أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - عمار ديوب - جرائم شرف أم شرائع مصاصي الدماء؟














المزيد.....

جرائم شرف أم شرائع مصاصي الدماء؟


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 2618 - 2009 / 4 / 16 - 11:03
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    


حين لم يكن القانون أو السلطة موجودتان، كان الناس يثأرون لأنفسهم بأنفسهم، عبر قتل الخصم، ذبح المخالف أو إجباره على الجلاء والرحيل. وكان من الممكن للإنسان، في بعض القبائل، أن يأكل جسد أخيه إن جاع، فلا يوخزه ضمير ولا يؤنبه سؤال.
وربما شذّت عن ذلك المرحلة الأولى في تاريخ البشرية، إذا اتفقنا مع روسو وماركس، والمسماة مشاعيّة حيث لم يكن عدد السكان كبيرا وكانت الموارد وفيرة وكانت المرأة ممثلة المجتمع وإليها يعود النسب، وطبعاً حينها لم تكن المرأة حرث الرجل ولا كان الرجل قوَّاماً عليها.
ولكن ومع ازدياد أعداد البشر وتقلص المساحات الخضراء وتناقص أعداد الحيوانات، بدأ الإنسان يتحول إلى ذئب لأخيه الإنسان، ونشأت الملكية الخاصة وسيطر الرجل باعتباره الأقوى جسدياً، وتحولت المرأة إلى عِداد ملكيته الخاصة كما نشأت طبقة العبيد بفعل الغزو ووسائل القهر والقوة وغير ذلك.. وبالتالي احتكرت الدولة مشروعية القتل وأصبحت مسؤولة عنه. وصار القانون يتيح للرجل التحكم والسيطرة وممارسة كل أشكال الضغط والحرمان على المرأة وصار شرف الرجل من عفة المرأة، وأمسى كل تجاوز لهذا الذكر هو تجاوز للشرف الإنساني (العائلي، القبلي) وبذلك خرجت المرأة من دائرة الإنسانية ودخلت عنوة دائرة الأشياء والحيوان. ومنذ ذاك الحين وهي لا تزال "مربوطة بحظيرة عائلة الذكر" وما يزال هذا الوضع على حاله جاثماً على صدورنا.
الأنكى أنّ الدين بدوره ساهم في تكريس وضعية المرأة الدونية، ككائن طفيلي وعاطفي وشهواني ضيق الأفق وناقص العقل، والنتيجة أنها لا بد وأن تضرب أو تقتل وأن تزجر كل الوقت من ولادتها إلى موتها. أي أن المرأة أصبحت من عداد ملكية الرجل بحق السماء وواجب الأرض..!
إذن المرأة أصبحت رمزاً للعار إن هي أخطأت، فأحبت أو اشتهت أو تلذذت أو ارتعشت، إن هي وطأت أو حملت أو أجهضت أو وضعت العازل الطبي في محفظتها، أو خالفت الوصايا المقدسة أو رغبت في أن تستقل عن أهلها، فساعتها يحق للذكر (الله- الأب، الأخ، الحاكم) أن يقرر بها ما يشاء وكأنه يمارس فعل حيوان متعطش للدماء. هكذا حين تسنّ السكاكين ويمارس القتل، هكذا حين تفرغ طلقات مسدس غادر، هكذا حين تحتفل العشيرة بالقتل المبارك وبذكرى ذلك الطقس التطهيري، ويقيمون عرس "القذارة" غسل العار، فإنهم بذلك يؤبدون سيطرة الذكر ودونيّة المرأة لا أكثر ولا أقل.
قتل المرأة هو جزء من عالم الغابة، تعبير عن ذلك الجزء الحيواني فينا، الجزء المتبقي من عهود سالفة، فإن أيّد الدين أو العادات أو الفكر أو السلطة دونية المرأة، فإنّه يؤكد دونية الإنسان بأكمله، ويرسخ سيطرة ملكية الذكر لا صيانة الشرف "الجنسي" أو حماية المجتمع من المفاسد.
لا عذر يمكن أن يركن إليه العقل البشري بضرورة القتل، سوى الجهل أو اللّؤم البشري أو القصد المرغوب أو الغاية المبيتة أو القانون الجائر أو تأبيد سلطة الذكر.
لكل ذلك يحقّ لنا القول: ما أتعسك أيها القانون/العرف، حين تُشرّع القتل، ما أتفهك حين تصبح ذريعة لقتل الإنسان لأخيه الإنسان. أأنت من يصون الحريات، أأنت من لك علاقة بالعدالة والمساواة..! فأن لم تكن كذلك فما جدواك؟
القانون الحديث هو قانون المواطنة، حيث الأفراد فيه متساوون أمامه ذكوراً كانوا أم إناثا. وتعد الحياة حقا أساسيا لا يقبل المفاضلة أو التفريط فيه أو التجاهل أو السماح بتجاوزه.
ولذلك، على السوريين أن يحسموا خياراتهم، فإما أن ينتموا إلى العصر الحديث وقوانينه، وإما أن ينتموا إلى العصور القديمة والوسيطة.
ويبقى الكلام قاصراً عن التعبير، فهل سوريا تجاوزت العصور القديمة حين تقتل نسائها أو تصمت على ذلك أو تشيح الوجه وكأن المرآة لا تعكس الصورة والمرأة مجرد كائن بلا كينونة؟ وحين تفعل ذلك- سوريا- هل بإمكانها أن تدافع عن أي حق وطني أو قومي أو إنساني. مرة أخرى أشك بذلك.
أردت القول، في هذا المقال، بأننا أمام خيارين، إما أن ننتقل إلى عصر المواطنة والحرية ومساواة الأفراد أمام القانون والسعي نحو مساواة فعلية، ونجبّ كل مادة أو نص دستوري يمايز لصالح الرجل، وننزع عنّا كل تفكير قاصر عن ضرورات قوانين الشرف المشرّبة بدماء الفتيات، وإما أن نؤبدّ أسباب القتل ونشرّع لحيوانيتنا تحت مسميات كثيرة دينية ووضعية وسياسية وكلها ذكورية، ونصبح في المآل الأخير، مجرد مصاصين للدماء، وبئس المصير.



#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الدولة الديموقراطية العلمانية الواحدة
- الاطفال يتعلمون الموسيقى في سوريا. أهي أحلام ضائعة أم رغبات ...
- الجسد: مشكلة أخلاقية في الفكر العربي المعاصر
- لماذا العودة إلى لينين..؟*
- خيار الشعب الفلسطيني خيار الدولة الواحدة
- اليسار الماركسي والمقاومة
- قمم بلا معنى
- الأمة العربية في مواجهة الموت
- الحكم على سعدات والدور المركزي لليسار
- من أجل قانون أحوال شخصية مدني
- الحذاء الذي ألهب حماسة الكتاب ... أم الاتفاقية؟
- الحوار المتمدن حوار المستقبل
- عن الخلافات وإفساد الودّ خلافاتنا صراعات مستعرة
- الحديث في الجنس خط أحمر.. والنتيجة مراهقون مشتتون جنسياً!
- زواج المختلفين مذهبياً.. مصائر مخيفة تصل حد القتل!
- الندب على الرأسمالية و اشتراكية الأمس لم يعد يكفي
- عرسٌ في غزّة!
- التحرش يلاحق النساء..هل تحول الرجل إلى كائن جنسي
- الازمة الأمريكية العالمية والازمة الاشتراكية
- الهيمنة الأمريكيّة والحرب على الإرهاب


المزيد.....




- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...


المزيد.....

- العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا / وسام جلاحج
- المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما ... / محمد كريزم
- العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا ... / فاطمة الفلاحي
- نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟ / مصطفى حقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - عمار ديوب - جرائم شرف أم شرائع مصاصي الدماء؟