أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رعد الحافظ - لغتنا العربية والظلاميين















المزيد.....

لغتنا العربية والظلاميين


رعد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2641 - 2009 / 5 / 9 - 08:49
المحور: الادب والفن
    


كنت ومازلت أعتبر أن أفضل ما نملكه نحن العرب كمجتمع وحضارة هي لغتنا العربية الجميلة ,أما الباقيات فكلها فيها نظر !
وغالبا ما تتأكد تلك الفكرة لدي عند سماع بعض الشعر الجميل السلس من الشعراء المعاصرين , أمثال نزار القباني , ( لا أحب الشعر القديم حتى لو كان للمتنبي ),

فكلمات مثل أمطار , ياقوت ,قمر, ياسمين ,زهور , ورود , نبيذ ,حياة , فرح, حزن , حنان ,حرير, فواكه , ميلاد , حبيبتي , إمرأة ,...الخ تشعرني بجمال لغتنا العربية وسعة مكنوناتها وغناها .

لكن اليوم , عندما كثر إستعمال كلمة الخنزير , لوصف فايروس (H1N1 ), شعرت بتلك الكلمات القبيحة في لغتنا , وقسوتها وفكرت لوهلة بصلة حرف الخاء , الذي تبدأ به كلمة الخنزير و كلمات قبيحة كثيرة مثل , خرائب ,خبائث , خوف , ,خصام ,خداع , خيانة , خسة , خمول ,...الخ
وسرعان ما إنتبهت الى خطأ طريقة تفكيري , وتذكرت كلمات جميلة تبدأ بهذا الحرف أيضا مثل خبز ,خير , خمرة ,خمائل, خلود, خوخ ,وغيرها
فأيقنت أن جمال اللغة يأتي من مفرداتها الاكثر شيوعا وإستخدما , وكثرة المرادفات التي تفيد التخصيص وتوضيح الحالة .
وأن اللغة مثل الكائن الحي ممكن أن تمرض وقد تضعف تدريجيا ,إذا أسيء إستعمالها وطغت القسوة والشدة والخباثة عليها , مثل كلمة الخنزير وأخواتها , أو إذا إنعزل ناطقيها عن العالم (جغرافيا أو فكريا ) .
وقد يفسر هذا المعنى , إنتشار اللغة في أوقات السياحة والدراسة والتثقف , وذلك للحاجة أولا , ولكلام الحب والسلام المستعمل في تلك الاوقات ثانيا .
ومع فخر العرب وإعتزازهم بكون القرآن أنزل بلسان عربي , لكن مشكلة اللغةالعربية آنذاك , أنها لم تكن منقطة ومحركة بالحركات , وقد أدخل التنقيط بعد فترة طويلة ,أيام أبي الاسود الدؤلي (توفي عام 69 هجرية ) وهو أول من أسس لعلم النحو والحركات والنقاط .
ولو كانت لغتنا العربية تشبه الانكليزية مثلا , أي لا تستعمل الضمة والفتحة والكسرة والشدة والمدة والهمزة والنقطة والنتقطتين والثلاث (إلا قليلا ) ,فلم نكن لنسمع الكثير من الجدل والنقاش عن الكثير من الآيات في القرآن اليوم ,(ناهيك عن جدل المعاني والنحو وقسوة النص وتناقضه أحيانا ) .
وكنا سابقا نعتمد على ذاكرتنا والكتب المتوفرة حولنا في ملاحظة الفروق والاختلافات,
لكن وجود الانترنت اليوم جعل المقارنة والمناقشة في كل التفاصيل أمر متيسر بل ممتع ,وعادت الى ذاكرتي كثير من الاسئلة التي لا ينبغي أن أسألها (لأنها إن تبد لي سوف تسؤني ).ويقدمها لنا على طبق من ذهب كتاب وأساتذة رائعون أمثال د.وفاء سلطان ود.كامل النجار وغيرهم .
بعض المختصين , يخشى على العربية من الاندثار ويناقشون الاجيال الحالية وكيف قل لديهم أستخدام العربية , وبدؤوا بالاعتماد على اللغات الاجنبية في دراستهم وعملهم وحتى تعاملهم اليومي , لكن هؤلاء المتخوفين ينسون أن الحاجة أم الاختراع , وأن مامن طبيب ناجح مثلا يستغني عن الانكليزية , واليوم مامن متصفح للانترنت يستغني عنها .
ومن جهة أخرى فأن الشباب المتعلم والواعي بدأ يطلع على الحقائق المخزونة في تراثنا العتيد لمئات السنين وبدأ يقارن حالنا مع باقي العالم خصوصا المتقدم منه ,
وهذا يقود من بين أشياء عديدة الى الهروب من إستخدام المفردات العدائية والتي تشكل نسبة ليست قليلة من لغتنا العربية ,و التي يتفنن الاسلامويين برفدها بالمزيد من تلك الكلمات القاسية كل يوم !
إذن حتى الخوف على اللغة العربية مبعثه نحن أنفسنا ,الخوف من الفعل الخبيث و الحذلقة و الالتفاف على مفردات اللغة لأثبات وجهة نظر أو رأي معين , وهذا ما يقوم به الاسلامويين بالضبط .
وإليكم المثال الاتي :
سأل د.حسن معوض , مقدم برنامج في الصميم في ال BBC الذي يشبه (Hard talk ) ,ضيفه الشيخ عادل الكلباني إمام الحرم المكي الجديد عن سبب الضجة المثارة على تعينه بهذا المنصب ,وهل هناك علاقة بلون بشرته الأسود ؟ فأجاب الرجل بأن تعصب البعض وقيم القبيلة والاصل القبلي لعبت دورا في ذلك وهناك فعلا أبناء في المملكة لا يتقبل بعضهم بعضا .
وفي سؤال آخر متباعد عن السابق , باغت المقدم كعادته مع جميع ضيوفه (وهذا ما يشدني الى البرنامج ,أقصد أسئلته الصريحة المباغتة ), سائلا ضيفه ..ألم يقض الاسلام على قيم العصبية والقبلية الضيقة ؟وقد مضى 14 قرن على وجوده ؟
إضطر الشيخ هنا الى القول ..بلى قضى عليها لكن ليس نهائيا .(إزاي يعني ؟)
وفي سؤال آخر مباغت , هل أنت يا شيخ تكفًر الشيعة ؟أجاب ..بالنسبة لعامتهم فيها نظر , لكن بالنسبة لعلمائهم , فنعم هم كافرين ماداموا يسبوا أبا بكر مع ماله من فضل وذكر في القرآن , هؤلاء ليسوا مسلمين .,لكن عامتهم ربما مضللين , يعني ليس عن علم .( هل الجواب واضح ؟ ),ويستمر حسن معوض بطريقته الذكية يخزن الاجوبة ليباغت بها فيما بعد ,
فعند سؤاله للشيخ عن التشدد وتقبل الآخر وحوار الاديان والحضارات التي يرعاها الملك عبدالله نفسه , وعن حق الآخرين بدور عبادتهم في السعودية كما توجد مساجد في جميع أوربا , وبعد جواب الشيخ ,ذكره المقدم برأيه في الشيعة وأن البعض يقول كيف يكون التشدد إذن ؟أليس كذلك ؟(كم أحترم حسن معوض ,هذا الأعلامي العبقري ).
خلاصة الكلام , هذا التقلب والاستخدام المتقلب للكلمات , يأتي بالاثر السلبي على اللغة .
ويفهمه الجميع , ويحتارون فيه لكن يترددون بالسؤال , لأن القضية لو كانت متاحة ,فحتى الطفل ذي 6 سنوات سيسأل في أول يوم له في المدرسة عندما يحفظوه ..قل هو الله أحد , فسيقول هل الله نكرة لنقول أحد ؟ لماذا لانقول الواحد مثلا ؟؟
وبالتأكيد في هذه الحالة يتضح ضرر المتحذلقين على اللغة بأستغلالهم لها كمطية للتبرير ,و أنهم لا يستطيعون إتهام الغرب بالمؤامرة على لغتنا , كما يفعلون مع باقي الاشياء , حتى المتشددين لايستطيعون ذلك ! لأن ليس الغرب من صنع لغتنا .
أنا شخصيا غير متخوف على مستقبل لغتنا العربية وأحسب أن الفائدة الوحيدة التي جنيناها من حكامنا الديكتاتوريين (عن غير قصد طبعا ) , هي إنتشارنا في ربوع الارض
(وإنتو مش حتنتشروا ؟ ), وهذا قاد الى الاختلاط بكثير من الشعوب الاخرى , ولحسن حظنا هذه المرة مع تلك الشعوب ولأنها تحب الآخر وتسمح له , بل تشجعه على الاحتفاظ بلغته الأم ,فقد وجدنا أن هؤلاء الناس يساعدونا في هذا المجال الى أبعد مما نتصور , فأنا شخصيا أتلقى عدة دعوات سنويا لأرسال إبني الاصغر فيصل (12 سنة ) , الى حصص اللغة العربية مرة أو مرتين في الاسبوع خارج أوقات الدوام الاصلي ,( كي لا يخسر فرصته في الدروس واللعب مع أصدقائه) , وطبعا لا داعي للقول بأنهم يدفعون كافة مصاريف المدرس والكتب المطلوبة للايضاح , وأكثر من ذلك حتى نادينا العراقي الخاص يحصل على دعم مادي كبير من ضمنها لدروس العربية للاولاد , ولكن المشكلة هي أن هؤلاء الاولاد لا يحضرون ويتهربون من تلك الدروس والسبب المهم هو المدرس (العربي الاصل ) , حيث لايهمه غير إستلام الراتب الكبير دون تحبيب اللغة العربية للاطفال .
ومن جهة أخرى هناك العشرات أو المئات من المواطنين الاصليين للبلد يتعلمون اللغة العربية عن طيب خاطر , إما بسبب العلاقات الانسانية وإحترامهم للطرف الآخر أو لمجرد التثقف والاطلاع على لغات جديدة ,لاستخدامها في حالات الاختلاط والسياحة .
وسأختم مقالتي هذه ببعض أبيات الشعر ,للشاعر الرائع حازم التميمي , إذ يقول:

قارورة الشجن العتيق حكاية كانت لأمي عن هوى الآباءِ
حيث الصرائف جنة مفتوحة عرش يهدهده هديل الماءِ
والخبزة السمراء وجه قصيدة منحوتة من إصبع الحناءِ
والليل ألثغ ثائه في سينه ,غنجاً أتعرف طعم حرف الثاءِ ؟
والكركرات رفيف هدب ساهر في مقلة جنية وضاءِ
كنا صغارا ما إنتظرنا هدهدا يأتي من المجهول بالأنباءِ
أنا آخر الباقين خلف رحيلهم روحا بأوراق الهوى الخضراءِ
أخفيني عن وطن أذاب شموعه ببرودة الناطور والخفراءِ
سعفي فوانيسٌ وجذعي سلم والصاعدون تعلقوا بلحائي

هل تشعرون معي بجمال لغتنا العربية ؟؟ فقط من الظلاميين أخشى عليها !



#رعد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حصانة الحرامية ..
- خنزرة المجتمع الاسلامي
- الأيهام بالغرق أم سمل العيون ؟؟
- ومازال الرجل يكذب ..
- نوع الأنسان هو المهم !
- الاعجاز في ضرب النساء
- أسماء مستعارة للتعبير
- ونحن متى سنتغير ؟؟
- لماذا يتظاهرون في لندن ؟
- لماذا صفقوا للقذافي ؟؟؟
- لا أحد يجيب ..نعم
- ظل الله في الارض
- أنا....طالق
- الهجرة الى دار الكفر
- مزيدا من الفشل في الصومال
- الحب في زمن الارهاب
- سلم نفسك يا بشير !!
- بادري يا حواء ..آن زمانك
- الحذائيون الجدد
- حقوق كرستينا السويدية


المزيد.....




- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رعد الحافظ - لغتنا العربية والظلاميين