وأعطى لكل واحدة منكن ورقة وقلما: - لتسجل كل منكن ما رأت بعينيها ، ومن هو المستفيد من الحادث ؟ الزميلتان غريبتان ، شاهدتهما أحيانا في نهاية الشارع ، حين كنت تذهبين إلى المدرسة كل صباح ، أيعقل أنهما تعرفان من اليد المدبرة ؟، وأنت تجهلين ، والمنزل لك ووالدتك فيه ، يعييك بقاؤك حائرة وسط هذا الذهول الكبير ، يهيمن عليك بلا رحمة ، تحاولين ان تعثري على وضوح الرؤية في هذا الخضم الهائل من الظلمة .. - هل لكم أعداء ؟ من تتوقعين انه الفاعل؟ - ليس لنا خصوم ، نحن مسالمون ، وكل قاطني هذه المدينة ،أصدقاؤنا - من أشعل النار إذن ؟ تصعب عليك الإجابة ، وتعسر عليك مهمة تحديد الفاعل ، ولم تتعودي إطلاق التهم جزافا واتهام الأبرياء ، لقد عشت دائما موضع احترام الناس وتقديرهم ، لو كان أخوك هنا ، لاستطاع لما جبل عليه من معرفة الناس ، وفهم دوافعهم ، إيجاد الأجوبة الشافية ،لسيل أسئلتهم الجارف ،تعجزين عن الإجابة ، رحل ، أخبرك انه عائد عن قريب ، وانك يجب ان تضعي الأمر سرا بينكما ، ولا تخبري أحدا بحقيقة رحيله ، واخبري أمك حين تفتقده: - انه في رحلة إلى الجبال مع أصدقائه. - زميلتاك تكتبان ما تفكران فيه بحرية ، وأنت حائرة بينهما ، من يمكن أن يتسبب في اندلاع حريق مرعب ، في بيتكم ، وفي وقت ذهاب أخيك في مهمته التي لم يحدثك عن أسرارها ؟. - - حين أعود ، أقص عليك أخبارا سارة. فما طبيعة تلك المهمة ، ولماذا أصر أخوك على عدم إفشائها ؟، لا سيما أمام أمك ، معللا الغموض ، لئلا تبتئس ، وما الذي يجعل أمك تحزن ؟ هل ذهاب الشباب بلا إياب ؟ المتفشي هذه الأيام ؟ الورقة أمامك فارغة ، لم تكتبي كلمة ، كيف يمكنك أن تبيني ما حدث تماما ، كنت تظنين: إن الحريق في منزل جارتك ، هل يمكنك ان تحددي : من المستفيد من اندلاع ذلك الحريق؟ ، وقد عشت حياتك كلها ، لا ترغبين في الإساءة إلى الناس والإضرار بهم. ينطلق صوت الرجل: - لماذا لا تكتبين ، مثل زميلتيك؟ - لأني لا أعرف شيئا - كيف لا تعرفين ؟، والحريق شب في بيتكم ؟ -............. - أين أخوك ؟
- ذهب في سفرة مع أصدقائه ؟
- أين ؟
- جبال العراق.
- نعم ؟ للكارثة ...كاذبة أنت ، ماذا فعل أخوك كي تحاولين حمايته ؟
ولماذا غادر إبان اندلاع الحريق ؟
- إنها مصادفة محضة.
- كوني صادقة قليلا ، حسن، لنؤجل هذا الأمر ، صفي الحريق أولا
- اندلعت النيران على حين غرة ، كنت جالسة أشاهد فيلما في التلفاز ، فشممت رائحة حريق تنبعث بقوة ، فكرت أنها تأتي من الجيران ، فالمرأة المسكينة كانت مشغولة دائما ، في أعمال المنزل الكثيرة ، وفي مهمات الوظيفة ، وتربية ثلاثة أطفال تركهم لها أبوهم المرحوم. فكرت أن أذهب إلى الجارة ، لأنبهها إلى ما يجري في منزلها ، وقد تكون غير عارفة بخبيئة ما يحدث ، فتتعرض حيوات أولادها للخطر المبين. - يا لدهائك ... - تقوى رائحة الحريق ، فأسارع إلى النهوض ، والاستفسار من أمي المريضة ،المقعدة على كرسيها الدوار ، عن سبب تلك الرائحة النفاذة. - هذه قصة مفتعلة - هي الحقيقة كما رأيتها تنهي الزميلتان ما كانتا تكتبانه ، يقرأ الرجل ما في الورقتين ،من معلومات تعلو الابتسامة وجهه ، وينطلق صوته عاليا - أخوك هو الفاعل. - أخي ؟ انه مسافر منذ ثلاثة أيام ، فكيف يسبب الحريق هذا اليوم ؟ - هل تناقشينني ؟ اخرسي ، احضري أخاك ، وسوف أفرج عنك فورا ، لقد زدتم في ارتكاب السيئات ، وتجاوزتم الحد...
- أيها العصاة المارقون هل يعقل هذا ؟ يسافر الشاب ، ويتهم بأشنع تهمة وأقساها ؟ هل يمكن ان يشعل النار ،وفي منزل يحبه ، ويود أفراده ، ويكن لهم هذا الحب الفريد ، والتقدير الكبير ، وكيف يشعل النار وهو بعيد ؟ ولكن أين هو ؟ وماذا يفعل ؟ وما نوع المهمة التي ذهب من اجلها ؟ ولصالح من يقوم بها ، ولماذا غادر وقت طلوع الشمس مسرعا ، ونصحك ألا تخبري أمك بالأمر ، وان تدعي ما بينكما من سر مكتوما لا يشاع . ولماذا يتهمون أخاك ؟ ذلك الإنسان النبيل والشهم ، والذي تحبينه أكثر من أي مخلوق آخر ، وما طبيعة التهمة الموجهة له ، وما علاقة الفتاتين به ؟ ولماذا تحرصان على اتهامه ، وهل صحيح إنهما اتهمتاه ، أم أنها تهمة أخرى مركبة ومتشابكة ، لا يمكن مواجهتها ، من يستطيع أن ينكر أمرا قاله أحد المتنفذين - اتصلي به، كي يوضح ما لبس.. هل تشين بأخيك ؟ وهل فعل شيئا يستحق الوشاية ؟ ومن أوغر صدورهم ضده ؟، ألا يمكن ان يكون الأمر كله ، مجرد وهم كبير ؟ كيف استطاعوا ان يحرقوا المنزل ، ويتهموا أخاك بتدبير الحادث ، وكيف يمكنك أن تتصلي به ؟ وأنت لا تعلمين أين يقيم ؟ وجهلك ذاك من حسن حظك ، وإلا سارع إلى التضحية بنفسه كي ينقذك من براثنهم. خيوط من القلق والحيرة تستبد بك ، تلتف حول رقبتك، وتساهم في تصعيب الأمور ، وإبعاد الوضوح عنك ، ، كي تحددي الطريق ، الواجب عليك اتخاذ عدد من الوسائل ، لا قدرة لك بها الآن ، أنت في مفترق ، أمامك سبيلان ، أحلاهما مر. تسارع الفتاتان إلى الخروج ، لا يبدو الفرح واضح المعالم على محياهما ، لقد قاما بما أمرهما به الرجل ،ولا خلاص لهما بدون ذلك ، لو كنت تستطيعين أن تفعلي مثلهما ،وتنقذي نفسك من عذاب ، واقع عليك حتما ، ولكن ماهو الثمن الباهض الذي عليك دفعه للخلاص ؟، وقد لا ينجح ، فكم من بريء ،قضى العمر كله ،يصارع موجات التهم ، دون ان يحظى بما بقي يرجوه ،طوال عمره الضائع المميت ، وأين تلك البراءة ، في مجتمع مهمش ، يفتك الواحد منهم بالآخر ، رغبة في خلاص مزيف؟ يرتفع الصوت آمرا: - هيا أين أخوك ؟ النتيجة واحدة ـ إن تكلمت أو صمت ، فالأمر سيان، ينجلي أمامك الغامض ، ويقترب البعيد ،ويتوضح المبهم ، فتسمعين صوتك مصمما : - أين أخي ؟ أنا أسألكم أين وضعتموه ؟ تنسدل الستارة إلى عينيك، قلبك يبدي صمودا ،كنت تتوقين اليه تجدين الأيدي تجرك ، إلى مكان بعيد
صبيحة شبر
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وأين حقوق العمال الماكثين ؟
-
العار : قصة قصيرة
-
الثقافة وعلاقتها بالتربية
-
الثرثارة : قصة قصيرة
-
حقوق المرأة متى يحين أوانها ؟
-
دورالأسرة في التربية
-
كاتم الصوت
-
العدالة الاجتماعية وكيفية الوصول اليها
-
الفضائيات العربية ومهمة بناء الوعي وتوجيه الرأي العام
-
نصائح : ق ق ج
-
أيتام
-
هل يصنع النقد أدبا؟؟
-
امرأة ام أنثى؟؟
-
( الحوار المتمدن) وتجربة الأعوام السبعة
-
( أعمامي اللصوص) مجموعة قصص تعري الواقع المنخور
-
كفاءاتنا العلمية ،،،،، الى اين ؟
-
دروس الثورة الاشتراكية
-
حوار مع الناشطة المغربية فاطمة الزهراء المرابط
-
محاورة مقامات عسقلاني
-
قديما مثل هيباشيا
المزيد.....
-
وفاة عملاق الموسيقى الأمريكي كوينسي جونز عن عمر يناهز 91 عام
...
-
شيماء سيف: كشف زوج فنانة مصرية عن سبب عدم إنجابهما يلقى إشاد
...
-
فيلم -هنا-.. رحلة في الزمان عبر زاوية واحدة
-
اختفى فجأة.. لحظة سقوط المغني كريس مارتن بفجوة على المسرح أث
...
-
رحيل عملاق الموسيقى الأمريكي كوينسي جونز عن 91 عاماً
-
وفاة كوينسي جونز.. عملاق الموسيقى وأيقونة الترفيه عن عمر 91
...
-
إصابة فنانة مصرية بـ-شلل في المعدة-بسبب حقن التخسيس
-
تابع الان مسلسل صلاح الدين الأيوبي مترجمة للعربية على قناة ا
...
-
قصيدة عامية مصرية (تباريح)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
-
الكاتب الجزائري الفرنسي كمال داود يفوز بجائزة غونكور الأدبية
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|