أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالوهاب عزاوي - توازن قلق














المزيد.....

توازن قلق


عبدالوهاب عزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2640 - 2009 / 5 / 8 - 06:31
المحور: الادب والفن
    



وسط الزحام.. كذبٌ باهتٌ، وعيونٌ ضيقة.. غائمة.. يائسة.. مترقبة، عنفٌ متجذرٌ في الهواء والمسام، عنفٌ موروثٌ وآخر بطلاءٍ حداثي. وسط هذا الجنون تبدأ الروح بالدفاع والصراخ كدمعةٍ تخترق المطرقة.. فوضى عارمة ثوانٍ معدودةً.. وخيار وحيدٌ للنهاية.
يتكرر الصراع مراتٍ عدة حتى تصل الأمور إلى توازنٍ مؤقت.. ككل الكائنات.. هدنةٌ بأقل خسارةٍ ممكنة، وعالمٌ داخلي يتورم، يحتاج الكثير من الجهد لتعريته وكشفه، وتتولد عدة آليات دفاع داخلية مادام المجتمع مكبل والحراك فيه محاصر.

إحدى أقدم آلياتي في الدفاع هي الاستيقاظ فجراً قبل خروجي للعمل محملاً بالنعاس وبقايا الأرق، أعد كوب قهوة، ولا أفعل أي شيءٍ غير سماع الموسيقى، والصحو على مهلٍ وأنا أتشربها.. أحاول أن أصغي إلى كل آلة على حدة.. ولصق قدر المستطاع منها في الروح، وبهذا أضمن أني سأمتلك ساعةً ونصف من الإنسانية أواسي نفسي بها في بقية النهار الرديء.

من الآليات اللاحقة.. تطوير مقدرتي على التقاط الجمال وأقصد هنا الجمال باعتباره طاقةً حسيةً كامنةً نعيد إنتاجها ولا نقف عند حدود التأثر بها فقط، وبهذا المعنى قد يكون الجمال مؤلماً.. مراً.. لاسعاً.. ساخراً.. وآسراً وليس جمالاً تقليدياً فقط، ولعل الأمر يحتاج لتدريبٍ طويل نسبياً، ومن ذلك النباتات والإشنيات في بقايا بردى.. الغربان الكالحة فوق متحف دمشق تتحرك كالوشم.. لمعة العيون القلقة.. ضوءٌ يتسرب من نافذة السرفيس والغبار يطفو كروحٍ ما.. المكياج الفاقع لامرأةٍ في أواخر الأربعينات.. الحياة بتفاصيلَ صغيرةٍ فيها أتمنى أن ألتقط لها صوراً فوتوغرافية لتوثيقها.

وأحدث آليات الدفاع هذه اعتباري للأشخاص والأحداث المزعجة التي أعيشها يومياً مجرد ذكريات.. ذكرياتٍ قادمة أراها الآن ولي أن أفردها بعد سنوات قليلة وأنتقي أو أرمي منها ما أشاء. قد تبدو الفكرة غبيةً ومؤلمةً للوهلة الأولى، لكن لو تأملناها قليلاً لوجدنا أنها تمنح الأشياء والأشخاص أبعاداً وقيماً مختلفةً، كما تتحول الذاكرة هنا لكائنٍ فاعلٍ وغير موضوعي قد يجعل من تفصيلٍ صغيرٍ شيئاً عظيماً بغض النظر عن أهميته أو تأثيره في الحياة، وبالتالي يتغير ميزان قوى الأشياء لتصبح الذاكرة نوعاً من الفعل المقاوم، طريقة أخرى للدفاع عن عالمك الداخلي وبقايا إنسانيتك واللعبة تستمر.. صراعاتٌ قديمةٌ وجديدةٌ على أساس إعادة إنتاج القمع والسلطة ضمن هرمٍ فاسدٍ فساداً منظماً تشكل فيه كفردٍ مجرد حجرٍ صغيٍر، ورغم طاقتك الفردية العالية على الصدام والمقاومة فهي تخسر تدريجياً خاصة أنك تدرك أن الأمر يحتاج عملاً مؤسسياً أو بالحد الأدنى تقاليد عملٍ جماعي حرٍّ.. وللأسف هذا ضعيف جداً في وعي المجتمع، وبالتالي تعود المرارة تحت الأضراس والكآبة المقنعة وآليات التأقلم بانتظار شرطٍ أفضل لتتخذ أشكالاً أخرى.
شاعر سوري

عن مجلة من وإلى



#عبدالوهاب_عزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعترافات /عن النهار
- حزن فوضوي
- وجع
- عشر دقائق
- موت على موت
- معتقل : نصوص من السجن العربي
- يوميات على جدار الحرب
- ملامح دمشق في أرواح الشعراء الشباب/ القسم الثاني/ عن مجلة عش ...
- ملف أزمة الشعر العربي في الآداب البيروتية
- دمشق..فيلم قصير
- موسيقى في البيوت العتيقة.. عندما يحن الخشب إلى الغابة
- لوحات جبر علوان .. الغرق نحو الداخل
- على درب الدونكيشوت
- ملف / ملامح دمشق في أرواح الشعراء الشباب /مجلة عشتروت
- حكاية ماقبل النوم .. مهداة إلى فاتح جاموس الذي أعيد إلى المع ...
- قصيدة اريد أن
- الطوفان أو جنازة في فوضى الأوان
- كفن كامد
- ملامح وعرة/ ديوان شعر مشترك بين عبدالوهاب عزاوي- ممدوح رزق - ...
- قصيدة الفجر


المزيد.....




- رجع أيام زمان.. استقبل قناة روتانا سينما 2024 وعيش فن زمان ا ...
- الرواية الصهيونية وتداعيات كذب الإحتلال باغتيال-محمد الضيف- ...
- الجزائر.. تحرك سريع بعد ضجة كبرى على واقعة نشر عمل روائي -إب ...
- كيف تناول الشعراء أحداث الهجرة النبوية في قصائدهم؟
- افتتاح التدريب العملي لطلاب الجامعات الروسية الدارسين باللغة ...
- “فنان” في ألمانيا عمره عامين فقط.. يبيع لوحاته بأكثر من 7500 ...
- -جرأة وفجور- .. فنانة مصرية تهدد بمقاضاة صفحة موثقة على -إكس ...
- RT العربية توقع مذكرة تعاون في مجال التفاعل الإعلامي مع جمهو ...
- عاجل | معاريف عن وزير الثقافة الإسرائيلي: نأمل التوصل إلى صف ...
- نزلها سريعًا!!.. واتساب يُطلق ميزة الترجمة الحية في الدردشة ...


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالوهاب عزاوي - توازن قلق