أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - رائحة ضفائر أمي














المزيد.....

رائحة ضفائر أمي


البتول المحجوب

الحوار المتمدن-العدد: 2638 - 2009 / 5 / 6 - 05:29
المحور: الادب والفن
    


من خلف أبواب حديدية موصدة،يتذكرويحلم بصوت مرتفع:
..كلماشعرت بشبح البرد يزحف متسللا من بين ثنايا الجدران الصماء أحن لوبرخيامنا السود،سوادها مازال عالقا بالذاكرة،وصوت أمي آت من وراء الخيام،تدندن بنغم شجي الكلمات.ضفائرها مسترسلة وأناملها تغزل الوبر دون كلل،لإعداد بيت الشعر الجديد.فالشتاء على الأبواب..ووجه أمي الطيب يكاد يختفي وراء كومة كبيرة من الوبر.فرائحة ضفائرها موغلة بذاكرتي كلما حاولت هاته الجدران الصماء وصرير أبوابها الموصدة حجب تقاسيم وجهها.تطل من جديد من ثقب الذاكرة..جميلة ضفائرك أمي،سود سواد ليل الصحراء..أتذكر حنينك دوما لوجه الصحراء الحزين.حنين كحنين العيس إلى نجد.ذاكرتي المتعبة ورثت عنك عشق المجهول وسحر الصحراء.من رائحة ضفائرك السود،حلمت بليالها المقمرة،ليال الحكي الجميل،ليال السمر وكؤوس الشاي المعتق ورائحة الحطب المشتعل منبعثة من أمام الخيام.لرائحة اشتعال الحطب ذكرى بذاكرة طفلك الصغير المختبئ دوما وراء كومة حطب.
تتسلل خيوط الشمس من شق الباب الحديدي..باب يحمل مرة رقم واحد، مرة اثنان،مرة ثالثة ومرة ثمانية.أبواب حديدية خنقت أنفاسي وأرقامها المشؤومة حاصرتني بعيدا عنك يا صحراء.حلمت بدفء قبلة من ثغر شمسك على جبيني،بأرض لاحدود لها لاجدران باردة ولا أبواب موصدة..تبا لصرير الأبواب الحديدية.كلما أصغت السمع أشعر بصداع يكاد يفتت دماغي المثقل بالغياب.أهرب بحثا عن أمي ورائحة ضفائرها المخضبة بالقرنفل.فلرائحة الأمهات رائحة الأوطان البعيدة.
تجلس على كرسي متحرك.تغرق في بحر انتظار طويل.تتذكر يوم ابتلعك الغياب في جمعة عاصف.لم يبق من ذكراك إلا ملامح وجه لفحت الشمس قسماته.لم يبق لذاكرتها المهمومة إلا نظراتك الدافئة،نظرات طالما كانت أنيس وحدتها..تمسح دمعة منسكبة على خدها الشاحب.
وتتذكر عشقك الجارف للصحراء،لغموضها ولسحرها الذي لا يقاوم..تشعر بحرقة الغياب من جديد.تحرك الكرسي يمينا وشمالا،ثم تردد في صمت:
-خطفتك الأبواب الموصدة والجدران الباردة ذات يوم عاصف،حرمتك دفء الرمال الذهبية وحلم العيش بين دفء أحضان كثبان الصحراء ولهيب شمسها الحارقة ورياحها العاصفة.
همت بالارض السمراء عشقا ولم تبال بقساوة طبيعتها يوما.
..تنفث يمينا وشمالا،تبلسم خوفا من هواجس مرعبة تنتابها كل مساء.وتسأل المجهول عنك بصوت متردد خائف:
أتراه مازال حيا يرزق..أأحلم بشم رائحته يوما ما..؟
يتمدد رغم ضيق المكان،يتلذذ باغماض عينيه،يرى نفسه حرا طليقا كطائرمحلق بصحراء بعيدة الحلم.
تتراء له دروب العتمة يبتلعها المجهول وصرير الأبواب الحديدية يتلاشى.يتيه في الصحاري الشاسعة،عله يشفى،أو ينسى حلكة أيام الغياب،ينظر لمعصم يديه قد يندمل الجرح يوما.يبتسم ساخرا من نفسه،وجرح القلب ماذا عنه..؟ أيندمل هو الأخر مع الأيام..؟يأتيه صدى الصوت من بعيد ويغرق في حزن مسائي.
يحل المساء الحزين وهي مازالت جالسة على ذاك الكرسي المتحرك،تصارع من اجل البقاء.
طال انتظارها.سنوات عمرها تساقطت كأوراق خريف ذابل.
تنتحب في صمت من هزمته الأيام وحرقة انتظار عودة غائب لايعود.أو انتظار بزوغ الفجر الجديد.بعيدا عن دروب معتمة وأبواب موصدة وجدران باردة.



#البتول_المحجوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جزء من حكاية الوجع
- ايام معتمة
- رائحة الوطن
- صمت المدن
- سر الحكاية
- الكوخو
- السبحة
- ذكرى
- حكاية امراة
- اوتار
- برودة المنافي
- الجمعة الحزين
- علبة بريد
- مساء احد منسي
- الحلم الجميل
- الثامن عشر من ايار
- محطة القطار
- الطيور المهاجرة
- المسافات
- الهاتف


المزيد.....




- كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر ...
- شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير ...
- وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح ...
- مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد ...
- أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه ...
- وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا ...
- عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب ...
- موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر ...
- بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan ...
- الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - رائحة ضفائر أمي