أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم جوهر - مع تميم البرغوثي في ديوانه-في القدس-














المزيد.....

مع تميم البرغوثي في ديوانه-في القدس-


ابراهيم جوهر

الحوار المتمدن-العدد: 2643 - 2009 / 5 / 11 - 05:44
المحور: الادب والفن
    


" الهوية والرؤيا "

ينشغل الشاعر تميم البرغوثي في ديوانه (في القدس) بهموم الهوية الثقافية الفلسطينية . و يأخذ من مكوّناتها دافعا يمضي به إلى الأمام فيحاوره ويناوره ، يشير إليه ويثبته ، يعلي من شأنه أو يقسو عليه .
الفكرة هي أساس المنطلق عند الشاعر في هذا الديوان ، والفكرة عادة تنبع من إحساس الشاعر بالمشكلات وتعامله معها والرد عليها : إنه يحدّد شيئا ما في مواجهته ، فيتحداه ويحاوره ، أو يصف وضعه في مقابل الوضع الآخر المقابل له في معادلة الصراع .
ومعادلة الصراع لدى الشاعر معادلة ذات مكوّنين مختلفين ، متناقضين ، متصارعين يشبهان الخطين المتوازيين إذ لا التقاء بينهما أبدا ، وإن كان اللقاء / التقاطع فهو مؤقت عابر ودام عدائي .
والشاعر يقول هذا صراحة بأسلوب خطابي ظاهر لا تلميح فيه ، بل تراه معبأ بكل الأنفة والكبرياء والتحدي الغائص إلى جذور التاريخ والجغرافيا والثقافة . هذه الأقاليم التي تشكل ثقافته ومدده الذي يتكئ عليه ويثق به .
وهذا المدد الثقافي عند الشاعر يشمل الإنسان والتراث الأدبي وقصص النبوة التي تحدت كفار قريش وانتصرت عليهم بتوفيق من رب العالمين .
يعلي الشاعر البرغوثي من شأن المكان والإنسان في فلسطين ، فالمكان محور الصراع الذي لا حلّ فيه إلا بكون واحد لطرف الصراع العربي / الفلسطيني / الإسلامي . يقول في نهاية قصيدة ( في القدس ) :
" لا تبكِ عينك أيها المنسيّ من متن الكتاب
لا تبكِ عينك أيها العربي واعلم أنه
في القدس من في القدس لكن
لا أرى في القدس إلا أنت " (ص12) .
هكذا ترى العين رؤيتها البصيرية / البعيدة . بعدما رأت العين رؤيتها البصرية العادية القريبة من واقع أسود قائم بفعل القوة والواقع ، هذا الواقع الذي يراه الشاعر زائلا ، متغيرا لصالح الطرف صاحب الامتداد الثقافي والحق الإنساني والقانوني في الوجود .
فماذا رأت العين في الواقع ؟ وكيف قادتها هذه الرؤية الواقعية البصرية إلى رؤيتها البصيرية المتحققة في المستقبل ؟ رأت العين الواقع متمثلا في 1) قانون الأعادي الذي يمنع الناس من زيارة القدس 2) جمال القدس الواقعي والنفسي المبهر ( متى تبصر القدس العتيقة مرة // فسوف تراها العين حيث تديرها ) ص3 .
3) أغراب جاؤوا من أصقاع الدنيا ( من جورجيا ، منهاتن ، بولونيا ، أثيوبيا ، بلاد الإفرنج )
4) جنود يفرضون واقعا احتلاليا .
ولكنّ البصيرة ترتد إلى التاريخ الذي ينبئها بــ :
1) الآثار الإسلامية الباقية ذات العلاقات الحميمة الحانية من أقواس وقباب وأبنية .
2) المدارس التاريخية
3) العبق التاريخي
4) القبور الإسلامية التاريخية
5) السجل التفصيلي بالأقوام التي وفدت إلى المدينة وحطت رحالها فيها ( تقبل كلّ من أتاها كافرا أو مؤمنا ) ص11
إنه يحدد معالم الهوية المقدسية ، يرتد من الواقع إلى التاريخ ، ثم يعود إلى الواقع في رحلته المحاصرة ، ليصعد في بصيرة واثقة إلى مستقبل يراه مؤكدا : ( لا تبكِ عينك أيها العربي واعلم أنه // في القدس من في القدس لكن // لا أرى في القدس إلا أنت ) ص12 .
الهوية عند الشاعر :
( أنا لي سماء صغيرة زرقاء // أحملها على رأسي // وأسعى في بلاد الله من حيّ لحيّ // هذي سمائي في يدي ) ص24 .
والسماء نفسها في كلّ مكان ولكن الأرض تشاركها هذه السمة ، لذلك ينهي الشاعر قصيدته مشيرا إلى امتلاكه شقا واحدا من المعادلة غير المكتملة ، فنراه يتمنى : ( يا ليت أرضا / أي أرض / في يديّ ) ص34 .
ويحمل الشاعر هموم شعبه في قصيدة ( أيها الناس ) :
ثم إني أحكي حكاية قوم // لغة الله خبزهم والماء ص169
ولغة الله : اللغة العربية بالمعنى اللغوي ، ولغة العدل والمحبة والقيم السمحة ، بالمعمى الاصطلاحي .
أما قوله : ( أحكي ) فتعني هنا : أنقل و أتبنى وأحمل . إنه يعرّف بنفسه وبشعبه / قومه ، رابطا هذا كله بالمعتقد الديني الذي يشكل جزءا أصيلا من هوية الفرد الفلسطيني في هذه البلاد .
ثم نراه يختم هذا ا لتفصيل الشعري لغة وإيحاء بالتعريج على هويته الذاتية الشخصية المؤطرة بإطار عام بليغ الدلالة : ( أنا ابن مريد ورضوى // بلادي فلسطين // واسمي تميم ) ص173
لقد انشغل الشاعر بالهوية : هوية الوطن / وهوية الإنسان ، وهوية التاريخ في ديوانه الأخير ( في القدس ) .
وما العنوان نفسه إلا دلالة واضحة المعاني .

لقد جاء ديوان الشاعر تميم البرغوثي ، وقصيدته الأشهر التي حمل الديوان اسمها ( في القدس ) في وقته ، زمانيا وسياسيا واجتماعيا ؛ ففي الوقت الذي غاب فيه جمهور الشعر لأسباب عديدة ، جاء هذا الديوان ليعيد للشعر جمهوره . وفي الوقت الذي غيّبت فيه القدس ، وأجلت قضيتها ، جاء هذا الديوان ليضعها على رأس سلم الأولويات. وفي الوقت الذي بدأت فيه الهوية المقدسية كمفهوم وانتماء وافتخار وتحد وثقة ، جاء هذا الديوان ، وتلك القصيدة الأشهر .

ومما أسهم في زيادة الأثر والترويج له : هذه اللغة الحميمة الواضحة الصادقة ، التي حملت من الشعر أحاسيسه ، ومن النثر وضوحه وجماله ، ومن الشاعر فكره وعشقه .



#ابراهيم_جوهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خذوا خنازيركم وارحلوا
- يحيى يخلف في -ماء السماء- الحياة والأمان في الوطن فقط


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم جوهر - مع تميم البرغوثي في ديوانه-في القدس-