|
فتح في غزة مجدداً
حماده فراعنه
الحوار المتمدن-العدد: 2619 - 2009 / 4 / 17 - 11:09
المحور:
القضية الفلسطينية
للمرة الثانية خلال أشهر، يزور وفد من حركة فتح قطاع غزة، مبعوثاً من قبل الرئيس أبو مازن، بهدف بقاء التواصل المحدود بين جناحي الوطن، فيما التواصل ظل مقتصراً على قيادات الفصائل الأخرى التي تتحرك في الإتجاهين: إما للمشاركة في الحوار أو استجابة لاجتماعات المجلس المركزي، حيث يتم المرور إلى الضفة الغربية بقرار من سلطات الإحتلال وآخر من سلطة حماس، ولذلك صرح إسماعيل هنية لتلفزيون الأقصى أنه سمح لمبعوثي الرئيس عباس بالدخول إلى غزة تأكيداً على رغبة حركته في استمرار الحوار الفلسطيني مع أن دخول مبعوثي الرئيس قد تم على خلفية دراسة إعمار غزة، ولذلك جاءت مبادرة فتح لوصل ما انقطع وكسر حالة القطيعة، ومن ثم الإحتكاك المباشر مع معطيات الواقع السياسي والحزبي الجماهيري والأمني في القطاع، بعد تفاقم معاناة سكانه جراء استمرار حالتي الحصار والإختطاف، وذلك كله مع إجراء مسح ميداني حول متطلبات عملية إعادة الإعمار المنشودة. أهل غزة واجهوا مصيرهم إزاء مصيبة الإحتلال الواقع عليهم منذ عام 1967، فناضلوا ودفعوا الثمن الباهظ حتى رحل عنهم آخر جندي ومستوطن عام 2005 ولكنه خلف لهم مصيبة الحصار التجويعي الظالم وإقفال المعابر ومنع التنقل، وكان ذاك أمر طبيعي من عدوهم، الذي زاد الأوزار عليهم بالدمار والخراب والموت المتربص بهم أثر اجتياح قواته وتمادي حملته الهمجية " الرصاص المصهور " لنحو 22 يوماً متواصلات. مصيبة الإحتلال والحصار على سكان قطاع غزة كان مقدوراً عليها. باعتبارها فعل عدو خارجي ظالم لم يسلَّم بها المجتمع الدولي، ولكن مصيبتهم الثانية كانت أقصى بالإنقلاب والإختطاف، فبدلاً من تخفيف الأعباء عنهم زادت عذاباتهم وأوجاعهم، وكأنهم في أفغانستان والصومال والشعوب الأكثر فقراً والأشد تخلفاً في بلاد جنوب خط الإستواء الإفريقي. وهكذا توحي زيارة وفد حركة فتح للقطاع وسلسلة اللقاءات مع قادة حماس وباقي الفصائل، بولادة مناخ جديد لتطبيع العلاقات التي مهدت لها جولات الحوار الثلاث في القاهرة تحت الرعاية المصرية، حيث توصل خلالها المفاوضون إلى حالة من التفاهم والتعارض في نفس الوقت، لجهة معرفة كل طرف بحدود ومواقف وخطوط الطرف الآخر، والتوقف عند بعض العناوين التي بدت عقبات جدية تحول دون التوصل إلى تفاهم كامل واتفاق وشراكة وطنية نهائية. حصيلة لقاءات القاهرة، تستدعي كسر الحواجز وتجاوز الخطوط الحمراء، ومن ثم القيام بما يمكن أن نسميه تطبيعاً ميدانياً على الأرض بين الناس، وهو قد يخلق آلية تتجاوز العقبات ونتائج الإنقلاب وإرساء علاقات مبنية على الثقة أكثر مما هي مبنية على الصيغ اللفظية والإتفاقيات المكتوبة. الطرفان يتصرفان كل على حدة وكأن كل بقعة جغرافية باتت حكراً لهذا الطرف أو ذاك، متناسين أن كليهما يقع تحت رحمة وإجراءات وقبضة الإحتلال. فقـد سبـق " للضفة الفتحاوية " أن واجهت حملة " السور الواقي " مثلما تعرض " القطاع الحمساوي " لحملة " الرصاص المصهور " وبالتالي لا أحد أحسن من أحد، ولا أمن لطرف دون الآخر، ولا ميزة لموقف هذا ضد ذاك، فأهل الضفة يمارسون المفاوضات المباشرة مع عدوهم، وأهل القطاع يمارسون المفاوضات غير المباشرة مع نفس العدو، والنتيجة غير النهائية هي إضعاف للطرفين، حيث لم تحقق المفاوضات المباشرة نتائج فاخرة ولا المفاوضات غير المباشرة حققت ما تحلم به حماس، والسبب أن العدو متفوق وأن أطماعه كبيرة وأن روحه استعمارية استغلالية، إضافة إلى أن الطرف الفلسطيني ممزق وضعيف يستنزف بعضه بعضاً. وعليه، تعد زيارة وفد حركة فتح إلى قطاع غزة ولقاءاته ومشاوراته واستطلاعاته مكسباً للطرفين، ولذلك أثمرت عن تحقيق نتائج قد لا تكون كافية وقد تكون متواضعة، ولكنها تشكل مدماكاً مرصوفاً على أرض صلبة، وهي نتيجة مطلوبة في حد ذاتها لإلغاء القطيعة وإنهاء الإحتكار وكسر الخطوط الحمراء وتوفر فرصة بل فرص لتعزيز التفاهم وتقليص مطارح التعارض بين الطرفين. لقاء غزة سيسهل على لقاء القاهرة المقبل يوم 26 نيسان، لأن القضايا العالقة ما زالت عويصة ومن المتعذر تجاوزها، سواء باتجاه الإقرار بدور ومكانة منظمة التحرير كمرجعية، أو بشأن الإنتخابات الرئاسية والتشريعية والقانون الذي سيحكمها، أو بشأن الإلتزام بسياسات المنظمة واتفاقاتها، أو شكل الحكومة الإئتلافية ومضمونها، فثمة عوامل ضاغطة لتحقيق التفاهم يقابلها عوامل طاردة لهذا التوجه المرغوب فيه. غير أن ما بين العوامل الضاغطة والطاردة، يقف العامل الذاتي محركاً رئيسياً يجب العمل على تقويته على الأرض وفي الميدان ووسط الناس، حيث يمكن أن يؤدي دوراً في خلخلة حالة التزمت وتفتيت المصالح الحزبية الضيقة وتضييق الرهان على التدخلات الدولية، فالزيارات الميدانية تخلق وقائع من رحمها، تفرض وتستدعي زيارات متتالية متواصلة مماثلة نوعية وحزبية ونقابية وإنسانية ومؤسساتية تمليها متطلبات الحياة نفسها، حتى ولو بقي الخلاف السياسي قائماً، فالتعددية صفة جوهرية في الحياة السياسية كما هي في الحياة الطبيعية، ووجود تيار أصولي تمثله حماس ضرورة كما هو التيار القومي، واليساري والليبرالي والوطني وغيره من التعابير والرؤى والبرامج والإجتهادات الحزبية. زيارة وفد حركة فتح لقطاع غزة كانت ناجحة، وهذا يعود لرغبة الطرفين على الأرض بإنجاحها، ولذلك يجب أن تتكرر وأن تتوسع كلما كان ذلك ممكناً. الثلاثاء 14/4/2009
#حماده_فراعنه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جلس على كرسي الرئيس.. تيكتوكر سوري يثير الجدل بصورة له في ال
...
-
السيسي يعقد اجتماعا بشأن عبور قناة السويس والوصول إلى سيناء
...
-
ربما كان لشمسنا توأم ذات يوم، ماذا حدث له؟
-
أسعار شوكولاتة عيد الميلاد ترتفع بسبب أزمة الكاكاو
-
38 قتيلا جراء قصف إسرائيلي على قطاع غزة
-
مسرح الشباب الروسي يقدم عرضا في نيابوليس
-
بوتين: ملتزمون بإنهاء الصراع في أوكرانيا
-
شاهد عيان يروي فظائع ارتكبتها قوات كييف في مدينة سيليدوفو بج
...
-
المدعية العامة الإسرائيلية تأمر الشرطة بالتحقيق مع زوجة نتني
...
-
لافروف: الغرب يضغط على الشرع ضد موسكو
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|