أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسن حنفي - اليسار المصري.. محاولة للنقد الذاتي















المزيد.....

اليسار المصري.. محاولة للنقد الذاتي


حسن حنفي

الحوار المتمدن-العدد: 2630 - 2009 / 4 / 28 - 10:17
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


جاءت فكرة "التجمع الوطني التقدمي الوحدوي" من أحد الضباط الأحرار لتجميع خمس قوى وطنية: القوميون، والماركسيون، والناصريون، والليبراليون الوطنيون، والإسلام المستنير. وكان الماركسيون أنشطهم بحكم الخبرة والعلم، والإسلام المستنير أضعفهم لقلة عددهم
بمناسبة الاحتفال بثلاثة وثلاثين عاما علي تأسيس حزب التجمع، واعترافا بفضل أصدقاء تاريخيين فيه منذ تأسيسه عام 1976 وتقديرا لجهودهم، هذه محاولة للنقد الذاتي تجمع بين التجربة الشخصية والتحليل الموضوعي دون ذكر لأسماء ودون استعمال أسلوب السيرة الذاتية والحديث بضمير المتكلم، المفرد أو الجمع.
جاءت فكرة "التجمع الوطني التقدمي الوحدوي" من أحد الضباط الأحرار الذي كان أحد الفدائيين في المقاومة الوطنية المسلحة في قناة السويس مع الإخوان في 1951 ووزيرا للعمل بعد الثورة وفي نهايتها قبل أن تتحول إلي ثورة مضادة في منتصف السبعينيات بعد الانتفاضة الشعبية في يناير 1977 لتجميع خمس قوى وطنية: القوميون، والماركسيون، والناصريون، والليبراليون الوطنيون، والإسلام المستنير. وكان الماركسيون أنشطهم بحكم الخبرة والعلم، والإسلام المستنير أضعفهم لقلة عددهم. وكانت "الأهالي" الأولى خير معبر عنهم والتي أوقفها القضاء قبل أن تكتمل التجربة. كانت هي الجريدة الوحيدة تقريبا التي تعبر عن قوي اليسار بعد غلق "الطليعة" و"الكاتب" وتغيير إدارة "روز اليوسف". كانت المتنفس الوحيد له. لذلك كانت مؤثرة وفعالة بالرغم من محدودية الحزب وقلة الإمكانات. وكان مجلس إدارتها حريصا على وحدة هذه القوى الخمس سواء في تمثيلها أو في التعبير عنها على صفحات الجريدة.. وبالتفكير بصوت مسموع والتعبير عن بعض ما يهمس به الناس داخل الحزب وخارجه يمكن إجمال هذه المحاولة في النقد الذاتي في سبعة أمور:
1- عدم التوازن بين القوي الوطنية الخمس المكونة للحزب، وسيطرة إحدى القوى علي القوى الأربعة الأخرى. صحيح أن تمثيلها ليس بالضرورة أن يكون كميا لغلبة واحدة أو قلة الأخرى، ولكن التمثيل يكون كيفيا أي حضورا في الحزب وإدارته وفي الجريدة وعلي صفحاتها. والأغرب أن يهاجم تيار من التيارات الخمسة أحد التيارات المكونة لهذا التجمع وفتح جبهة داخلية تضعف الحزب، ومهاجمة التيار الإسلامي بصرف النظر عن الاتفاق والاختلاف معه. صحيح أن التيار الأصولي لا يمثل التيار المستنير، ولكن صحيح أيضا أن التيار الماركسي الحرفي لا يمثل ماركسية القرن العشرين المتفتحة علي باقي التيارات الأخرى والمتفاعلة معها. وحتى لو كان التيار الأصولي معابا فإنه يمكن تطويره من الداخل دون الهجوم عليه من الخارج والتسبب في التفريق وليس في التجميع، ولا يوجد تيار من التيارات الخمسة خال من العيوب. فلو فضح كل تيار التيار الآخر فإنه لا يكون تجمعا وطنيا بل يكون تفرقا حزبيا. والتأسلم ليس هو العيب الوحيد بل هناك التأمرك والتهود. والمتأسلمون ليسوا هم الخطر الوحيد بل هناك المتأمركون والمطبعون والمفسدون والمتقربون للسلطة وغيرهم. لم ينشأ حوار داخلي بين التيارات الخمسة المكونة للحزب لمعرفة فيم الاتفاق وفيم الاختلاف، وما هو البرنامج السياسي المشترك، الحد الأدنى الذي تتفق عليه هذه القوي الخمس؟ وإلى أي حد تؤثر التعددية النظرية على برنامج الائتلاف الوطني؟
2- ليس التجمع سلطة بديلة عن السلطة القائمة يسعي للحصول عليها عن طريق الانتخابات والأصوات وعدد النواب في المجلسين النيابيين فهذا لم يحدث لا في الجيل السابق ولا في الجيل الحالي ولن يحدث في الجيل القادم لأن الشعب مازال بعيدا عن اليسار، تسيطر عليه أكثر التيارات الإسلامية كما وضح في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، وكما يحدث في انتخابات النقابات والاتحادات والجمعيات الأهلية بل هي محاولة لتجميع الناس وتعليمهم أدبيات الحوار، مع الإبقاء علي الخلاف النظري، وتثوير ثقافتهم الشعبية حتى تكون حاملا لبرنامجهم السياسي. ولا يفترق التجمع هنا عن الإسلاميين الذين يرون أن التغير السياسي يكون عن طريق الوصول إلى السلطة شرعيا أو بطريق غير شرعي طبقا للقول المأثور "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن". والأفغاني لم يكن بالسلطة في يوم من الأيام بل إنه رفض أن يكون ملكا علي السودان، وكان مطاردا باستمرار من السلطة في أفغانستان وإيران وتركيا ومصر. وما زال له أبلغ الأثر في الثقافة السياسية في الإسلام الثوري، وتأسيس الحركات الوطنية في معظم أرجاء العالم الإسلامي. وهو المنظر للثورة العرابية وواضع شعار "مصر للمصريين"، شعار الحزب الوطني.
وفي حزب التجمع الآن أكبر عدد ممكن من المفكرين والأدباء والفنانين والأساتذة الجامعيين، أي نخبة الوطن وكان بإمكانهم تقديم ثقافة ثورية قادرة علي أن تجعل مهمة الحزب السياسي القيام بثورة ثقافية تبقي حتى إن لم يصل إلى السلطة أو انتهى بفعل تطور الحياة السياسية.

* في وسط البلد
3- ما زال التجمع في أذهان معظم الناس شقة في وسط البلد كالمنتديات الثقافية والاجتماعية مهما بلغ اتساعها وحضر نشاطه مئات من الرواد وأغلب الظن أن فروعه في الأقاليم نفس الشيء. وبالرغم من وجود أمانات للطلاب وللعمال وللفلاحين فإن حضور الحزب وسط أربعين مليونا من الفلاحين وعشرين مليونا من العمال وعشرة ملايين من الطلاب مازال محدودا. صحيح أن الفلاحين والعمال والطلاب يشاركون في المظاهرات السياسية، ولكنها تظل محدودة الأثر، مثل توزيع الجريدة، إن لم يشارك فيها الإسلاميون. قد يكون المسئول عن ذلك، طبيعة العمل السياسي الشعبي الجماهيري في مصر الذي لم يتعود على المشاركة السياسية على مدى أكثر من نصف قرن، هو عمر الثورة المصرية والانقلاب عليها. ومع ذلك الإبداع السياسي لا حدود له. ويمكن أن يكتشف آليات جديدة لمزيد من التنشيط للعمل الجماهيري والقدرة علي حشد الناس عن طريق الفنون الشعبية وما أكثرها في الريف ووسط العمال، والإبداع الأدبي وسط الطلاب وما أكثره.
4- ما زالت شخصية الزعيم مؤثرة وحاضرة سواء كان الزعيم التاريخي أو خلفاءه، لا فرق بين قوي اليسار والحركات الإسلامية والتركيز حول زعيم الحزب وأمير الجماعة أو مرشدها. وهو ما نبهت عليه الأدبيات اليسارية باسم "عبادة الشخص". ولا فرق بين الحزب الحاكم الذي يدور حول الرئيس وأحزاب المعارضة التي مركزها زعماؤها. هناك فرق بين رئيس الحزب، ومؤسسة الحزب. بل إن الزعامة في الحزب قد تعوق العمل المؤسسي والجماهيري اعتمادا علي الثقة في الزعيم وتوجيهاته وأحيانا إلهاماته. هذا الحضور الطاغي لزعيم الحزب يمنع التطور الطبيعي للقيادات الحزبية داخل الحزب. وقد تسبب منافسة مكتومة وغيرة غير مفصح عنها. وقد تتسرّب بعض الشخصيات العامة من الحزب لأنها لم يتح لها التأثير والقيادة في الحزب مثل الزعيم الأوحد. ولا فرق بين رئيس الدولة مدي الحياة ورئيس الحزب مدى الحياة خاصة في العالم الثالث، مصر، تونس، الجزائر، فنزويلا أو الابن الذي يخلفه، مثل كوريا الشمالية.

* المعارضة المستأنسة
5- تتصارع نظريتان في العمل السياسي بالنسبة لعلاقة أحزاب المعارضة بالسلطة السياسية القائمة. الأولي العمل من خارجها وإلا توقفت المعارضة عن أن تكون معارضة. فالمعارضة والسلطة السياسية القائمة نقيضان، أحدهما بديل عن الآخر. وهي المعارضة الجذرية التي لا تقبل أنصاف الحلول. فلا وسط بين الصواب والخطأ، بين الحق والباطل، بين البطولة والخيانة. والثانية العمل مع السلطة القائمة، ساق في الخارج وساق في الداخل. وتحقيق بعض أهداف المعارضة أو التقليل من بعض مساوئ السلطة القائمة خير من لا شيء. وهو نفس الصراع بين حماس والسلطة الوطنية الفلسطينية. عند حماس لا أمل في السلام، ولا أمل إلا في المقاومة. وعند السلطة الوطنية هناك بعض الأمل في السلام. وخسائر المقاومة أكثر من مكاسبها لعدم تكافؤ القوي بين المقاومة والعدو الإسرائيلي. وقد اختار الحزب في نشأته النظرية الأولى بزعامته التاريخية الأولى. وربما اختار في فترته الثانية النظرية الثانية برئاسته الثانية. فلا ضير أن يكون في مجلس الشعب معينا أو في مجلس الشورى منتخبا. وهو ما سُمي المعارضة المستأنسة، قول بلا فعل، كلام بلا ممارسة. تقبل إعلانات رجال الأعمال وتنقدهم في نفس الوقت، وهو الصراع بين الواقعية والمثالية بالرغم من المثل الشعبي "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها". وهو النموذج السائد ليس فقط في الحزب بل في المجلس الأعلى للثقافة، ومكتبة الإسكندرية.
6- بالرغم من الجهد المبذول في جريدة الحزب علي مدى ثلاثين عاما بإداراتها المختلفة فإنها مازالت محدودة التوزيع. سبقتها جرائد أخري أحدث منها ولكن أكثر تلبية للجمهور. وما زال السؤال قائما: كيف يمكن تقوية جريدة الحزب بحيث تكون أكثر قوة وأوسع انتشارا وأكثرا إغراء للجماهير أصحاب المصلحة الحقيقية في الحزب، الفلاحون والعمال والطلاب؟ كيف يمكن إغراء كتاب التيارات الرئيسية الخمسة التي تكوّن الحزب وإشراك أقلامها في إنعاش الجريدة، وقد قامت جريدتان حديثتان أخريان في مصر علي أقلام مشاهير الكتاب؟ وربما يهمس البعض إن ضعف الجريدة من ضعف الحزب، وأن الجريدة ليست مسئولة لا عن تحريرها ولا عن توزيعها بل تعكس الحالة الراهنة لتوقف الحزب عن التفكير وعن إبداع موضوعات جديدة أكثر إغراء للقراء وللجماهير العريضة أصحاب المصلحة فيها ولكن ليسوا من أعضاء بالحزب. ومهما نشطت المجلات الثقافية والأدبية للحزب مثل "أدب ونقد" و"اليسار" فإنها ليست بديلا عن جريدة الحزب الأولى.
7- لم تنشأ محاولات لتطوير الحزب منذ نشأته عام 1976، والوقوف كل عشر سنوات مرة للنقد الذاتي والتطوير الداخلي بصورة كبيرة ودون صراعات داخلية بين أجنحة الحزب المختلفة، والتعلم من التاريخ والمراجعة. فالأحزاب كائنات حية تتطور، يميتها الثبات والجفاف. وهو نقاش ليس فقط داخل مؤسسات الحزب وكوادره الداخلية بل أيضا علي صفحات الحزب حتى يشارك فيه كل الأعضاء. فالحزب ملك للجميع، ومسئولية جميع أعضائه. وقد قامت بعض المحاولات الداخلية من مسئولي الدعوة والفكر ومن بعض أعضاء الحزب الأوائل بتقديم أوراق رسمية لمناقشتها مثل "مأساة الأحزاب التقدمية في البلاد المتخلفة" ولكن لم يعطها الحزب أي اهتمام لأن تطوير الحزب لم يكن اختيارا رئيسيا بل كان الحفاظ علي وجوده وثباته. وقد آن الأوان بمناسبة ثلث قرن من إنشائه التفكير في ماضيه ومستقبله والتعلم من التاريخ. فلربما تعود الطيور المهاجرة، وينشط الأعضاء الخاملون، وتعود إلي الحزب حياته وحركته، ويبدع من جديد نظرا وعملا في الحياة السياسية المصرية.
هذا ليس اتهاما لأحد بل التفكير بصوت مسموع. هي دعوة لنقاش مفتوح بمناسبة الاحتفال ورؤية أصدقاء تاريخيين مع اعتزاز بصداقتهم وحرص على وحدة اليسار وعلى مصلحة الوطن.



#حسن_حنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية على أسنة الرماح


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسن حنفي - اليسار المصري.. محاولة للنقد الذاتي