أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شاكر النابلسي - فلسطين بين فكي الأصولية الإسلامية واليهودية















المزيد.....

فلسطين بين فكي الأصولية الإسلامية واليهودية


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2642 - 2009 / 5 / 10 - 09:02
المحور: القضية الفلسطينية
    


-1-

ليست الأصولية قاصرة فقط على الدين الإسلامي، ولا الأصوليون قاصرين على المسلمين فقط. ففي الديانة اليهودية، هناك أصولية متزمتة جداً، تُسمى طائفة "السكناج". والأصولية اليهودية هي الأكثر تطرفاً بين جميع الأصوليات الدينية في التاريخ، ولها دور سياسي كبير في إسرائيل، وخارج إسرائيل. وهي التي اغتالت رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق اسحق رابين. ونستطيع أن نقول أنهم الأكثرية في المجتمع الإسرائيلي، إذ لا يشكل العلمانيون أكثر من 25-30% من عدد اليهود بينما يشكل التقليديون 50- 55 % ويشكل المتدينون 20%. وقد تتبع الباحثان شاحاك ونورتون متسفينسكي جذور الأصولية اليهودية في كتابهما "الأصولية اليهودية في إسرائيل". واعتبر هذان الباحثان أن الأصولية اليهودية، هي أكثر الاتجاهات تأثيراً وخطورة في إسرائيل. وأن هذه القضية تُعتبر من أكثر القضايا خطورة في إسرائيل.



-2-

ويقرُّ هذان المؤلفان أن الأصولية في كل الأديان، ترغب في العودة بالمجتمع إلى الأزمنة القديمة الطيبة، الخالية من الشرور والآثام الحديثة. وهؤلاء الأصوليون يتشددون في السياسة، كما يتشددون في الدين. فهم – على سبيل المثال لا الحصر - يعتبرون المستوطنات قلاعاً للأيديولوجية اليهودية، ويمكن أن تكون نواة للمجتمع الإسرائيلي، الذي يرغب القادة الأصوليون في بنائه في الضفة الغربية. وتؤيد الغالبية العظمى لأعضاء الكنيست هذا التوجه. ويعتبرون اتفاق أوسلو، وقيام السلطة الفلسطينية، كارثة حلّت بإسرائيل، وجعلت لزاماً عليهم أن يحاربوا بلا رحمة "الكيان الكنعاني الفلسطيني" الجديد، وهي النظرة نفسها من جانب الأصولية السياسية الإسلامية تجاه إسرائيل.



-3-

وترى كارين آرمسترونج الراهبة السابقة، ومؤلفة كتابي "معارك في سبيل الإله والتاريخ المختصر للإسلام"، وكتاب "تاريخ الله" الذي يعد واحداً من أفضل الكتب مبيعاً خلال السنوات الماضية، وهي واحدة من أنجح الباحثين في مجال نشأة الأصولية في الديانات الثلاث: الإسلام، والمسيحية، واليهودية. وتعد أبحاثها في هذا المجال مرجعاً رئيسياً وأكاديمياً لا يُستهان به. وتقول آرمسترونج، أن اليهود كانوا أول من أقبل على التطرف الديني، لأنهم عانوا أزمة عدم العدالة الاجتماعية، ووجدوا أن مدنية العصر الحديث هي السبب وراء اضطهادهم ومعاناتهم، فهم بكل ما يحملونه من خرافات دينية وأساطير، لم يعودوا مُقنعين لعقلية عصر العلم والتكنولوجيا.

-4-

اليوم - كما الأمس- تحكم القضية الفلسطينية أصوليتان.

الأولى، إسلامية ممثلة بحماس وباقي المليشيات الدينية الفلسطينية المسلحة، والتي لا تعترف بكل قرارات واتفاقيات المؤتمرات الدولية السابقة، الخاصة بالقضية الفلسطينية.

والثانية، يهودية ممثلة بحزب "إسرائيل بيتنا" وبقيادة ليبرمان، وزير الخارجية الإسرائيلية في حكومة نتنياهو الحالية، ويساند ليبرمان كافة الأحزاب الدينية اليمينية اليهودية الأخرى. وليبرمان هو الذي ينكر، ما تنكره الأصولية الدينية/السياسية الفلسطينية.

وهذه ليست المرة الأولى، التي تلتقي فيها الأصولية الإسلامية مع الأصولية اليهودية في إبقاء الوضع الفلسطيني – الإسرائيلي على حاله. فلا سلام ولا حرب، مع ازدياد قوة إسرائيل العسكرية والاقتصادية خلال هذا التعصب. فتاريخ القضية الفلسطينية منذ أكثر من ستين سنة، يشهد على أن الصراع الفلسطيني – اليهودي، والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بعد ذلك، قد تحوّل إلى صراع ديني وليس إلى صراع سياسي. فكلا الجانبين يدّعي بأن فلسطين هي أرضه المقدسة، وهي أرضه الدينية التاريخية. وعندما تحوّل الصراع الفلسطيني – اليهودي من صراع سياسي إلى صراع ديني، أصبح من العسير جداً حلّ القضية الفلسطينية منذ ستين عاماً إلى الآن على أساس الدولتين المستقلتين: الإسرائيلية والفلسطينية.

فكيف يمكن أن تُقام هاتان الدولتان، والأصولية الإسلامية تعادي الأصولية اليهودية عداء شديداً، وتأتي لها بالآيات القرآنية التي نزلت في المدينة، أيام خلاف الرسول عليه السلام مع اليهود، قبل حوالي 15 قرناً. وتغضَّ النظر عن الآيات القرآنية التي نزلت في مكة قبل الهجرة، وتمتدح اليهود والنصارى كأهل كتاب. وتعتبر الأصولية الإسلامية الآن، أن ذلك الخلاف بين المسلمين واليهود في المدينة، ما زال قائماً إلى الآن، ولم يتغيّر بتغير القضية، وناسها، وزمانها، ومكانها. بل إن هذا الخلاف، يُدرّس إلى الآن، في معظم المدارس العربية. كذلك، فإن عداء الأصولية اليهودية للعرب في الثقافة اليهودية لا يقل عن ذلك. وفي الكتب المدرسية اليهودية تصف الأصولية اليهودية العرب بأقبح الصفات.

ففي دراسة أجريت على 380 كتاباً في المناهج التعليمية الإسرائيلية، أُلحِقت بالعرب المهن التالية: لصوص (42 كتاباً)، مخرّبون ( 36 كتاباً)، قنّاصون وقتلة ( 27 كتاباً)، مختطفو طائرات (31 كتاباً)، مغتصبو أملاك (41 كتاباً)، يحرقون الحقول والأشجار (17 كتاباً)، أعمال قاسية دون تحديد (181 كتاباً). وكما أثبت البروفيسور كوهين، في بحثه المنشور بالعبرية تحت عنوان: (أي وجه قبيح في المرآة)، أنه في تحليله لمضامين ألف كتاب عبري، تظهر صورة العربي في شكل قاتل، أو مُختطف للأطفال، وأن هذه الصورة مستقرة لدى 75 بالمائة من أطفال المدارس الابتدائية الإسرائيلية. وفلسفة التعليم الصهيوني بُنيتْ أصلاً على تلقين التراث الديني اليهودي، وإفهام الطلاب أنّ الحضارة البشرية هي نتاج مشترك بجهود الشعب اليهودي. وقد عبرّ الكاتب اليهودي موشيه مينوحين عن الرّوح التي تبثّها المدارس اليهودية قائلاً: "منذ سنوات دراستنا الأولى، كنا نتلّقى يومياً خُطباً لا تنتهي عن واجباتنا المقدّسة نحو أمتنا، وبلادنا، وأرض آبائنا، وكانت قلوبنا الفتية تمتلئ بالقول، إنّ أرض آبائنا يجب أن تخلُص لنا نظيفة من الكفّار العرب، وإنّه يجب أن تسخّر حياتنا لخدمة أرض آبائنا، وللقتال من أجلها".

ومن هنا يتضح لنا، أن الأصولية العربية الإسلامية، والأصولية اليهودية الصهيونية هما اللتان تتنازعان على فلسطين، وكل واحدة ترى أحقية ملكيتها في فلسطين بحججها التاريخية والدينية. وبذا، فإن القضية الفلسطينية لن تُحل على هذا المستوى. ويمكن أن تبقى هذه القضية عالقة هكذا قرناً آخر أو قرون أخرى، في الوقت الذي يقوم فيه الجانب الأقوى (إسرائيل) بقضم الكعكة الفلسطينية، قضمةً بعد أخرى، ببناء المستعمرات المختلفة وبسرعة جنونية، لكي يضع الفلسطينيين والعرب والعالم أمام الأمر الواقع، كما يفعل في كل مرة خلال الستين عاماً الماضية، من عمر القضية.






#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هؤلاء القراصنة: نظرة مغايرة
- قمة العشرين.. هل هي نظام عالمي جديد؟
- تركيا: نافذة أوباما على العالم الإسلامي
- التحالف الإيراني – الإسرائيلي الخفي
- قطوف الديمقراطية العراقية الدانية
- الدولة العربية الحديثة وحاجتها الماسة إلى الدين
- العراق: من ديكتاتورية البعث إلى ديكتاتورية الطوائف
- أزمة التيار الديني في التركيز على القشور وإهمال اللُبَاب
- من هو المثقف الليبرالي وما هي مهمته؟
- العراق بين الإحلال الأمريكي والاحتلال الإيراني
- سيطرة ثقافة الحرب والخوف من السلام
- اضاءات فكرية لدواخل الخطاب السياسي الديني
- ما هي أسباب بروز -الإسلام السياسي- بهذه القوة؟
- الانتخابات العراقية.. درس آخر في التطبيق الديمقراطي
- ذهب بوش.. فهل ستقلُّ كراهيتنا لأمريكا؟
- علاقة -الناصرية- و-البعث- و-القوميين العرب- بالإسلام والدولة
- هل سيكون لحمائم -حماس- دور في إقرار السلام ؟
- ذهب بوش وبقي العراق
- الدلائل القطعية بين -نعم- و -لا- لربط الدين والدولة
- هل سيُفرِّخ العراق إرهابيين جُدداً كما فرَّخت أفغانستان في ا ...


المزيد.....




- الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
- بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند ...
- لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
- قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب ...
- 3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
- إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب ...
- مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
- كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل ...
- تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شاكر النابلسي - فلسطين بين فكي الأصولية الإسلامية واليهودية