|
ماركس لم يقرأ التاريخ ولم يتحدث في الدين !!
عبد الحسين شعبان
الحوار المتمدن-العدد: 2618 - 2009 / 4 / 16 - 11:01
المحور:
مقابلات و حوارات
ماركس لم يقرأ التاريخ ولم يتحدث في الدين !! على هامش حوار طويل مع عبد الحسين شعبان:
عبد الحسين شعبان القاهرة ـ صبحي موسى:
احتفى أكبر معاقل اليسار في القاهرة، وهو حزب التجمع، في مقره بشارع كريم الدولة بالمفكر العراقي عبد الحسين شعبان، وذلك من خلال مناقشة ما جاء في كتاب «تحطيم المرايا ـ في الماركسية والاختلاف» الصادر أخيرا عن «الدار العربية للعلوم» في بيروت بالاشتراك مع «منشورات الاختلاف» في الجزائر، هذا الكتاب الذي جاء على هيئة حوار طويل يقارب 250 صفحة من القطع الكبير، أجراه الكاتب والناقد العراقي خضير ميري مع عبد الحسين شعبان، فقدم من خلاله مجمل رؤى عبد الحسين عن الماركسية وتاريخها وموقفه النقدي منها، وقد شهد الندوة عدد من كبار مفكري اليسار والمثقفين المصريين، فتداخلوا واختلفوا وأضافوا حسب قول عبد الحسين مع ما قدمه من رؤى حول الماركسية، وما بشر به من منهج جديد أسماه الماركسية الوضعية
استنطاق النص في البدء عرض ميري لفكرة الكتاب قائلاً إن الكثيرين في بلادنا يفتقدون فكرة الفيلسوف الحي، هذه الفكرة التي عرفناها مع هيدغر وماركس وغيرهما ممن كان جل عملهم قائما على المحاضرات المباشرة مع الجمهور، وذهب ميري إلى أن فكرته في إجراء حوار طويل مع مشروع عبد الحسين الفري نبعت من عمله ـ ميري ـ في كتاب لم يصدر بعد تحت عنوان «نقد العقل الماركسي»، وأنه اتخذ منهجاً للعمل قائما على تساؤل : كيف يصبح الحوار نصاً؟، فدريدا كان يكتب أعماله انطلاقاً من كونها نصاً، ثم ما يلبث أن يجري معها حواراً كي يستنطق النص ليخرج منه بنص جديد، ولم تكن السلسلة الحوارية التي جرت بيني وبين عبد الحسين سهلة، فقد كنا نفكر في الحديث عن الماركسية باعتبارها فكرته الأسبق، وليس باعتبار تجربته الحزبية الضيقة، لكن حواراته مع الماركسيين في القرن العشرين وبحث مقولات النقد والوضعية المنهجية الماركسية والمنطقية النقدية التي اعتبرها نظرية في قراءة البحث المنطقي، ولماذا قام الغرب بقراءة الماركسية وليس غيرهم؟، كل هذه القضايا وغيرها جعل العمل يتعمق أكثر وأكثر، ويأخذنا إلى مناطق مجهولة من البحث والتفكير والحوار لم نكن قد أعددنا لها.
التخالق والتعالق لكنني يجب أن أشير إلى مصطلح كان عبد الحسين يشير إليه دائماً، وهو مصطلح التخالق الذي يذكرنا بالتعالق في اللسانيات، وهو يبدأ من قراءة الوضعية وليس الأفكار، وهي الطريقة التي اعتمدها ماركس في الاقتصاد، إذ قام بتطويرها والتخالق معها كطريقة للنقد الجدلي، لكن أغلب النظريات كانت تأخذ من ماركس دون أن تبني عليه أو تختلف معه، وأضاف ميري «تفحصنا في الحوار التاريخانية ونقدها وتحويلها إلى ممارسة فكرية وجدلية، فقد قامت ما بعد الحداثة على تهشيم التاريخانية لمصلحة الفكر الوضعي، وقد حول دريدا ماركس إلى شبح ذاهباً إلى أنه يحتمل وجهات نظر عديدة، ومن ثم فلا ضرورة ماركسية لحمل وجهات نظر ماركس، ومن هنا خرج عبد الحسين بالقول بالماركسية التوليدية، أي اننا بتثبيت محتوى معين من الماركسية نعود إلى ماركس، وليس بمحو الماركسية ـ رداً على فكرة دريدا ـ، ومن هنا فقراءة الوضعية على هذا الأساس تصبح جزءاً من أطروحة ماركس، لأنها كانت منهج عمله، وأضاف أنه تمت في الكتاب مناقشة العديد من القضايا من بينها المثقف الوضعي، ونزوع النظريات الماركسية إلى التخلص من الهوية، والماركسية والقضية الفلسطينية، والماركسية والمسألة الكردية التي أصر عبد الحسين ألا ينتهي الكتاب من دون الحديث عنها .
لم يقرأ التاريخ
وقال رئيس مركز البحوث العربية حلمي شعراوي أنه لفت نظره اهتمام عبد الحسين بفكر الاختلاف في شتى قضايا الوطن العربي وغيره، وقد وضع ميري في كتابه نوعاً جديداً من الكتابة علينا أن نحتفي بها، وهي الكتابة عن مفكر أو عرض مشروعه الفكري من خلال الحوار معه، وأضاف أن المفكر الماركسي المصري سمير أمين حين عاد إلى القاهرة في بداية التسعينات لم يكن العالم العربي يعرفه، في حين أن العالم كله كان يتحدث عنه، وأن شعراوي أجرى معه حواراً جاء على هيئة كتاب ـ حوارات سمير أمين ـ أصغر بكثير في الحجم من كتاب ميري، وقد مثل هذا الكتاب أهمية كبرى في تعريف المثقفين العرب والمصريين بسمير أمين، وأضاف شعراوي أن عبد الحسين رأى أن المادية التاريخية أضعف حلقات ماركس، لأن ماركس لم يكن يعرف في التاريخ جيداً، وقرأ كتباً متخلفة فيه، وأنه كان اقتصاديا في المقام الأول، وعبر عن فكرته بوضوح من خلال الجدل الاقتصادي، وقال شعراوي أن خروشوف قال عام 1960 ان التاريخ انتهى، ولو أن الروس كانوا جدليين لأدركوا أن التاريخ لا ينتهي.
لست ماركسيا أما عبد الحسين شعبان فقد بدأ حديثه بقول ماركس «أنا لست ماركسيا»، مدللاً بذلك على أن الماركسية لا تعرف الثبات ولا الأطر الجامدة، مهاجماً من وضعوا النظرية في مقولات أشبه بالمواعظ والعبر والحكم والقوانين المقدسة، في حين أن ماركس رفض أن يكون هو الماركسية، وأن حديثه هو آخر حديث فيها، وقال إن هذه مقدمة لمراجعة ماركسيتنا ذات النكهة الريفية والبدوية التي جرى ليننتها ـ نسبة إلى لينين ـ مما أفقدها جدليتها وحيويتها، فماركس كان يقرأ التاريخ بهذه الطريقة الوضعية، وأضاف عبد الحسين أن هذه الوقفة تجعلنا نتحسس أقدامنا فيما هو آت، فماركسية القرن العشرين قد انتهت بلا رجعة، والقادم هو الماركسية الجدلية الوضعية، وأضاف ان قيمة ماركس أنه اكتشف قانون الصراع الطبقي وأتى بالجدل، وكان علينا أن نكتشف قوانيننا في ضوء هذا الجدل وهذا الخلاف، فماركسية القرن 19 كانت مفتوحة على القراءات والنقد الذي يمكن أن تقدمه القراءات، وقد درس ماركس علوم عصره فدرس الفلسفة الألمانية واستفاد من الجدل الهيغلي ووظفه، ودرس الاقتصاد الفرنسي واستفاد من سان سيمون ووظفه، ودرس غيرها ووظفها، لكن البعض أراد أن يوقف الماركسية عند هذا الحد، وكأنها مقولات لا يأتيها الباطل من خلفها، فاستعنا على كل شؤون حياتنا بنصوص لماركس، وليس أمامنا إلا أن نخضع ماركس بتمامه لقانون عصره، لأن ظروف عصرنا نحن مختلفة تماماً.
أفيون الشعوب وذهب عبد الحسين إلى أن الماركسية مرت بأطوار كثيرة، أغلبها كان لتثبيت الوضع وليس لتطويره، فلينين استدعى ماركس من قبره ليقول هكذا قال ماركس، استدعى ستالين لينين من قبره ليقول هكذا قال لينين، وتحولت الماركسية إلى حالة معلبة، وإذا أردنا أن نتحدث عن الماركسية في القرن العشرين فعلينا أن نتوقف فقط أمام القيمة الأساسية التي أعلتها وهي الحرية حسبما قال غرامشي، وإذا كانت الليبرالية أعلت من قيمة الفرد، والماركسية أعلت من قيمة المجتمع، فإنها لم تغفل دور الفرد وأهميته، وماركس كان بداية للماركسية وليس نهاية لها. وأضاف ان ماركس لم يدرس الدين، وكل من استخدموا مقولة «الدين أفيون الشعوب» كان من قبيل الصدام مع الآخرين، والذي قدم نقداً جدلياً مع الدين هو فيورباخ، وقد أخذ منه ماركس الكثير، وليس لماركس كثير من البحث في المسألة الدينية، إلا في ما يتعلق باليهودية، «اسأل عن الدين في النفس اليهودية» هذا ما قاله ماركس الذي تحدث عن مملكة الأرض وليس مملكة السماء. ما لم يقله ماركس
وفتح مدير الندوة الشاعر حلمي سالم الباب للمداخلات فقال عبد الشكور حسين إن الجدل موجود عند هيغل وسارتر والبنائية، وإن القول بأن الجدل وصل إليه ماركس ليس صواباً، والقول بالصراع الطبقي موجود من قبل ماركس، وما توصل إليه ماركس بعد دراسة عميقة هو أن المجتمع الرأسمالي يتكون من فائض قيمة العمال، وأن هؤلاء هم حاملو الصراع لأن الرأسماليين يأخذون هذا الفائض من دون مبرر وبأساليب قاسية، وأضاف عبد الشكور ان الماركسية ميزاتها (الفهم النظري ـ الممارسة العملية ـ وجود طبقة مستفيدة أو أصحاب مصلحة)، ولم تقل بالحرب على الدين، فلينين قال لو أن هناك واعظا يقول بما نقول به فإنه معنا . وتساءل خالد يوسف عن دوافع عبد الحسين شعبان الوضعية في مجتمعنا الراهن لتقديم هذه القراءة، ورفض القول بأن ما يطرحه عبد الحسين نقد لفكر ما بعد الحداثة، لأننا لسنا أصحاب الاختصاص، إذ إن مجتمعاتنا ليست منتجة لها، وربما لا تعرفها للآن، كما أن ما بعد الحداثة مازالت في طور التشكل ومن المبكر القول بنقدها . الأسئلة والأيديولوجيا
أما صلاح عدلي فقد قال إن الماركسيين أنفسهم من بعد انهيار الاتحاد السوفيتي يطرحون الأسئلة ويبحثون عن الإجابات، واتفق مع عبد الحسين في مقولاته عن ماركسية القرن 19، لكنه رفض القول إن ماركسية القرن العشرين ليس بها تجديد، فإنغلز قال إن الماركسية تتجدد مع كل اكتشاف علمي، كما رفض القول إن المؤسسة تقيد عمل المفكر الحر، ورفض القول إن الأيديولوجيا انتهت، فهناك حسب قول غرامشي نوعان من الأيديولوجيا، الأولى عقائدية ثابتة، والثانية يجب أن يتم تبنيها كي تكون قوة فاعلة . وأضاف ان القرن العشرين كانت فيه ماركسية تبحث عن التطور، من خلال لينين وغيره ممن اجتهد، لكننا في القرن الحادي والعشرين، هل يكمن الحديث عن ماركسية أم عولمة؟ وقال علي الديب إن الماركسية منتج الجدل وليست منتجة الجدل، ومن ثم فالماركسية تصر على استخدام الجدل، أما التعامل البشري معها على أنها منتج كامل مستمر فإنه يعد قصوراً تستطيع الماركسية، إذا استخدمت أن تنتقل به من الفرد إلى العام،تطوير نفسها.ـ
#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استراتيجية أوباما والتركة الثقيلة
-
وظيفة المثقف الأساسية.. النقد
-
فلك المواطنة!
-
3- الأزمة المعتقة وسبل تجاوزها!!
-
مؤتمر ديربن: لعلها أكثر من صدمة!!
-
شهادات إسرائيلية: لائحة اتهام!
-
تأبّط «ديمقراطية»!
-
النظام الإقليمي العربي: وقفة مراجعة للأزمة المعتقة!
-
العدالة المفقودة والعدالة الموعودة
-
السيادة والدولة : اشكاليات السياسة والقانون!
-
حيثيات تأسيس جامعة الدول العربية
-
- أحنُّ الى خبز أمي -...!
-
النظام الإقليمي العربي و22 فيتو
-
حيثيات ومفارقات العدالة الدولية
-
البحرين و الوطن الأم !
-
لماذا لا تلجأ “إسرائيل” إلى القضاء الدولي؟
-
كلمات عتب مملح إلى منظمة العفو الدولية
-
كل ما أعرفه أنني لست ماركسياً!
-
انهاء الاحتلال عسكرياً او تعاقدياً يتطلب تعهداً من الدول دائ
...
-
الطيب صالح.. شرق غرب
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|