|
مملكة البعوض
علي فاهم
الحوار المتمدن-العدد: 2636 - 2009 / 5 / 4 - 07:08
المحور:
كتابات ساخرة
مع أول أرتفاع لدرجات الحرارة المنذرة بدخولنا موسم المصائب ، أستيقضت معها جيوش البعوض لتشن حرباً ضروس على جلود العراقيين و لتمتص دمائهم التي لم يشبع منها كل مصاصي الدماء العراقية على مختلف ألوانهم و أحزابهم و لافتاتهم ، تنفست أسراب البعوض أنفاس ضحاياها ، وغادرت مقراتها في البرك الراكدة التي خلفتها مشاريع المجاري المتوقفة ، أو المزارع الصناعية للبعوض في مسطحات الماء التي ملئت الشوارع المنسية , والتي لم تمر بها السيارات المظللة المسرعة التي تزعق بأصواتٍ أقبحُ من أصوات الحمير ، فأختارت جيوش (مملكة البك ) أجساد متعبة من الكد و العمل طوال النهار مترهلة بالهموم من فئة الأجر اليومي القابعة تحت خط الفقر ، والتي ألتهمت الأفرشة لتنال قسطاً من الراحة عسى أن تنال قسطاً من التعب في اليوم التالي ، يبدأ الهجوم بعد أختيار الضحية من قبل حشرات الاستطلاع التي تعرف بذلك الطنين المزعج ثم بعد سكون يسبق العاصفة ، تبدأ مرحلة الحك و الهرش و البرش حتى ليكاد الرجل ينزع جلده على أثر اللسعات الحادة من قبل هذا الكائن الضئيل في حجمه الكبير في أذاه ، الماكر في حيله ، و التي لا يحتمل لسعاتها أقوى الرجال ناهيك عن الاطفال ، ليغادر النوم الجفون و لا حيلة لك في الامر الا الاستسلام ليبقى الامل في أن تشبع مصاصات الدماء بعد أن تمتلئ بطونها بالسائل الاحمر ، و تشعر بالتخمة ، فتذهب لتضع البيوض و تترك هولاء الناس بسلام ، يكملون ما بدئوا به من أغفاءة . و عندما تكون المصيبة مركبة و متعددة تهون عليك ألامها ، لليأس من حلها، فلما تجتمع عليك لسعات البعوض مع أنقطاع الكهرباء المزمن مع أحتمالية مرافقتها هموم البطالة و عصيان الحصة التموينية على الاكتمال و تداعيات الوضع الامني بعد الرجوع الى الغفلة و المشاكل الزوجية ، المرافقة للمشاكل السياسية بين الكتل المتنافسة مع البعوض على هذا الجسد السليب الذي لا يحلم الا بأغفاءة يتركه العالم ينالها بلا أزعاج ، و أنا هنا لا أستبعد أن هناك أتفاقية أمنية قد عقدت في دهاليز المنطقة الخضراء ، بين الحكومة العراقية و مملكة البك ، بمباركة قوى الاحتلال الامريكي ، فالحكومة ملتزمة جانب الصمت المطبق أزاء هذه الاعتداءات السافرة على العراقيين و كأن شيئاً لا يعنيها ، و بالمقابل فأن الطرف الاخر الا و هو البعوض لا شأن له بهم ، فربما هناك هدنة غير معلنة في وسائل الاعلام بين الطرفين ، أما الطرف الثالث و هو المغلوب على أمره فعليه تحمل مسؤولية خدمة الحكومة و أعادة أنتخابها من جهة و تحمل مسؤولية تغذية أناث البعوض من جهة أخرى ، حتى تضع هذه الحرب أوزارها في نهاية الموسم ، و لكن هناك من فسر لي الأمر من زاوية مغايرة لرؤيتي أدهشت مخيلتي و حيرة عقلي حيث قال أن سكان مملكة البك هم أناس شرفاء ، لا يمتصون الدماء التي أمتزجت بالحرام ، فهم لا يأكلون الدجاج البرازيلي حتى و إن كتب عليه حلال باللون الاخضر ، أو لفت عليه راية العباس ، لهذا فهم لا يقتربون من بيوت المسؤولين و لا شأن لهم بأبنائهم رغم ما يتمتعون به من دماء وفيرة و أجساد مترفة و جلود رقيقة لم تراها شمس الظهيرة ، و تقتصر لدغاتها على أجساد ولد الخايبة لأنها رغم قلتها و ضعفها و بساطة مكوناتها الا أنها بقيت نقية من الحرام و من سرقة أموال هذا الشعب ، و حتى لا نكون منظرين فقط نملأ الفضائيات و الصحف بكلام فارغ كحال البعض الذين رأسُ مالهم لسانهم و الذين نافسوا الشعراء في قولهم مالا يفعلون ، و كحل لهذه المشكلة العويصة أقترح على فقراء هذا الشعب أن يتبعوا الستراتيجية الوحيدة الناجحة و التي أثبتت كفائتها في مكافحة حشرة الدوباس (سرطان النخيل) التي كادت ان تقضي على عمتنا النخلة و لم تحرك الحكومة ساكناً ، فلما يأس الناس من حكومتهم توجهوا بقلوبهم الى خالق حشرة الدوباس و البعوض و خالقهم و طلبوا منه وحده مخلصين له الدين تخليصهم منها ، فأرسل عليها حباة رمل من سجيل فجعلتها كعصف مأكول في عواصف ترابية لم يفهم حكمتها الجاهلون ، و أنتصرت عمتهم النخلة و بقي في العراق نخيل يراه أحفادنا ، فهل سيفهم العراقيون الدرس هذه المرة .
#علي_فاهم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|