|
حتى لا يبقى المغرب حضنا لضلالات الوهابية ومخاطرها .
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2634 - 2009 / 5 / 2 - 10:09
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لم يعد من شك في كون العقائد الوهابية هي أصل الإرهاب والمحرضة عليه . هذه الحقيقة ظل ينكرها ساسة ومفكرون وإعلاميون بعد أن جهدوا أنفسهم في البحث عن معاذير تشرعن الإجرام الذي ترتكبه الجماعات الدينية المتطرفة وتسوّغ عنفهم وترهيبهم للآمنين بمبررات الفقر والتهميش أو انسداد الآفاق السياسية . لكن الوقائع تؤكد باستمرار خطورة العقائد التي تفسد ضمائر الضحايا وتحولهم تدريجيا إلى قتلة وانتحاريين عن اقتناع وإصرار . وبين أيدينا شهادة يوسف فكري الملقب بـ"أمير الدم" الذي تشبع ، أول مساره التكفيري ، بالعقائد الوهابية التي تنشرها جماعة الدعوة والتبليغ لما كان عضوا فيها ثم انتقل إلى مرحلة تنفيذ تلك العقائد عبر العنف والقتل والتحريض عليهما كما في قوله( سبق لي أن كنت عضوا في جماعة التبليغ المعروفة بالدعوة إلى الله حوالي أربع سنوات ، حيث كنت أقوم معهم بهذا الواجب بعدها عرفت ما يسمى بالمنهج .. يعني أنه واجب عليك السعي لإقامة شرع الله .. بعد ذلك عملت على تكوين مافيا إسلامية لمحاربة المنكر.. و16 ماي هي من بين النجاحات لأن الرسالة التي نشرتها ، كما عبر عن ذلك بعض الشباب الذين قاموا بأحداث 16 ماي ،كانت هي السبب التي حرضتهم على القيام بتلك الأحداث )( الجريدة الأولى 11/4/2009) . إذن لا فرق بين جماعة تمارس العنف والقتل باسم تغيير المنكر وتطبيق شرع الله ، وبين جماعة يفتي شيوخها بأن مؤسسات المغرب الدستورية وقوانينه وأحزابه "كفار" لأنها تطبق القوانين الوضعية ولا تطبق القوانين الشرعية . ولا بأس من التذكير ــ لبيان خطورة العقائد الوهابية على عقول ونفسية أتباعها ــ بما أسس عليه المغراوي فتواه ضد مؤسسات المغرب وأحزابه ونهجه الديمقراطي حيث استند إلى التالي : قال ربيع المدخلي: "وأعجب من واقع كثير من الدعاة اليوم يرون أمام أعينهم مظاهر الشرك، فلا تحرك فيهم ساكنا، ولا يحسبون لهذا الواقع المر حسابا، بل الأدهى والأمر أنهم يتذمرون ممن ينكر ويتألم لهذا الواقع الجاهلي السيئ". ويقول: "إن السياسيين الجاهليين بتحزبهم مزقوا شباب الأمة، وفرقوهم أحزابا وشيعا، كل حزب بما لديهم فرحون، وتابعوا الأحزاب الكافرة الظاهرة والخفية في التنظيمات السرية والمشاركة في المجالس والبرلمانات والديمقراطية الكافرة في البلدان التي استعمرت ورضعت لبان الاستعمار بكل ما فيه من تقاليد وقوانين وأنظمة كافرة". بالتأكيد هذه الفتاوى الوهابية هي تكفير للدولة والمجتمع وتحريض على العنف ضدهما ، ليأتي الجهاديون وينزلوا هذه العقائد ألغاما وأحزمة ناسفة تهدر دم الأبرياء وتروع الآمنين . إنها عقائد ضالة ومضلة تفرض مواجهتَها وتصحيحَها . والمغرب ، باعتباره هيأ التربة والظروف لانتشار هذه الضلالات وتعامى على استفحال مخاطرها ولم يقدّر منذ البداية مخاطرها ، مطالب بالحزم في مواجهة الانحرافات العقائدية مهما بدت بسيطة أو مغلَّفة كما هي ضلالات المغراوي والدُّور التي أنشأها تحت مسمى"دور القرآن" وما هي بدُور القرآن ، إن هي إلا منابع التشدد والغلو والكراهية والضلال تفضي بالضرورة إلى العنف والإرهاب . ولعل الإجراءات التي قامت بها وزارة الداخلية بإغلاق هذه الدور ومتابعة المغراوي قضائيا ، هي إجراءات ضرورية وينبغي ألا تكون ظرفية ، من جهة ، ومن أخرى يجب أن يسنُدها القضاء ولا ينتصر للقضايا التي يرفعها الوهابيون ضد وزارة الداخلية إما لهفوة القانون أو لقصوره . ذلك أن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار . وهنا لا بد من التذكير بضرورة أجرأة وتنفيذ القرار الملكي الذي تضمنه خطاب العرش لسنة 2003 كالتالي (وسنتصدى لمن يروج لأي مذهب دخيل على شعبنا بقوة ما تقتضيه أمانة الحفاظ على الوحدة المذهبية للمغاربة مؤكدين بذلك حرصنا على صيانة اختيارنا لوحدة المذهب المالكي في احترام لمذاهب الغير لان لكل شعب خصوصياته واختياراته). لهذا ، فالمغرب لا ينبغي أن يظل حضنا آمنا لضلالات الوهابية وعقائدها المنحرفة ، وإنما عليه أن يستحضر التجربة السعودية في مواجهة البنيات التنظيمية والفكرية والعقائدية لضلالات الوهابية رغم الصعوبات التي تطرحها هذه المواجهة من حيث كون الدولة السعودية تتبنى المذهب الوهابي . و أبرز إجراء اتخذته السلطات السعودية هو قرار تشكيل "المحكمة الجزائية الخاصة" وتعيين حفيد مؤسس الوهابية رئيسا لها لمحاكمة الإرهابيين ومن يفتي لهم أو يساندهم . وفي هذا الإطار كتب سيف الصانع لموقع إيلاف ( وقد صدر يوم الثلاثاء الماضي( 28 أكتوبر 2008) قرار من مجلس القضاء الأعلى، بناء على موافقة خادم الحرمين الشريفين، بتشكيل "المحكمة الجزائية الخاصة" المخولة بالنظر في قضايا الإرهاب، وربطها مباشرة بمجلس القضاء الأعلى، وتعيين آل الشيخ رئيساً لها.. فهو حفيد صاحب الدعوة الوهابية التي قامت على أساسها الدولة السعودية. أي أن القاضي من صلب البيت الوهابي الذي ينسب إليه البعض المسؤولية عن ثقافة الإرهاب، فالشيخ محمد بن عبد الوهاب جده السادس ). لقد أدركت السلطات السعودية مخاطر ثقافة التكفير والتفجير المستمدة من العقائد الوهابية . لهذا بادرت إلى تشكيل هذه الهيئة القضائية لمحاكمة ثقافة الإرهاب بمصادرها ، أي محاكمة الوهابية بالوهابية نفسها . فالسعودية تنهج إستراتيجية متعددة الأبعاد في مواجهة ظاهرة الإرهاب . إذ بالإضافة إلى المقاربة الأمنية الحازمة التي أفشلت مخططات القتل والدمار وألقت القبض على آلاف الإرهابيين ، تعمل السلطات السعودية تدريجيا على خلخلة البنيات المنتجة للتطرف والعنف . وفي هذا الإطار يأتي تشكيل المحكمة الجزائية الخاصة التي تحاكم المنفذين، والمحرضين، والداعمين، والمهربين للأسلحة والمتفجرات؛ و كل من تستر أو آوى إرهابياً . مما يعني أنها محاكمة لثقافة الإرهاب وبنياته . وجدير بالمغرب أن يستفيد من التجربة السعودية في مجال محاربة الإرهاب دون الاستجابة للضغوط الداخلية التي يمارسها الإسلاميون ، سواء على المستوى السياسي والإعلامي أو المستوى الحقوقي ، لأن لهؤلاء الإسلاميين أهدافا مشتركة مع المتطرفين والإرهابيين تروم تطويق النظام الملكي في أفق إضعافه وإفشال مشروعه المجتمعي . للحديث بقية .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجزائر وهوس الزعامة الإقليمية .
-
لوهابية تأكل أبناءها وتحاكم عقائدها .
-
أخطار المد الوهابي على وحدة الشعب واستقرار الوطن .
-
المد الوهابي والمد الشيعي فكا كماشة واحدة .
-
حزب العدالة والتنمية أية مصداقية ؟(2)
-
العدالة والتنمية أية مصداقية ؟(1)
-
إبداعات فقهية لتكريس شقاء المرأة واستغلالها.
-
لتكن إجراءات الدولة شاملة ومستمرة .
-
ما أعجز الحكومة عن التخفيف من معاناة المنكوبين !!!
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(4)
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(3)
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(2)
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(1)
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
الحكومة تستعجل الانفجار الاجتماعي .
-
ثقافة تبضيع المرأة ونخاستها .
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
الثورة الهادئة وجرأة التغيير السلس .
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|