|
أنبئك صديقي
بلاسم الضاحي
الحوار المتمدن-العدد: 2620 - 2009 / 4 / 18 - 08:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
* ماهذه من المصادفة الجميلة أن أرى أيقونتك مضاءة •الأجمل أن التقيك أخي الغالي •شكرا •قبل أيام كنت أتطلع في مجسمة للكرة الأرضية فتشت فيها عن استراليا مكان منفاك فوجدتها ابعد مكان في العالم أدهشني بعدها عن العراق فقلت مع نفسي ما كان لك يا صديقي أن تذهب إلى هذا المكان القصي ، كم أنت بعيد ، وكم تحتاج من الزمن كي تصل إلينا وكم نحتاج للقاء بك لو حصل لقاء مستحيل • ما زالت استراليا هي الأفضل بين كل دول اللجوء ، الآخرون من اللاجئين يحسدوننا عليها ولكن كما تفضلت إنها تقع في نهاية العالم ، وما يرضيك بالمر غير الأمر منه • ولولا هذا النت لكنا يئسنا تماما من أن نلتقي في الحياة الدنيا ومهما امتد بنا الهمر • آسف ... اقصد العمر ... يا .. الله لا فرق عندنا بين الهمر والعمر كلاهما يقربنا من الموت • أما كان لبلد آخر أن يؤويك ؟ على الأقل يمكننا أن نتوهم أو نوهم أنفسنا بأنك قريب • كان يمكن أن تكون أوربا اختيار آخر ولكنها كما تعرف لا تخلو من نظرة ازدراء للوافدين إليها • نظرتهم ربما ارحم وأحسن من احترابنا • بالتأكيد نعم • قبل يومين سألني مواطن استرالي متى أعود إلى وطني قلتُ : أي وطن يا صديقي ؟؟ قال : وطنك العراق !! قلتُ : لو كان لي وطن لما جئت إليك يا صديقي ، وطني صار مرآب للموت والدبابات الأمريكية ثم اعتذر قائلا : نعم الغربة داخل الوطن اشد واقسي من الاغتراب • لقد أدرك هذه الحقيقة الشاعر محمد الماغوط من زمن بعيد حين خاطب السياب قائلا تشبث بموتك أيها المغفل ، وهذه دعوه لان نتشبث بالمكان الذي نجد فيه للحياة كرامة وأينما يكن ولنسميه وطنا جديدا • الحقيقة يا صديقي إنني هنا اشعر بوجودي كانسان لم استطع يوما أن اشعر كذلك في بلادنا إلا حين أكون بينكم فقط ، في بلدي ، الشرطي يغتصب كرامتي والجندي والسياسي والحاكم ، بل حتى العاهرات ، وكل الذين يتمتعون بسلطة علينا ، هنا الشرطي موجود لخدمتي كانسان وكل موظف في دائرة يعرف ويفهم انه موجود من اجل خدمة الآخرين أليس هذا وحده كاف للعيش هنا ، أنا لا أريد أن أجمل صورة بلاد الغربة ولكنها يا أخي لا تتغافل عن توفير ابسط الظروف الإنسانية • الوطنية يا صديقي في المعيار السياسي نسبية ويفسرها السياسيون حسب رغباتهم ومصالحهم على حساب موت الآخرين ، السياسة أكذوبة كبيرة أعمت عيوننا ، أنا هذه الأيام متأزم جدا مللت عدم الاستقرار والتهجير والخوف من غد مجهول ولا ادري ماذا افعل لم أجد سوى أن أخربش ذاكرتي القديمة نحو اجتراح ذاكرة رافضة ومشاكسة لا تتآلف مع أحزانها • وأنا مللت الاستقرار المكاني ولا اعرف متى سأغيّر أجواء المكان ولكي اقنع نفسي إنني مقبل على شيء من التغيير بدأت بترويج معاملة الحصول على جواز سفر استرالي • آن لنا أن نضخم ذواتنا على السياسيين وعلى مسمياتهم وطرق وتفكيرهم ونرفض استعبادنا كأدوات مسخرة لصالح ذواتهم البائسة يدعوننا للموت في سبيل الوطن ويبيعونه يدعوننا لبناء الوطن ويسرقونه ويخربونه أي نوع من البشر هؤلاء اللذين نعيش تحت مطرقة أوامرهم الخائبة • السياسيون هم هكذا منذ أيام كلكامش المدمر يطيب لهم الاستمرار في إذلال الشعوب ألم يأخذ كلكامش العروس من عريسها ؟ ألم يقترن بزوجة المقاتل ؟ الم تنتشر في أوروك شروره حتى صار الناس يستنجدون بالآلهة للخلاص ، الم يخلقوا انكيدو من اجل وقف تلك الشرور • تصور التعاسة حين تذهب إلى مدينتك التي هجّروك منها بلا ذنب وبقوة الموت ، ولم تجد مأوى يؤويك سوى بعض من الخائفين ممن يدعوك لضيافته وأنت ابن هذه المدينة وعلى مقربة من بيتك الذي يسكنه واحد لا تعرفه ربما كان مثلك قد ترك بيته في مكان آخر ، مدينتك التي يا ما مت من اجلها مرات • اعتقد إن هذا هو ما سأظفر به إن زرتها يوما ما ، ما أتعس البلاد التي تكون فيها غريبا وأنت من صلبها • أوصيك أولا عليك أن تحصل على جنسيتين لو قدر لك أن تأتي ، للكرخ واحدة وأخرى للرصافة ، وان تنسى قول الشاعر عيون ألمها بين الرصافة والجسر وان لا تردده وأنت في سيارة التكسي ، وان لا تبحث عن بيتكم القديم فقد تحول إلى مكان للذبح أو كما يسمونه ( المصلخ البشري ) صار أسوء مكان ذاك الذي أحببته ، إياك والتفكير بالذهاب إليه . والمكان الذي كنا نسبح فيه ، تذكره ؟ صار مأوى ومقبرة للجثث المغدورة بفضل الاحتلال والاحتراب الطائفي ، جثث منتفخة تطرد النوارس عن وجه الماء ولا تسمح لزرقة السماء أن تنعكس عليه ، ودجلة ألجواهري التي حيّا بالأمس سفحها صارت تجري اليوم جثثا بدلا من الماء ويسقي زهور سفحيها دم أهلها ومحبيها • لهذا علينا أن نقول شكرا لمن آوانا وحفظ لنا رؤوسنا سالمة بلد تتلفت وتتوجس خيفة من أهله ، أهلك بالأمس ، أعداء اليوم ، أي بلد هذا ؟؟؟؟ • لقد انطفأت الكهرباء يا صديقي التقيك في فرصة أخرى .....
#بلاسم_الضاحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دعوة للخيانة
-
بعض ( ما قالته النخلة للعشاق ) عن أخبار العراق
-
/ ماضوية الشاعر / جدلية الأغتراب
-
الخطاب الثقافي العراقي .. وقدرته على ادارة الأزمة
-
موت المؤلف واعتماد نسق السرد ..قراءة في رواية كليزار أنور
المزيد.....
-
إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل
...
-
ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
-
حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
-
عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا
...
-
ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
-
أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
-
تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
-
مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس
...
-
العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
-
ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|