|
في ظل هيمنة الأزمة والبحث عن مخرج
إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 2615 - 2009 / 4 / 13 - 08:57
المحور:
كتابات ساخرة
هل التعويض على البطالة حلم أو حقيقة أم مجرد ضحك على الذقون؟
لوحت الحكومة أكثر من مرة أنها تحذوها رغبة حثيثة في الإقرار بتعويض عن فقدان الشغل، وصرحت أكثر من جهة حكومية مسؤولة، بوجوب إقرار هذا التعويض بسرعة وفي أقرب الآجال، في أفق بضعة أشهر فقط. لكن أهداف السلطة التنفيذية بخصوص التعويض عن فقدان الشغل تناقض أهداف "الباترونا"، إن على مستوى المنظومة أو على صعيد الفحوى والمضمون. ففي البداية، كانت الفكرة هي تحمل فترة 7 أشهر بعد فقدان الشغل بأداء 70 بالمائة من "السميك"، أي 1400 درهم شهريا. إلا أنه حصل خلاف بخصوص المساهمة الإضافية الواجب إقرارها للتمكين من تطبيق منظومة التعويض على البطالة وكيفية توزيعها بين "الباترونا"، والشغيلة. حين برز الخلاف بهذا الخصوص بين أرباب العمل والنقابات، تدخلت الحكومة لإبداء حسن نيتها والتظاهر باهتمامها بالشغيلة والمستخدمين، تضامنا مع فئات الطبقة المتوسطة، وعبرت عن رغبتها في الرفع من قيمة التعويض عن فقدان الشغل، بعد ذلك ظهر اقتراح احتساب السقف الأعلى للتعويض على أساس 70 بالمائة من راتب أعلى يقدر بـ 6000 درهم، إذ يصبح مقدار التعويض في الحد الأقصى 4200 درهم عوض 1400 درهم، مع تخفيض مدة الاستفادة من 7 أشهر إلى ستة، وإدراج معدل 2.8 كمؤشر للتعويضات العائلية، الشيء الذي سيضيف 280 درهما على القيمة الأساسية للتعويض الأصلي ليحدد حده الأقصى في 4480 درهما شهريا، علما أن الدولة تعتبر أن هذا التعويض شبه مؤدى عنه في صندوق الضمان الاجتماعي، وبالتالي لن يحرم المستفيد خلال 6 أشهر من خدمات الصندوق مع احتساب تلك الفترة في رصيده. بمعنى أن المستفيد سيحظى بمجانية الخدمات والتعويض على أيام المرض والتقاعد، علاوة على الخدمات المجانية التي توفرها الوكالة الوطنية للشتغيل. هذا جميل، والجميل أكثر أن "الباترونا" تستحسن هذا المقترح قولا إلى حد الساعة، لكن المشكل العويص الذي ما زال قائما إلى حد الآن، يكمن في إثقال المصاريف الاجتماعية للشركات، والتي يحددها أرباب العمل في تكلفة تقدر بـ 0.70 بالمائة من الأجر بالنسبة لسيناريو راتب 1400 درهم كحد أقصى وبنسبة 1.5 بالمائة بخصوص راتب 6000 درهم كحد أقصى، وهذا ما اعتبروه ثقيلا جدا ولا يمكن احتماله، خصوصا وأن النقابات تتشبث بقوة بمواقفها القائلة إن على أرباب العمل تحمل ثلثي المساهمة لإقرار التعويض على فقدان الشغل، في حين لن يتحمل الأجير أو المستخدم إلا الثلث، هذا في وقت تقترح الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب تقسيم الثقل بالتساوي بين أرباب العمل والشغيلة، أي 50 بالمائة لكل طرف منهما. من المعلوم أن اقتراح الإقرار بالتعويض عن البطالة بالنسبة للمغرب، ورد لأول مرة في تقرير البنك الدولي لسنة 2006 والذي صادف ما نعتته أكثر من جهة بالوضعية الخطيرة، إذ أن بلادنا أضحت على فوهة بركان بفعل الأزمة الخانقة، وهو التقرير الذي تم إعداده، في واقع الأمر في يونيو 2005، وقد اطلع عليه القيمون على أمورنا في وقته، إلا أنه لم يتم الكشف عن فحواه إلا فيما بين نهاية 2005 وبداية 2006، سيما وأنه كان يتضمن تحذيرا وقلقا واضحين بخصوص الغد. آنذاك كانت المؤسسات المالية قد تخلت، بلا رجعة عن فكرة التصدي للفقر وتعويضها بفكرة "تدبير الفقر" لجعله محتملا، وذلك باعتبار أن المنحى الأساسي هو السعي دائما نحو الخوصصة لإعفاء الدولة من مجموعة من مهامها الاجتماعية. وكان الجديد في ذلك التقرير أنه حذر من مغبة استمرار تردي الأوضاع الاجتماعية التي من شانها إنتاج انفجارات اجتماعية واسعة، وفي هذا الإطار اقترحت جملة من الإجراءات، لكبح هذه الصيروية الحتمية، منها التعويض على البطالة وذلك كمهدئ ليس إلا، والحصيلة كانت قيام منظومة اقتصادية ومالية وبنكية على التبعية للمؤسسات المالية الدولية، مما زاد من تسهيل اختراق الاقتصاد الوطني من طرف الرأسمال الأجنبي، وكاد أن يوصل المغرب إلى الباب المسدود. وقد دأبت جمعية المعطلين على مطالبة الحكومة المغربية بإقرار نظام التعويض عن البطالة أسوة بالدول التي تحترم طاقاتها الشابة ومواطنيها، لكن نظام التعويض هذا يستوجب قبلا تسوية وضعية الشغيلة، وهو أمر ما زال بعيد المنال حسب أكثر من مصدر نقابي. والحالة هذه، سيظل الحديث عن البطالة مجرد لغو، وحتى وإن كتب له التحقيق، فلن تستفيد منه إلا قلة لا تكاد تبين اعتبارا للفوضى التي تطبع منظومة الشغل ببلادنا. وعموما التعويض عن البطالة هو عبارة عن تأمين العاطلين عن العمل والذين تم إنهاء خدمتهم لسبب خارج عن إراداتهم، لذلك يتم منحهم تعويضا خلال فترة محدودة حتى يتمكنوا من العثور على فرصة شغل جديدة. وقد تم الإقرار بهذا النوع من التعويض في الدول المتقدمة لأنه بدونه قد يجبر المرء على قبول أي نوع من الأعمال التي لا تتناسب مع مؤهلاته، وهو واقع عسير التطبيق ببلادنا حاليا، خصوصا في المستقبل المنظور، وإن تم الإقرار به فلن يستفيد منه إلا بعض المحظوظين حسب مسؤول بمفتشية الشغل. ظلت المطالبة بالإقرار بنظام التعويض عن البطالة من المطالب الأساسية لمجموعة من النقابات والجمعيات الحقوقية، إذ ربطتها بقضية ضمان استقرار العمل وربط تطور الأجور بتطوير الأثمنة حفاظا على القدرة الشرائية للأجراء و تحديد مدة العمل الأسبوعية في معدل 40 ساعة على الأكثر في القطاعات المنتجة وسنّ مقتضيات قانونية لضمان الحق في الشغل للجميع و الحق في الحماية من البطالة وفي تأمين المعيشة في حالة العطالة مما يستوجب إحداث تعويض معقول عن البطالة.
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا زلنا نحلم بعدالة اجتماعية
-
هل تورط قضاؤنا مرة أخرى؟
-
نبيل بنعبد الله الرفيق الذي عرف كيف يستفيد بهدوء
-
هكذا نتصدى للفقر
-
الدبلوماسية المغربية من الجمود إلى التسرع
-
رفع المستور عن مقتل هواري بومدين
-
الدولة تؤسس هيئة عمومية لمكافحة تبييض الأموال
-
هذا هو الخبر
-
كادت المكالمات المجانية خلق أزمة مغربية فرنسية
-
-سنعلن الدخول في مفاوضات مباشرة مع المغرب لأن القيادة الحالي
...
-
الحوار الاجتماعي لصالح من؟
-
فرع جمعية -لا عاهرات ولا خاضعات- بالمغرب
-
الجنرالات العجزة والجيش الذي يريده الملك؟
-
محمد الغماري / أستاذ جامعي خبير في الدراسات الاستراتيجية وال
...
-
-الملك هو الذي يحكم- نقطة إلى السطر
-
محمد السادس في الرتبة 89 و-أوباما- على رأس القائمة
-
إلى متى سنترك الحكومة تفعل بنا ما تريد؟
-
المغرب بعيون التقارير الدولية
-
رفض نتائج التقارير الدولية مثل حجب الشمس بالغربال
-
-تامسنا- المدينة الملكية الموعودة
المزيد.....
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|