أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - الطوفان.. قادم














المزيد.....

الطوفان.. قادم


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2628 - 2009 / 4 / 26 - 09:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


كأننا عدنا قرونا إلي الوراء، بل ربما نكصنا علي اعقابنا الي العصر الحجري ففي قرية »الشورانية« بمحافظة سوهاج اندفع الاهالي الي شوارع القرية ويبحثون عن البيوت التي يسكنها اولئك الذين ينتمون الي »البهائية« كما لو كانوا كائنات فضائية هبطت علي القرية من المريخ او الفضاء الخارجي، رغم انهم صعايدة ابناء صعايدة، ومصريون اقحاح!
ثم بعد ان يجدوا هؤلاء »البهائيين« يقذفونهم بالطوب، ويروعون زوجاتهم واطفالهم، وفي النهاية يضرمون النيران في بيوتهم.
ولا يتبقي امام هؤلاء سوي ان يتركوا ديارهم وارضهم وزراعتهم التي هي كل حياتهم حتي ينجوا بحياتهم!
هذه المشاهد المروعة ليست من فيلم رعب وانما هي واقع حدث بالفعل في بلادنا منذ ايام قلائل.
وقد حاول البعض التهوين من شأن هذا الذي حدث، او التعتيم عليه.
و»منطق« هؤلاء يستند الي عدة عوامل.
العامل الاول: هو انهم يقولون ان عدد البهائيين في مصر عدد قليل جداً لا يتجاوز في عموم مصر من شمالها إلي جنوبها خمسة آلاف نسمة، وهذه نسبة لا تذكر قياساً إلي أكثر من ثمانين مليون مصري.
وهذا صحيح لكنه لا يقلل من حجم الجريمة التي وقعت، بل إنها لو وقعت في حق شخص واحد فقط لما كان ذلك مخففاً من بشاعتها.
فنحن نتحدث عن »مبدأ«.. والمبدأ الحاكم هنا هو »المواطنة«، التي تعني أن جميع المواطنين المصريين متساوون أمام القانون بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو المكانة الاجتماعية.
وما حدث في حالة »الشورانية« انتهاك للدستور والقانون وحقوق الإنسان ومبدأ المواطنة لأن هؤلاء الأشخاص تم ترويعهم واضطهادهم لسبب واحد هو »عقيدتهم«!
العامل الثاني: ان مسألة »العقيدة« في حالة البهائيين تثير جدلاً عجيباً.. حيث يبرر البعض ما حدث استناداً إلي أن البهائية ليست ديناً سماوياً، وأنه لا مكان في بلادنا إلا لثلاثة أديان لا رابع لها هي الإسلام المسيحية واليهودية.
وهذا تبرير متهافت أيضاً لأن الاعتقاد لا مجال فيه لمثل هذه التصنيفات الأرضية والسماوية.. المهم أن هناك عددا من البشر، زادوا أو قلوا، يتبنون عقيدة ما.
وحرية الضمير تعني أول ما تعني التسليم بحرية العقيدة، أي عقيدة.
وعندما نقول »حرية العقيدة« فإن هذا يعني صراحة ــ وليس ضمنياً فقط ــ أننا نتحدث عن عقيدة مغايرة للعقيدة التي نتبناها، ومختلفة عنها، وربما مناقضة لها من الأساس.
وبالتالي ليس هناك معني لأن نقول ان هذه عقيدة »سوية« وتلك عقيدة »منحرفة« أو »شاذة«.
بل إن مبدأ حريةالعقيدة تم وضعه بالذات لحماية أصحاب العقائد محدودة الانتشار، لأنه لو كان عدد اتباع هذه العقيدة بالملايين لكانت من القوة بحيث لا تحتاج إلي حماية أصلاً.
العامل الثالث: هو أن البهائية ربما تكون مرتبطة بالصهيونية وإسرائيل.. وهذا تبرير جاهز في مناسبات مختلفة يتكرر لتسويغ مواقف غير ديمقراطية متنوعة.
وكثيراً ما يلجأ البعض منا لتبرير اغتيال »الآخر« معنوياً، إلي تلويث هذا الآخر وإلصاق تهم كاذبة به.
وقد سبق لبعض من يقودون الحملة ضد البهائيين في إحدي قري الصعيد اليوم، أن برروا منعهم لعقد مؤتمر لمناهضة التمييز الديني بنقابة الصحفيين منذ بضعة شهور بأن التليفزيون الإسرائيلي حضر لتغطية هذا المؤتمر.. ثم ثبت من خلال التحقيقات أن هذه أكاذيب وفبركات وادعاءات زائفة.
ولم يتوقف أحد ليسأل نفسه: هل إحراق قرية مصرية بمثابة عمل ضد إسرائيل أم عمل ضد مصر؟ وماذا خسرت إسرائيل بإحراق قرية مصرية وترويع مواطنين مصريين؟
لم تخسر شيئاً، بل إنها في الحقيقة هي الرابح الأكبر، فقد كسبت إضعاف مصر، وتشويه سمعتها، ولو أنها أنفقت ملايين الدولارات ما استطاعت أن تسيئ إلينا بالقدر الذي تسبب فيه هؤلاء الذين أضرموا النار في بيوت مواطنين مصريين يختلفون عنهم في العقيدة.
وهذا يعني أنه لا التهوين ينفع ولا التعتيم يفيد.
بل يجب أن نصارح أنفسنا بالحقيقة المرة، وهي أن التعصب يتفشي، وأن التسامح المصري التقليدي يتقهقر، وأن منطق الدولة المدنية الحديثة يواجه تحديات متزايدة تتطلب من كل القوي الحية في الجماعة الوطنية المصرية أن تتخلي عن سلبيتها وأن تستيقظ من سباتها لمواجهة الطوفان القادم.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهابيون.. حتي في الكنيسة القبطية
- -الست هدى- .. مرأة حديدية أقوى من فاروق حسنى!
- أدب السجون: كتابات تقشعر لها الأبدان!!
- عبدالملك خليل
- إعطنى هذا الدواء
- إمسك .. بهائى!
- سيادة النائب العام.. شكرًا
- هل نحتاج إلي قانون جديد لمكافحة الارهاب؟!
- انتبهوا أيها السادة: نتيجة امتحاننا في »النزاهة«.. ضعيف جدا
- بعد رائعة نجيب محفوظ -القاهرة 30- .. رواية الموسم: القاهرة . ...
- بعد رائعة نجيب محفوظ -القاهرة 30- .. رواية الموسم: القاهرة 5 ...
- حلم .. ولاّ علم؟!
- من يشعل النار فى قلب القاهرة الخديوية؟!
- كيف يتعامل الاعلام المصرى مع تحديات العولمة؟
- ثورة 1919 .. تسعون شمعة
- هل تكون القاهرة الخديوية .. محمية عمرانية؟
- بلاغ للنائب العام وكل من يهمه مصير هذا البلد
- مليارات لا تجد من ينفقها! سوء إدارة وفساد يهدران الاستفادة ا ...
- متحف للمياه على ضفاف النيل
- تعليم الكذب والخداع


المزيد.....




- زاخاروفا: محاولة اغتيال ترامب مظهر ديمقراطي حسب منطق الخارجي ...
- مدفيديف: روسيا أصبحت أكثر استعدادا للصراع مع الغرب مما كانت ...
- ليبيا ترفع القيد الإجرائي عن 13 متهما في محاولة اغتيال مستشا ...
- ترامب لا يستبعد رفع العقوبات عن روسيا ضمن صفقة حول أوكرانيا ...
- لافروف يجتمع بنظيره السويسري في نيويورك
- مدفيديف: أي محاولات من قبل الناتو لتهديد حدودنا ستواجه ردا ح ...
- بعد أشهر من توقف الهجمات... مسيرتان تستهدفان -عين الأسد- بال ...
- بايدن يتعهد بمواصلة السباق الرئاسي ويهاجم ترامب
- داعش يعلن مسؤوليته عن هجوم على مسجد للشيعة في عمان
- بايدن يتعهد بمواصلة السباق الرئاسي وينتقد سياسات ترامب


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - الطوفان.. قادم