أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد هجرس - وهابيون.. حتي في الكنيسة القبطية














المزيد.....

وهابيون.. حتي في الكنيسة القبطية


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2629 - 2009 / 4 / 27 - 09:24
المحور: كتابات ساخرة
    


في مواجهة التحديات والمشكلات والسلبيات التي تواجهنا بكثافة، تعودنا إلي درجة الادمان علي التفسيرات السهلة والاجابات المريحة.
وأحد الأمثلة الصارخة لهذا المهنج الاستسهاني هو تعليق مسئولية تفشي التعصب والتزمت في رقبة »الوهابية«.
أي أننا نبريء أنفسنا من هذه الظواهر السلبية، ونبحث عن طرف خارجي نعلق علي شماعته كل أوزارها وقد يكون هذا الطرف الخارجي هو »الوهابية« حينا، أو الاستعمار والامبريالية والصهيونية حينا آخر، المهم ان نغسل أيدينا من أي مسئولية عن نشأة واستفحال هذه الظواهر السلبية، في حين ان التحليل الموضوعي النزيه يبين بما لا يدع مجالا للشك ان كل هذه الظواهر السلبية لها »شهادة منشأ« مصرية وأنها صناعة مصرية مائة في المائة، حتي لو حاول هذا الطرف الخارجي أو ذاك الاستفادة منها أو النفخ في نيرانها.
وبالطبع.. فاننا لا ننكر ان »الوهابية« قد اكتسبت قوة دافعة اضافية من الغورة النفطية وأن هناك عوامل متعددة »سياسية، واقتصادية واجتماعية« ساعدت علي توغلها وانتشارها خارج حدودها الأصلية، لكن تظل العوامل الداخلية هي الأساس.
ولعل الزعيم الصيني ماوتسي تونج قد شرح ديناميكية العلاقة بين العوامل الداخلية والخارجية في تطور أي ظاهرة بالمثل البسيط والمعبر الذي تحدث عن بيضة الدجاجة التي تفقس إذا جلست الدجاجة فوقها وأدفأتها. حيث الدفء هنا هو العامل الخارجي المساعد لكن ماذا لو رقدت ألف دجاجة فوق حجر؟ لن يفقس الحجر بالطبع رغم توفر العامل الخارجي المساعد لأن العامل الداخلي الرئيسي غير موجود.
لذلك فان الصواب يجانب هؤلاء الذين يستسهلون التعامل مع ظواهر التعصب والتزمت المستشرية باعتبارها مجرد نتيجة لعامل خارجي هو »الوهابية« فلو ان الداخل سليم لما أثرت فيه »الوهابية« ولا غيرها.
ثم ان هذا المنهج الاستسهاني يتجاهل حقيقة عكسية، هي ان مصر أصبحت دولة »مصدرة للاصولية« بل ومصدرة للأفكار التكفيرية والإرهابية في بعض الأحيان فحتي تنظيم »القاعدة« الشهير نجد فيه بصمة مصرية رئيسية، بل ان الدكتور أيمن الظواهري المصري هو العقل المدبر الحقيقي لهذا التنظيم المتطرف في رأي الكثير من المحللين.
وأحدث الأدلة علي ان الكثير من الأفكار المتزمنة لها شهادة منشأ مصرية وليست مستوردة من الخارج، هو تصريحات قداسة البابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية التي تضع فن النحت في باب »المحرمات« الدينية حين سأله مواطن قبطي »هل الإنسان الخاطيء لو أعطي فلوسا للمحتاجين تكون غير مقبولة عند ربنا«؟
فرد عليه قداسة البابا قائلا: بالنص »توجد خطايا عارضة وخطايا خطيرة.. يعني قوانين الكنيسة بتقول اللي يشتغل بصناعة التماثيل والأصنام والحاجات اللي زي ديه لا تقبل عطاياه وكذلك المرأة اللي عايشه في الزني لا تقبل عطاياها لان المزمور يقول: »زيت الخاطيء لا يدهن رأسي« بل كان هؤلاء الخطاة المدمنون للخطيئة حسب القوانين القديمة لا يصح قبولهم في الكنائس«.
في هذا الرد يتضح ان قداسة البابا أدان صناعة التماثيل، أي فن النحت، وساوي بين »التمثال« و»الصنم« وساوي بين الفنان النحات وبين المرأة الزانية أو فتاة الليل.
وهذا كلام سبق ان سمعنا شيئا مثله من مراجع إسلامية كبيرة المقام ذهبت إلي القول بتحريم فن النحت.
وكان تفسير البعض وقتها ان هذه التفسيرات التي وردت علي لسان هذه المراجع الإسلامية المصرية رفيعة المقام جاءت تحت تأثير الزحف الوهابي، فماذا يقول هؤلاء عندما يأخذ رأس الكنيسة القبطية بجلال قدره بنفس التفسيرات؟
هل اخترقت الوهابية جدران وأسوار الكنيسة المصرية؟!
بالطبع لا.
وهذا يعيدنا إلي المربع الأول، وهو ضرورة ان نواجه أنفسنا بالحقيقة، وهي ان مثل هذه الأفكار المناهضة للفن صناعة مصرية، يمكن ان ينتجها مسلمون حينا أو مسيحيون حينا آخر، فهذا الخبز من ذات العجين.
ولا أريد ان استطرد في نقد ذم قداسة البابا في فن النحت وصناعة التماثيل لسببين أساسيين.
السبب الأول: ان نفس ما قلته ردا علي فتوي فضيلة مفتي الديار المصرية بتحريم التماثيل ينطبق علي تصريح قداسة البابا حرفيا.
السبب الثاني: ان الزميل أحمد باشا كتب تحقيق صحفيا مهما في مجلة »روزاليوسف« غاص فيه إلي خلفيات »فتوي« قداسة البابا التي يبدو انها استندت إلي وصية في التوارة »العهد القديم« تقول: »لا يكن لك آلهة أخري أمامي، لا تضع لك تمثالا منحوتا ولا صورا ما، فما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض.. لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني ربك إلهك.. إله غيور« وفي قراءة أخري لنفس الوصية استنتج أحمد باشا ان هذه الوصية لم تحرم الفن، بل حرمت اتخاذ التماثيل للعبادة وللسجود.
وبصرف النظر عن طريقة النظر إلي هذا النص الديني أو ذاك، فانه لم يعد متصورا في العصر الحديث، ونحن في الألفية الثالثة، ان نخشي علي الناس من ان يبعبدوا تمثالا.. فهذا أمر غير معقول.
ومن المؤسف ان نجد أنفسنا مضطرين إلي العودة عقودا من السنين لنلتقط تفسيرات من مراجع مرموقة إسلامية، ومسيحية، ويهودية تدافع عن الفنون الجميلة والفن التشكيلي بما في ذلك النحت والتصوير.
ومن المثير للقلق ان تتعرض الثقافة المصرية لهذا الهجوم المزدوج، تارة من جانب مراجع إسلامية وتارة أخري من جانب مراجع مسيحية، وأن يتفق هؤلاء مع أولئك في وضع فن جميل، مثل فن النحت، في قفص الاتهام.
وليس المهم هو النحت فقط، وانما الأهم هو تحريم النحت اليوم، يفتح الباب لتحريم التصوير غدا، والموسيقي والأدب بعد غد.
والأخطر ان يكون ذلك تكئة لفرض وصاية علي عقل الأمة، وعلي حرية التفكير والابداع، فنتخلف أكثر مما نحن متخلفين..
وكل هذا يبرهن علي ضرورة الدفاع عن فصل الدين - أي دين - عن الدولة، حتي نعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الست هدى- .. مرأة حديدية أقوى من فاروق حسنى!
- أدب السجون: كتابات تقشعر لها الأبدان!!
- عبدالملك خليل
- إعطنى هذا الدواء
- إمسك .. بهائى!
- سيادة النائب العام.. شكرًا
- هل نحتاج إلي قانون جديد لمكافحة الارهاب؟!
- انتبهوا أيها السادة: نتيجة امتحاننا في »النزاهة«.. ضعيف جدا
- بعد رائعة نجيب محفوظ -القاهرة 30- .. رواية الموسم: القاهرة . ...
- بعد رائعة نجيب محفوظ -القاهرة 30- .. رواية الموسم: القاهرة 5 ...
- حلم .. ولاّ علم؟!
- من يشعل النار فى قلب القاهرة الخديوية؟!
- كيف يتعامل الاعلام المصرى مع تحديات العولمة؟
- ثورة 1919 .. تسعون شمعة
- هل تكون القاهرة الخديوية .. محمية عمرانية؟
- بلاغ للنائب العام وكل من يهمه مصير هذا البلد
- مليارات لا تجد من ينفقها! سوء إدارة وفساد يهدران الاستفادة ا ...
- متحف للمياه على ضفاف النيل
- تعليم الكذب والخداع
- صحفيون ضد مناهضة التمييز!


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد هجرس - وهابيون.. حتي في الكنيسة القبطية