|
على ضفاف النسيان
سعيد حسين عليوي
الحوار المتمدن-العدد: 2639 - 2009 / 5 / 7 - 09:52
المحور:
الادب والفن
كان لنا فلاح يعمل في البستان ليل نهار حيث يكون ناطورا في الليل وعامل في النهار . وعندما بدات اعرف الاشياء رايته يتردد على البيت يوميا وعندما اذهب مع اخواني الى البستان اراه هناك وهو الذي يقسم الاعمال ويرتب الاشياء واحيانا يكون مزاجه حاد في العمل ويلعن ويسب ولكنه رجل طيب وصاحب نكتة وبديهية وكنت في البداية اظنه انه اخي حيث لا يعاملونه في البيت على انه غريب وكان ابي يحبه ويعتمد عليه في كل شئ الى ان حدث شئ غريب في احد الايام حيث رايت حركة غير طبيعية في البيت وعندما نهضت من الفراش رايت ( علي) وهو اسم الفلاح مضرجا بدمائه وانتابتني رعشة من الخوف لاني لم ارى دماء من قبل بهذه الغزارة وعلمت بعدها ان جماعة هجموا عليه في الليل في البستان وكانت الامطار غزيرة واقتحموا عليه كوخه وضربوه على راسه ومن خلال هذه الحادثة علمت انه ليس اخي حيث جاء اهله لمعرفة الامر وقد تكفل ابي علاجه وراحته الى ان شفي من الحادث .وظل علي مستمرا معنا في البستان وعندما كبرت قليلا بدا ابي يوجهني الى بعض الاعمال في البستان وكان لنا اكثر من بستان وقسم منهاليس ملكنا ولكن اهلها قد وضعوها عند ابي لرعايتها لثقتهم به وكانوا لا يحاسبون ابي ولكن ابي كان يذهب لهم بالواردات سنويا وبكل امانة وهذا الشئ عرفته بعد حين وكنت اتصور انهاعائدة لنا وكان لنا (حمار)ننقل عليه الفواكه والاغراض من اخر البستان الى الحافلة لارساله الى العاصمة وكان ياتي رجل بدين مع السائق ليرتب الفواكه في الحافلة ويضع لكل فلاح علامة كي لا تختلط في البيع وكان هذا الرجل صاحب نكتة ومعروف في المنطقة وكنا ننتظر وصوله بفارغ الصبر حتى نسمع احاديثه الشيقة وكان هذا الرجل رحمه الله له عمل جميل اخر لا يتقاضى عليه اجرا وهو العزف على الطبلة في الاعراس ويضع ( الدنبك) في حزامه ويبدا الزفة الى ان يصل العريس الى البيت واحيانا كنت اذهب مع الفاكهة الى بغداد حتى اكون انا الذي يشرف على البيع وجلب النقود الى الوالد وعندما كنت اطالبه بالمصروف يقول لي ليش ما اخذت من فلوس الحاصل فاقول له لا.وكنت فرحا بهذه المهمة حيث اني كنت لاول مرة ارى بغداد وكنت اركب مع مجموعة من اقراني مع الحواصل وكنا نركب في الخلف لعدم وجود مكان مع السائق ولاول مرة ارى الشوارع الكبيرة والسيارات الكثيرة والازدحامات وحركة الناس والاسواق وكانت بالنسبة لي فتحا كبيرا وكانت منطقة الشورجة هي مركز البيع لجميع فواكه العراق وكذلك سوق الجملة لجميع البضائع في العراق ومن خلال هذه المهمة الجميلة اصبحت لي دراية ومعرفة ببعض مناطق العاصمة واصبحت اعرف الاسعار وكيفية الشراء والتعامل على السلع حيث ان البغداديين لهم طرق جميلة في التسوق وكنت اراقب هذا الشئ واتعلم منهم بحيث اصبحوا في البيت يعتمدون علي في جلب كثير من الحاجيات والتي يكتبونها على ورقة لالبيها لهم وباسعار مناسبة كانوا يتعجبون لها .لنعود لصاحبنا علي حيث مرت السنون وهو معنا كالاخ ولكن كانت له طباع لا يمتلكها غيره من حيث الذكاء في العمل والاخلاص والقوة وكان يعلم ما يريده ابي اثناء العمل ويقول لي انت لاتعترض وقل نعم فقط واذا به يوفر كل ما يطلبه الوالد ولكنه عصبي المزاج وكان عندما ننقل الفاكهة احياناونضعها في ( سابل)على ظهر الدابة وكان الحمار مشاكسا وحركته احيانا تؤدي الى قلب الفاكهة على الارض ولكنه مع علي غير ذلك فعندما يراه قادما المسكين ترتعد فرائصه ويقف بكل اتزان ولا يتحرك وفي مرة اركبني فوق السابل وتركني لوحدي ركض الحمار وقلبني مع الفاكهة وكان بيد علي ( كلاب) وهي الة حديدية يستعملها في قطع الادغال والاخشاب فمسكها وبدا بضربها على اسنانها الى ان كسر بعضها وكانه يخوض معركة شرسة مع احد الاعداء وبطريقة تنم عن حقد دفين مع العلم انه حيوان مسالم لا حول ولا قوة له وكنت اعجب لهذا العمل المرعب وانا كنت احزن على الحيوان المسكين وتكررت هذه الحالةعدة مرات ومع اي حيوان يجلبه ابي الى العمل في البستان وانا اعتقد انه يفرغ همومه بهذا الحيوان المغلوب على امره وانه كان قليل الكلام وغير عدائي ولا يخالف امرا وعندما ساله ابي عن الاشخاص الذين اعتدوا عليه في البستان قال لم يعرفهم وانا متاكد انه يعرفهم لانه كان في بعض الاحيان يتحدث مع نفسه عن الحادثة ويذكر اسماء ويتوعد بالانتقام ولكن لم يحدث من هذا شئ ومرت الايام والسنون وانا كبرت وذهبت الى الجامعة ونسيت البستان وقد ترك علي العمل مع ابي وانتقل الى عمل اخر وكنت كلما اراه اسلم عليه واحظنه واستفسر عن احواله وكنت احيانا اسال عليه واذهب الى داره فانا احبه مثل اخواني حيث كان معنا كالاخ وكان يتحمل كل ما يحدث مع العائلة وقد تعرض للاعتقال بتهمة سياسية لانه يعمل مع اخواني وتعرض الى تعذيب شديد لا لذنب جناه الا الصحبة وانا احبه كثيرا وهو لا زال يعمل رغم الحياة الصعبة والمرض . ************************************************************* السابل-- حاجة مصنوعة من خوص النخيل لوضع الفاكه
#سعيد_حسين_عليوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متاريس
-
انصار
-
مدن هشة
-
حنين
-
هاجس
-
ليل
-
هلوسة
-
الطيور
-
القلب جمر
-
كوكبنا
-
زوايا
-
بغداد
-
حزمة ضوء
-
وراء الدروب--الى حاتم جعفر
-
ايها البحر
-
انظروا
-
الكهرباء والوقت
-
ماذا
-
رفيف شراعي
-
الى متى هكذا
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|