جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2628 - 2009 / 4 / 26 - 10:09
المحور:
كتابات ساخرة
هل تعلموا أن كل شيء في بلداننا العربية طبيعي جداً؟
وأن الهواء الذي نتنفسه طبيعي جداً؟
وأن الناس تمشي على قدمين ؟
وأن كلشيء طبيعي جداً وعادي جداً؟
ومستوى حياة المواطن طبيعية جدا..والأسعار طبيعية ؟
وأن حياة الناس حلوه إكثير (آخر حلاوه) وناقصها مظهر أبو النجا يقف ويقول لينا كلنا (يا حلاوه)....أو أن يغني بنا الفنان الراحل سيد مكاوي (يا حلوة الدنيا يا حلاوه يا حلولو يا حلاوه ).
وأن كل الأوضاع طبيعية جداً ..الحياة تسير كالمعتاد..ونوم المواطن طبيعي جداً؟
وأهم شيء النوم فالإنسان المضطهد دائماً نومه غير طبيعي , أما إذا كان نومه طبيعي فهذا معناه أنه غير مضطهد وغير مظلوم .
كل شيء طبيعي أما الفتاة التي أرادت أن ترمي نفسها عن عمارة على دوار الداخلية في عمان هي مجنونة ومخبولة ,لأن كل شيء أصلاً طبيعي وهذا حادث فردي ,وإن الذي قتل زوجته وأولاده هو مجنون وما فيش بالبلد مشكلة واحدة ..كل تلك الحوادث فردية , والذي قتل زوجته أيضاً حادثته حادثة فردية , وأن الذي أحرق نفسه أيضاً هذه الحادثة كانت فردية لأنه وحده من يفعل ذلك , ولا أحد في الوطن يشكو من شيء فالأسعار أيضاً طبيعية والحرارة طبيعية والنوم طبيعي , والإدارة والسلوك طبيعي جداً والفساد مش موجود وإن وجد فنسبته طبيعية , حتى أنها أقل من الدول المتقدمة , فالدول المتقدمة فيها فساد , بس ناقص الحكومة أن تقول :
أن الفساد في أوروبا وأمريكيا نسبته أكثر بكثير من الفساد المنتشر في الدول الرجعية والفاسدة والمتخلفة عقلياً وإجتماعياً, وهذا يعني طمئنة المواطن العربي أنه مازال بفضل قياداته الحكيمة بخير وهو يعيش أفضل من المواطن الأمريكي والروسي والألماني , وكل شيء طبيعي , ولكن يبدو أن عقل المواطن أو بعض الناس هي غير الطبيعية والمختلة عقلياً , حتى أن المستشفيات في ألمانيا وإنكلترا وفرنسا وأمريكيا تقع بها الأخطاء الطبية بمعدلات أعلى بكثير من المستشفيات الحكومية العربية .
كل شيء طبيعي والحمد لله على شم النسيم , والحمد لله على أكل الهوى والزفت والبرسيم.
وإن الذين يموتون بالسكتات الدماغية والقلبية هم أصلاً يعانون من إرتفاع مستوى الدهنيات والكولسترول في الدم , أما من الناحية الإجتماعية والإقتصادية فالوضع طبيعي جداً.
يا سلام على بلداننا العربية والجميلة والتي تخجل من حمل الورقة والقلم والكتاب ..يا عيني على بلداننا التي لا ترحم طفلاً ولا شيخاً ولا إمرأة .
يا سلام على وطننا الجميل ومنظره الرائع والمثير حين تصعد به فتاة أردنية على عمارة في دوار الداخلية وتريد أن تلقي بنفسها من ظهر العمارة إحتجاجاً على غلاء المعيشة والتعليم والمواصلات والإتصالات ورغيف الخبز , فكل شيء في بلداننا غالي جداً ما عدى أنا وأنت وهي والإنسان فكلنا رخيصون جداً.
نحن أرخص من كاس وسكي يشربه أحد الأغنياء في إحدى الفنادق , نحن أرخص من سعر عاهرة تتلقى يومياً الدعم المتواصل من السياسيين وأصحاب القرار.
نحن أرخص من سعر الفجل وأرخص من إشوال البطاطة وأرخص من بكسة البندورة ومن كيلو اللحم .
فلحم المرأة العربية أرخص من كيلوا اللحم الأسترالية, ألنساء منذ الصباح يقفن في الشوارع لقاء أن يحصلن من أحد المارة على ثمن فاتورة الكهرباء أو المياه أو ليحصلن على بطاقة موبايل .
كان يقال من قبل الدعاية الهدامة من أن المرأة في الدول الإشتراكية رخيصة جداً وأن النساء في روسيا يعشن عيشة فيها كثير من الإهانة وهذه الإهانة لا يمكن أن تتخلص منها المرأة إلا في حالة أن تنتقل المرأة للعيش في الدول الرأسمالية.
وها نحن في الدول الرأسمالية : والمرأة الأردنية تسكن في منزل أجرته الشهرية في عمان 100دينار على الأقل , وراتب زوجها 250ديناراً أردنياً, فحين يدفع الزوج 100دينار أجرة المنزل يكون قد تبقى معه 150 ديناراً من راتبه ,يدفع منها كهرباء وماء 30 دينارا فيبقى معه 120 ديناراً, ثم يدفع أجرة مواصلات 30 ديناراً من منزله إلى العمل فيتبقى معه 90 دبناراً,ثم تأتيه بعض المناسبات التي من اللازم أن يشارك بها الناس بتكلفة 20دينار , فيتبقى معه 70 ديناراً, ثم يشرب سجائر بقيمة 50 ديناراً فيتبقى معه 20 ديناراً, ثم يأتيه يوم أغبر يطالبه به صاحب السوبرماركت ب 100دينار ثمن السكر والشاي والبندورة ومعجون الحلاقة , والماجي , والقهوة ,والبندورة والبطاطة , والرز, والمعكرونه,...إلخ .
والنتيجة أن المواطن أرخص بكثير من تلك الحياة الكريمة التي يدعيها وبنفس الوقت يقف المتفلسفون ليقولوا لك ولي : أن الغنى غنى النفس , وأن القناعة كنز لا يفنى , والدنيا نعيم زائل وما عند الله خير وأبقى .
وأين هي الكرامة يا مشايخنا والراتب ينفذ من أول الشهر من قبل أن نمد أيدينا لنعطي أبناأنا مصروفهم اليومي , وأين المواطن الأغلى ما نملك إذا كانت زوجته تقف في الصباح الباكر تبيع خدودها للمارة في شوارع الدول الرأسمالية الفاسدة .
هل الفساد في طبيعة النظام الرأسمالي أم أن الفساد فقط في الدول العربية فقط؟
أين كرامة المواطن الأردني الذي تصعد إبنته في ساعة المساء لتنتحر على دوار الداخلية في عمان , وبعد ذلك تدعي الناس أولاً أنها : تريد أن تنتحر بسبب رفض أهلها تزويجها من عشيقها , ولو كان هذا الكلام صحيحاً لكانت تلك جريمةً وعذراً أقبحُ من ذنب.
وبعد ذلك يدعون أنها مخبولة (منخوليا) وبحاجة لعلاج نفسي .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟