أنفلونزا الخنازير

رجب الحكيم

الحوار المتمدن-العدد: 2630 - 2009 / 4 / 28 - 07:23
المحور: كتابات ساخرة
    

بمجرد ظهور مرض أنفلونزا الخنازير ، لم يصبر المشايخ الذين كانوا على أحر من الجمر انتظارا لميعاد خطبة الجمعة ليصولوا ويجولوا فيها تغنياً بهذه المعجزة الإلهية الجديدة التى أثبتت أن الخنزير المخلوق النجس الذي حرمه الإسلام أصبح بالدليل القاطع أخطر حيوان على صحة البشر لأنه اليوم يصيب الإنسان بمرض يفتك به في غضون ساعات ، ولكن أصبحت أنفلونزا الخنازير هي المادة الرئيسية في كل الدروس الدينية بعد صلاة المغرب في سائر أنحاء مصر وتباري المحللين في مصر ما بين متحمس لإعدام كل الخنازير بمصر ، وبين معتدل يطالب بنقلها فورا خارج الكتلة السكنية ،وفى غضون ساعات انتقلت عدوي الحماس إلى جميع المصريين وبالتحديد المسلمين منهم ، وفى غمرة هذا الحماس وأثناء جلوسي في درس المغرب والشيخ يصرخ بكل حماس مطالباً بطرد كل الخنازير من مصر ومطالبا بالعودة إلى شريعة الإسلام التى حرمت هذا الحيوان فملت إلى من بجواري وقلت له :

ولكن إن كان الإسلام قد حرم الخنزير فابتلانا الله بأنفلونزا الخنازير ولكنه لم يحرم الطيور ورغم ذلك فقد أصبحنا من أكثر دول العالم معدلات الإصابة بأنفلونزا الطيور ، أليس الأمر متشابه فرد جاري قائلا : إن ما تقوله هو الجهل بعينه لان أنفلونزا الخنازير انتقام من الله يعاقب به من سمحوا بتربية الخنازير في أوطانهم أما أنفلونزا الطيور فهي اختبار من الله للمؤمنين يمتحن به قلوبهم ، فتظاهرت بالسذاجة وقلت له يبدو أن عندك حق ولكن هل فيروس الأنفلونزا نفسه يعرف هذه المعلومة ؟!! فهز رأسه معتقداً أنني أصبت بلوثة .

ولكن بالفعل يبدوا هذا المرض خطيرا جداً لأنه ينقل العدوى إلى الإنسان بسرعة كبيرة وفي نفس الوقت فإن أعراضه بسيطة وأخطر ما فيه أن العدوى تنتقل من الإنسان إلى الآخر بمجرد عطسة أو كحة ، فكرت كثيراً في السيناريو المرعب الذي يمكن أن تلاقيه دولة كمصر إذا دخل هذا المرض إليها ، فنحن لم نحقق أي نجاح في محاربة أنفلونزا الطيور ، وكل ما استطاعت جهودنا أن تصل إليه هو أننا تقدمنا من المرتبة الخمسين عالميا في معدلات الإصابة بالمرض إلى المرتبة الثالثة ، فما بالك بالخنازير ،

عند خروجي من المسجد قابلت صديقي الوطني المتحمس عابساً فسألته عن السبب فقال واحد فقط ! واحد فقط من إسرائيل أصيب بأنفلونزا الخنازير وحتى اصابته مشتبه فيها ، لماذا لا يصاب به ألف أو عشرة آلاف لنستريح منهم ، فقلت له ولكن واليهود أيضا يحرمون الخنازير تماما ومن الصعب انتشار المرض لديهم بالإضافة إلى أن الرعاية الصحية بإسرائيل متقدمة للغاية ، فتمتم قائلاً ربك قادر على كل شيء.

وبعد ذلك قابلت صديقاً مسيحيا ، فى مزاج سيئ فسألته عن السبب فقال أنه تعيس لأن الصيام الكبير لم يكد ينتهي حتى ظهر مرض أنفلونزا الخنازير الذي أدي فوراً إلى قيود كبيرة على تداول لحم الخنزير الذي أعتبره وجبة شهية أنتظرها منذ خمسة وخمسون يوماً ، بالإضافة إلى هذه الأزمة أصبحت ذريعة جديدة يتداولها المسلمون ضدنا ، وفى غمرة الحزن قال ما هذا الحظ العاثر ولماذا لا تنتشر أنفلونزا الخرفان قبل عيد الأضحى ، نظرت إليه ملياً وقمت بهز رأسي قائلاً يبدو أن الجميع أصيبوا بأنفلونزا الأديان .

#رجب_الحكيم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات