|
اليمن تحت نيران الجرع السعرية
عارف علي العمري
الحوار المتمدن-العدد: 2642 - 2009 / 5 / 10 - 05:35
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
"لا صحة لما تروِّجُ له أحزابُ اللقاء المشترك بأن هناك زيادات سعرية قادمة، ليس هناك أية إجراءات من هذه المزاعم على الإطلاق، فقد إنتهت الجرع وإلى الأبد، ولكن هذا في خيال المشترك، وفي رأسه، فلا وجود في سياستنا وخططنا لأية إصلاحات سعرية".. علي عبدالله صالح -رئيس الجمهورية.
كانت الفقرة السابقة جزءاً من خطاب رئيس الجمهورية أثناء الإنتخابات الرئاسية الماضية، وتحديداً يوم الأحد 17 سبتمبر 2006م في مهرجان إنتخابي بمدينة رداع محافظة البيضاء، وقبيل الإقتراع بثلاثة أيام، وكانت صحُفُ الحزب الحاكم، والإعلام الرسمي حينها يحتفيان كالعادة بتلك العبارات وذلك الخطاب، لكن ما الذي حدث بعد ذلك؟؟!..
لم يمضِ سوى شهر أو أقل من شهر واحد حتى ارتفعت الأسعارُ بشكل مخيف، ومع ارتفاع الأسعار إرتفعت معدلاتُ البطالة، وازداد أعداد الفقراء، وتكاثر عدَدُ الشحاتين والمتسولين في المساجد والجولات، وأصبح المواطن يعض أصابعَ الندم، بعد أن تلاشت أحلامُه في عيش كريم، ومواطنة متساوية، وهو يدلفُ بوابة [اليمن الجديد، والمستقبل الأفضل]!!.
في الأسبوع المنصرم تم إقرارُ جُرعة جديدة بطعم ونكهة أخرى، إذا تباهت الحكومة بأنها نزلت من القصر الرئاسي، ولم تأت من مجلس الوزراء، وبررت الحكومة إقرارَها تنفيذَ جرعة جديدة بالقول: إنها إستندت إلى توجيهات رئيس الجمهورية في رسالته الموجهة للحكومة بتأريخ 3 مارس الماضي.. وعلى إثر توجيهات الرئيس أقر مجلس الوزراء في اجتماعه يوم الثلاثاء بتأريخ 21 إبريل رفع أسعار المشتقات النفطية تحت مسمى »الأجندة الوطنية للإصلاحات«.
هكذا تتوالى الجرع تباعاً تحت مسميات مختلفة منذ أن دخل البنك الدولي بسياسات الإفقار إلى اليمن، وهنا نلفت نظر القارئ باختصار شديد إلى الإرتفاعات السعرية التي تشهدُها اليمن منذ عام 1996م وحتى اليوم.
> 1996-2000م خلال هذه الأعوام كانت هناك مؤشرات سلبية في معدل النمو الإقتصادي، وشهدت اليمن عدة جرع سعرية، فانخفض معدلُ النمو من »5٪« إلى »4٪«، وزاد معدل البطالة من »21٪« إلى »39٪«، وسعر العُملة الوطنية مقابل الدولار إرتفع من »138« ريالاً إلى »165« ريالاً للدولار الواحد، وتضاعفت الأسعار خلال نفس الفترة »400٪«، والإيجارات إلى »350٪«.
> 2001م حصل ارتفاعٌ في معدلات الأسعار العامة للمواد الغذائية الرئيسية، وللخضروات والفواكه بنسب تتراوح بين »10٪« إلى »20٪« وضخ البنك المركزي اليمني ملايين الدولارات في الأسواق لمنع الإرتفاع لكن دون جدوى.
> إبريل 2007م أُعلن عن تشكيل حُكومة جديدة برئاسة الدكتور/ علي محمد مجور قيل عنها: إنها ستكون أفضلَ حكومة في دولة الوحدة. لكن ما إن باشرت الحكومة عملها حتى أعلنت عن جُرعة جديدة في مادة الغاز، وارتفع سعرُه بنسبة »25٪« لتصلَ قيمة الأسطوانة إلى »600« ريال بعد أن كانت بـ»400« ريال، وتتواصل الزيادة في سعر مادة الغاز لتصل إلى »800« ريال اليوم، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الحديد بأنواعه المختلفة وتخطيه حاجزَ الـ»200« ألف ريال إلى »203« ألف ريال للطن الواحد.
إرتفاعُ الأسعار يبين الهوة الكبيرة بين ما تتكلم به الدولة من إصلاحات وبين ما يتم تطبيقه على أرض الواقع، ففي حوار مع أسبوعية »26 سبتمبر« العدد (1217) 16 إبريل 2007م قال الدكتور/ علي محمد مجور بعد توليه رئاسة الحكومة: »شخصياً أعتبر أن ارتفاع الأسعار غير مبرر، وهناك للأسف بعض التجار وضعاف النفوس يقومون باستغلال هذه التغيرات بشكل غير مبرر، وغير معقول، وسوف نتخذ عدداً من الإجراءات التي من شأنها تحقيقُ الثوابت في الفوارق وكسر الإحتكار وإيجاد أسعار معقولة للسلع«.. هذه الفضفضاتُ التي تكلم بها الدكتور/ مجور سبقها خطابٌ صريح لرئيس الجمهورية قال فيه: »إن الجرع إنتهت وإلى الأبد«، لكن المواطن هو من يعرف صحة ذلك من عدمه.
الزيادات السعرية المخيفة جعلت رئيسَ الدائرة السياسية للتجمع اليمني للإصلاح سابقاً وعضو الهيئة العليا حالياً يخرج عن دبلوماسيته المعهودة لدى الجميع وقال: »نقول يا فخامة الرئيس هل تستطيع أن تفيَ بوعودك؟، هل يمكن أن تعيد خفض الأسعار كما وعدت؟، فلو تمكنت من إعادة سعر البيضة إلى ما كانت عليه قبل الإنتخابات فأنت رئيسٌ نموذجي«.
من جهته قال الدكتور/ عيدروس النقيب -رئيس كتلة الإشتراكي البرلمانية: »إن الشعب اليوم لم يعد يحتمل مزيداً من الأعباء، بل ينتظر الفرج«، لكن دعوة النقيب هذه أشبه ما تكون بصيحة في وادٍ، أو نفخة في رماد، الحلول تكمن في الإستفادة من تجارب الدول التي حافظت على الإستقرار في أسعار المواد الإستهلاكية، فسوريا اليوم أصبحت تصدر القمح، وذلك من خلال التوسع في زراعته، وبرأي الدكتور/ طه الفسيل -أستاذ الإقتصاد بجامعة صنعاء فإن ما يجب على الحكومة فعله هو تشجيعُ المزارعين على زراعة القمح، وكذلك على الحكومة أن تستفيد من النجاح الكبير الذي حققته دولة السودان في إيجاد الحلول المناسبة للحد من ارتفاع الأسعار.
وتبدو اليمن الدولة العربية الوحيدة التي تستسلم للأزمات، وتذيق مواطنيها الويلات، فالمملكة العربية السعودية إستطاعت أن تواجهَ الأزمة العالمية، فقررت خفضَ الرسوم على المواد الغذائية مثل الدجاج المجمد، ومنتجات الألبان والزيوت النباتية إلى »5٪« من نحو »20٪«، وخفضت الرسوم على مواد البناء والجبس والأنابيب البلاستيكية والكابلات الكهربائية إلى »5٪«، بينما أعفيت تماماً منتجات القمح من الرسوم الجمركية التي كانت تبلغ »25٪«.
دولة الإمارات العربية المتحدة أصدر فيها نائبُ الرئيس/ محمد بن راشد قراراً وزارياً بتعميم إعفاء مادتي الأسمنت والحديد من أية رسوم جمركية في كـُــلّ أنحاء البلاد، وقال: »إن ذلك يهدف إلى استقرار أسواق العقارات والنهضة العُمرانية والتخفيف من أعباء المقاولين وأصحاب العقارات وأخيراً المستهلك«.
النماذج كثيرة، لكن الأهم من هذا كله هو كيف تستطيع حكومة المؤتمر الشعبي العام الإستفادة من هذه النماذج، في وقت أصبحت فيه اليمن أفقرَ دولة على مُستوى الشرق الأوسط والعالم العربي.
إن تنفيذ جُرعة جديدة تحتَ مسمى »الأجندة الوطنية للإصلاحات« سيجعل اليمن يدخلُ في صراعات طويلة يصعب السيطرة عليها، فما يحدث شمالَ الوطن »صعدة« وفي المحافظات الجنوبية والشرقية كافٍ إن أرادت الحكومة استقرارَ الوطن وأمنه.
#عارف_علي_العمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جنوب اليمن حكايات واسرار
-
اليمن المطلوب تغيير ه
-
بين زغردة عصافير الصباح ... وعويل نساء الليل
-
اليمن رؤية من الداخل
-
انفلات امني غير مسبوق ... يقود اليمن نحو الصوملة
-
تنظيم القاعدة في اليمن
-
قتل للطلاب داخل جامعة صنعاء
-
الخلافات العربية العربية الى اين ؟؟؟
-
رحلة في عاصمة الروح
-
صنعاء وواشنطن افاق جديدة لحرب باردة
-
المنح الداخلية والخارجية ازمة يعيشها طلاب اليمن
-
الصحافة في اليمن
-
من حكم العسكر الديكتاتوري إلى قبضة الإسلاميون الحديدية الصوم
...
-
البساط السحري المصري وطريق الضياع
-
قراءة في سياسة اردوغان والدور الصاعد لتركيا
-
غزة بين صمت الرياض ورصاص تل ابيت
-
غزة بين مطرقة الصهاينة ومطرقة العملاء
-
حتى لا تغرق السفينه
-
الجيش وعربة الحصان
-
دردشه مع اصوات ناعمه
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|