|
14 نيسان يوم السباع !
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 2615 - 2009 / 4 / 13 - 08:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مازال هذا التاريخ يشدني اليه ، فيه التصاق مع فطرتي ، كنا ننظر اليه بمهابة ، كيف لا ونحن من جيل تشرب بالمعاني الاولى ، ايامها كنا نفاخر بارواحنا ، فنحن ـ ورود معلقة على صدر الطبقة العاملة ـ طلاب معرفة ، فينا فورة تهضم الصعاب ، واقتحام لا تصده قضبان شبابيك ، ولا اقفال ابواب ، كنا نعرف بأنا من المقربين من العمال ، فينا تشابه لا طبقي فريد ، تجمعات كبيرة يسهل تنظيمها ، احتكاك مع المعارف الذي يمنح الانسان الثقة بقدرته على التغيير ، حماسة للحركة " بسبب عامل السن " ، الطلاب ليسوا شريحة ولا فئة طبقية ، انهم وبشكل مجرد حالة اجتماعية مؤقتة ـ انتقالية ـ تتمتع بنوع من الرخاوة مع محيطها الطبقي ـ جذورطبقية متناقضة ـ ! منذ عام 72 ارتبطت بعلاقة تنظيمية مع اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية وكان العمل سريا وهذا ما اضاف الى فضولي الاول نوع من المتعة في سبرغور هذا الغموض الباطني وطقوسه التي تعطي صاحبها نوع من الشعور بالفاعلية ، وقيمة لما هو مقدم عليه ، كتابة المحاضر والتعليمات بورق صغيرالحجم شفاف يسهل بلعه ، تنظيمات خيطية وعنقودية ثم حلقية ، اسماء مستعارة ، ومواعيد بعيدة عن محل السكن ، وانشطة متعددة منها ، كسب عناصر جديدة للاتحاد ، جمع التبرعات له ، الدفاع عن سياسته واهدافه التي من بينها تنمية القابليات والمواهب ، التفوق الدراسي ، الدفاع عن حقوق الطلبة وعن حقهم في تحسين شروط دراستهم ، ثم اضيف لاحقا عدم التصادم مع التنظيم الرسمي الوحيد والتابع لحزب البعث ، الاتحاد الوطني لطلبة العراق ! بقيت مستغرقا محتفيا بارتباطي هذا وتدرجت في التنظيم وكانني ولدت لاكون من طلاب السباع ، حتى جاء القرار، قرار تجميد عمل المنظمات المهنية ـ منظمات المجتمع المدني شبه السرية وقتها ـ المرتبطة بتنظيم الحزب الشيوعي العراقي اتحاد الطلبة ، منظمة الشبيبة ، رابطة المرأة !
سمعت القرار اولا من تعميم حزبي استدعينا لمناقشته ، ومن ثم لبرمجة الكيفية التي سيتم بها استيعاب اعضاء الاتحاد من غير الحزبيين في حلقات اصدقاء للحزب ، كان وقع الخبر يحمل في طياته تراجعا باقل الخسائر ، على اعتبار ان انذار القيادة القطرية كان يطالب قيادة الحزب وقتها بحل هذه المنظمات ، لكن القيادة استوعبت الامر بقرار اخر هو تجميد عمل هذه المنظمات وحتى اشعار اخر كان بيننا رفاقا ناقمين على القرار ومنهم الشهيد منعم تاني ، ورفاق مندهشين ومنهم انا ، ورفاق اخرين اعتبروا اجراء الحزب فعلا ضربة معلم ! ذهب اندهاشي ادراج الرياح عندما عرفت لاحقا تفاصيل لم اكن اعرفها ، ومنها ان هناك رفاقا قد تركوا التنظيم بسبب هذا التراجع الحزبي امام البعث وان هناك رفاقا قد عزلوا ، وكان موقفي ان ترك الحزب ليس بالموقف الصائب فالبقاء من اجل التغيير والمواجهة هو الحل مادامت هناك فسحة امل في تغيير مواقف الحزب او مواقف البعث ! يصيح الصدى لا أمل ! تزوجت أمل ثم مالبثت ان انعزلت وبعدها عانت من النشوز ، واخيرا طلقت نفسها ـ خلعت نفسها ـ ! رغم ذلك بقيت اتوقع املا سيأتي ، ربما يتأخر ، لكنه سيأتي ! جهد جديد لاعادة الحياة لمنظمات ليس لها وجود الا في حبوب الامل ! عادت الاسماء ، وعادت الرياح التي لا تسير بما تشتهي السفن ، كفاح مسلح ليس فيه امل ، حوار مع السلطة ليس فيه امل ، استشهد منعم تاني ، واستشهد خالد يوسف متي وعلي بوتو ، وزهير وبهاء واستشهد منتصر ثم ستار غانم ـ سامي حركات ـ ولم يعد هناك امل في الامل ، حتى راح ينطفيء دون ضجة بزفير انفاس متفجرة عابرة ، كالقشة التي قصمت ظهر البعير !
نشرت جريدة القاعدة مقالا بقلم يوسف سلمان يوسف ـ فهد بتاريخ 30 تموز 1944 بعنوان ـ ماذا ننتظر بعد من الحكومة ؟ ـ جاء فيه " على الطلاب ان يتكتكوا او ينظموا جميع شبان وشابات المدارس ويوجهونهم التوجيه الصحيح في النضال من اجل حل مشاكل الطلاب ، ان يتخلصوا من الاساليب الاستبدادية السائدة في المدارس ، ومن الميزات والامتيازات الطبقية التي تقف عقبة كأداء أمام اكثرية الطلاب وتمنعهم من اكمال دراستهم ، ومن المناهج الاستعمارية العقيمة التي صنعت لحشو ادمغة الطلاب بمواد بعيدة عن حياتهم العملية ، واللتخلص من التكاليف الباهضة ومن الاساليب الامتحانية ـ الحظ يا نصيبية ـ ولضمان العمل والخبز والمنزلة الاجتماعية اللائقة بعد تخرجهم من مدارسهم . . . " ! منذ وقت مبكر وقيادة فهد مهتمة بانبثاق تنظيم طلابي عام للطلبة في العراق ، وفعلا شكلت هيئة تحضيرية من عدد من النشطاء في كلية الحقوق والطب ودار المعلمين العالية وكان من بينهم ـ الشهيد حمزة السلمان ، وعزيز عبد الهادي ، وحسقيل صديق ، والشهيد جورج تلو ، وعبد الرزاق مطر ، وزياد الخفاجي ، وقتيبة الشيخ نوري ، ولما لم تستجب الحكومة لمطالب ترخيص قيام مؤتمر يجمع كل ممثلي طلبة العراق لانبثاق اتحاد طلابي موحد ، عمل نشطاء الطلبة الشيوعيون على تشكيل لجنة تحضيرية تعد العدة لعقد مؤتمر طلابي يؤسس لقيام الاتحاد المنشود مستفيدة من الاجواء التي اشاعتها وثبة كانون 1948 وفعلا تمت الانتخابات الطلابية في مطلع نيسان داخل 56 مدرسة ومعهد وكلية وتقرر ان ترسل كل مدرسة مندوبين اثنين الى المؤتمر ، انعقد المؤتمر في ساحة السباع وسط بغداد وتحت حماية العمال وبحضور 102 مندوب وكان الجواهري حاضرا حيث القى قصيدة يوم الشهيد وسط هتافات العمال والطلاب ، وواصل المؤتمر اعماله حتى المساء على الرغم من مضايقات رجال السلطة ثم رفعت جلساته لتستكمل في اليوم التالي داخل كلية الطب ومن ثم الهندسة ، وقد صادق المؤتمر على برنامج الاتحاد " الميثاق الوطني " وفي ختام اعماله انتخب المؤتمر لجنة تنفيذية مؤلفة من 25 عضوا وفيها ممثلا واحدا من كل لواء ثم جرى انتخاب سكرتارية مكونة من 7 اعضاء من قبل اللجنة التنفيذية هم جعفر اللبان رئيسا وابا زيد صلال الفاضل نائبا للرئيس وخلوق امين زكي سكرتيرا وعبد الجبار شوكت ومحمد عبد الله رستم ومحمود الجنابي وهادي هاشم !
سلام على جيل السباع والرعيل الاول سلام على وثبة مزقت صك الانتداب المؤول سلام على شبيبة دوخت شيوخ البلاط وصفعت هيبة السعيد المتغول سلام على يوسف ودرسه المتجول سلام على طلابه المبدعين تجاوزا وتحول سلام من شر المنتحلين ورافعي الرايات بتسول !
المصادر : * صفحات مجيدة من تاريخ الحركة الطلابية ـ ماجد عبد الرضا ـ منشورات الثقافة الجديدة 1972 . * دور الشيوعيين في انبثاق اول اتحاد للطلبة في العراق ـ مهدي سعيد ـ الثقافة الجديدة العدد 196 نيسان 1988 . * شهادات حية .
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
9 نيسان يوم مهان !
-
السياسيون لا يكذبون في واحد نيسان !
-
عزيز محمد سيرة متفردة بالتثبت في الموقع !
-
عالم مزدحم بالاسلحة !
-
مكرم الطالباني سيرة لا تنقطع في الدفاع عن المباديء الحية !
-
وصايا ليست يسوعية !
-
سعادين في رحاب اليمين !
-
عامرعبد الله رحلة الى جزيرة الحرية !
-
لاخير في قيادة لا تميز بين يمينها ويسارها !
-
البوك ممنوع والعتب مرفوع والرزق على الله !
-
اشهر العناوين الارهابية في القرن العشرين !
-
حسين مروة ومهدي العامل والتحليق عاليا !
-
الافلاس السياسي سبق الافلاس الانتخابي !
-
الراسمالية نهاية طريق لا نهاية تاريخ !
-
الفكر الفاعل اكثر خطورة من جيوش جرارة !
-
كوتا ام ارستقراطية مطلوبة لاستكمال اكسسوارات المشهد ؟
-
روجيه غارودي تجاوز فلسفة الكورس !
-
الحزب الذي لا يشور يدعى ابو الخرك !
-
علي بابا والاربعين حرامي !
-
يا عمال العراق صلوا على النبي وال بيته !
المزيد.....
-
مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-.
...
-
إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
-
صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق
...
-
الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف
...
-
سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
-
ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي
...
-
مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا
...
-
أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
-
كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|