|
نحو تقويم مسيرة الحزب الشيوعي العراقي / الممارسات التنظيمية
ثامر قلو
الحوار المتمدن-العدد: 2617 - 2009 / 4 / 15 - 09:48
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
أمران حيويان لا ثالث لهما يشكلان الاساس في بناء ونهوض أي حزب سياسي ، وهما كيفية ادارة الممارسات التنظيمية في المنظمات الحزبية الصغرى مرورا بالمنظمات القيادية الكبرى ، والامر الثاني هو النهج السياسي الذي يتبعه قياديوا الحزب انطلاقا من البرنامج السياسي للحزب المعني ، فيعتبر الاسترشاد بهذين الامرين وتطويعهما بما يخدم قضية الحزب التنظيمية ، ثم قضية الشعب والوطن لاحقا ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها .
يهمني في هذه المقالة البحث فيي الممارسات التنظيمية في الهيئات الحزبية للحزب الشيوعي العراقي ، وهي تعني بالاساس كيفية ادارة المنظمة الحزبية الصغيرة ، أو اللجنة المحلية في المدينة أو المحافظه وهكذا ، فتعد هذه بنظري من أهم الاسس التي تحفز الفرد الشيوعي للارتباط بالحزب ومن ثم التواصل مع الجماهير ، أو تدفعه اظطرارا للانكفاء والابتعاد ، فكيف يتم ادارة شئون المنظمة الحزبية في اللجان المحلية لاي محافظة ؟
يخطئ التصور من يشك في وجود الممارسات الديمقراطية في المنظات السياسية للحزب الشيوعي العراقي ، فيكاد يكون الحزب العراقي الوحيد الذي يعتمد الديمقراطية في ادارة مسيرته السياسية ، فذلك ما لا غبار عليه ، وبالنسبة لي اعترف بتحقق هذا الامر ، لكن الديمقراطية الناشئة تحتاج دائما للمتابعة وصقل الطريق أمام تطورها حتى يتم جني ثمارها ، فأي ديمقراطية تمارس في اللجان الحزبية ، أو بالاحرى أي ديمقراطية بقيت لتمارس في تلك اللجان والمنظمات الحزبية ؟ بعد سقوط النظام الدكتاتوري في العام 2003 ، اعاد الحزب تشكيل مقراته في كل القصبات والمدن العراقية تقريبا بسهولة ، لوجود المئات والالوف من الشيوعيين في مختلف المدن العراقية ، وشكل بقايا الشيوعيين الذين حضرو وأسهموا وشاركوا في اعادة الحضور الشيوعي في هذه المدن حضورا كبيرا جدا ، ويمكن الاستدلال بالمظاهرة الكبيرة التي سيرها الحزب في بغداد بعد السقوط باشهر ، تلك المظاهرة التي سهلت مشاركة قيادات الحزب في مسؤولية ادارة الدولة العراقية بعد الاعتراف بالوجود الشيوعي وقوة حضوره في الساحة السياسية العراقية من قبل كل التيارات السياسية العراقية .
في محافظة الناصرية صوت للحزب الشيوعي العراقي في الانتخابات المحلية الاولى في العام العام 2005 سبعة عشر الف ناخب ، وهذه الجماهير يمكن اعتبار جميعهم قواعد ثابتة للحزب لانهم اقترعوا له في ظروف عصيبة طائفية وغيرها ، هؤلاء تحدوا سلطات الالهة المحليون وقدموا مصالح الحزب على أي اعتبارات اخرى ، لانهم كانوا يوما من العوائل الشيوعية ، فلم يولد بعد الزمن الذي يفضل الاخرون الذين لا يقتربون للحزب بصلة ما الحزب الشيوعي العراقي على الخيارات الاخرى . سبعة عشر الف صوت انتخابي للحزب الشيوعي في محافظة واحدة ، فذلك يمكن عده انتصارا لنهوض الشيوعية في الشرق لو تمكن الحزب الشيوعي من الحفاظ على هذه الجماهير وتوسيع قاعدتهم .لكنه بدلا من الحفاظ وتوسيع هذه الجماهير ، يفقدهم الحزب يوما بعد اخر حتى تم اختزالهم لارقام هامشية ، لا تختلف كثيرا عن الاعداد التي يستطيع أي حزب شيوعي في البلدان الاسلامية من الظفر بمثيلها تقريبا في اي انتخابات تجرى في بلدانهم ، فلماذا حدث ذلك الانهيار رغم أن الظروف المحيطة باستقرار العراق طائفيا ودينيا كانت تصب في مصلحة نهوض الحزب وليس خفوته مؤخرا ؟
لا يجوز تحميل الممارسات السياسية لقيادة الحزب حول الشئون العراقية ، كل التبعات لخفوت نسبة هذه الجماهير المصوتة للحزب الشيوعي العراقي في الانتخابات العراقية الاخيرة ، فهذ الممارسات وضعت عائقا وجدارا أمام الجماهير العراقية من المستقلين سياسيا لاختيار قوائم الحزب ، في الوقت الذي لا يجوز تجاهل مدى تأثيرها على جمهور كبير من مناصري الحزب على العزوف من المشاركة في الانتخابات ، وربما تفضيلهم قوائم وبدائل اخرى . وفي الجانب الاخر والاهم ، يمكن اعتبار الممارسات التنظيمية وكيفية ادارة المقرات الحزبية ، من أهم الاسباب التي خفضت أعداد وانصار الحزب الشيوعي حسب قناعتي .
من الممارسات الشائعة ، والتي يمكن عدها خاطئة ، هي توفير الامتيازات المادية لبعض الشيوعيين في المقرات الحزبية رغم قلتها الا انها تولد تقويضا كبيرا للممارسة الانتخابية الديمقراطية في المنظمات الحزبية ، فصار الكثير من اعضاء اللجان المحلية كما الموظف الذي ينهض بواجباته لقاء مبالغ معينة من المال ، فينصب اهتمامه أولا على كيفية الحفاظ على مورده المالي المحصل من البقاء في وظيفته ، ويزداد هذا الاهتمام ويتخذ اشكالا وصورا عديدة عندما يتفرغ الشخص المعني للوظيفة الجديدة ، ويكون في الوقت نفسه معيلا لاسرته ، فكيف يستطيع مثل هذا الشخص من تقبل الممارسة الانتخابية في موقعه الحزبي ؟ هذه مشكلة كبيرة ، فهناك مناضلون تركوا كل شي واشتغلوا في المقرات الحزبية ، فصار المقر الحزبي كل شي بالنسبة لهم ، فهو مكان الوظيفة ، ومكان النضال ، فكيف يجب التعامل مع هذه الحالات ، كيف يستعد هذا المناضل للانتخابات الحزبية ، حيث يضعه الحزب في أي انتخابات حزبية أمام خيار قطع الارزاق الذي هو بمثابة قطع الاعناق . سيكون معذورا لدى الدفاع عن موقعه بكل الطرق ، من السعي الى محاربة الاخرين ، أو تكوين الشلل الحزبية الى غيره ، وبرايي يتحمل الحزب مسؤولية توفير الفرص المناسبة للعيش الكريم لهؤلاء المناضلين حاليا وفي المستقبل ، وتقليل ان لم يكن الغاء توفير أي امتيازات مادية للعضو الحزبي مهما علا شأنه ، حيث يجب الاقدام على المهمة الحزبية طوعا والا انتكس أداءها بالشكل المطلوب ، كما يجب محاربة الشللية في الحياة الحزبية ، وخصوصا في الانتخابات الحزبية ، لذلك يجب توفير الارضية المناسبة لاجراء الانتخابات ، فقد يتم تحجيم تأثير الشللية الحزبية في الانتخابات الكبيرة ، تلك التي تجرى بحضور عدد كبير من الاعضاء ، فكلما زاد الحضور ، كانت فرص الشلليون بالتأثير على سير الانتخابات محددة ، فمثل هذه السيئات موجودة في كل المفاصل الحزبية بدرجات مختلفة ، ولايمكن الخلاص منها الا بتطوير التجارب والممارسات القانونية والتنظيمية المناسبة لتحديدها ومن ثم تحجيمها .
ملاحظة :
أكتب هذه السلسلة من الحلقات ايمانا من الواجب والعرفان لهذه المسيرة التي واكبتها منذ اشتداد عودي وقد يهتم بها بعض ولا يكترث لها بعض فذلك هو المنطق ، ولكن ألامل يساورني ان اتممها قبل سفري الى الولايات المتحدة الامريكية بعد ايام ، الدولة التي حاربتها طول عمري فكريا ومن ثم أنشرها في كراس للشيوعيين في الداخل ، فاولئك هم الجذور الدائمة .
#ثامر_قلو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو تقويم مسيرة الحزب الشيوعي العراقي / مممارسات وسياسات قيا
...
-
انتبهوا ، فان البعث قادم !
-
نحو تقويم مسيرة الحزب الشيوعي العراقي / هل وجود الحزب الشيوع
...
-
نحو نقويم مسيرة الحزب الشيوعي العراقي / الموقف من المسألة ال
...
-
نحو تقويم مسيرة الحزب الشيوعي العراقي / قطب لليسار العراقي
-
نحو تقويم مسيرة الحزب الشيوعي العراقي /عاشقوا الحزب ويلكم !
-
نحو تقويم مسيرة الحزب الشيوعي العراقي/ الحلقة الاولى
-
هل يحقق العلمانيون مفاجأة كبيرة في الانتخابات المحلية ؟
-
طائفي يلعن الطائفية ، فهل تصدقون!؟
-
هل لليسار الشعبي موقف من الاتفاقية العراقية الامريكية ؟
-
بعد أن هدأت العاصفة ، هل استوعب مسيحيوا العراق مضار المادة 5
...
-
قراءة في المشهد العراقي .....3 _ الاكراد بين خيارين أحلاهما
...
-
قراءة في المشهد العراقي ....2 ..ثورة العشيرة على المليشيات ا
...
-
قراءة في المشهد العراقي ....1 ..تطورات الموقف الامريكي !؟
-
نحو بلورة التيار المعارض في الحزب الشيوعي العراقي ؟
-
انهيار الائتلافات الطائفية ، يشرع الانطلاقة لاقامة المشروع ا
...
-
لماذا يؤرق قانون النفط حكومتنا الموقرة ؟
-
يوما .... كانت مواقف الحزب الشيوعي بوصلة للوطنيين العراقيين
...
-
هل يشهد الائتلاف الشيعي أيامه الاخيرة ؟
-
أميركا أربع سنوات من الاحتلال يكفي !
المزيد.....
-
-المعادن النادرة مقابل المساعدات العسكرية-.. ترامب يكشف ملام
...
-
الاتحاد الأوروبي يستعد للمواجهة بعد تأكيد ترامب فرض رسوم جمر
...
-
ترامب يطالب أوروبا بزيادة المساعدة لأوكرانيا
-
-بوليتيكو-: قلق كبير يعيشه نظام كييف إزاء تقارب المواقف الرو
...
-
السعودية واليابان توقعان مذكرتي تفاهم حول إنشاء مجلس الشراكة
...
-
-رويترز-: الولايات المتحدة تستأنف ضخ الأسلحة إلى أوكرانيا
-
-Senego-: فرنسا تبدأ في سحب قواتها من السنغال
-
الرئيس الجزائري يندّد بـ-مناخ ضار- في العلاقات مع باريس
-
عشية زيارته إلى تركيا... الشرع يؤكد أن تنظيم انتخابات في سور
...
-
النائب الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي جو ويلسون يدعو إلى ق
...
المزيد.....
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
-
في نقد الحاجة الى ماركس
/ دكتور سالم حميش
المزيد.....
|