أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس حميد حسن - الفنانة عفيفة لعيبي الإنعتاق والصعود الى النور














المزيد.....

الفنانة عفيفة لعيبي الإنعتاق والصعود الى النور


بلقيس حميد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 804 - 2004 / 4 / 14 - 10:56
المحور: الادب والفن
    


قبل دخولي قاعة المعرض الذي دعتني له الفنانة عفيفة لعيبي , مسحت من ذهني -وأنا في الطريق - أي توقع للوحات , كنت أريد أن لا أحرم نفسي من متعة الدهشة , وأنا التي تبحث عن دهشة تطلق العنان لخيالي , دهشة ليست كدهشات واقعنا المعاش , دهشة لم تتلوث بدماء الأبرياء, ولا بكاميرات الصحفيين , ومع أن بعض لوحات عفيفة معروض بكارت الدعوة, وبعضها كانت قد فاجأتني به الفنانة عبر البريد الألكتروني بصباحات الأعياد , لكن الذي أدهشني هو عيون النساء , وكيف أطلقت عفيفة الروح فيها , أحدق بتلك العيون فيختلط علي , هل رأيت تلك الوجوه وذاك البريق يوما ما في محطة باص ؟ او في زحمة ترام ؟ أم في سوق أو مكتبة ؟
لم تعتمد عفيفة مقاييس الجمال الكلاسيكية, المقاييس التي سمعناها من امهاتنا عبر العصور , ولم تأخذك الى رسم معقد يرميك بعيدا عن إدراك الحلم والواقع المتعب , بل كانت سهلا ممتـنعا, وبساطة صعبة التكوين, جعلت الجمال ألمع وأكثر شموخا, حيث تتكسر القوالب وينفتح باب الضوء رحبا ً أمام الحياة, مما ذكرني بأبيات شعر لأيليا أبي ماضي في الطلاسم حين يقول عن الجمال :

رُب َ قبح ٍ عند زيد ٍ هو حسن ٌٌ عند عمرو
وهما ضدان ِ فيه وهو وهم ٌ عند بكر ِ
فمن الصادق ُ فيما يدعيه ؟ ليت شعري
ولماذا ليس للحسن قياس ٌ ؟
لست أدري ...

هكذا كان الجمال يشرق بلا مقاييس في لوحات عفيفة , الحياة التي تـنطق بعيون نساءها هو غاية الجمال الموعود, حركات المرأة التي لم تزل محاصرة , ولم تخرج عن حدود شرفة المنزل في هذا المعرض سوى بلوحة واحدة, حيث البحر , لكن توقها للنور قويا , يحاكي صعود الملائكة والأنبياء نحو الإنعتاق الأبدي , اللامحدود بسماوات أزلية , وها أجنحة المرأة , بثوبها المهيب وابتسامة تبث المحبة للناظرين, أذهل كل من دخل المعرض, اللوحة جاءت بمكان ناسب فكرة الإرتقاء, يلتقيها المرء بعد صعود السلم , مما زادها حيوية ً وسحرا ً سرى بالقلوب فصار للوحة مريدين ومؤيدين من أول لحظات الإفتتاح, حيث احتوت المكان بإشراقة الإصرار, الإبتسامة, والقدرة على الطيران.
التوق للحياة الهنيئة سيطر على اللوحات , ثقة المرأة بكل ما تقوم به , جعلها تمارس أسلوبها اليومي المعتاد بلا أدنى قلق وخوف .
التفت ُ فأرى إمرأة تضع لمسات زينتها الأخيرة , تنظر للمرآة نظرة أنثوية لرسم أحمر الشفاه , تاركة الطبيعة تنثر جمالها حول حدود الفكرة , فاكهة ً وترفا ً , لاهثا وراء المراد من ألوان اللوحة .
وهنا أخرى تمسك بناي تهيم معه , تمنح الكل نغمة سريـّة يرددها في ذاته, لا يسمعها سواه, ملكه ُ وحده ُ , كتب َ لحنها ناي اللوحة وعيون العازفة , رنة خاصة يتفرد بها الرائي ليصبـّها بإطار فكره وأحلامه.
وتلك التي تتمطى كسلا, لتنهض باطمئنان وعفوية ليوم تعرف ما ستفعل به .
تدعوني إمرأة أخرى لأسرح في شعرها الذي شكل أجنحة طير فكان اسم اللوحة طير الجنة , نعم لهذا الطير , طير الجنة المعهودة التي نريد, جنة حرمنا منها , نتأملها , نتخيلها , ننتظرها , نعمل من أجلها وكم نشقى , وكم نتيه في دروب البحث ونهيم , لم يكن طير الجنة عند عفيفة بليدا , ولا حيوانا لا يفهم لغتنا , إنه إمرأة بكل قدسية ما تعطي, وبكل ذكاء ما تحمل تحت شعرها الريشي الرامز للبراءة والحرية والقوة.
تستوقفني لوحة أخرى أرى بها المرأة , مسترسلة بكي الملابس وهي غارقة بفكرة ما .
اللوحات تريك بعضا من أفكار المرأة, تدخلك عالمها حتى عَصَب المنزل والجرأة الخجلة عند الخروج من البحر, حيث اليدين تستر الصدر , حركة لم تستطع المرأة الشرقية نسيانها حتى وإن اختلفت حياتها, فهناك رقيب يترك بصماته على حركاتها أينما تكون.
الفكرة التي هزتني بفرح وكما الإنتصار , هو أحتكار المرأة للوحات المعرض , والحياة الطبيعية التي تعيشها في اللوحات , بالرغم من محبي الظلام وقاتلي الفراشات, كأن صوتا خفيا, حكيما يصرخ من اعماق عفيفة , العراقية , رافضا الواقع الأليم , متصديا لما أرادوه لها هناك , حيث العراق يغرق بالسواد والممنوعات, فجميع حُجب الظلام, لم تستطع نزع فكرة التوجه صوب النور, من رأس فنانة صممت على إيصال صوتها, بحضارة ٍ وأناقة ٍ باذخة ٍ, وبألوان ٍ أبهجت وأدهشت الجميع فأجبرت أصحاب الفن في هولندا ليقولوا الكثير عن حضارة ٍ امتدت سبعة الاف عام , وادي الرافدين والتقاء دجلة بالفرات , حيث ولدت الفنانة عفيفة التي تـنسج بفنها خيوط الأمل من بعيد, تلوّح بريشتها للمرأة العراقية التي تصارع شتى أنواع القهر, واثقة كألوان لوحاتها , بفجر الحرية الذي طال انتظاره.

لاهاي
4-4-2004
*شاعرة وناشطة حقوقية عراقية مقيمة في هولندا



#بلقيس_حميد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا أصحاب القرار, أين محاكمة المجرمين؟
- ويتحدثون عن السلام
- أم ٌ... لأسرار ِ الروح
- المرأة, والواقع المرير في العراق
- بديهيات وحقائق
- الحجاب , ليس فرضا في الإسلام
- أيتها النساء , إتحدن
- مَن ْ يصنع الإرهاب
- أصرّ ُعلى المبدأ أبداً...
- المواجهة الأولى
- الحضارة إمرأة –الجزء الثالث
- ثلاث نساء
- الحضارة إمرأة - الجزء الثاني
- الى المناضلات العراقيات
- الحضارة امرأة
- جريمة إغتيال ناشط في حقوق الإنسان
- ما لذي يخبأه ُ مجلس الحكم بعد؟ - تعيين سفراء سراً
- مجلس الحكم يعذب الشهيدات ويعود بنا الى القرون الوسطى
- كلمة الى المثقفين العرب ولوم لابد منه
- نداء الى كل شرفاء العالم


المزيد.....




- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس حميد حسن - الفنانة عفيفة لعيبي الإنعتاق والصعود الى النور