|
مهزلة عربية ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين
سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 2644 - 2009 / 5 / 12 - 08:56
المحور:
القضية الفلسطينية
((مابين السطور))
ونحن في رباط المواجهة مع الكيان الصهيوني، وعلى عتبات ذكرى النكبة ال61 على احتلال فلسطين، والجميع من أقصى الشرق إلى كل اتجاهات الخارطة العالمية، يعدون العدة لإحياء تلك الذكرى الأليمة، علما أنها ليست ذكرى ومن الظلم توصيفها بالزمن الماضي، لأنها متجددة على مدار الساعة واليوم والشهر والسنة، وكل يوم نشهده هو اشد حلكة ومرارة ونكبة من اليوم السالف، وكأن النكبة كانت بفعل إرهاب الصهاينة فقط، بل كانت ومازالت النكبة المتواصلة بتضافر كل قوى الإرهاب الصهيوني العالمي، لإخراج ماهو اكبر واخطر من أيام النكبة، ومن اجل إحداث شمولية واستمرارية النكبة، ولم يتغير شيء فبريطانيا اللعينة والولايات المتحدة الالعن ومن دار في فلكهما من الغرب الاستعماري، مازالوا متعهدين بتواصل النكبة على مدار تلك ال61 عاما، من تعاطف ودعم وانحياز لكيان المسخ الصهيوني حتى تاريخنا هذا، وما تلا سنوات النكبة الأولى وصولا إلى النكسة 67 هو عدوان وحشي صهيوني متواصل بأيدلوجية دموية لم تجد غير هذا الشعب الفلسطيني الأعزل ليواجهها، وما تغير شيء حتى في خطابنا العربي الإسلامي الهادر الزائف، وقد أزعجنا العالم القوي بأسطورة بكائياتنا العروبية ، وترانيم الشكوى ليل نهار من بطش الصهاينة في شكل اجتماعات وقرارات ومقررات ومحاضر وشعارات لاتسمن ولا تغني من جوع، لايواجهها العالم بمزيد من عدم الاكتراث بل والتقزز من شكوى المستضعفين، أو من أرادوا لأنفسهم هذا القدر المهين.
واحد وستون عاما وامتنا العربية والإسلامية، تذرف الدمع على ضياع فلسطين، واحد وستون عاما وامتنا تشكي المذلة والهوان، وتستغيث بالغرب والشرق صناع الكيان الصهيوني، كي يرفعوا عنهم الضيم والبلاء،ومع استمرار هذا الواقع العربي الجبان الكاذب بين ممانعة واعتدال، سيستمر عويل ونواح وشكوى الضعفاء مائة عام أخرى، يوم الذكرى مظاهرة تعلق فيها البوسترات بملايين الدولارات، وتلقى فيها الخطب النارية بصوت البكاء، وذلك ليس هديرا أجوف يطالب بعودة الذي ضاع، وإنما توسلا علنيا لأمة المليار والنصف مليار، كي يوقف حفنة من حثالة البشرية لايتجاوز عددهم الخمسة ملايين مستوطن ومغتصب أرعبوا هذه الأمة الذكرى،هؤلاء الحفنة الباغية الطاغية من المستوطنين يحتلون فلسطين وأراضي لبنانية وسورية، وان قتلنا خمسة منهم تجد امة المليار ترقص طربا وتعلن الانتصار، وكل يوم يقتلون منا الآلاف وكذلك ترقص امة المليار وتشدوا ترنيمة الانتصار، وكان النكبة كذكرى هي الأهم ولغتها البكاء والأناشيد والدعاء، في حين أن الحاضر نكبة النكبات.
وكان مؤخرا وليس أخيرا عدوانا بربريا صهيونيا، على مسمع ومرآي امة المليار ، حيث مذبحة غزة ودفن آلاف الأطفال والنساء والرجال أحياء، وتدمير الحجر والشجر والبشر، وتجريب كل أسلحة الموت من مخلفات اليورانيوم والفسفور الأسود، وقد ارتكبوا مجزرة اشد جريمة من مذابح النكبة الأولى، وفي مسلسل جرائمهم التي لم تتوقف يوما منذ 1948 راح ضحيتها زهاء ال1500 شهيد وال5000 آلاف جريح، ودمرت عشرات آلاف منازل الإيواء للمدنيين، وقتل منهم ثلاثة إلى عشرة مجرمين، ومازالت امة المليار ترقص طربا لهذا النصر العظيم، وهاهم تلك الحفنة الصهيونية المارقة ينتخبون من لديهم شعارات أكثر دموية، وقد بدأ بالفعل إرهاصات عدوان جديد على غزة كاد الله في عون أهلها، فلا يعقل أن تخذل هذه الحكومة الأكثر دموية ناخبيها، بل ستثبت لهم أنها الأكثر تطرفا ودموية لتثلج صدورهم الصهيونية النازية ومازالت امة المليار ونصف مكانك سر.
لنسمع مؤخرا عن انجاز الأمة العربية ، بقرارات ومقررات قيادتها للرد على المجازر المستمرة، ليعلنوا أنهم مؤخرا أن لجنة تقصي الحقائق!!! فرغت من عملها في جمع الأدلة من غزة والتي تدين جرائم الكيان الإسرائيلي.
وهاهم وزراء الخارجية العرب يزفون لنا البشرى القادرة على حساب المجرمين الصهاينة، والقادرة على كبح وردع أي عدوان جديد، ليصادقوا مؤخرا على تقرير "لجنة تقصي الحقائق الدولية" والمنبثقة عن جامعة الدول العربية!!!، حول الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية أثناء!!! العدوان الإسرائيلي الأخير على الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، أليس في مثل هذه المهزلة الأخيرة نكبة أكثر من نكبة البدايات؟لان هذه اللجان الهامشية والشكلية معدومة الصلاحيات، والتي لم تنبثق عن الأمم المتحدة ومجلسها الدولي الإجرامي وبقرار تحت الفصل السابع،فأي جامعة عربية هذه التي سينبثق عنها لجنة تقصي حقائق دولية، بتطوع بعض القضاة الأجانب المحالين على المعاش، وبعض رجال مؤسسات حقوق الإنسان، ومنذ متى تأبه دولة الكيان الصهيوني بمثل تلك اللجان التي لا ترقى إلى لجان تحقيق إلا في دول الهزيمة العربية والإسلامية، وها هي امة المليار ستصفق من جديد لهذا النصر المبين، الم يتعجل العرب في مثل هذه المصادقة البطولية على تقرير تلك اللجنة الهامشية الهشة، هل انتهى العدوان كي نتقصى الذي مضى، أليس خيرا لقيادتنا العربية أن تلتزم مزيدا من الصمت اشرف لها، كي تتقصى الجرائم دفعة واحدة بعد قتل مزيد من آلاف الفلسطينيين مجددا، ألا يسمعون بتجدد القصف المدفعي والجوي وبداية الاجتياحات الحدودية والإنزال ، وقصف بوارجهم الحربية لقوارب الصيد، أم أن هذه ليس جرائم حرب، مصيبة لو كان المقصود كما ورد في تقرير تقصي الحقائق، بان اللجنة تقصت جرائم معينة أثناء العدوان على غزة، العدوان بذاته ومنذ أول شرارته الدموية هو حقيقة إجرامية، أو ربما صدقوا غبائنا بان لدينا جيوش جرارة وأسلحة رادعة تكفيهم لتبرير العدوان بالندية الظالمة مع ترسانة العدو الصهيوني، وما الجرائم سوى قتل المدنيين!!!! ومن قتل أصلا غير المدنيين!!! ومن شرد ودمر أصلا غير المدنيين!!! إذن العدوان والذي لايحتاج لتقصي حقائق من أساسه جريمة، وأما شعاراتنا الهادرة وأسلحة الردع التي تمتلكها جيوشنا الغزية الجرارة المدمرة، ماهي إلا مكيدة وأكذوبة وتضخيم صهيوني، كي تصل مثل تلك اللجنة المهزلة إلى تقصي بعض الحقائق عن جرائم مجهولة أثناء الحرب على غزة!!!!!! أليس هذا الإجحاف بالتقرير نكبة جديدة؟؟؟
وطالما هي لجنة تقصي حقائق، لايسمع صوتها أكثر من ذاتها، فلماذا يرد عليها أعلى قمة أممية الموظف المطيع"بان كي مون" الأمين العام للأمم المتحدة، بوقف إجراءات التحقيق في الجرائم الإسرائيلية، والتي حصرها في استهداف مؤسسات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، أو لماذا لايحاكم قادة العدو الصهيوني أولا في دول امة المليار، التي تلعن وتُجرم هؤلاء المجرمين، ومن ثم تطالب الأنظمة العربية الأسرة الدولية بتنفيذ أحكام قضائها!!! لماذا نلهث خلف أكذوبة القضاء الأوروبي المنحاز من الرأس حتى الأساس للصهيونية، ومن خرج وحاد عن هذا الانحياز إنما تلاحقه لعنة معاداة السامية، وماهي غير مانشيتات إعلامية حتى لا ترقى إلى زوبعة في فنجان، تبدأ بالقضاء الاسباني العادل!!! وتصفق امة المليار وقادتها إلى هذا النصر المبين، وما هي سوى أيام انقشاع ليل التقصي والعدالة والقضاء، حتى تنأى تلك الدول حاملة شعارات العدل والمساواة والحرية عن جريمة المس باليهود والصهيونية، بل ويجرمون من بعد الجريمة الضحية.
وقد ادعت جامعة الدول العربية مؤخرا وبعد جهد جهيد، لنفسها شرف إرسال لجنة تقصي الحقائق إلى غزة، مكونة من شخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة والحياد، وعلى رأسهم القاضي الإفريقي"جون دوجارت" ومعه مجموعة من الخبراء الأكفاء من اجل توثيق معالم الجريمة الأخيرة في غزة، والحقيقة المؤلمة أن تلك اللجنة ليس لها عنوان بمفهوم الغطاء الرسمي الدولي، وما أعضائها المختارين سوى متطوعين، وما تقريرها سوى حبر على ورق، أرسل مؤخرا إلى الأمين العام للأمم المتحدة"بان كي مون" والى المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية"لويس اوكامبو" علما أن هؤلاء أجابوا بحقيقة الإجراءات قبل الانتهاء من إعداد التقرير المزعوم، الأول يقرر وقف التقصي والثاني يقرر عدم صلاحية المحكمة للنظر في مثل هذا التقرير، لان لجنة تقصي الحقائق أو التحقيق الحقيقية، إنما تنبثق عن مجلس الأمن وليس عن جامعة الدول العربية، وجامعة الدول العربية شرذمة الذات والإرادات والتي تدور فيها مهزلة المزايدات بين ممانعة واعتدال، غير مؤهلة لفرض إرادتها الغير متماسكة على المجتمع الدولي، كما أنها عاجزة عن حث دول الممانعة الهادرة كذبا، قبل دول الاعتدال الحكيمة انبطاحا، كي تملك على الأقل مصداقية التهديد لمنع مزيدا من المجازر الصهيونية على غزة ، ومنع تهويد القدس وتهجير سكانها، ولم تتخذ الجامعة ولا منظمة المؤتمر الإسلامي أي خطوة بحجم التخطيط العملي لانهيار المسجد الأقصى بالحفريات أسفله بحثا عن الهيكل المزعوم، اعتقد أن جامعة الدول العربية في ظل التنكر الدولي الرسمي لمقرراتها الهزيلة، لاتملك أكثر من شهادة شكر للقضاة والخبراء المتطوعين في توثيق الجرائم المستمرة منذ واحد وستون عاما، ومذبحة غزة بكل الحسابات لن تكون الأخيرة، ولن يمنع عدوان بات على العتبات وبشكل نوعي إجرامي آخر، مثل تلك التقارير والمقررات، كل الجبهات العربية ميتة وكمتخاذلة من ممانعة قبل اعتدال، وعلى الجامعة العربية المنتشية بانجاز تقريرها، أن تجهز مزيدا من القضاة والخبراء المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة كي يشهدوا ويتقصوا العدوان الإجرامي الصهيوني القادم.وما على امة المليار بعد الغفوة الأخيرة من بعد تصفيق للنصر العظيم، برسم دماء أطفال فلسطين وتشريد آلاف الأسر في العراء حتى وقتنا هذا، إلا أن يشحذوا هممهم والاستعداد لمزيد من أناشيد النصر الذي هو في أمس الحاجة إلى تصفيقهم قبل الغفوة والسبات التالي.
لانامت أعين الجبناء... لا نامت أعين الجبناء... لا نامت أعين الجبناء
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غزة ارض مدمرة وإنسان محبط
-
هل تحتفظ إيران لنفسها بحق العجز؟!
-
تجارب سرية لأسلحة بيولوجية,,لاجنون بقر ولاهوس خنازير
-
فرقاء فلسطين وأنصار العرب
-
ثورة اوباما ومواجهة التحديات
-
-نتن ياهو- والعودة لنقطة الصفر
-
كلمة للسيد/ -جون جينج- مدير عمليات وكالة الغوث
-
الحوار الفلسطيني والحسم المصري
-
مثالية اوباما وجدار الإستراتيجية
-
الدائرة الخطرة,,,, جريمة اغتيال القائد اللواء/ د.كمال مدحت
-
تداعيات تحدي البشير للهيمنة الغربية
-
شاليط ولعنة الفراعنة
-
الانتخابات حق غير قابل للتصرف ولا يسقط بالتوافق
-
قمة الثلاثة الكبار و إرهاصات الوحدة العربية
-
إيران أم أفغانستان,,, أيهما الهدف القادم ؟؟؟
-
الثور الأبيض عمر البشير فمن يليه ؟؟؟!!!
-
معطيات حوار لن يفشل,,, فكيف سينجح ؟؟؟
-
عملية ارهابية ببصمات -بني موساد-
-
اوباما ليبرمان وهيروشيما طهران
-
استعادة قوة الردع الفلسطينية
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|