أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الخوري يستحم













المزيد.....

الخوري يستحم


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2634 - 2009 / 5 / 2 - 03:42
المحور: كتابات ساخرة
    


ما زالت في بلدتنا آثار كنيسة كاثوليكية , ولكنها مهجورة على الإطلاق , فلا يوجد بها لا بابا ولا ماما , لأن المسيحيين الذين كانوا يأموها قد هجروها لإطلاقاً , وما زلت أذكر آثار (الخوري) الذي كان يمر من جنبنا ونحن نلعبُ في الشارع فيصرخ بي أطفال القرية :
جهاد جهااااد...
وكنتُ أقول لهم:
- شو شو ؟ مالكوا ...؟
-شو شو مالنا إلخوري مر من هون .
-طيب شو مالني أنا ؟ يعني شو دخلني ؟
- كيف شو دخلك ؟ ليش ما حكيت راسك مثلنا , على شان ما تنتليش (قمل).

ويومها ذهبتُ لأول مرة إلى الدار مسرعاً فوضعت رأسي تحت حنفية البلدية وبدأت أغسله وأدعكه بشدة ..حتى كلّت وتعبت يداي وإحمرت جلدة رأسي, فشاهدني أبي رحمه الله وقال لي : شو مالك مش عوايدك إتغسل لحالك , وين أمك ؟ فقلت له ما بعرفش, فنظر بي أبي بإستغراب وقال لي : شو مالك يا زلمه خايف شكلك عامل عمله ؟ إحكيلي .
فقلت له لالالالا ما فيش إشي بس الخوري مر من جنبنا واحنا نلعب مع لولاد , وكلهم حكوا راسهم , إلا أنا ما حكيتش راسي , عشان هيك أجيت أغسل راسي على شان الخوري ابو القمل ما ينتقلش القمل إللي فيه لي .
فغضب أبي واحمر وجهه وأنبني حتى بكيت وقال لي : لا تسمع كلام كله خزعبلات وتخبيص, شو الخوري هو باقي ما بتحممش, مين علمك وقللك على هيم سوالف , الله يلعن أبوهم وأبو أبوهم , يا بابا المسيحية إنضاف وهذي الأيام ما في حدى مش نظيف .
ومن يومها كلما يمر الخوري من جانبي أذهبُ إليه عمداً وأحتك بعباءته السوداء, أما أطغال الحارة فكانوا يهربون منه ويختبؤون بين السناسل وعلى الأشجار , خشية أن تنتقل إليهم عدوى القمل من الخوري .
طبعاً كان الخوري يعرف عن تصرفات الأطفال وكان كبار القرية يطلبون من الخوري أن يسامحهم لأنهم أطفال ما بفهموش, وبس كان الخوري (يقزي) أي يتوارى عن الأنظار كان كبار السن يطلبون من الأولاد أن يثبتوا على تصرفاتهم , يعني كانوا يتصرفوا بشكل أمام الخوري وبشكل آخر بس يروح الخوري رحمه الله .
عدى عن ذلك منتُ أشاهد ممارسات أخرى وأسمعها من الناس فكانوا يقولون أن الخوري يوم الصلاة في الكنيسة يقول هذه العبارة :
(أغلقوا الستار وأطفوا الأنوار..ودلوا الأزبار ..) ل.

ويطفؤون الأنوار من أجل الجنس الجماعي حتى لا يرى كل واحد الآخر ولا يعرف ُ هو مع من ؟!!!
لذلك كنا نتجنب يوم الأحد أن نمر من جانب الكنيسة خشية أن يعتدي علينا الخوري جنسياً , حتى أن كبار السن كنتُ أسمعهم يرددون مثل هذا الكلام , ويلعنون الخوري والرب المسيحي, وما زالت بعض الناس تعتقد هذا الإعتقاد , فمرة دخلت في نقاش عنيف مع أحد الكبار في السن وقال لي : أن الخوري يوم العيد أو الأحد يصلي بالمسيحية هكذا:
إطفئوا الأنوار وأغلقوا الستار ودلوا الأزبار .
وضحكت من السيخ كثيراً كيف ما زالت عنده هذه الإعتقادات عن الديانة المسيحية , طبعاً في النهاية إتهمني بالتنصر وبالشيوعية وبالصهيونية وبالليبرالية وبالبوذية , وأقسم يومها أنني آكل لحم الخنزير , فقلت له أنا ما باكل لحم الخنزير ولمن صدقني لو وضع أمامي لأكلته , أغلى الدهون في العالم هي دهون الخنزير , وأجود أنواع الكيك هي المعمولة من دهن الخنزير وأجود أنواع البسكويت هو المصنوع أو الداخل بصناعته مواد دهنية خنزيرية , وفي النهاية قال لي الشيخ لو عندي 100كلبه ما بعطيك وحده منهن , فقلتله : أنا ما شكيتلك إني جوعان جنس, إنت الجوعان جنس.
عارفين ليش؟
هو طبعاً بعرف ليش, بس ما بده يصدقني , المسلمون مصابون بعقدة من النساء المسيحيات المتشحات بالجمال فتبرجهن يزيدهن جمالاً والجميلات يزددن جمالاً على جمال فوق مستوى جمالهن المعهود , وحين كن يذهبن للصلاة ,كن يذهبن وهن متبرجات فتفوح منهن في الشوارع رائحة العطر والحب والرومنسية , أما المسلمات فلم يكن يتبرجن لأزواجهن أو للناس في الشوارع , لذلك تبدوا المسيحية أجمل مع أن النسب الجمالية متفاوتة هنا وهناك بنسب مختلفة , ولكن تبرج المسيحية والدعاية المضللة عنها تجعل الشيخ والناس يعتقدون من أن الخوري والمسيحيين يمارسون الجنس أثناء الصلاة .
كل تلك الدعايات الإعلامية المضللة ضارة جداً في إسلوب التعايش بين الإثنين ومرة سألت صديقاً لي مسيحياً هذا السوآل ؟
-إنتوا ليش هجرتوا بلدتنا وبعتوا منازلكوا للمسلمين ؟
فقال:
- بنكون قاعدين بأمان الله بيجي ولد برمي على الدار إحجار وبهرب , إللي بعمل هيك ولد بس إللي بعلمه زلمه كبير .
صدقوني كلام المسيحي صحيح 99% وبحكي 99% على شان ما في شيء 100% ولولا الأمانة العلمية لقلت 100%.
هنالك كانت وما زالت نصورات شعبية عن الديانة المسيحية من قبل الإسلاميين أو من قبل (اللومان) الناس العاديين وهذه المعتقدات أخطر بكثير من معتقدات النخبة (إليت) ولكن النخبة بتقديري هي من يساهم بوضع حجر الأساس لها .
لمّا كان يمر الخوري من جنبي ليش كانوا الأطفال يحكوا رؤوسهم , طبعاً ما زال كثير منهم يعتقدون هذا الإعتقاد , وتم تهجير المسيحيين من بلداننا أو من قريتنا بموآمرة دنيئة خشية أن تنتقل إلينا عدوى المدنية , فلو بقي المسيحيون في بلدتنا وبقيت نساؤهم تلبس على الموضة لإنتقلت تلك العدوى الحضارية إلى نسائنا وأمهاتنا وأخواتنا , وعماتنا وخالاتنا , ولكن حصر المسيحيين في قرى نائية حال بيننا وبين المدنية والتقدم والتطور والإزدهار .
التطور في العواطف والمشاعر والثقافة هو أبطىْ من التطور في الآلة الميكانيكية والإلكترونية , فجميع الناس لديها رغبة بتغيير أجهزتها وتلفوناتها وأفرانها وثلاجاتها بأشياء أحدث من تلك القديمة , ولكن لا أحد لديه رغبة بتنظيف العفن الذي يستوطن بداخله , الثقافة القديمة والأيديولوجيات القديمة ليس عند المسلم إستعداد لتغييرها وقبول واقع جديد فيه الحريات العامة مفتوحة , ولهذا لا يمكن أن نعتبر المسلم كائناً حياً متطوراً , فالتطور لا يكون في مكان دون مكان لآخر التطور الحقيقي هو هنا وهناك , في الكمبيوتر وفي الذي يشغل الكمبيوتر , التطور في الملبس وفي الذي يلبس , فكيف مثلاً تكون المرأة المسلمة مستعدة لتغيير ثيابها الطويلة طالما أن أفكارها قديمة فقبول التغيير في المظهر الخارجي بحاجة إلى إنطلاق تلك الأفكار من الداخل : المجتمع والثقافة والدين والجامعة والمحاضرة والجامع وشيخ الجامع , كل أولئك بحاجة إلى تغير.
الخوري مات , والكنيسة في حارتنا ما زالت مهجورة , وكلما مررت بجانبها كلما تذكرت إعتقادات الأطفال من أن الخوري عليه (قمل) وأنه في الصلاة يمارس الجنس مع المسيحيات , وصدف مرة أن دخلتُ إلى الكنيسة في إحدى الأعياد , لم يطفىء فيها النور , ولم يخلع أحدٌ ثيابه , بل عُمّد طفل صغير وقرأوا الترانيم والصلوات , وأعطوني شمعة كبيرة بقيت أحتفظ بها في منزلي أكثر من عشر سنوان , كانت الأنوار مضاءة بالشموع .





#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى بابا روما بمناسبة زيارته الأردن2009م
- أخطاء إملائية أم رسوم قرآنية ؟
- كلب إفرنجي أفضل من وزير عربي
- الوضع في الدول العربية طبيعي جداً
- نظراتي كلها جنسيه مش نظرة واحد عموه
- كاتب الشعر وكاتب الرواية
- شيخ الإعلان المُضلِل
- تطوير الإستبداد العربي
- بدي سيجارة
- مكان تحت الشمس
- أكثر من قرآن
- الفن من أجل الذين لا يقرأون ولا يكتبون
- مؤتمر في الجامعة الأردنية عن المرأة
- مصادر الفساد
- اللذة في رواية عبد الله رضوان :غواية الزنزلخت
- عريس لُقطهْ
- باص القرية وباص المدينة
- رأس المرأة ورأس الرجل
- رفاق السوء
- وجه الشبه بين المرأة والطبيعة


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الخوري يستحم